حزب الكادحين في تونس
الحوار المتمدن-العدد: 3921 - 2012 / 11 / 24 - 15:21
المحور:
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
من المعلوم أن الهجرة إلى أوروبا مثلت منذ زمن طويل حلما راود العديد من الشبان التونسيين وأن البعض منهم كان يحلم "بالجنة الرأسمالية" هناك لاعتقادهم الجازم بكون الظروف المعيشية في البلدان الأوروبية أحسن بكثير من الظروف التي يعيشونها في بلدانهم ومدنهم وقراهم وأريافهم التي يسيطر عليها الجوع والفقر والجهل والقمع والتهميش ولعلنا نتذكر في هذا الإطار تلك الأغنية التي انتشرت في نهاية السبعينات من القرن الماضي للفنان الهادى قلة عن الهجرة " بابور زمّر خش البحر ..." والذي يذكر فيها أن الفرق بين المهاجرين والبقر هو جواز السفر .
لقد مثّلت لهم الهجرة الملاذ الوحيد للتخلص من هذه الظروف الحياتية المزرية التي لا يختلف فيها الإنسان عن الحيوان ، فأحلام كل من فكّر في الهجرة لا تتعدى الحصول على شغل يقيه الفقر والجوع ويغير من الوضع المادي له ولأسرته و يزرع فيه الإحساس بطعم الحياة خاصة وسط مجتمعات ليبرالية يتوفّر فيها هامش من الحريات الشخصية .
إن هذه الأحلام الوردية سرعان ما تصطدم بواقع صادم تحكمه عنصرية اليمين المتطرّف والاستغلال الفاحش للرأسماليّة فيجد العديد من المهاجرين أنفسهم مجبرين على ولوج عالم الجريمـة إذ يتم الزج بهـم من قبـل عصابات الإجـرام في تجارة المخدرات وممارسة الدعارة .
لقد كانت دوافع الهجرة السرية بالأساس هي الهروب من شبح البطالة والفقر والإزدراء ، غير أنّ هذه الأشباح سرعان ما تعترض المهاجر من أول يوم تطأ قدماه البلد الذي نجح في الوصول إليه فتمثل له هاجسا يرافقه يوميّا لينغّص حياته ، وبذلك تتلاشى مع هذا الواقع الجديد أحلامه التي من أجلها ركب المخاطر وضحى بحياته . فلا عمل يضمن له العيش الكريم ، ولا مأوى يقيه من عناء التشرد ، ولا عائلة يلتجئ إليها عند الحاجة إضافة إلى النظرة الدونيّة التي يلحظها في أعين العديد والتي تعتبره شخصا غير مرغوب في تواجده أو مواطنا من الدرجة الثانية . إن هذه الظروف مجتمعة تهيّئ له التربة الخصبة ليصبح شخصا ناقما عن المجتمع الذي يوجد فيه فيكون بذلك فريسة لعصابات الإجرام المختلفة بما فى ذلك عصابات اليمين الدينى التي تتولى تشغيله او ارساله الى سوريا او ليبيا مثلا لخدمة الناتو فتنتهي بذلك أحلامه إمّا بالموت أو السجن أو الترحيل .
وبهذا يكون المهاجرون ضحية في بلدهم وفي البلدان التي هاجروا إليها فدمّرت حياة العديد منهم وكذلك العديد من أسرهم ، في المقابل نجح القليل منهم في ضمان عمل قار وغيروا بمقتضاه وضعهم المادّي وحسنوا نسبيا ظروف حياة أسرهم الخاصة .
عن جريدة طريق الثورة .
#حزب_الكادحين_في_تونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟