رباح حسن الزيدان
الحوار المتمدن-العدد: 3919 - 2012 / 11 / 22 - 09:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ليلة هادئة نامت فيها الطيور ولم نسمع تغريدها ، سكون فرض الوجل والحيرة على كل الامكنة والازمنة ، استيقظنا متوجلين على صرخة وطن ، خلعت القلوب ، الجميع خائف ، اسئلة تدور هنا وهناك وكل يدلو بدلوه ، ما هذه الصرخة ؟ ، اطفال تصرخ وامهات تنوح ، شباب وشيوخ تبكي ، صوت واحد سمع من بين حشود الالم والبكاء والعويل ، صوت يقول : " الله الستار ، من الذي مات ؟ " .
شيخ يقول وهو يندب فقيده الصغير : مات العراق ، ام ثكلى تصيح : يمه وليدي ، وين راح يدفنوك ؟! ، طفل يبكي بحسرة ويردد : لا لا ما مات بابا ، وين العب اني بعد ؟ ، وين اركض ؟، وين اضحك ؟ ، وينك بابا ؟ ، فتاة لم تتجاوز العشرين لا تصدق ما تسمع وتهمس لنفسها : مات حبيبي ؟ شاب وسيم يقف متسمراً ويصرخ : راحت أمي ؟ ، مدن تنوح وتبكي وهي تقول : لم يمت احد بعد ، لا تدعوه يموت ، هل سيموت الجميع ؟ .
نوبات من الخوف والعذاب تنتشر تارة في هذه المدينة واخرى في تلك ، اسئلة حائرة وعيون تخنقها الدموع ، وجل وترقب ، ريبه ، حذر ، خوف ، جنون ، ألم ، حيرة ، مشهد لا ترافقه سوى هذه الكلمات ، جموع مليونية تترقب وتنتظر جواباً من المجهول .
صوت مهيب ، قادم من بعيد يقول : من قال اني مت ؟ كيف تموت الجبال والوديان والسهول والانهار ، من قال أنهم قاموا بدفني ؟ كيف يدفن الرجال شمس الظهيرة ؟ لست مجرد وطن لكي اموت ، اني ذاكرتكم فهل تموت الذاكرة ؟ أنا الجنة فأين ستخلدون ، أنا أنتم ، فهل أنتم ميتون ؟ .
الجميع يصرخ ويضحك ويهلل ويبكي فرحاً ويقول : أنه العراق ، تتوالى الندائات : وليدي ، بابا ، امي ، حبيبي ، يقاطعهم العراق ليقول : لقد وقعت مرة أخرى بين جلادين يريدون ذبحي بحجة القومية وحقق تقرير المصير وحق التوحيد ، كلاب تنبح وأنا وأنتم نسير فلا تخافوا يا أحبابي فأنا لا زلت اسري في عروقكم ولذلك اطلقتم علي أسم العراق .
انا العراق وابنتي المدللة هي دجلة ، دجلة اسم للمحبة والسلام ، دجلة نهر الجنان ، دجلة الخير ، دجلة الحنان ، دجلة العشاق ، اتركوا حبيبتي دجلة وتصارعوا بعيداً عنها واختاروا اسماً غير دجلة لتطلقوه على تفاهاتكم .
دمتم على حب العراق ،،،
#رباح_حسن_الزيدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟