أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مازن كم الماز - ما بعد صواريخ غزة ؟















المزيد.....

ما بعد صواريخ غزة ؟


مازن كم الماز

الحوار المتمدن-العدد: 3920 - 2012 / 11 / 23 - 08:08
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ صواريخ عبد الناصر الأولى في الستينات ظهر ما يمكن تسميته بخطاب "الصواريخ" في الخطاب المقاوم الرسمي .. صحيح أن نكسة يونيو حزيران كشفت حقيقة عجز هذه الصواريخ و عبثيتها , لكن المواجهات "الصاروخية" التالية ستغير هذه القناعة , عند الجماهير العربية و الفلسطينية على الأقل .. في سقوط صواريخ و قذائف المقاومة الفلسطينية على شمال إسرائيل ثم صواريخ المقاومة اللبنانية و من ثم حزب الله و أيضا صواريخ سكود العراقية في حرب الخليج الثانية , و انتهاءا بصواريخ المقاومة الفلسطينية في حربي غزة 2008 – 2009 و 2012 .. منذ البداية , منذ أن بدأت منظمة التحرير إطلاقها باتجاه شمال إسرائيل في سبعينيات القرن العشرين , اعتبرت هذه الصواريخ سلاح ردع , لفرض ما سمي بتوازن الرعب , و ليس "سلاح تحرير" , رغم أن هذا بحد ذاته كان إنجازا مهما جدا في ضوء الخلل الهائل في موازين القوى مع العدو .. و كأي سلاح يحتاج إلى شيء من الخبرة و التدريب العسكريين الاحترافيين , اعتبر من يمتلك تلك الصواريخ و قدرة إطلاقها "ممثلا" عن الجماهير التي "يدافع" عنها .. كانت حركة المقاومة الفلسطينية ترفع عند انطلاقتها , مثل معظم الحركات التحررية و الثورية , فكرة أو شعار الشعب المسلح و حرب التحرير الشعبية الخ .. لكنها فيما بعد بنت هي أيضا مجموعات عسكرية محترفة صغيرة العدد لمهمة خوض الصراع مع العدو .. هذا "التفويض" أو "الامتياز" العسكري انقلب إلى امتيازات أخرى , مالية و اجتماعية و حياتية و سلطوية الخ , و إلى مؤسسات بيروقراطية مسؤولة عن تحصيل و توزيع تلك الامتيازات و في نفس الوقت على الإبقاء على تلك القوة الاحترافية و إدامتها , لقد انفصلت مصالح تلك المجموعات و خاصة قياداتها عن مصالح الجماهير و أصبح أحد أهم أهداف صراعاتها و مواجهاتها العسكرية و السياسية اللاحقة هي الدفاع المستميت عن "حقها هذا في تمثيل" الجماهير , أي مصدر امتيازاتها الأخرى .. أقرب الأمثلة على مثل هذا التطور اليوم هو الثورة السورية و التبقرط السريع للمؤسسات العسكرية و المدنية التي شكلتها ثورة الجماهير السورية ضد نظام الاسد .. كانت هناك حفازات خارجية إلى جانب العوامل الداخلية الدافعة باتجاه التبقرط و الانفصال عن الجماهير : عملت حكومات الخليج من خلال "دعمها" الثوار بالسلاح و المال عملت بوضوح على إفسادهم , بشكل واعي و مقصود , تماما كما فعلت , هي و أنظمة المقاومة يومها , مع منظمة التحرير الفلسطينية قبل عقود و سهلت عملية تبقرطها و إفسادها كجزء من عملية تدجين الجماهير الفلسطينية و العربية الغاضبة .. عسكريا , يمكن إدماج سلاح الصواريخ , و المدفعية عموما , في استراتيجيات حروب المواقع , أو الخنادق كما كان عليه الحال في الحرب العالمية الأولى , لكنه فاشل إلى حد كبير في حروب الحركة التي سادت منذ الحرب العالمية الثانية .. الحقيقة أنه في حروب الحركة لا يمكن للصواريخ أن تفعل كسلاح ردع , بل كسلاح انتقامي فقط .. بقي هذا السلاح فعالا بيد قوات المقاومة الفلسطينية طوال مواجهتها مع العدو الإسرائيلي حتى اجتياح يونيو حزيران 1982 .. يومها , انتقلت الحرب من مواجهة العدو بقوة صغيرة محترفة إلى مواجهة شعبية حقا عندما تولت الجماهير الفلسطينية و اللبنانية مسؤولية الدفاع عن مخيماتها و مدنها بينما كانت أغلب القوات المحترفة التابعة للمقاومة تنسحب باتجاه بيروت .. قد يقول البعض أن نموذج حرب 2006 في لبنان قد أثبت أن تلك القوة الاحترافية الصغيرة قد تمكنت باستخدام تكتيكات و أسلحة أكثر تطورا و نوعية من مواجهة قوى عسكرية متفوقة بالسلاح عدديا و تكنولوجيا , لكن كان هذا على الأغلب لأن الخصم لم يوفق في توظيف عتاده و قواته المتفوقة في إستراتيجية عسكرية منسقة , كانت تلك الحرب استثناءا و ليست قاعدة .. لم يكن تسليح نخبة المقاتلين الشيشان في حربيهما ضد الجيش الروسي و لا عزيمتهم و لا تكتيكاتهم أضعف من مقاتلي حزب الله في حرب 2006 , لكن الجيش الروسي كان يعمل في ظروف مختلفة تماما : لم تكن قيادته السياسية و العسكرية تبالي بأية ضغوط عليها , داخلية أو خارجية , لإيقاف الحرب كما أنها خلافا للحالة الإسرائيلية , لم تلق بالا لعدد الخسائر في صفوف قواتها , و استخدمت أساليب الأرض المحروقة على نطاق أوسع و أكثر فداحة .. و هذا أيضا يصح في غزة اليوم , 2012 .. تاريخيا تقتصر الفترات التي ظهرت فيها مقاومة شعبية واسعة حقا على لحظات عابرة في التاريخ , ظهرت تلك المقاومة غالبا بسبب ضرورات المواجهة عندما كان أمام الجماهير أحد خيارين في مواجهة معتدي غاشم : إما الاستسلام بكل تفاصيله الكارثية أو الصمود بتفاصيله الكارثية أيضا .. كانت تلك اللحظات في الحقيقة صورة أخرى عن الثورات الشعبية نفسها , كممارسة شعبية مباشرة عفوية و حرة حتى النخاع .. لكن كما جرى ابتذال مفهوم الثورة نفسه من قبل الأنظمة العربية بعد الاستقلال عندما جرت مساواته بالانقلابات العسكرية , ابتذل مفهوم المقاومة الشعبية من قبل حركات المقاومة نفسها سالبة إياه طابعه الشعبي المباشر و أخضعته لذات القوالب و الأنماط السلطوية الفوقية .. صحيح أن المقاومة الشعبية للجماهير لم تكن ظافرة دائما أيضا لكنها بكل تأكيد تملك حظوظا أكبر في مواجهة عدو متفوق عسكريا .. لكن هناك ما هو أكثر أهمية من مجرد فرصة أكبر بتحقيق الانتصار على العدو , إنه في جوهر هذا الانتصار نفسه .. الجماهير الظافرة ستبني حريتها بعد أن تهزم عدوها , القوى السلطوية المنتصرة ستبني سلطتها هي إذا انتصرت .. أكبر مثال على هذا التناقض الهائل بين الحالتين هي الأنظمة العربية الحالية التي ظهرت بعد الاستقلال أو الجلاء و التي انحطت إلى أنظمة مافيوية استبدادية تثور الجماهير اليوم لتغييرها , "الانتصار" على العدو يومها فتح الباب أمام تلك القوى السلطوية لتبني استبدادها هي على أكتاف الجماهير التي لم تعرف معنى الحرية الحقيقي رغم "جلاء المستعمر" ... لا شك أن هناك تناقض جوهري بين فكرة و ممارسة المجموعات المسلحة الاحترافية المحدودة ( مثلها مثل فكرة الجيوش الاحترافية ) و بين الميليشيات الشعبية و غيرها من أشكال المقاومة الشعبية المباشرة , سواء في من يملك السلطة المباشرة لاتخاذ القرارات و إبرام المساومات , مع العدو أو غيره , و أيضا , مصالح من هي التي ستحكم مجمل النضال السياسي و العسكري : الجماهير أو تلك المجموعات المسلحة , في نهاية المطاف : إنه يعكس التناقض في ممارسة السياسة كمهنة احترافية تتمحور حول التنافس على السلطة و الامتيازات الاجتماعية أو السياسة كممارسة يومية مباشرة جماهيرية لتنظيم المجتمع ذاتيا .. هذا يبدو واضحا اليوم في الثورة السورية , حيث انتقل مركز القرار من الجماهير التي انتزعته في الفترة الأولى من ثورتها إلى تلك المجموعات المسلحة , و جزئيا لمن يمدها بالسلاح و المال .. أما الميليشيا الشعبية فهي الذراع الدفاعي للجماهير , و هي تعني امتلاكها لمصيرها ...



#مازن_كم_الماز (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن ائتلاف المعارضة السورية الجديد
- تأملات بعد العودة من سوريا المحررة
- الإخوان , البلاشفة و الربيع العربي
- يسقط الطغيان , تسقط الطائفية , يحيا الإنسان , تحيا الحرية
- السلبي و الإيجابي في الحديث عن الطائفية
- لماذا العودة إلى سوريا في 10 آب ؟
- مجزرة الحول و القبير : انفلات جنون الديكتاتور
- معلومات عن منظمة العمال الصناعيين في العالم
- عن جنون الحرب الطائفية عند السادة
- الحب و الجنس كدافع للمقاومة و التمرد
- من نقد الفوضوية إلى تبرير الليبرالية : سجال مع وسام سعادة
- عندما يتصرف الجنود كبشر و ليس كآلات للقتل
- تكتيكات اليسار و الثورات العربية
- تعليق على مقال خالد عودة على الإخوان أون لاين : إنهم يكذبون ...
- إلى الرفاق الاشتراكيين الثوريين في مصر : ملاحظة سريعة على مش ...
- أخطاء فؤاد النمري التاريخية
- حان الوقت لكي نقول ما نرى
- عندما اتفق ابن رشد و الغزالي
- مصير الربيع العربي قد يتقرر في إيران أو السعودية
- إلى الصديق محمد عبد القادر الفار


المزيد.....




- رد فعل غريزي مدهش.. فيلة تشكّل -دائرة تأهب- لحظة وقوع زلزال ...
- -يشمل نزع سلاح غزة-.. مسؤول في حماس يكشف تفاصيل المقترح الإس ...
- مؤتمر دولي حول السودان في غياب طرفي الصراع، وارتفاع الانتهاك ...
- الزائر الأحمر يربك سماء العراق وأكثر من 1800 حالة اختناق
- شركة يابانية تكشف عن ذئب آلي (فيديو)
- عريضة إلى نتنياهو من وحدة السايبر الهجومي والعمليات الخاصة ب ...
- مقتل 19 مدنيا وإصابة 85 آخرين بهجمات أوكرانية على مناطق روسي ...
- غوتيريش يعرب عن قلقه البالغ إثر استهداف مستشفى الأهلي في غزة ...
- الجيش الإسرائيلي يواصل قصف غزة.. قتلى وجرحى وتدهور غير مسبوق ...
- الخارجية اللبنانية: المحادثات مع الرئيس السوري كانت بناءة


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - مازن كم الماز - ما بعد صواريخ غزة ؟