أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيدي المولودي - - تجديد النخالات-














المزيد.....

- تجديد النخالات-


سعيدي المولودي

الحوار المتمدن-العدد: 3921 - 2012 / 11 / 24 - 23:22
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


"تجديد النخالات"
في هذا الوطن القعر، ينطفيء النهار كالنهار ويلج الليل، كالمنبوذ، حاملا أسراره الصغيرة حتى مطلع الفجر، حيث تستيقظ قارة الأحزان الثقيلة وتلقي بثقلها على النور وتغطي أبهاءه كي نكون أقرب من لهجة الظلام، ونظل مقيدين برغبات الفرائس المهددة، نتنفس ريح السياسات العمياء التي تنذرنا للمجهول وتضعنا قرابين للاختيارات الهوجاء التي تضعنا على حافات الإفلاس المتجددة..تتقدم الرداءة الصفوف، واثقة الخطو تمشي صعودا، حاملة بيارقها الممدودة لترعى طقوسها الفاسدة وترش الأرصفة والحارات المغلقة، المحاصرة بكل الذباب المستعر، والحشرات السامة، والجراد البلدي والرومي، وتنصب خيامها الشاردة وشراكها الغادرة لتملأ السماء زيفا وخواء، وتغمض أرداف التاريخ في وجه الشارع الطويل الذي يأسر خطانا، ونمضي فيه عادة كالعميان، تهرب الحقائق من بين أيدينا وتذهب يقظتنا سدى وتأخذ المأساة بخناقنا...
تعبت الأحلام، ولا طريق تؤدي إلى ضفاف المجد: انتخابات تلو انتخالات، ومجالس مجاعية، وبرلمانات منفوخة، وحكومات مدبَّرة، وصفيح بدون مدائن،وديون واستثمارات وتنميات عشائرية وطاقات متجددة ودساتير تجري من تحتها الأنهار، تضع يديها على جنح الرفاه وأعقاب البنادق والغازات المسيلة للجموع، وصناديق سوداء وبيضاء،وفقراء ينامون على جبين الهواء،وأفاقون مقامرون يأكلون الرُّطَب اليانعة، وجلادون يرتوون من الدماء المستباحة.. غارقون في صقيع الخيرات المدجنة، غير قادرين على الجري، والوقت مكتوف العقارب، وعفا الله عما سلف، والله يخلف عليك أيها الوطن المكسور الجناح..
تلبس الأرض جراحها العتيدة، ولا نصل إلا مبللين بغبار الديموقراطيات الشنيعة، تتناوب فيها الأحزاب المصطفاة، المرْداء منها، الأشد فتنة من العذارى، وذات الشعر المنسدل على العارضين، واللحى المرتخية كالعناقيد المغلولة، على ظهيرة الوطن المشاع، تطلق صفيرها في المحطات وتمضي في مزاجها العكر حيث يحدق الناخبون الأراذل في حشيش الهزائم المزركشة ويتعثرون في التفاصيل الصعبة وعبث النزع الأخير من التمثيليات المقلوبة المحشوة بفطائر الإفك والمكر الحداثي الديموقراطي..
عفا الله عما سلف، أيها السلف الجائح، والخلف الجائع، أيها التاريخ الذي يبصق في وجوهنا، ويسرق دمنا، ويأكل نبضنا، ويدعونا للتهدئة تحت أزيز النار التي تقترب من اللمس. عفا الله عما سلف أيها السفاحون مصاصو الدماء،الدجالون،والمرابون،اللصوص المرتزقة الأذناب، أيها الخونة، الجلادون، الجوارح، الخوارج، الأعداء البعيدون القريبون..فالوطن لكم قبل أن يكون لغيركم، فكلوا واشربوا هنيئا مريئا.كل المارة يعبرون ولا يبالون، و يوما عن يوم يبتعدون عن الأمل تحت وطأة الألم..
في هذا الوطن القعر، تبني السياسات أعشاشها على إيقاع الوصول خير من عدم الوصول، وتحرق الجذور، ترسب نخبة المتاع وتذهب للقاع سُفْلاً كأسماء الموتى، ويلتف شعرها الشاخص الأشعث بالصدى الشارد يرن في البراري لما لا نهاية،لتقتات من شجر الخسارات والولاءات الطائشة والعض على الفتات والوعود القاصمة المسيجة بأحابيل الصيد المشبوه والنزاهات والانتصارات العاهرة التي تلبس لباس التقوى المرحلي والإسفاف النضالي القائد لمستنقع الخيانات وأنخاب الغدر.
عفا الله عما سلف، أيها الحقد المترامي الأطراف، المتربص بالأطياف، أيها السحت الجامح القادم من كل فج عقيم، أيها الجشع المبارك، أيها التلف السعيد، أيها النهب الميمون، أيها الطاعون الموشى بخوذات الاستثمار، وأبراج الربح السريع، والريع الخبيث.. أمامكم هذه الرغبة ومفاتن الوطن الرهيبة، فارضعوها ولا تذمونا..
في هذا الوطن القعر، ترتج ذاكرة الأطفال المسعفين بمتاعبهم الصغيرة، تتقدم من ظلالهم العصا الغليظة، الطائفة على التويجات العاطلة، وتسحب ثلج براءتهم من السوق. يهرب الفقراء المتلهفون لخبز التاريخ اليابس، وحليب الأرض المهدورة، الفاحم المأخوذ بلون عرقهم الكادح، الأقرب للضباب.تخرج الأحزاب الملونة من أقفاصها ذات اليمين وذات الشمال، سلاسل من ذهاب تبحر في بهجة السراب، ضحايا مموهة باللغو المعسول والدجل المطروز والشعارات المتبَّلة بمخاط الضواحي والممرات الغاصة بالمرتزقة والوصوليين وأبناء السبيل التائه، الذين يركبون المجزرة ويصرخون بأعلى سوطهم:
المناصب العليا خير من المناصب السفلى.
والفقر يدل على الفقير
والقهر على المقهور،
والبعرة على البعير
والسلطة على المتسلط... وهلم شرا..
***
في كنف الديموقراطيات الهادئة، الخارجة من قوقعتها،ولا ترعى الملل والصمت، وترسم لموجها أجنحة ترتدي الشمس، يتخذ تجديد النخب موقعه على الأرض، ويجعلها أكثر تألقا، لكننا في هذا الوطن القعر، نحشر أقدامنا في النخالات، فتقع على رؤوسنا الأشباه من الطير والغربان، وينقر لُبابنا الدجاج الداجن بلا حدود...
سعيدي المولودي



#سعيدي_المولودي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أمريكا تجني ثمار ما زرعت-
- - النفط قائدا ومناضلا-
- وزارة التعليم العالي: التلويح بمحاربة الفساد باليمنى، و-التش ...
- وزارة التعليم العالي تخلف وعد -مراسيمها-
- صناعة -السيبة- في كلية الآداب بمكناس
- - العملاء ورثة الأنبياء-
- في مديح - الفيتو-
- -دعاء الاستوزار-
- الحملة والشعارات الانتخابية
- - تنزيل الدستور وما يليه-
- - إن ينصركم الناتو فلا غالب لكم-
- في نقد حصيلة الحوار الاجتماعي: الأساتذة الباحثون والقبض على ...
- -الرافد العبري-
- انتخابات برج القوس
- الانتماء المغاربي لسعدي يوسف ( قراءة في نصوص الشمال الإفريقي ...
- -الضحالة المغربية-
- أحقاد -هيلاري-
- السقوط المغربي
- يوم فاتح يوليوز 2011: أنا غائب..
- قراءة في دستور مغرب 2011.( 2) .باب الأحكام العامة


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - سعيدي المولودي - - تجديد النخالات-