نبيل هلال
الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 19:52
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تفاوتت درجتا الحرية بين الحاكم والمحكوم , ففي الوقت الذي ضاقت فيه دائرة حرية الفرد في الدولة الإسلامية حيث انحصرت في المراوحة بين اختيار أن يجوع أو يظمأ , اتسعت دائرة حرية الخليفة حتى وسعت كل شىء : أموال الناس وأرواحهم , فللخليفة نهب ما في بيت المال , مثلما له الحق في ضرب عنق من يريد ولو بالظنة . وبهذا المعنى كان السلطان هو الحر الوحيد في السلطنة.
وكان المجتمع بأسره بمنزلة القاصر أو السفيه الذي يحق تقييد حريته أو سلبها بدعوى الحفاظ على مصالحه وحقوقه , وإذا كان القاصر يبلغ رشده بعد حين , فإن الشعوب الإسلامية بقيت دون سن الرشد طوال أربعة عشر قرنا , ولن تبلغ رشدها أبدا , فالقصور والعجز هما قدرها المقدور الذي يفرضه كل من يحكم بلاد المسلمين .
وإذا كان بعض الفلاسفة يرون جواز"اتخاذ الاستبداد وسيلة مشروعة لحكم الأمم الهمجية طالما كان الإصلاح هو الغاية المقصودة من ذلك , وأن تحقيق هذه الغاية يبرر الوسيلة التى تتخذ في هذا السبيل" جون ستيوارت مل – عن الحرية " , فإنه لم يتحقق إصلاح لأمة تسلط عليها الاستبداد والمستبدون طوال أربعة عشر قرنا , وأبقيت في حالة - صحيح أنها لا يمكن وصفها بالهمجية - إلا أنها حالة مواتية لاستمرار الاستبداد إذ كانت ركائزها هي الجهل والأمية والامتثال لتضليل الفقيه "عميل الخليفة النبوي" الذي أخفى على الناس , أو ربما لم يعرف , أن شرور الاستبداد لا تزول من تلقاء نفسها , وإنما يجب مناهضتها عمدا , فمن قُتل دون ماله أو عرضه فهو شهيد , وإن كان ثمة أمر أوضح من أن يحتاج دليلا , فهو عدم جواز الامتثال لاستبداد السلطان طمعا في أن يزول من تلقاء نفسه دون أن ينهض الناس أنفسهم بمهمة تحرير أنفسهم بأنفسهم , فليست الحرية هبة من السلطان , ولكنها حق أصيل لا يجوز التهاون في طلبه وبذل الأنفس لنيله , إذ يفوز بالدر غائصه ويحوز الصيد قانصه .
#نبيل_هلال (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟