أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - شخصيات نسائية متفردة














المزيد.....

شخصيات نسائية متفردة


ناهده محمد علي

الحوار المتمدن-العدد: 3918 - 2012 / 11 / 21 - 09:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


قررت أن أتناول عدة شخصيات نسائية إعتبرتها متفردة في تكوينها الشخصي والثقافي , وسأبدأ نقاط الضوء هذه بنقطة ضوء على شخصية نسائبة ثقافية معروفة وصديقة قديمة وهي القاصة العراقية ( صبيحة شبر ) .
لقد أصدَرت صبيحة شبر العديد من المجموعات القصصية مثل ( التمثال ) , ( إمرأة سيئة السمعة ) , ( لائحة الإتهام تطول ) وغيرها , وتحدثت في الصحافة العراقية والعربية عن الشعر وعن فن القصة , عن المرأة العراقية المطحونة وعن الطفولة المهدورة مابين البرامج الدراسية البالية والنظام الإجتماعي المتخلف والنازف بسبب الحروب .
تحدثت صبيحة عن الواقع التعليمي في مقالات مثل ( ما أسباب تدني المستوى التعليمي وما سبل العلاج ) وتحدثت عن العلاقة مابين المبدع والمتلقي وعن ( تأثير العولمة على الكتابات النسائية ) , وتحدثت كثيراً عن العنف ضد المرأة وعن ( تجارة الجنس ومخاطرها ) , وعن ( الأرامل العراقيات ومجتمع مثقل بالجراح ) , كما تحدثت عن واقع الطفولة المرير في ( إستغلال الأطفال في أعمال لا تناسب طفولتهم ) , ومقالات كثيرة عن واقع المرأة والطفل في المجتمع العراقي .
إن سردي لأجزاء ومقاطع لكتابات صبيحة لا يُقصد بها إلا إظهار الجزء الإبداعي من شخصيتها ولأن أي مبدع هو شخصية تركيبية يأخذ جانب الإبداع منها جزءاً مهماً وتأخذ حياته العامة جزءاً وحياته الشخصية الخاصة جزءاً , كما يأخذ جانب الطموح والآمال الممكنة وغير الممكنة جانباً مهماً في شخصيته وهي في النهاية وحدة واحدة .
لقد كانت صبيحة صديقة الطفولة وكنا نتبادل الفطور المحمول على باب بيتها قبل ذهابنا الى المدرسة , وكنا سعيدتين في طفولتنا وبعد أن أنهينا الإبتدائية لم أجد صبيحة ذات يوم في المدرسة , ثم أخبرتني والدتها بأن ( الحرس القومي ) قد إختطف صبيحة وذهب بها الى المخفر , هرعت الى والدي لأخبره وكان رجلاً قوياً , فإصطَحب الكثير من آباء الحي وإنتشلوا صبيحة من البراثن المريضة .
لم تكن حياتها هادئة ومستقرة لأن الجو السياسي والإجتماعي في العراق لم يكن يوماً هادئاً , فتوزعت حياتها ما بين السياسة والإبداع والعمل التربوي
سمعت ذات يوم بأن جدها المُسن الذي يعيش في مدينة بعيدة قد أُعدم ولم أفهم وقتها لماذا , ثم أُعدم أحد أخوتها , أما الآخرين فيعانون من الأمراض الخبيثة والتي قضت على بعضهم , ولم تكن هذه المعاناة خاصة بل كانت معاناة شعب بأكمله أخذ الإشعاع بالتسرب الى جسده ملتهماً الكثير من أبنائه. عاشت صبيحة القلق السياسي كمواطنة شريفة , والقلق الإجتماعي كإمرأة متطورة تطلب ما لا يعطيه المجتمع العراقي .
لقد إحترَمت صبيحة قلمها دائماً وتعلمت منها أن لا أترك قلمي , فالمرأة المبدعة بقلمها تتعكز وبقلمها تحتمي وبه تضع النقاط على الحروف وبه ايضاً تجفف الدموع لكل طفل أو إمرأة معذبة وأحياناً قد ترسم بقلمها أحلامها وقد يمكنها تحقيقها , لكنها قد تصبح مقاتلة خرافية تقاتل طواحين الهواء بقلمها , لكن صبيحة لم تجعل قلمها سيفاً إلا للصالح العام ولم تحصل يوماً على أوسمة أو أنواطاً للشجاعة والإبداع لأنها تعيش وببساطة في العراق . وحينما قررت العودة الى العراق أرسلت لي تقول أعمل الآن مُدرسة في إحدى المناطق الشعبية والترابية , لقد كانت صبيحة مُدرسة قلباً وقالباً , تبحث دائماً عن المنهج الدراسي والبرنامج المدرسي الصحيح والمضمون الدراسي العلمي , كما بحثت دائماً عن الحداثة والتطوير والتكنولوجيا والتي آن الآوان أن تدخل الى مدارسنا , كما آن الآوان أن تُبنى مدارس كثيرة وجديدة لتمنع التراكم الكمي لأعداد الطلاب في الصف الواحد , لقد نظرت صبيحة دائماً الى العالم المتطور بعين الإعجاب والى التخلف التعليمي بعين حزينة , كيف لا ونحن نلاحظ أن آلاف الأطفال قد صدقوا أنهم يدرسون ما هو ضروري لهم لكن الحقيقة أنهم يدرسون ما هو متوفر لديهم .
لقد حاولت صبيحة بقلمها الحديث عن الأطفال والفتيات العراقيات والأرامل المسحوقات تحت وطأة العازة , كما حللت مخاوف الشابات العراقيات وإندثار طموحاتهن الشخصية والمجتمعية بعد إنتشار العنف الذكوري ضد المرأة وملاحقتها بدل النهوض بإمكانيات الشابات كشريحة مهمة من شرائح المجتمع العراقي . وفي الحقيقة لقد إحتملت المرأة العراقية من العنف المنظم أو غير المنظم ما لم تحتمله المرأة الفيتنامية أو الألمانية أو الروسية في الحروب المحلية والعالمية .
لقد إحتملت صبيحة بقدرتها المعهودة مناظر النزيف اليومي حتى بعد توقف صوت إطلاق الرصاص في الشوارع , لأن هذا النزيف موجود في عيون الأطفال الجوعى والمرضى والمتسربين الكُثر والمصابين بالتشوهات الخلقية والمنتشرة أوصالهم في الساحات العامة , وكثيراً ما تُحذف أسماء الكثير من الطلاب من السجلات المدرسية بسبب الموت المفاجيء من جراء فقر الدم أو الأمراض الخبيثة المنتشرة بين الأطفال أو العبوات الناسفة . كان هذا يُحزن كل المربيات لكن صبيحة كانت تحول حزنها الى إبداع راقي , فإستطاعت أن تقاوم بجلادتها الحزن الخاص لتعبر الى الحزن العام , وكان منظر الأطفال المتسولين وبائعات الهوى من الصغيرات وطوابير الشباب الطالبين للعمل بيأس دافعاً قوياً لها أن تكتب حتى في ظلام بغداد الليلي على ضوء شمعة .



#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الغضب الفردي والغضب المجتمعي .
- المرأة العربية المهاجرة الى أين ...
- سمفونية الشارع العربي .
- تأثير البيئة العراقية على نفسية الإنسان العراقي .
- العُنف ضد المرأة .
- أن تسمع للآخر أم حوار الديناصورات .
- أُمهات عراقيات .
- هل أصبح أطفالنا أشراراً !؟
- الكذب مرض أم ضرورة .
- الحب والكراهية .
- الأعلام النفسي
- اللا إنتماء في الشارع العراقي .
- أسئلة مراهق .
- الإدمان وأنواعه
- إذا كان ربُ البيتِ بالدفِ ضارباً ... فشيمة أهل البيت كلهم ال ...
- اللاعُنف منذ الطفولة .
- الطلاق هل هو الحل .
- لا يسلمُ الشرفُ الرفيع من الأذى ... حتى ؟
- حينما يثور الطلاب .. لماذا !؟
- أطفال الشوارع ( المتسربين ) .


المزيد.....




- السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
- الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
- معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
- طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
- أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا ...
- في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
- طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس ...
- السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا ...
- قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
- لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - ناهده محمد علي - شخصيات نسائية متفردة