أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - واصف شنون - لكل عراقي عاشوراء :سيرة حزن من أجل الحياة














المزيد.....

لكل عراقي عاشوراء :سيرة حزن من أجل الحياة


واصف شنون

الحوار المتمدن-العدد: 3916 - 2012 / 11 / 19 - 11:28
المحور: المجتمع المدني
    



في أوائل عام 1987 أصدر الجنرال عدنان خيرالله طلفاح وزير الدفاع العراق آنذاك عفواً عاماً عن كافة الهاربين والمتخلفين من الخدمة العسكرية أو الهاربين من جبهات القتال مع العدو الإيراني (المجوسي الفارسي ) ..،بشرط أن يتم التسليم عن طريق المقرات الحزبية لحزب البعث العربي الإشتركي وبكفالة الرفاق الأعضاء ، وهذا العفوّ له خاصيّة تتعلق بشطب كلّ سنوات الهربّ والمجالس العسكرية ضد الهارب والمتخلف من الخدمة العسكرية ، كنتُ حينها مطارداً ومحصوراً في بيت (عمتي) في سوق الشيوخ كآخر حصن بعد محاصرة بغداد وكل المحافظات ومراكزها ، وكان إقتراحا جميلاً تقدم به أحد اقاربي عن طريق والدي يقضي بالتسليم اي (أسلم نفسي )الى فرع سوق الشيوخ لحزب البعث مع ضمان بعدم الإهانة وعدم التسفير المذلّ مع كتاب عفوّ عام ، وافقت على ذلك وذهبت ذليلا ً مسلماً نفسي برفقة أحد أقاربي من المحبين للعائلة ، الناس هناك إحترموني حقيقة دون الهاربين الأخرين من العشائر والأرياف الذين ابقوهم في الخارج وهم يردحون (غلطة وسويناها ..صدامّ إغفر ) بمعنى لقد أخطأنا يا صدام حسن الرجاء الغفران !! ، كنت صامتاً لم انطق كلمة واحدة ،ولم يسألني حزبياً عن :أ ين كنت ؟؟وكم سنة هربت من الجيش ؟؟ومن أي وحدة عسكرية ؟؟ فقط سألني الرجل الذي يكتب كتاب تسويقي الى الجيش من جديد : أين تريد بغداد أو ديالي ؟؟ قلت له البصرة ، قال لا لدينا معلومات محددة ديالى او بغداد ، في النهاية قلت :ديالى والله كريم ..فقد جربت الهروب من بعقوبة (مركز ديالى ) وسيطراتها عدّة مرات في أوقات سابقة ولي خبرة في ذلك ..!!.
خرجت من فرع سوق الشيوخ لحزب البعث العربي الإشتراكي وقريبي الجندي الوسيم المحبوب (كريم الكحلي ) أو (كريم جخيور البدري ) هو مرافقي وأنا مخفوراً لديه ، بمعنى هو السجان وانا السجين ، سافرنا في نفس الليلة الى بغداد ثم الى بعقوبة - ديالى،كانت وجهتنا ( مدرسة إدارة فرقة قتال المشاة 16 ) ،وصلنا ضحى اليوم التالي ،وبلا أي اهتمام من الحراس الكسالى هناك دخلنا باب نظام تلك المدرسة حيث الإشارة التي وجهتنا الى (القلم ) يعني (الإدارة او المكتب ) ، وحال قراءة النائب ضابط مسؤول المكتب للكتاب الذي كان بحوزتنا حتى أخذنا مرتبكاً الى (الآمر ) الضابط الذي قال لقريبي كريم بلا أي ترحيب ارجع الى أهلك أو وحدتك ،فقد وصلت الأمانة ،هو لدينا الأن الله ما يطلعه بعد ..!!.
وخلال دقائق معدودة وجدت نفسي سجيناً في غرفة قذرة ،وحين حاولت الإستفهام بهدوء معتاد تعلمته حين أتعرض الى مصيبة محدقة ،قال حارس السجن ، ياعفوّ ياعدنان خيرالله ، العفو (لغوه عيوني ) وعرفت ذلك ان الرئيس القائد ألغى عفو وزير الدفاع ، وبالتالي كل الذين سلموا أنفسهم سوف يحاكمون أو يرسلون الى جبهات القتال ، والأمر برمّته هو خديعة لا أكثر ولا أقل لأن اعداد الهاربين وصلت معدلات كبيرة وغير متوقعة ..!! المهم أنا أكلت الفخ أو حقيقة أكلت أكثر من ذلك .
وبعد تسفيرات وإهانات خفيفة ومذلات تم إجراء محاكمتي خلال دقائق ،الحكم الأول كان الإعدام ،ثم الحكم الثاني السجن المؤبد ، والثالث عشرين سنة مع الأشغال الشاقة ،والقاضي عسكري برتبة لواء يدخن سيكارة ( سومر الطويلة – سنّ طويل ) ومحامي الدفاع نقيب كان يحلُ مسابقة كلمات متقاطعة في إحدى الصحف التي تصفق للحرب وقائدها، وكل تخفيضات الأحكام تلك جرت وفقاً لقرارات رئيس مجلس قيادة الثورة والقائد العام للقوات المسلحة .
بعد يومين تأسف لي ضابط السجن الصغير الذي كنت فيه وهو (وحدة رعاية الخيول العسكرية ) فقد كنت مسجوناً في إسطبل صغير ، حيث تم نقلي الى سجن إعادة تأهيل الهاربين ، وهو سجن عظيم يتألف من عشرات القاعات الطويلة العريضة المبنية في العهد البريطاني كوحدات للعسكر الإنكليز وسعته اكثر من الف سجين او هارب من ذوي السوابق والأحكام الثقيلة ،في طابور الإنتظار وهم يوزعوننا على تلك القاعات كان يتم تفتيشنا تماماً ، تفتيش كل شيء دون حفظ ولا آمانات ، بل مصادرات للأموال والجواهر والساعات مع رفسات او ( جلاليق) لكل سجين ، وصل دوري ، فتشني الحارس الشاب المبتسم لي ، ثم تصفح محفظتي، كنت أحتفظ بصورة لأميّ في شبابها وصورتها وهي جميلة وسافرة الوجه دون حجاب ، قائلاً بعصبية : هل هذه قحبتك ؟؟ فوجئت بسؤاله السوقي وبلا تفكير قلت له : هذه خالتك ، فأنهال الحارس عليّ بالصفعات واللكمات ثم سحبني زملاؤه وتسلوا بإهانتي بكل أنواع الشتائم العراقية والركلات ، ثم وضعوني في غرفة كونكريتيه مظلمة لمدة يومين ، وكل ليل يأتون ،يمنحون الشتائم والبصقات والرفسات والركلات ..!!
كان معي في نفس السجن الشاعر العراقي أجود مجبل لمدة اكثر من عام وكان شاهدا على ما جرى وقد تعرض هو الآخر الى ما هو ابشع ، وحين اكتب هذا كي أقول لكل عراقي عاشورائه..، هذا عاشورائي ، وهذه دعوة لكل العراقيين ان يكتبوا عاشورائاتهم..كي نتخلص من الحزن ونبدأ بالحياة .



#واصف_شنون (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وطنية بلا رتوش
- الجليد لايليقَ بك ِ
- الباكستانية ملالة يوسفزي:الطفولة تكافح الظلام
- رجل ٌ قليل وإمرأة ٌ كثيرة
- كيف للآخر أن يفهم الإسلام وتعالميه ؟
- المالكيون في العراق :خلطة ديمقراطية فاشية- دينية عشائرية عنص ...
- عدو الله أم صديق الله أم خراب البصرة ..!!؟؟
- مفارقات الشيخة القطرية موزة المسند
- سوريا والعراق محنة التاريخ والمصير
- أوراقنا العتيقة وإلى الوراء درّ...
- النضال والرفاهية و14 تموز
- التقديس الأعمى
- الهويات القاتلة..مع سبق الإصرار
- العراق : الأسوأ بماذا بعد ؟؟
- نصرة المذهب أم دولة القانون والحياة؟؟
- منتوج سلطوي عراقي: عزتْ الدوري ونوري المالكي
- لابد من مفهوم جديد للتعددية الثقافية..!!
- التوأم : الفساد والإرهاب
- شكوك وأقوال ..عن الإنحدار..!!
- العنف العراقي ..وإيمو الحسين !!


المزيد.....




- المرصد السوري: نحو 105 آلاف شخص قتلوا تحت التعذيب بالسجون خل ...
- تونس: المفوضية الأوروبية تعتزم وضع شروط صارمة لاحترام حقوق ا ...
- وسط جثث مبتورة الأطراف ومقطوعة الرؤوس... سوريون يبحثون عن أق ...
- مسئول بالأونروا: ظروف العمل في غزة مروعة.. ونعمل تحت ضغوط لا ...
- جمعية الإغاثة الطبية بغزة: أكثر من 70% من سكان القطاع بلا مأ ...
- -حفلات يومية-.. ممارسات تعذيب -احترافية- في مراكز الاحتجاز ا ...
- الأمم المتحدة تبحث وقفا -غير مشروط- لإطلاق النار في غزة
- أردني محرر من سجون سوريا يروي معاناة 26 عامًا من الاعتقال وي ...
- هآرتس: وفاة 4 فلسطينيين تحت التعذيب بإسرائيل منذ أكتوبر 2023 ...
- وصفتها بالمتسرعة.. برلين ترفض مطالب بإعادة اللاجئين السوريين ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - واصف شنون - لكل عراقي عاشوراء :سيرة حزن من أجل الحياة