|
ماذا يجرى خلف الستار فى الحرب الخفية بين ايران واسرائيل؟
حمدى السعيد سالم
الحوار المتمدن-العدد: 3914 - 2012 / 11 / 17 - 01:49
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نشرت صحيفة واشنطن بوست الأميركية تقريرا لجوبي فاريك يقول فيه إن تفجير الحافلة البلغارية التي تقل سياحا إسرائيليين، أثار مخاوف من مرحلة دموية جديدة في "الحرب السرية الطويلة" بين إيران وإسرائيل، مع ما يبدو من حلول المدنيين العاديين محل الدبلوماسيين كأهداف رئيسية....وأوضح التقرير أن المسؤولين الأميركيين والإسرائيليين أشاروا إلى أوجه الشبه بين هجوم بلغاريا وثلاث عمليات أجهضت مؤخرا كانت أيضا تستهدف مدنيين وتتضمن جميعها خطة واحدة تقريبا بقتل الإسرائيليين الذين يقضون إجازاتهم في قبرص... ورغم أن هوية المفجر في بلغاريا لا تزال غير واضحة، فإن المحاولات السابقة تم ربطها بإيران وحزب الله اللبناني...وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل تفجير بلغاريا، كان ضباط المخابرات يرون إشارات على تصاعد خطير لما ظل حتى وقت قريب حملات استهداف ورد سرية بين إيران وإسرائيل تستهدف الدبلوماسيين والعلماء النوويين داخل إيران...ففي مطلع هذا الشهر اعتقلت السلطات الكينية إيرانيين لعلاقتهما بخطة لتفجير عدة مصالح غربية وإسرائيلية في تلك البلاد. وتعرفت كينيا على المتهمين باعتبارهما أعضاء في وحدة عسكرية إيرانية من قوات النخبة، وقد حملا معهما متفجرات شديدة الانفجار من نوع آر.دي.إكس يزيد وزنها على 220 رطلا، وهي كمية تكفي لتدمير فندق كبير...وفي سلسلة من العمليات التي رُبطت بإيران خلال الأشهر الماضية، تم استهداف دبلوماسيين وسفارات. وتورط إيرانيون وأعضاء في حزب الله في محاولات اغتيال إسرائيليين وأميركيين وسعوديين في خمس دول... وفي واحدة من العمليات، قيل إن الإيرانيين سعوا لاستئجار أفراد عصابة مكسيكية في خطة تم إفشالها لقتل سفير السعودية لدى واشنطن...بعد ذلك توقفت الهجمات لعدة أشهر خلال الربيع، وهي هدنة تزامنت مع التحضيرات للمحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة وخمسة من كبار دول العالم. لكن وعندما تعثرت هذه المحادثات، ظهرت عمليات جديدة تستهدف المدنيين هذه المرة بشكل رئيسي...وأشار فاريك إلى أن الخبير في مكافحة الإرهاب الباحث الإسرائيلي بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ماثيو ليفيت الذي يعدّ حاليا كتابا حول "الإرهاب الذي يرعاه حزب الله"، قال إن المؤامرات الجديدة تشير إلى نقلة تكتيكية من قبل إيران تتضمن تصعيدا متعمدا وفي نفس الوقت إقرارا بصعوبة استهداف السفارات والمنشآت الأخرى المحمية بكثافة...يقول ليفيت "إنهم يطاردون الأهداف الأكثر سهولة"...ورغم أن إسرائيل لم تكشف عن الأدلة التي تجعلها تتهم إيران وحزب الله، ظل المسؤولون الإسرائيليون يتحدثون وكأن تورطهما تحصيل حاصل، فقد ذهب أحد كبار المسؤولين عن شؤون الدفاع وهو عوزي أراد إلى القول "إننا في حرب ضد إيران.. نحن الطرف المبادر.. نحن لا ننفذ ردود أفعال.. كل شخص له عينان يفهم أن ما جرى هو ما ظل يحدث وما سيستمر في المستقبل"...وقالت إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما إنها ستستمر في استخدام حزمة من التدابير لإرغام إيران على الكف عن طموحاتها النووية...... كما تعهدت بمعاقبة المسؤول عن مقتل الإسرائيليين في بلغاريا...
كعادة إيران حينما تستشعر أن الخناق أحكمت عليها فإنها سرعان ما تدعوا إلى الحوار بشأن برنامجها النووي؛ وذلك إدراكاً منها من ذلك الفخ الذي دبر ضدها من قبل كل من إسرائيل وأمريكا وبريطانيا... وقد استقبلت تلك الدعوة للحوار من قبل واشنطن وبريطانيا بالترحيب الممزوج بالريبة من نوايا إيران، وتخوفاً من جانب إسرائيل التي اعتبرتها بمثابة حيلة من جانب إيران للمراوغة لاستئناف برنامجها النووي...مما لاشك فيه ان هناك حربا سرية غير معلنة تخوضها كل من إسرائيل وأمريكا فضلا عن بريطانيا ضد إيران من أجل تطويق قدراتها النووية...من خلال إلحاق تهم الإرهاب بها كورقة ضغط في إطار الحرب النفسية التي تستهدفها، و إثبات أنه ليست فقط إسرائيل المستهدفة من الإرهاب الإيراني المزعوم بل الأسرة الدولية برمتها، من خلال إلحاق تهم خاصة بعلاقتها بتنظيم القاعدة يبرر القلق الدولي من أن تلك القدرات النووية سوف توظف لصالح عمليات إرهابية ضد المصالح الغربية وفى مقدمتهم الدول الثلاث سالفة الذكر.... وتأكيداً على ذلك قامت الولايات المتحدة بفرض عقوبات على وزارة الاستخبارات الإيرانية بعد اتهامها بدعم تنظيم القاعدة والنظام السوري؛ ودعت الأوروبيين إلى استبعاد طهران من هيئة (سويفت) المالية، وهي هيئة تعاونية دولية تتيح وفق موقعها الالكتروني لأكثر من 9700 مؤسسة مالية إبرام الصفقات المالية بسرعة.... وتشرف على هذه الهيئة مباشرة عشرة مصارف مركزية بينها الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي..... والتي تستفيد منها المصارف الإيرانية التي تتهمها الولايات المتحدة بالمساهمة في البرنامج النووي الإيراني.... وعلى الرغم من أن حرمان إيران من خدمات سويفت يمكن أن يؤدى إلى منعها من الحصول على سيولة مالية لكنه يمكن أن يسبب في الوقت نفسه صدمة للنظام المالي العالمي في الأزمة الاقتصادية العالمية الناجمة عن أزمة الديون في منطقة اليورو....ولكن ايران لاتستسلم بسهولة لذلك قالت مصادر مسؤولة في صناعة النفط وبيانات النقل البحري إن إيران تستخدم ميناءا غير معروف قبالة ساحل ماليزيا الشرقي لإخفاء الملايين من براميل النفط بعيدا عن العقوبات الغربية....
وكشف مسح تحركات السفن أن النفط الإيراني يجري شحنه إلى المنطقة وتحميله على سفن فارغة ليلا في انتظار مشترين آسيويين محتملين.... ويعني تخزين النفط على ناقلات مستأجرة تعمل تحت مظلة علم بنما في المياه الهادئة قبالة ميناء لابوان الذي يتميز بأنه ملاذ آمن من الضرائب أن ايران يمكنها الحفاظ على نشاط أسطولها وضمان استمرار تدفق عائدات النفط على اقتصادها المثقل بالمتاعب....وتم بهذه الطريق تفريغ ناقلتي نفط اثنتين على الأقل في الأسابيع الأخيرة ، وتبحر بضع ناقلات ايرانية أخرى صوب آسيا وذلك وفقا لما ورد في نشرة رويترز فريت فندمنتالز التي تتابع تحركات اسطول الناقلات العالمي... وقالت النشرة ان احداهما اتجهت نحو ميناء صيني وتبحر ثلاث ناقلات أخرى تحمل ما يصل الى 6 ملايين برميل من الخام او زيت الوقود صوب وجهات غير معروفة...وقال مصدر صناعي مطلع على خطط ايران طلب عدم ذكر اسمه بسبب حساسية المسألة إن ايران تريد نقل المزيد من النفط إلى ما يعتبر فعليا مستودع تخزين متحرك قبالة ساحل ماليزيا خلال الأشهر القليلة القادمة... لكنها تسعى جاهدة لإيجاد مالكي سفن مستعدين لعرض سفنهم للقيام بمهام التخزين....ومع ان نقل النفط في جنج الليل في بحر الصين الجنوبي غير مشروع فإنه يفسر المدى الذي يمكن أن تصل إليه ايران للاستمرار في تصدير نفطها لتفادي العقوبات الغربية التي ترمي الى الضغط على ايران بسبب الاشتباه في سعيها لاكتساب اسلحة نووية....وكانت دول الاتحاد الأوروبي بايعاز من اسرائيل وامريكا وكخطوة من خطوات الحرب السرية قد فرضت حظرا على تصدير النفط الايراني او منتجات تكريره....وينطوي التعامل مع قطاع النفط في ايران على مخاطر على السمعة وأخرى مالية وخطر فقدان التغطية التأمينية!!!..ويقع ميناء لابوان على بعد أقل من 10 كيلومترات من ساحل بورنيو وهو محمي من الأعاصير ويجري في العادة استخدامه مربضا لوقوف السفن غير المطلوبة إلا لتخزين نفط باهظ التكلفة... ويقول مطلعون في قطاع النفط ان هذا يجعله مكانا مثاليا لمزج النفط أو إعادة تسميته بوصفه نفطا غير إيراني واعادة بيعه تحت ناظري القائمين على تنفيذ العقوبات في واشنطن أو بروكسل...وقال مصدر مطلع في سنغافورة "لابوان تشبه أرضا لا صاحب لها.... ولا داعي إلى إيلاء اهتمام إلى لابوان"....وقالت شركة التأمين على إحدى سفن التخزين التي نقلت نفطا من ناقلة ايرانية أن الحكومة البريطانية أحاطتها علما بالأمر وأنها تتحرى للوقوف على الحقيقة...وقد قامت ايران مع انحسار عدد زبائنها بخفض انتاجها من النفط إلى النصف تقريبا... وتعني خطة لابوان ان ايران يمكنها استخدام ناقلاتها في نقل نفطها لا في تخزينه... وفي أبريل قالت مصادر في قطاع النقل البحري ان أكثر من نصف اسطول الناقلات الايراني يرسو في الخليج حاملا نحو 33 مليون برميل من النفط أو ما قيمته نحو ثلاثة مليارات دولار باسعار اليوم...
من ناحية اخرى لقد كان اختيار أمير إيشيل قائدا للسلاح الجوى الاسرائيلى، وهو من ترشيح رئيس الأركان بينى غانتس له دلالة هامة لميوله الرافضة لضرب إيران، خير دليلاً على تفضيل خوض تلك الحرب السرية، مع تكثيف نوعية العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها حتى تكون موجعة ومؤثرة!!... إسرائيل قامت بتوظيف تلك بعض ردود الافعال الايرانية في إطار حملتها السياسية ضد إيران، حيث تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن مرحلة جديدة من الحرب الباردة بين تل أبيب وطهران... ومن ثم يجب عدم اعتبار تلك الردود والتحركات من جانب الدول الثلاث بشأن إيران بأنها أمراً واقعاً ومسلماً به، حيث أن لتلك الحرب السرية إستراتيجية وتحركات محسوبة، أثبتت إسرائيل تفوقها على إيران وتحالفها الشيعي، والتي جاءت كبديل ممكن للمواجهة العسكرية المباشرة بين الدولتين نتيجة لـ"توازن الرعب" الذي صار يقينا داخل الفكر الاستراتيجي الإسرائيلي.... وقد نتج عن ذلك إدراكاً إسرائيلياً بأن تعطيل المشروع النووي الإيراني وليس خوض مواجهة عسكرية مباشرة سوف يحقق لإسرائيل أهدافها المنشودة، بحيث تكون خسائرها في أضيق الحدود، وذلك يتطلب تفعيل أدوات الحرب الاستخبارية والتي تتضمن حملة اغتيالات لعلماء إيرانيين على صلة بالبرنامج النووي، وقصف وهجمات إلكترونية سرية بهدف تصفية كوادرها النووية وتخريب برنامجها النووي ...الحرب السرية في حد ذاتها ليست بالطبع بالأمر الجديد.... فعلى مدى عشرات السنين كافحت وكالات الاستخبارات الأجنبية لمنع إيران ودول أخرى من الحصول على مواد نووية، بينما عمدت كل من إيران وإسرائيل منذ فترة طويلة إلى وخز الأخرى في ساحات حرب بالوكالة لا سيما لبنان والأراضي الفلسطينية....ويعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة وإسرائيل استخدمتا فيروس الكومبيوتر «ستوكس نت» لاستهداف أجهزة الطرد المركزي النووي الإيرانية. كما يعتقد أغلب الخبراء أن الموساد الإسرائيلي ضالع في عمليات اغتيال لعدد من العلماء النوويين، وأن هذه العمليات أدت إلى هجمات متشابهة بالقنابل على دبلوماسيين إسرائيليين في الهند وجورجيا وتايلاند، وعلى سياح إسرائيليين في بلغاريا....ومن المعتقد منذ فترة طويلة أن إيران تخصص موارد لبرنامج لصناعة الطائرات من دون طيار، وربما تكون قد حصلت على معلومات مفيدة بعد سقوط طائرة أميركية متطورة من دون طيار من طراز «سنتينل» على أراضيها العام الماضي. ورغم أن طائرة حزب الله لم تكن مزودة بأسلحة فقد يكون من الصعب منع هجوم بعدة طائرات محملة بالمتفجرات....«المشكلة أن هذه أشكال سرية من الحرب نادرا ما تناقش علانية، هذا إذا نوقشت.... ومع ذلك فإن عواقبها قد تكون هائلة»... وفي غياب المفاوضات المباشرة فإن مثل هذه الأفعال يمكن أيضا أن تصبح أداة دبلوماسية!!...لذلك دب القلق في نفوس البعض في الولايات المتحدة بسبب الزيادة الكبيرة هذا العام في الهجمات الإلكترونية التي يعتقد أن منشأها إيران... ورغم أن الهجمات على بنوك أميركية، والتي يعتقد أنها جاءت ردا على العقوبات الأميركية ومحاولات فصل إيران عن النظام المالي العالمي، كانت بسيطة نسبيا فإن الهجمات على حلفاء الولايات المتحدة كانت أكثر تطورا...
رد الفعل الإيراني على تلك الحرب السرية كان محدودا وكان من بينه نجاح إيران في إسقاط طائرة التجسس الأمريكية التي تعمل بدون طيار، من طراز 071-QR، حيث يعد السيطرة الإيرانية عليها دون إلحاق أضراراً بالغة بها إنجازاً استخباراتياً للإيرانيين، ثم سقوط العميل الأمريكي يوم 18/12/ 2011 الذي قيل أنه عنصر في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي أي) كانت مهمته اختراق وزارة الاستخبارات الإيرانية.... وقد التزم الموقف الرسمي الإسرائيلي تجاه تلك الاغتيالات بعدم التأكيد أو النفي على الرغم من بعض التصريحات الضمنية التي عبرت عن حالة من الرضا تجاه تلك الأحداث، وذلك على عكس موقف وسائل الإعلام الإسرائيلية التي رأت أن تلك الحوادث تجسيدا للحرب الإسرائيلية على إيران. وفى الوقت نفسه نفت واشنطن على لسان هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الأمريكية مسئوليته بلادها عن ضلوع بلادها في تلك الحرب السرية الموجهة ضد إيران....لذلك جاءت الاعتداءات الأخيرة على السفارات الإسرائيلية كرد فعل من إيران لردع إسرائيل عن مواصلة تلك الحرب السرية ضد برنامجها النووي؟ ... وعلى افتراض صحة الاتهامات الإسرائيلية التي جاءت بعد دقائق فقط من وقوع التفجيرات على لسان رئيس الحكومة، وفى تلك الحالة فإنه يوجد إخفاقات متبادلة من جانب كل من إيران وحزب الله - الذي قيل أنه أراد أن ينتقم من مقتل القائد عماد مغنية خاصة وأن تلك الحوادث جاءت في الذكرى السنوية لمقتله في 12 فبراير من عام 2008، أي قبل أربع سنوات - في إلحاق أضراراً بالمصالح الإسرائيلية تعادل الخسائر التي لحقت بهما.... بما يعنى فشل إيران في إدارتها لتلك الحرب السرية.... إلا أنه يوجد أراء ترى أن محدودية الأهداف كانت مقصودة من قبل إيران وحزب الله، ويراد بها مجرد إنذار إسرائيل لردعها عن عمليات الاغتيال التي تستهدف علمائها وإنذارها بأن القادم سوف يكون أشد وأخطر، وربما يكون مماثلا لما حدث في تفجير مبنى الجالية اليهودية في بيونس آيرس في عام 1994 ، والذي قتل فيه خمسة وثمانون شخصا، فضلا عن الهجوم على سفارة إسرائيل في تلك المدينة قبل ذلك بعامين وأودى بحياة أكثر من عشرين شخصاً.... فضلا عن كونها إنذاراً لردع الغرب عن توجيه ضربة عسكرية ضد منشئاتها النووية من خلال الإظهار للعالم بأن تنظيمها الشيعي ومنظماته المتحالفة مع إيران عبر العالم لديها القدرة على إصابة أهدافاً عديدة ليست فقط ضد إسرائيل بل ضد المصالح الأمريكية والأوروبية..... أما بالنسبة لإسرائيل وفقاً لذلك الاحتمال فقد أخفقت هي الأخرى في ردع تلك الاعتداءات بما يعد بمثابة قصوراًُ في عمل الاستخبارات الإسرائيلية المتمثلة بالشاباك والموساد وأمان (شعبة الاستخبارات) .... الغريب فى الامر اننا اذا إذا افترضنا تورط إيران وحزب الله في تلك الأعمال، فهل يمكن اعتبارها بمثابة خطوة هامة يمكن أن تساهم في ردع إسرائيل عن مواصلة اغتيال العلماء الإيرانيين، أم أنها ستعطى لإسرائيل مبرراً لمواصلة إعتداءتها بذريعة ردع الإرهاب الإيراني؟...
حادث محاولة اغتيال السفير السعودي في واشنطن عادل الجبير، والتي أعتبرها الكثيرين من المحللين بمثابة محاولة أمريكية لتضيق الخناق على إيران من جانب دول الخليج وفى مقدمتهم السعودية، واتهامها بدعم الإرهاب..... ومن بين المؤشرات التي ترجح من احتمال ضلوع أجهزة المخابرات الإسرائيلية في تلك العمليات، فمن ناحية وقوع تلك الاعتداءات في بلدان ذات علاقات جيدة بإيران، وهى في أمس الحاجة لتوطيد علاقتها بها، خاصة مع الضغوط الاقتصادية التي تواجهها من أثر العقوبات المفروضة عليها..... فبالنسبة للهند تعد العلاقات التجارية معها ركيزة حيوية تدعم الجبهة الداخلية الاقتصادية لإيران، خاصة مع تصاعد العقوبات المفروضة عليها؛ حيث تعد الهند مستوردة النفط الإيراني الأكبر في العالم..... ومن ثم لا يعقل أن تفتح إيران أبواب عداوة مع تلك الدولة في ذلك التوقيت، وبالطبع سيصب ذلك في مصالح إسرائيل التي تريد عزل إيران دوليا، وقد أشارت بشكل ضمني إلى ذلك صحيفة "جيروزالم بوست" بأن "إسرائيل ستحاول استغلال موجة الهجمات تلك لمصلحتها، وخاصة للحصول على الدعم الدولي ضد البرنامج النووي الإيراني".... يمكن القول أنه ربما أرادت إسرائيل من تلك الحوادث المتفرقة غير الموجعة لمصالحها تحقيق مأرب عدة فمن ناحية توتير تلك العلاقات ما بين تلك الدول وإيران ومن ناحية أخرى الاستفادة منها داخلياً لزيادة الذرائع الأمنية التي يستطيع من خلالها الائتلاف الحاكم اليميني المتطرف أن يتحايل ويضلل الشعب الإسرائيلي من أجل توطيد ركائز ذلك الائتلاف المستند على الفزاعة الأمنية ومن ثم عدم الالتزام بتطبيق توصيات لجنة تراختبرغ لمعالجة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تسببت في اندلاع الاحتجاجات الشعبية التي عمت أرجاء إسرائيل في صيف العام الماضي، خاصة مع وجود مخاوف من تجددها نظراً لاستمرار الأسباب التي أدت لإندلاعها دون معالجة جذرية لها، والاكتفاء بوضع المسكنات والحلول الشكلية لمشاكل متأزمة في البلاد..... كما أنه يمكن اعتبار تلك الاعتداءات بمثابة ضربة استباقية من جانب إسرائيل لردع ضربة كانت متوقعة وعلى وشك الحدوث أدركتها المخابرات الإسرائيلية من جانب إيران كانت تستهدف أهدافاً إسرائيلية ربما تكون أكثر دقة مما حدث في تلك البلدان.... وقد سبق وحذر رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال "بيني غانتس" قبل حدوث تلك العمليات بشهر حزب الله من اختبار قدرة "إسرائيل" بارتكاب هجوم ضد أهداف إسرائيلية في الخارج....
كما أن إيران ليست من السذاجة التي تجند أشخاصاً يحملون أوراقا رسمية تثبت تورطهم في تلك الأحداث، فلدى إيران الكثير من العملاء من جنسيات أخرى، كما أنه ليس عجيباً ًأن يكون هناك إيرانيين عملاء للمخابرات الإسرائيلية.... كما أن الاتهام المزدوج لكل من حزب الله وإيران له دلالاته وهو التأكيد على أن تطويق برنامج إيران النووي لا يمكن أن ينجز بمعزل عن تطويق القدرات الصاروخية لحزب الله، وأن صواريخ حزب الله في لبنان جزء لا ينفصل عن الجهد الإيراني لإحراز سلاح ذري ومن ثم يجب أن يكون إبطال تهديد هذه الصواريخ جزءاً من الإستراتيجية التي تستهدف تطويق وردع إيران نووياً....لذلك ارى أن المخابرات الإسرائيلية هي المسئولة عن تلك الاعتداءات لأن إسرائيل تسير بخطى متقدمة في الحرب السرية الخفية من أجل ردع إيران نووياً، وهل إيران وحزب الله سيتجاهلان تلك التهديدات الإسرائيلية خاصة في ضوء التلبد في غيوم المشهد الثوري السوري، والذي يعقد من سيناريوهات الانفراج، والتي تستوجب من إيران وتنظيماتها الشيعية عبر العالم أن تكون في كامل الاستعداد لتوظيف العديد من الأوراق التي مازالت في حوزة إيران ولم يتم تفعيلها بعد، منتظرة ساعة الصفر لانطلاقها والتي ترتبط بشكل وثيق بتضييق الخناق على النظام السوري، واحتمالات تخلى روسيا والصين عنه في حالة تقديم واشنطن ودول الخليج صفقة رابحة لهما، هذا في الوقت الذي لا يبدوا في الأفق القريب أي تحركا فعالاً من جانب الدول العربية لتحتل مكان الصدارة في معالجة الأزمة السورية....فمن هجوم جوي على مصنع سوداني وجهت أصابع الاتهام فيه إلى إسرائيل، إلى الحرب الإلكترونية عبر أثير الإنترنت في الخليج وإسقاط طائرة من دون طيار في إسرائيل، يبدو أن وطيس الحرب السرية بين إيران وخصومها يشتد وينتشر!!!..إدارة أوباما وإسرائيل وجهتا موارد للعمليات السرية في حملة يبدو أنها تحفز إيران بشكل متزايد على الرد بالمثل....لذلك تم إسقاط طائرة من دون طيار أطلقها حزب الله اللبناني فوق إسرائيل، وكلها أساليب وأدوات كانت في وقت من الأوقات حكرا على الولايات المتحدة، لكن الشواهد تؤكد الآن أن جميع الأطراف تستخدمها، حسب «رويترز».... بل إن البعض يعتقد أن تزايد الخسائر البشرية في سوريا يمثل في جانب منه إحدى عواقب حرب بالوكالة تجري وقائعها على الأراضي السورية...وتقول حياة ألفي، المحاضرة في الشؤون السياسية للشرق الأوسط بكلية الحرب البحرية الأميركية « نواحى عديدة تذكرنا بالحرب الباردة خصوصا الصراعات بالوكالة»... وتضيف «لكن على نقيض ما كان يحدث في الحرب الباردة هناك الآن عدد أكبر كثيرا من أساليب الحرب المتباينة، وأغلب هذا يحدث خلف الستار، لكن في العالم الحديث نجد صعوبة في إبقائها طي الكتمان لمدة طويلة»....مما لاشك فيه أن ردع إيران نووياً ليس من الأمور السهلة، على الرغم من دقة السيناريوهات والحيل التي تحيكها إسرائيل بالتعاون مع واشنطن وبريطانيا في تلك الحرب السرية....
حمدى السعيد سالم
#حمدى_السعيد_سالم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تقرير استراتيجى عن الدور الامريكى بعد نجاح اوباما
-
الشريعة هى «قميص عثمان» الذي يتم استخدامه لتبرير العنف الدين
...
-
الشذوذ السياسى هو مشروع الصرف الصحى الاخوانى
-
الفن والابداع فى زمن الاخوان
-
شبكة التوريث والمصالح العائلية الاخوانية تحكم مصر
-
واحد عضنا
-
حروب المنطقة واضطراباتها وتغييراتها بدأت بميلاد قناة الجزيرة
-
الجزيرة والرقص مع جماعة الخرفان المسلمين
-
الخيانة اخوانية
-
مصطلح التغيير هو (الأخونة) مخطئ من ظن يوما أن للاخوان دينا
-
أنت متحرش ... اذا أنت حيوان
-
هل تنتبه القوى السياسية المصرية لما يجري على حدودنا؟
-
الدستور باطل وغير شرعي ومصيره الحتمي السقوط
-
17سبب تجعلنى ارفض الدستور الجديد
-
مرسى والاخوان اوجعتهم الحقيقة
-
يسألونك عن الثورة( قل : الوطن او الموت)
-
الافعى الاخوانية تسعى لكى تنهار الدولة مدنيا وتقوى اخوانيا
-
روسيا وسوريا خير مثال على ان الطبيعة هى التى تحكم
-
ثقافة طبق الفول وحمير الاخوان
-
مريم المقدسة
المزيد.....
-
أثناء إحاطة مباشرة.. مسؤولة روسية تتلقى اتصالًا يأمرها بعدم
...
-
الأردن يدعو لتطبيق قرار محكمة الجنايات
-
تحذير من هجمات إسرائيلية مباشرة على العراق
-
بوتين: استخدام العدو لأسلحة بعيدة المدى لا يمكن أن يؤثرعلى م
...
-
موسكو تدعو لإدانة أعمال إجرامية لكييف كاستهداف المنشآت النوو
...
-
بوتين: الولايات المتحدة دمرت نظام الأمن الدولي وتدفع نحو صرا
...
-
شاهد.. لقاء أطول فتاة في العالم بأقصر فتاة في العالم
-
الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ باليستي قرب البحر الميت أ
...
-
بوتين: واشنطن ارتكبت خطأ بتدمير معاهدة الحد من الصواريخ المت
...
-
بوتين: روسيا مستعدة لأي تطورات ودائما سيكون هناك رد
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|