أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - شمولية التطبيق ومصالح الحكام هل يمكن تطبيق الشريعة كاملة؟!















المزيد.....

شمولية التطبيق ومصالح الحكام هل يمكن تطبيق الشريعة كاملة؟!


احسان طالب

الحوار المتمدن-العدد: 1135 - 2005 / 3 / 12 - 11:27
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يصر الدعاة الجدد على مقولة مفادها أن كل التوجيهات و النصوص الشرعية يجب تطبيقها والعمل بها دون انتقاء أو اجتزاء، وهذا هو منهج السلف من حاد عنه خرج عن الملة وانحرف عن الصراط المستقيم .
والواقع التاريخي منذ عهد الصديق حتى الخلافة العثمانية كان خلاف ذلك . فالتطبيق الحرفي للتوجيهات والأصول لم يكن كاملا بل مجتزءا وانتقائيا، وخاصة في القضايا الكبرى. والفكرة الأساسية في هذا المجال أن التاريخ العملي للدول الإسلامية يؤكد أنها كانت تطبق فقط ما تراه مناسبا في حين أنها تجتهد فيما يلائم مصلحة الدولة أو الفئة الحاكمة، بغض النظر عن التقييم الأخلاقي لهذه الدولةإن كانت عادلة أو جائرة، ناجحة أم فاشلة .
ولنبدأ باستعراض بعض الأمثلة : في مرحلة نقل السلطة من النبي (ص) إلى أبو بكر الصديق ، استطاع الصديق بمكانته العالية بين الصحابة وقربه الشديد من الرسول(ص) تثبيت سلطته ووقف كل أشكال المعارضة الداخلية وأقصد هنا كل الطامحين نحو الخلافة من آل البيت و الأنصار وزعامات قريش القديمة. واسستتب الأمر للصديق في مكة و المدينة ، إلا أن بوادر الثورة والخروج على سلطة الدولة الفتية كانت قد ظهرت إبان مرض النبي (ص) ، ولم يأمر النبي بقتال المرتدين ولم يوصي بذلك من بعده أبدا رغم وضوح توجهات زعيمهم مسيلمة ابن حبيب الذي يراسل النبي (ص) وهو يدعي النبوة.
كتب مسيلمة الكذاب : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله سلام عليك، إني أشركت في الأمر معك ولنا نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ، لكن قريشا قوم يعتدون. وحمل رسالة مسيلمة إلى رسول الله (ص) رجلان فقال الرسول للرجلين حين قرأ الكتاب فما تقولان أنتما فقالا كما يقول فأجاب الرسول (ص) لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما .
ولما آلت الخلافة إلى الصديق قويت شوكة مسيلمة وراح يجمع حوله الناس والقبائل وبعثوا وفدا لأبي بكر على أن يقيموا الصلاة ولا يؤتون الزكاة. فاعتبر أبو بكر الأمر ردة عن الإسلام وخشي أن يداهمه المرتدون ويغزوا مكة في أقرب وقت ، فأمر بالاستعداد وتجهيز الجيوش فعارضه كثيرون واحتجوا بأن رسول الله (ص) قاتل الناس بأمر من الوحي الذي انقطع بوفاة الرسول (ص)، فقال أبو بكر : والله لأخرجن لهم وحدي ولأقاتلهم ما استمسك السيف بيدي ولا أرضى نقض الإسلام على عهدي. وكتب كتابا واحدا:
من أبو بكر خليفة رسول الله إلى من بلغه كتابي هذا من عامة وخاصة، وأكد في رسالته على أسس التوحيد وكرر الشواهد المبينة لحتمية موت النبي (ص) وطالب فيه المرتدين بالعودة وهددهم بالقتل والقتال. وأمر بقراءة كتابه في كل مجمع وأن تسبق الرسل بالكتاب الجند.
لما اعترض الصحابة على رأي الصديق بببقتال مانعي الزكاة احتجوا بمسألتين، الأولى أن النبي (ص) إنما قاتل بعد أن جاء الإذن من السماء وهذا أمر لا يمكن تحقيقه لانقطاع الوحي.
والثانية قولهم كيف تقاتل من أقر بالشهادتين والصلاة.
لم يكن في معرض رد أبي بكر على معارضيه أدلة شرعية بل رد بأمرين اثنين: الأول لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، والثاني كان يرى في ترك الزكاة نقضا لعهد الدين ويأبى أن يكون ذلك النقض في عهده، وكانت خشيته الكبرى أن يتمكن المرتدون من السيطرة على الدولة وتغيير النظام.
من هنا نرى ذهاب أبي بكر لقتال المرتدين، إنما جاء باجتهاد بالرأي رغم المعارضة القوية لذلك وكما هو معلوم فإن عمر ابن الخطاب كان معارضا للقتال رغم ميله الدائم إلى حل الخلافات بالسيف، إلا أن أبو بكر كان أشد عزيمة وأمضى رأيا، وسفه رأي عمر بقوله:
أخوار في الجاهلية جبان في الإسلام.
في هذا الأمر الجلل وأمام الخطر الجاسم الذي أدركه الصديق بقوله : لا تدرون أيأتونكم نهارا أو ليلا، لم يجلس الخليفة ويبحث في الأصول والأدلة بل أمضى رأيه رغم حجة المعارضين القوية
ورفض التفاوض أو التنازل .
مما سبق نرى أن الاجتهاد بالرأي كان أقوى من الاستناد إلى النصوص في قضية كبرى كانت تهدد مستقبل الدولة الفتية.
جمع القرآن تم في عهد الصديق: وعلى عكس ما كان الأمر في حروب الردة فإن عمر (الفاروق) كان مؤيدا للفكرة في حين كان الصديق معارضا لها، وأسس رأيه في معارضة الأمر برده إلى النبي (ص) وقال: كيف أفعل أمرا ما فعله رسول الله (ص). وتذكر الروايات أن الفاروق خشي ضياع القرآن لكثرة ما قتل من الحفاظ في حروب الردة، لذلك أصر على جمع القرآن وما زال يحدث الصديق حتى وافق على الأمر.
وبمقارنة دقيقة بين حروب الردة وجمع القرآن نلاحظ تبادل الأدوار بين المؤيدين والمعارضين ، فأشد المتحمسين لحروب الردة كان أبو بكر الذي عارض في البداية جمع القرآن، في حين أن عمر بن الخطاب الذي كان أشد المتحمسين لجمع القرآن كان على رأس المعارضين في قتال المرتدين، وفي النهاية كان الرأي والاجتهاد هو الفيصل رغم أن الأمرين ظاهريا يتعارضا مع المنهج السلفي الأصولي، فالاجتهاد في المسألتين كان خارج النص. والرأي الصائب في كلا الحالتين كان مع الطرف الذي لم ينغلق ضمن النص بل بحث خارجه وأشغل الفكر وأعمل العقل بحرية وشجاعة دون الخوف من التكفير والتأثيم والتجهيل.
والمؤكد أن المسلمين منذ ذلك العصر حتى الآن يرون صوابية قتال المرتدين وجمع القرآن رغم ما حدث من خلاف بالرأي وتعارض بين القادة في بداية الأمر، فالكل يرى أن هذين العملين هما أجل الأعمال التي قام بها الخلفاء بعد موت النبي (ص).
ذلك بالرغم من الخلافات المذهبية الكبيرة بين الطوائف الإسلامية، إلا أن هذين الأمرين ليسا محل نزاع أو شقاق ولا يوجد أحد أثار شكوكا حول موقف الصديق حيالهما، في حين نرى الإفتراق في مسألة الخلافة وميراث النبي (ص) بلغت حدا بعيدا جدا ما زال البحث فيه دائرا إلى يومنا هذا.
وإذا كان انتقال السلطة من علي - رضي الله عنه - إلى معاوية محل خلاف، فإن انتقال السلطة من معاوية إلى يزيد محل اتفاق على رأي واحد يقول أن هذا التسليم كان خلافا للأصول الشرعية والقواعد النبوية ومع ذ لك استمرت الدولة الأموية ووطدت اركانها وحكمت المسلمين من عام 41 هجرى الى عام 132هجرى , والمعلوم انه خلال حكم الأموين تم فتح جميع البلدان المتاخمة لحدودالدولةالأسلامية و المعلوم ايضا أن دولة الأندلس انماأسسها الأمويون ووطدها عبد الرحمن بن معاويه بن هشام عام 138هجري ,بعد دخوله اليها ثائرا على الخلافة العباسية , ويعد عبد الرحمن حسب التقيم الفقهي خارجا على الشرعية مباح الدم , لكنه أبقى على الدولة العربية في الأندلس وجعلها خارجة عن الحكم العباسي حتى انهيارها وخروج العرب من اسبانيا .
وهنا نعود الى مابدأنا به لنبين ان التطبيق الحرفي و الكامل لكل التوجيهات والأصول الشرعية وهم لا وجود له , والأجدر بنا أن نتحلى بالشجاعة والقدرة لنقول :
إن المسلمين في تاريخهم الطويل كانوا يطبقون مايرونه مناسبا وفق المصلحة الخاصة احيانا والعامة احيانا آخرى . و دأب على ذلك قادة المسلمين من أقرب المقربين الى الرسول (ص) حتى ابن لادن الذي ابتدع نظرية التفكيك و التركيب فسعى إلى تفكيك و تهديم المجتمعات التي يراها كافرة ليقيم أو يركب عليها مجتمعه الأصولي الصلب. و هو من أشد الأصوليين تمسكاً بالتطبيق الكامل و الحرفي إلا أنه ليس كذلك. بل طبق ما أيد تحكمه بالشعب الأفغاني و ترك جانباً أحكاماً متفقاً عليها لأنها لا تؤيد مصالحه و من ذلك أضرب مثالاً واحداً فقط: و هو الحكم القائل:
قلب بدء أي غزوة لابد من إنذار و بيان و مهلة و هذا حكم متفق عليه و مبدئي لدى جميع المسلمين طرحه ابن لادن جانباً و غدر و خان وخدع في أحداث 11 أيلول الماضية لأنه أراد نصراً سريعاً و مدوياً يرضي غروره و يوطد سيطرته.
2/3/2005
إحسان طالب
[email protected]



#احسان_طالب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة أمل مفقود
- امرأة تتحدّث
- إلى ضحايا الحلّة
- هزيمة هتلر وإنجازات الجزيرة


المزيد.....




- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
- إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
- “ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - احسان طالب - شمولية التطبيق ومصالح الحكام هل يمكن تطبيق الشريعة كاملة؟!