منير حداد
الحوار المتمدن-العدد: 3912 - 2012 / 11 / 15 - 23:38
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
شمالي القلب ومركزه
جناحا اليوتوبيا العراقية
القاضي منير حداد
بنى نيكوس كازانتزاكي روايته العظيمة (الاخوة الاعداء) على فكرة الاحتراب بين ابناء الوطن الواحد، التي يفيد منها اعداء الوطن، حينها اختزل الاخوة على العدو مغبة الدخول في حرب ضدهم، كي يدمرهم، من خلال تدمير بعضهم لمكمله على ارض الوطن الواحد.
تلك الرواية تحاصرني وانا اطلع عن كثب على ما يجري بين نصفي القلب.. الشمالي والمركزي.. تصاعد التوترات بين العراقيين عربا وكردا لن يفيد احدا الا العدو.
التفاهم لا تنازل فيه، والاخ ان تخلى لاخيه عما يناجزه بشأنه فليس تنازلا مهينا، قدر ما هو ترفع مهيب عن الوقوع في ورطة: (اذا رميت يصيبني سهمي) وقول العامة من الناس في المثل الشعبي: (بيك بيك) وقول الشاعر: (وهل انا الا من غزية ان غوت.. غويت وان ترشد غزية ارشد).
لا فكاك.. التوتر اذا تصاعد ينقلنا من نطاق التأملات المدروسة، الى الحماقات الهوجاء، التي لا يفيد معها عقل العقلاء: ايش يفيدك عقلك اذا تسودنت الناس!؟
التشنجات المفتعلة بين الحكومة المركزية وحكومة اقليم كردستان، من دون اسباب واضحة، لن يخسر فيها سوى العراق، ولن يربح سوى اعدائه.
واعداء العراق يتوزعون بين بعثيين وقاعدة وتكفيريين وسلفيين ودول تتضرر اقتصاديا من استثمار العراق لكامل طاقة ثرواته وموقعه الجغرافي والعقول الاقتصادية المتألقة فيه برغم الحروب والتركيبة الاجتماعية المعقدة والحصار الذي جف له الضرع ومات الزرع وشاه ابناء العراق شتاتا في العالم وزج صدام بمن تبقى في المعتقلات.
اما كفانا احتقانات بعد ان عاد الوطن الينا، انتشلناه من اظافر الطاغية، ورحنا نشرح جثته احترابا من حولها.. فلنعمل على احياء جثة الوطن المحتضر، بدل افتعال الازمات.
الكرد ليسوا معصومين؛ فكل ابن انثى خطاء وخير الخطائين التوابون، لكن العتاب اولا وآخر على الحكومة المركزية التي يجب ان تتفهم حجم الاثار الغائرة في الوجدان الكردي وتحتويه.
كيف تحتويه، هذا السؤال يجب ان تسأله الحكومة المركزية لنفسها سرا بينها وربها، هو مولى الجميع، على هديه فليتوكلون، عملا بالاية القرآنية الكريمة: "وادفع بالتي هي احسن؛ فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم".
لم يبلغ التشنج حد العداوة، بين المركز والاقليم، لكنه على أهبة ان يذهب بعيدا الى اقصى احتمال يخطر على البال؛ اذا لم نحتكم الى منطق العقل في التفريج عن الاحتقانات.
نحاصر نقاط الخلاف، داخل العراق؛ (اذا ابتليتم فاستتروا) ولا بلوى اكبر من انقطاع الحوار بين انسان وانسان، فكيف بشركاء المصير الملزمون ببعضهم شاؤا ام ابوا.
حصر الاشكالات داخل العراق من دون السماح لجهة خارجية بالتدخل، يقينا تنفيذ ارادة الاخرين الذين ينتفعون من حرائق تلتهم خيرنا وتحيل ربيعنا.. الذي سبقنا الآخرين اليه.. خريفا.
وعيونك الصيف وعيوني الشتي.
#منير_حداد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟