أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - كان على الجميع أن يتوقعوا تأخير تشكيل الحكومة















المزيد.....

كان على الجميع أن يتوقعوا تأخير تشكيل الحكومة


حمزة الجواهري

الحوار المتمدن-العدد: 1134 - 2005 / 3 / 11 - 10:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أنا علماني وعربي كما هو معروف عني، لست كورديا لكي أدافع عن المواقف الكوردية، ولست واحدا من حملة المشاريع السياسية الدينية حتى أدافع عن موقف الجعفري وأطراف قائمة الائتلاف العراقي الموحد، ولكن كلمة الحق يجب أن تقال لأن العراق يعنينا، وهذا الموقف مني يأتي استكمالا للصورة التي ينبغي على الجميع معرفتها. حيث حالة الإحباط بدأت تدب بنفس العراقي كنتيجة لتأخير تشكيل الوزارة، ونسمع كلمات أخذ الجميع ترديدها وكأنها سوطا يجلد المتفاوضين لاختيار رئيس للدولة ونوابه وتشكيل الوزارة الجديدة و توزيع المناصب الوزارية وخصوصا الحقائب السيادية، ولم يقف الأمر عند هذا السوط، فقد وظف له قاموس طويل من التهم لأطراف الائتلاف العراقي الموحد والقائمة الكوردية الفائزين الكبيرين في الانتخابات، للجعفري من هذه الاتهامات والقيادات الكوردية نصيب الأسد، لكن أنا أجد كل هذه الصيحات لا مبرر لها، فهي إما افتراءات تعبر في كثير من الأحيان عن كلمة حق أريد بها باطل، أو عن جهل بطبيعة قانون الانتخابات العراقي المعروف باسم ""التمثيل النسبي"" للقوائم الفائزة وكيفية تطبيقه لإنجاز العملية السياسية، وهذا الجهل بطبيعة القانون وأشكال تطبيقه يمكن أن يعتبر أمرا طبيعيا ويفرز سلبيات لا حصر لها، هذا بالإضافة إلى إشكاليات التطبيق في واقع معقد كالواقع العراقي. وهذا الأمر ليس للسياسي العراقي ذنبا به، حيث إن هذا القانون قد اختارته الأمم المتحدة وجاء ضمن حيثيات القرارات الدولية بشأن العراق ولم يكن خيارا عراقيا، لكن على العراقيين تطبيقه بإبداع بالرغم من قلة الخبرة، أو حتى انعدامها بأشكال تطبيقه. ومن مظاهر غياب الخبرة هو عدم معرفة الاستحقاقات التي كان يترتب على السياسيين العراقيين التحضير لها مسبقا من قبل الخوض بالعملية السياسية المعقدة أصلا، وما يزيد من تعقيدها إضافة عقبات جديدة مفتعلة بوجهها تجعل من المهمة تبدو وكأنها مهمة مستحيلة.
لا أدري أيضا لماذا يجب أن يكون جميع الأطراف المشتركين بالعملية السياسية متفقين؟ حيث كثر الحديث عن حالة الانقسام التي تسود الكتل السياسية وكأنها تمثل حالة من التهافت الغير مشروع على المناصب، في حين هي حالة صحية ويجب أن تكون، فلو كان العراقيين متفقين على كل شيء لكان بإمكانهم تجاوز جميع المراحل والخروج بنظام سياسي منذ اليوم الأول لسقوط النظام الدكتاتوري وإخراج القوات الأجنبية من البلد بعد أن أدت مهمتها بإسقاط النظام الحديدي. فالذي يبدو تهافت على المناصب للكتل السياسية المتعارضة الأهداف ما هي إلا واحدة من استحقاقات قانون التمثيل النسبي للقوائم الفائزة، وهذا ما سنأتي عليه في السياق. فالديمقراطية تعني بمعناها العام أن هناك أطراف مختلفة بالرأي والأهداف والرؤى، ويأتي هذا النظام السحري ليحل المشكلة وتجري الصراعات السياسية في ضل دستور وضوابط، وهذا ما يحاول العراقيين صناعته، ولو لم يكن هناك أطياف مختلفة ومتصارعة لما كان هناك حاجة للنظام الديمقراطي ولا كل هذا الصداع الذي يضج برؤوس العراقيين، ففي ظل النظام المقبور ليس ثمة من يستطيع أن يصرح بالرأي الآخر المخالف لرأي الدكتاتور، وبالتالي ليس هناك مساومات ولا صراعات ولا وزارات توافقية ولا برامج ولا برلمان منتخب من قبل أبناء الشعب ولا إرهابيون يفجرون السيارات المفخخة أو العبوات الناسفة.
قانون الانتخابات والتمثيل النسبي ومغزاه الحقيقي يظهر اليوم على حقيقته ويمكن التكهن بالأشكال المختلفة لكيفية تشكيل الحكومات من خلاله، وما هو الوقت المطلوب لتجاوز هذا القانون في المستقبل وتبديله بقانون آخر يكون فيه اختيار الرؤساء بالانتخاب المباشر؟ ففي الواقع حاليا إن الانتخابات تحدد الأطراف التي يجب أن تشارك في العملية السياسية والجمعية الوطنية الانتقالية كل حسب حجم الثقة المطروحة به من قبل الناخبين، ومن ثم تأتي عملية اختيار الشخصيات المناسبة للمناصب الرئاسية والحقائب الوزارية على أساس من نتائج الانتخابات، وهذا يعني أن الحكومة ومناصب الرؤساء لا تكون على أساس الانتخاب المباشر بل تأتي بالتوافق بين جميع الأطراف بعد معرفة حجم كل مهم، فهو انتخاب لهذه المناصب بشكل غير مباشر ويجب أن يكون على أساس توافقي يرضي جميع الأطراف ويحقق أعلى قدر ممكن من أهداف الكتل المتضاربة، ولو كان الأمر انتخاب مباشر فالمسألة سوف يتم حسمها بعد ظهور نتائج الانتخابات مباشرة، حيث إن هذا الأسلوب بالانتخاب يلغي تماما دكتاتورية الغالبية وسيطرتها على القرار، وما يزيد من ضوابط هذه المسألة هو تلك البنود التي وردت في قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية وما تضمنته من ضوابط قيل إنها تحمي الأقليات العرقية أو المذهبية ولا تترك مجالا للطيف الأكبر بالاستئثار بالسلطة تاركين الآخرين مهمشين كما كان الأمر أيام النظام المقبور، هذا هو المغزى الحقيقي لاختيار هذا القانون التوافقي في العراق. في الواقع إن هذا النظام الانتخابي يمكن أن يتغير في المستقبل ليكون نظام آخر بدلا منه، ولكن هذا لن يحدث قبل أن تتبدل مرجعيات الأفراد وهذه عملية تاريخية تحتاج إلى وقت طويل جدا، حيث إن المرجعيات اليوم هي نتاج تراكم تاريخي طويل بالإضافة إلى المستوى المتدني للبنية الاجتماعية في البلد عموما، وسوف لن تكون هناك مرجعيات متطورة بالكامل تعتمد على القانون والقضاء ومنظمات المجتمع المدني بدل المرجعيات الحالية للطائفة أو القومية أو المذهب أو العشيرة. فمسألة التطور هي عملية تاريخية خارجة عن إرادة الإنسان، وعلى الإنسان أن يتعايش مع الواقع الموضوعي وأن يستجيب لشروطه في أي مرحلة من مراحل تطوره.
بهذا الأسلوب من الانتخابات، على الكبير أن يدفع ضريبة التوافق كما يفعل الأخ الأكبر في العائلة العراقية، بالرغم من المكانة الخاصة التي يأخذها في البيت لكن عليه أن يكون أكبر المضحين من أجل التلاحم العائلي ولم شمل وتكامل الأسرة. وهنا بودي أن أتسائل ماذا لو كان المرشح الأقوى لمنصب رئيس الوزراء كورديا؟ فهل سوف يضع الكورد سقفا عاليا لمطالبهم بهذا الشكل؟ بالتأكيد لا، ونجدهم سوف يضحون ببعض مطالبهم من أجل الوحدة الوطنية والخروج بصيغة توافقية ترضي جميع الأطراف، ومن هنا نستطيع أن نفهم أن المطالب الكوردية التي بدأت بسقف عالي، وهذا أمر طبيعي من أجل تحقيق أكبر قدر من المكاسب، نجد أن سقف مطالبهم قد انخفض كثيرا بعد التفاوض، فبدلا من مطالبهم بوزارتين سياديتين أصبح الحديث الآن يجري حول وزارة واحدة، وبدلا من المطالبة بضمانات مكتوبة تحدد هوية كركوك الكردية، ترك الأمر ليتم حله على أساس قانون الدولة للمرحلة الانتقالية، وبدلا من الحديث عن ربع التخصيصات المالية لفدرالية كوردستان، أصبح الحديث يجري على أساس توزيع عادل للتخصيصات على أطراف العراق ومنها كوردستان، وهكذا قد انخفض السقف إلى الارتفاع الحقيقي له، ولو كان قد بدأ بالسقف الحقيقي له لكان الكورد قد فقدوا بعضا من مطالبهم الملحة لصالح الآخرين، وهذا الأمر يحتاج إلى مباحثات وصبر لأن الأطراف الأخرى لها أيضا مطالب وسقوف أعلى، أو حتى إعراض عن العملية بحجج مختلفة من قبل بعض الأطراف.
من هذا نستطيع القول إن الفائز بالانتخابات ربما سيكون هو الخاسر الأكبر لأن مطلوبا منه أكبر قدر من التنازلات فيما لو كان يعمل فعلا من أجل العراق، أما لو كان يعمل من أجل برنامجه هو فقط لشكل الوزارة في ظرف يوم أو بعض يوم كما فعل علاوي وإستا ثر بأكثر من نصف الحقائب الوزارية وخصوصا السيادية منها وهي الداخلية والدفاع والنفط ولم يترك لباقي أطياف الشعب العراقي سوى الخارجية والمالية ذات الأثر الأقل في الحياة الاجتماعية والسياسية، أما الملف الأمني وهو الأخطر فقد تفرد به بشكل سافر موظفا كل شيء من أجل إعادة تأهيل البعث العدو الحقيقي لأي عملية ديمقراطية، هذا فضلا عن حالة العداء المستحكم بينه وبين أبناء هذا الشعب الذي غدر به البعث أكثر من مرة.
بقي علينا أن نرد على اللغط الكثير الذي ورد من قبل الأطراف السياسية وحتى الكتاب والمثقفين، وهو مسألة غياب برنامج واضح للوزارة، وهذا أمر معقول جدا فيما لو كانت الوزارة منتخبة بشكل مباشر وليس وزارة توافقية تأتي بشكل غير مباشر لنتائج الانتخابات، إذ ليس من المعقول أن يكون هناك برنامج للوزارة ما لم يتم تشكيلها أولا، بل يجب أن تكون هناك ثوابت مشتركة تجري على أساسها عملية التوافق السياسي، وهذه الأخيرة موجودة وليس هناك من يدعي العكس. أما البرنامج فإن علينا المطالبة به قبل أن يتم انتخاب الوزارة من قبل البرلمان الانتقالي.



#حمزة_الجواهري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مازق الدكتور الجعفري بتشكيل الوزارة
- الثورة اللبنانية بقيادة منظمات المجتمع المدني
- القوات المسلحة هي كلمة السر لتحالفات الفترة الانتقالية
- مشاهد الانتخابات ليست مجرد مشاهد رومانسية
- نصائح كسينجر وشولتز الجديدة للإدارة الأمريكية
- المأزق الحقيقي بعد الانتخابات
- الديمقراطية عدوهم اللدود
- لم لا نحلم معا أيها الصديق؟
- نتائج أولية للانتخابات العراقية
- خارطة المواقف من الانتخابات وهذيان الشعلان
- المسافة بين استئصال البعث إعادة تأهيل البعثي
- تأجيل الانتخابات مقابل إجتثاث البعث
- حق التمثيل في العراق يشوبه التشويه
- حل القوات المسلحة الصدامية لم يكن خطأ، بل أصح قرار
- الانتخابات العراقية، قائمة إتحاد الشعب
- منهجية جديدة للبعث في الإرهاب
- أمير الدراجي والانتحار انتخابيا
- البعث، أس البلاء، ولعبة شد الحبل مع الذات
- تيار ولاية الفقيه لا يهدد الديمقراطية في العراق
- الديمقراطية لابد قادمة لأنها إرادة شعب


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمزة الجواهري - كان على الجميع أن يتوقعوا تأخير تشكيل الحكومة