أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - المثقف، رجل الدين وأستقلال مؤسسات الدولة















المزيد.....


المثقف، رجل الدين وأستقلال مؤسسات الدولة


شاكر الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 3919 - 2012 / 11 / 22 - 14:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ربما، ليست مصادفة ان يتم الترويج لخطبة رجل دين عراقي يدافع فيها عن استقلالية مؤسسات ودوائر الدولة العراقية وينتقد التعازي التي تقام فيها بمناسبة عاشوراء وتأكيده على ان تلك المؤسسات والدوائر لا تخص طائفة بعينها لأنها ملك للشعب العراقي بمختلف تكويناته وانتماءاته الدينية والطائفية. في الوقت نفسه، رُوِج فديو يُظهر عددا كبيرا من ضباط وافراد الجيش العراقي يمارسون "اللطم" بقيادة "رادود" للاهازيج والأشعار التي عادة ما يتم ترديدها في ايام عاشوراء. وهي المظاهر التي شاهدناها خلال السنوات الماضية حيث تقوم العديد من الوزارات بتنظيم مواكب العزاء او المشاركة باللافتات والوفود في "ركضة طويريج والمشاية " وغيرها من المناسبات ذات الصلة بعاشوراء.

من المؤكد ان المقارنة بين الواقعتين تكشف عن الحال الذي وصلت اليه الدولة في العراق وما ينتظرها مستقبلا. ما بين هذه الواقعة و تلك فإن ما يعنينا هنا موقف اعداد من المثقفين العراقيين الذي روجوا وبفرح كبير يقارب الانبهار والامتنان فديو رجل الدين المذكور بحيث لم يتردد الكثير منهم في التعويل على تحوّلٍ في مسار ونهج المؤسسة الدينية وان جهود اصلاح هذه المؤسسة قد بدأت وان مثل هذه الأصوات سوف تحدث تحولا في عملية بناء المؤسسة الدينية يختلف عما هو سائد.

ان وجود رجل دين يتصف بالعقلانية ويدعو الى ابعاد مؤسسات الدولة عن المناسبات والشعائر الدينية هو امر محمود جدا خصوصا وسط فوضى هائلة تعم المجتمع والدولة ومؤسساتها بسبب اتساع سلطة الدين والطائفة وخطب رجال الدين وما يثيرونه من جهل وخرافات مهولة وفزع وحروب ودماء، ولعل المقارنة بين خطبة الرجل الذي نشير اليه مع خطب "جلال الدين الصغير والمهاجر والصافي" وغيرهم من الذين يبدعون في اشاعة الذعر والانقسام الطائفي وتعزيز الشعور بالظلم المتواصل و الخضوع ستكون غير منصفة تماما لانها ستكون مقارنة بين العقل والجهل.

ان الجدل حول استقلالية مؤسسات الدولة أو "دولة المؤسسات" في العراق لم يكن وليد الفترات القريبة من تاريخ العراق، بل انه بدأ منذ ان تأسست الدولة العراقية، والذي كان يشير الى دولة مؤسسات خصوصا وانه تزامن مع تزايد الحديث عن قيام دولة حديثة مختلفة عن المحيط الاقليمي الذي وجدت فيه. لقد ساهم الكثير من المثقفين والمفكرين العراقيين في هذا الجدل وسعوا الى تبيان مخاطر ان تتحول مؤسسات الدولة الى ساحة للصراعات والانتماءات الطائفية والقومية وان وجود دولة حديثة في العراق لايمكن ان يتحق ما لم يتم التأكيد على استقلالية مؤسساتها والدفاع عن هذه الاستقلالية.

ان وصول قوى الأسلام السياسي الى السلطة في العراق قد عزز من فرص استغلال مؤسسات الدولة من قبل هذه القوى حيث سعى الكثير منها لتجيير الوزارات والمؤسسات التي تحصل عليها بفعل سيادة نظام المحاصصة الطائفية والقومية لصالحها وان الحديث عن وزارة ما سيكون مقرونا بالحديث عن الحزب الذي يديرها.

منذ سقوط النظام البعثي في العراق في نيسان من عام 2003 فإن اعداداً كبيرة من المثقفين والكتاب قد سلطوا الضوء على ضرورة اعادة بناء الدولة العراقية وفقا لمعايير وأسس معاصرة مختلفة عن تلك التي بُنيت عليها سابقا. كان الحديث يتم عن دولة مؤسسات تمارس كل مؤسسة عملها وواجباتها بحياد وشفافية بعيدا عن التدخلات المختلفة لانها وبكل بساطة مؤسسات تنفيذية تعنى بحياة وأمن المواطن وعيشه الا ان ما حدث هو تحول مؤسسات ووزارات الدولة الى اقطاعيات تابعة الى هذا الحزب او ذاك. لقد تمكنت القوى والاحزاب من استغلال مؤسسات ودوائر الدولة لخدمة أغراضها واهدافها السياسية والحزبية لذلك نجد ان الاحزاب القومية الكردية تقوم بعمل ممنهج من اجل ان تتحول الوزارات التي تسيطر عليها الى اداة في مشروعها السياسي والقومي، وفي الوقت نفسه فان احزاب الاسلام السياسي الشيعي والسني منها قد مارست الدور نفسه وحولت الوزارات والمؤسسات التي تخضع لها الى ساحات لتعزيز الانقسام الطائفي ولرفع راية المظلوميات والخضوع لسلطة هذه المرجعية الدينية او تلك.

حين نتحدث عن دولة مؤسسات فاننا نتحدث عن دولة معاصرة تعترف بحقوق وحريات مواطنيها وانها تسعى جاهدة لتلبية تلك الحقوق والدفاع عن الحريات وصونها. ان دولة حديثة تنتمي الى العصر الذي نعيش فيه لا يمكنها ان تدار بعقلية رجل الدين او بعقلية الحزب الطائفي والقومي واذا كان رجل الدين الذي دافع عن مؤسسات الدولة واستقلالها، انطلاقا من قناعاته الشخصية، قد أفرح وأبهر العديد من المثقفين فان اصل الحديث يجب ان يكون عن منع الدين والمؤسسات الدينية من التدخل في شؤون الدولة ومهامها وعملها وطبيعة نظامها السياسي. ان الحديث يجب ان يكون عن منع تدخلات الدين في التربية والتعليم والاعلام والجيش والشرطة والقضاء ...الخ وان ان يكون الدين شأنا خاصا بالأفراد ولا تقوم الدولة بتخصيص الامكانات المالية الكبيرة من اجل تحقيق أهداف دينية وطائفية ستفرض على الدولة هوية معينة لاحقا، لان هذه التدخلات تعرقل اية خطوات يمكن ان نخطوها نحو المستقبل والاندماج مع ما يحيط بنا من مجتمعات معاصرة يشكل العلم والمعرفة والحقوق والحريات ركائز أساسية في وجودها ونهضتها وتطورها او نتبادل معها الخبرات والأحترام و العيش المشترك على الارض.

على المثقف ان لا يفرح كثيرا لوجود رجل دين واحد يتحدث بلغة وفهم يقارب لغته وفهمه للدولة واستقلال مؤسساتها لأننا ازاء مؤسسات دينية نافذة وقوية وتسعى بكل قواها ومنذ ان وُجدت لأن تفرض سطوتها وسلطتها الدينية على الدولة والمجتمع وان تتحول الى مرجع للقانون والدستور والعلاقات الاجتماعية مستفيدة من وجود قوى وأحزاب لا تخالفها الرأي بل هي معبرة عن توجهاتها وانها ذراعها السياسي. فحين نعرف ان لكل مرجع ديني حزبا سياسيا يمثله ويمتثل لأوامره وتشريعاته وفتاواه عندها سنعرف مقدار تدخل المؤسسة الدينية في مرافق الدولة ومؤسساتها.

ان على المثقف ان يواصل جهده الفكري والنقدي للدولة ومؤسساتها وللسلطة وقواها ولكل المؤسسات التي تسعى لاحتكار الدولة والسلطة لصالحها وبما يفرض على المجتمع واقعا مزريا ومتخلفا لا يمت الى العالم المعاصر الذي نعيش فيه بصلة. على المثقف ان لا يتردد في قول ما يجده صحيحا والتصريح بآرائه اسوة برجل الدين او خطيب الجامع الذي انبهر به . ان هذا وحده الكفيل بأخراج المثقف من كنف العزلة الأجتماعية ويحوله الى قوة فاعلة تدافع عن وجود دولة مدنية، دولة مواطنة، دولة مؤسسات لا يمكن تجاهلها.



#شاكر_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التموينية والجوع
- مدن الأعرجي المقدسة وحملة اللاءات الاربعة في مدينة الكاظمية ...
- العنفُ والإنتهاكات في مدارس العراق : خطرٌ يتفاقم
- مقتدى الصدر يتهم أمريكا بالتدخل في العراق !!!!!!
- منجزات وزارة الكهرباء :البوم لصورالوزير
- التعليم في العراق : نظام متردي وأبنية آيلة للسقوط
- صدق أو لاتصدق : جمود العملية السياسية في العراق !!!!
- السلطة : رموزها ونُصبها
- مناقصة مجلس النواب وشذاذ الدملوجي
- صحف ومجلات مجلس النواب العراقي : الفضائح تتواصل
- عن المثقف والسلطة والمصالحة الوطنية
- الأمر وبكل بساطة : إنها حريتنا وحياتنا الشخصية
- مهرجانات وزارة الثقافة : محاولات لتلميع الخراب
- الفلم الدنماركي الثأر - HÆVNEN - :هل يمكن أن نعيش دون ...
- سيرة حرب.......2 ، قسوة تل الخراء
- عن الإيمو والحرية وكراهية الحياة
- سيرة حرب ...1 .حين أضعت الطريق الى بيتنا
- قراءة في مشاهد أعتقال وقتل دكتاتور
- المالكي ومجالس الإسناد : حكاية التاريخ المستعاد
- الإعتقالات و الإتهامات لا تحجب الحقيقة يا حكومة نوري المالكي


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - شاكر الناصري - المثقف، رجل الدين وأستقلال مؤسسات الدولة