|
رسائل - 3
شريف الغرينى
الحوار المتمدن-العدد: 3917 - 2012 / 11 / 20 - 15:12
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
رسائل – 3 السادة أعضاء اللجنة التاسيسية المحترمين منذ أكثر من ألف عام، أمر عمر بن الخطاب ، رضى الله عنه بقطع شجرة الحديبية ، تلك الشجرة التى كانت تذكر الناس بنبيهم ورسولهم صلى الله عليه وسلم، فصاروا بعد وفاته يطوفون ويتمسحون بها، لا لشىء إلا حباً فى رسول الله، و مع أنهم لم يأتوا بعمل فيه شرك أو كفر ، إلا أن أمير المؤمنين، عمر بن الخطاب ذى الرؤية البعيدة، لم ينتظر حتى تتحول الشجرة إلى فتنة للناس وتتحول فيما بعد منسكا للحجاج، فأمر بقطع الشجرة ..السؤال الأن إلى أى شىء إستند بن الخطاب فى قراره بقطع الشجرة ؟ هل احتكم لأحكام الشريعة أم لمبادئها؟ مع أنكم أولكم و آخركم لا يمكن أن نقيس حرصكم على الشريعة بحرصه أو غيرته عليها .. نعود للسؤال مرة أخرى، إلى أى شى إستند عمر فى قراره بقطع الشجرة ؟ الثابت أن أحكام الشريعة تحرم قطع الشجرلأنه تخريب وفساد فى الأرض، ولكن مبادئها تحرم الفتنة ولذلك لما كان معلوما من أن الفتنة أشد خطرا مما سواها على الأمة ، ولما خشى عمر الفتنة على رعيته، لجأ للمبادىء ولو كان لجأ للأحكام لبقت الشجرة وبقت الفتنة إلى يوم القيامة ، أيها السادة كتبة الدستور ؛ أسألكم وأنا أعرف جيدا أن أحكام الشريعة التى تقصدونها ليست أحكام كتاب الله ولا سنة رسوله ، لكنها أحكامكم أنتم وصاحب كتاب "التاج" المجهول و الماوردى البويهى ، المشكوك فى دين قومه ،صاحب كتاب "الأحكام السلطانية" الذى جامل السلطان وحرم خروج الشعب عليه وناقض نفسه فأباح للصفوة الحجر عليه لأن الصفوة هم ورثة العرش فأرضاهم جميعا بغض النظر عن رأى الناس أو عدل الحاكم ، وهو ما يخالف مبادىء الشريعة التى عرفها ابوبكر الصديق حيث قبل الخروج على الحكام عندما استمع لوعيد الشعب وهو يخطب خطابه الاول فقالوا له : لو اعوججت لقومناك بسيوفنا فأقرهم على ذلك، مع أنه صاحب رسول الله ورفيق هجرته وأول المسلمين سبقا إلا أنه أقر لهم الخروج عليه برغم مخالفة ذلك لأحكام شرعية منصوص عليها فى قوله تعالى :"وأطيعوا الله وأطيعو الرسول وأولى الامر منكم" ولذلك لو تمسكتم بكلمة احكام الشريعة فى الدستور و وفق ماترونها وتفسرونها، فإن عليكم خلع مرسى و العودة بمبارك رئيسا وبأقصى سرعة، لأن فى ذلك تطبيق لأحكام شرعية وأخشى أن يؤخذ عليكم ذلك فيقاضيكم مبارك وأبنائه وزوجته بما كتبت أيديكم. أيها السادة لا تجعلوا الدستور المقرر صدوره فى نهاية عام 2012 صورة من كتاب الاحكام السلطانية ، فنبى الإسلام ورسوله، هو محمد بن عبدالله ، صلى الله عليه وسلم وليس الماوردى، أفيقوا وثوبوا إلى رشدكم و إلا تشرعنوا كل شىء وتأسلموا كل شىء فالناس، أعلم بشئون دنياهم والقضية هنا ليست كما تدعون من أن هناك تيارا كافرا ملحدا معاديا لبعض ألاحكام ، بل الأمرلا يتعدى الخوف من الإختلاف حول تأويل الحكم وما يستتبع ذلك من شقاق لا يصنع ملائمة بين الحكم والظرف ،وما حاجتنا لاستخدام مصطلح المبادىء إلا لأن المبادىء لا يختلف عليها بل يتوافق عليها الجميع وفيها مساحة للإجتهاد وفى ذلك توسيع على العباد، كما أن المبادىء لا تحتاج لتأويل لثبوتها على مر الأزمان، أما الأحكام فتحتاج لأراء ودراسات ورؤية وتحقيق يخص كل قضية ، ولذلك فالأحكام ستبقى بلا شك موضع خلاف واختلاف وقابلة للتعطيل فى ظل ظروف قد يراها الحاكم، كما أن القضايا تستحدث وتستجد بتغير الزمان والمكان ومع حركات التطور الطبيعية ، والتعامل بنفس النصوص لا يصنع مواكبة ولكن اللجوء للمبادىء يجعل الدين رقيبا أخلاقيا سلسا يدعم ولا يعطل ، وعلى ذلك يجب علينا فى كتابة النص والحكم أن نواكب ونتغير بحسب البيئة والزمان والظروف المصاحبة و فى ظل المبادىء الشرعية ، فإذا كانت الفتاوى لا يمكن أن تطبق على الجميع ، حيث أن لكل ظروفه وله فتواه التى تناسبه، وإذا كان تفسير الرؤيا يختلف من شخص إلى أخر حتى لو كانت الرؤية واحدة؛ لأن رؤية الرسول مثلا فى المنام لو حدثت لرجل من الأخيار فهى بشارة له، أما إذا رآه فى المنام رجل شرير سىء الخلق فإن ذلك يكون له إنذارا لا بشارة . لذلك فإن من باب أولى أن نعرف أن ثبوت الاحكام والنص على التقيد بالأحكام الشرعية فى الدستورأمراً غيرمفهوم. أيها السادة أرجوا أن تعلموا أنه لا يمكن التعامل بجمود أوالتشدق بأحكام الشريعة فى كل شىء حولنا، فالمبادىء هى الأساس وهذا ما أثبتته سيرة الصحابة، فكيف لكم أن توقفوا التشريع اليوم على أحكام خرجت منذ أكثر من الف عام لتعالج عيبا إجتماعيا شائعاً يخص تلك الفترة ، فى النهاية سأضرب مثلا أخر وأخيرا لتوضيح الفرق بين المبادىء والأحكام، فالأحكام الشرعية مثلا لم تنص على تحريم الرق ولكن المبادىء الشرعية الإسلامية ،حاربته حتى قضت عليه تماما ، فهل بعد ذلك وفى هذا العصر نعود لنطالب بعودة الرق وإباحته لمجرد أنه لم يصدر به حكما يجرمه؟!
#شريف_الغرينى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسائل- 2
-
رسائل
-
دماء و رمال
-
أخر ملاعيب الإخوان
-
بين الواقع السىء والوهم الجميل
-
الفرق بيين الثورة والهزة الأرضية
-
الإخوان و ثقافة المليونيات
-
خطاب الرئيس
-
ملوك ورؤساء أم وكلاء؟
-
مرض نقص الأمال المفرط
-
المصريين وقاعدة الإمتثال
-
القىء الجماعى فى مصر
-
العبور الثقافى .. من أجل عالم أفضل
-
من أجل نسيج وطنى واحد
-
ذهب هبة رؤوف وسيف العولمة
المزيد.....
-
أسعد أولادك…. تردد قناة طيور الجنة التحديث الجديد 2025 على ج
...
-
استقبلها الان.. تردد قناة طيور الجنة أطفال الجديد 2024
-
“فرح أطفالك طول اليوم” استقبل حالا تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
-
“التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية
...
-
بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة
...
-
المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|