|
تعدّدَ أصل الناس والموت واحد
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 1134 - 2005 / 3 / 11 - 10:22
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
مسامير جاسم المطير 846 لا أدري كيف يمكن وصف المرض الذي يسبق الموت ..؟ هل هو حالة افتراضية يمكن أن تتحقق أو لا تتحقق . بعضهم يقول : الأعمار بيد الله .. بينما الأطباء صاروا في القرن الحادي والعشرين يحددون لبعض مرضاهم وقت مغادرتهم الحياة الدنيا ..!! في يوم أمس صدمني خبران من هذا النوع الأول يتعلق بالنجم السينمائي الموهوب أحمد زكي ، فهو الصديق الذي بدأ تعارفي معه منذ دوره في مسرحية " مدرسة المشاغبين " والثاني صديقي الأعز عدنان الجابري الملقب بـ" أبو ماهر " . ففي ظهر يوم أمس الأول وفي داخل قاعة المؤتمرات بمستشفى " دار الفؤاد " عقد الفريق الطبي المعالج للفنان " أحمد زكي " مؤتمرا صحفيا تحدث فيه د. ياسر عبد القادر رئيس الفريق الطبي ود. أحمد غالي أستاذ القلب ، ود. ممدوح علي ، ود. حسن البنا ، ود. تامر النحاس ، لتقديم الصورة الحقيقية لحالة الفنان أحمد زكي. وجاء في البيان الذي تم إعداده بالتنسيق مع د.محمد عوض تاج الدين وزير الصحة المصري أن الفنان أحمد زكي يعاني عدة مضاعفات إثر إصابته بالورم السرطاني في الصدر. لكن تم علاج حالة الاستسقاء ، ويقوم الفريق الطبي بالتنسيق المستمر مع البروفيسور الفرنسي شيفالييه حيث تم الاتفاق علي علاجه بالمسكنات فقط ، وإيقاف العلاج الكيميائي نظرا لتدهور حالته الصحية. يذكر أن الفنان أحمد زكي بالرغم من حالته الحرجة فقد قام صباح أمس بجولة علي قدميه داخل طرقات المستشفي. يرافقه بالمستشفي أبنه هيثم .. كما زاره للاطمئنان عليه كل من الفنانين يسرا ونبيلة عبيد ورغدة وجميل راتب. أما السيد " أبو ماهر " فهو الآن نزيل مستشفى " لايدن " الذي يعتبر من أرقى المستشفيات الهولندية بعد أن أصبح وجوده في المستشفى نموذجا لدراسة جامعية ..! فقد استقر السرطان الخبيث في رئتيه ومن ثم أتجه جنوبا لتطويق قلبه الذي سيتوقف عن الخفقان بعد أيام قليلة ..! أبو ماهر ليس ممثلا سينمائيا لكنه مناضلا عراقيا قديما تحكم بخيارات حياته مذ كان شابا ففرض على نفسه أن يكون كائنا نشيطا يساهم بدوره ضد دكتاتورية صدام حسين .. ومنذ زمان بعيد وجد الخبراء في فلك نجومه أنه يملك حمضا أمينيا ً وراثياً ساخرا ..! عرفه الجميع بقول النكتة الجاهزة وتحويل الحزن إلى سرور وتحويل المتشائم إلى التفاؤل ..! أطباء المستشفى يقولون : أن " أبو ماهر " هو أشجع مريض عرفته مستشفى لايدن منذ تأسيسها حتى الآن . لم يتوقف عن كلام النكتة والسخرية بالموت . حين علم بزيارة نبيلة عبيد للفنان أحمد زكي أقسم أنه سوف لن يموت بالموعد المحدد بعد أسبوعين إذا ما زارته الفنانة الجميلة نبيلة عبيد بل أن " ملك الموت " سيؤجل موعده إلى العام القادم .. على الأقل كي يسمح له بالمشاركة في الاستفتاء على الدستور العراقي ..! لا أدري من سيغادرنا أولا : هل هو أبو ماهر أم أحمد زكي ..! عديدة هي الخصال المشتركة التي تتداخل مع بعضها لدى مريض مستشفى لايدن وعند مريض مستشفى الفؤاد بالقاهرة ..! ومن دون شك أن الصديقين العزيزين المصابين بنفس المرض يستعرضان في كل ساعة من ساعات حياتهما الباقية شريط ذكرياتهما .. ربما يستعرضان ما شاهداه قبلا عن مراسيم تشييع من مات قبلهم . ربما يتذكر " أبو ماهر " كيف وضع زوجته قبل بضع سنوات في قبر جميل بمدينة " لاهاي " .. وقد كتب في وصيته أمام الكاتب العدل صباح اليوم : ( أدفنوني بجانب زوجتي ..) الموت لا يخيف أبو ماهر ولا أحمد زكي ..!الموت يشغلهما الآن بما يقتضيه التعامل الشجاع في الحالات الطارئة مع الموت والمتعارضة مع بقايا الحياة ، في يومياتهما الباقية.. قال لي أبو ماهر : (( أنا اعلم أن الموت قادم سريعا نحوي وما عليّ الآن سوى السخرية منه .. أن واجبي الأول هو أن أجعل بناتي القاصرات الثلاث ( فرح وأخواتها ) ظاهرة معقولة في تحدي الغربية من بعدي .. كل شيء بداخلي يقودني أن لا خوف عليهن من بعدي .. أنني سأترك نصف قلبي عند أخوتي المغتربين العراقيين والنصف الثاني سأتركه عند الأصدقاء الهولنديين الذين رأيتُ في وجوههم ملامح الروح الإنسانية العميقة وثقافتها ..! )) .. بغض النظر عن الموت فأنا أجد أن مدلولا جديرا بالملاحظة قد دخل إلى عصر الإنسان وهو انه يعرف متى يموت وأين يموت .. فقد بلغ الطب الهولندي شأوا من التقدم ظفر فيه الأطباء من معالجي صديقي العزيز بالتقدير المناسب حيث سيموت " أبو ماهر " في مستشفى آخر غير المقيم به حالياً ..سيموت بمكان ٍ قريب لبيته سينقلونه إليه غدا ..أعطوني عنوانه وفي ردهة أعطوني رقمها وفي يوم أعطوني تاريخه ..! وصار جميع الناس في هذا الزمان يفهمون الطبيعة على أنها كيان تلقائي حتمي يضم معتقدات وتجارب مطروحة في الحياة ..! وداعا أبو ماهر وأنت تثبت في حياتك وفي موتك عنصر الاستمرار في الحياة الإنسانية بخاصية السخرية منها ومن نشاطها وعالمها السياسي والفكري ، وداعا يا أحمد زكي وأنت صاحب المعايير الروحية في المسرح والسينما باعتبارهما وسيلتان لغاية إنسانية سعيتَ لها .. كلاكما صنع حكمته في الحياة أيها الصديقان .. ستظلان بقلبي حالة تجريبية أستوعبها بعقلي ..! بصرة لاهاي في 9-3-2005
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا تحصل المرأة على حقوقها إلا إذا صارت رجلا ..!
-
نوبل والسيستاني
-
سوريا على جسر التغيير ..!
-
الكومبيوتر ديناصور متعدد الرؤوس ..!!
-
يولد الغضب من سوء الفهم ..!!
-
إعادة أعمار العراق .. ماء في غربال ..!!
-
عوافي أيها الوزراء الراحلون ..!!
-
مسامير جاسم المطير 839
-
حكة كرسي الوزارة ..!!
-
ديمقراطية للكَشر ..!!
-
أيها العاشقون تعلموا فن التقبيل ..!
-
دراكولا من موسكو إلى بغداد ..!
-
قادة وملوك ليسوا من صنع الخيال ..!
-
وداعا أيها الوزراء - المؤقتين - ..!
-
عجائب الدنيا في برج الأسد ..!
-
من فاته قطار الحكومة السابق يريد أن يستوزر في اللاحق ..!!
-
إنه الحب في عيد الحب أيها العاشقون ..!
-
مرينه بيكم حمد واحنه بسفارة ليل ..!
-
بين سًهيلة الانكَليزية وسُهيلة العراقية ..!
-
عتاب ديمقراطي إلى بعض المرجعية الشيعية ..!!
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|