هل الزواج السبيل الوحيد الى السعادة ؟

مجدى زكريا

الحوار المتمدن-العدد: 3912 - 2012 / 11 / 15 - 19:38
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    

هل يعلم الكتاب المقدس ان المرء لن ينعم بالسعادة والاكتفاء مالم يتزوج ؟ قد تظن للوهلة الاولى ان كلمة الله تدعم هذه الفكرة.
فبحسب رواية سفر التكوين, رأى الله انه " ليس جيدا " ان يبقى الانسان الاول وحيدا, فصنع حواء " مكملا " له. (تكوين 2 عدد 18) وكلمة مكمل تعنى ما يجعل الشئ او الشخص تاما او غير ناقص. لذلك قد نستنتج ان الشخص يكون ناقصا ان لم يتزوج. بالاضافة الى ذلك, تصور عدد من روايات الكتاب المقدس الزواج مصدرا للبركة والفرح. واحد الامثلة على ذلك هو رواية راعوث.
ولكن هل المقصود من هذه الروايات تعليمنا اليوم اننا لن نشعر بالسعادة والاكتفاء بل بالنقص والحرمان ان لم نتزوج وننجب الاولاد ؟ طبعا لا, فيسوع المسيح, الذى بقى عازبا طيلة حياته على الارض, لم يشعر بأى نقص بل أحس باكتفاء تام. فضلا عن ذلك, كان يسوع, احكم رجل على الاطلاق, الانعكاس التام للاله السعيد القادر على كل شئ (تيموثاوس الاولى 1 عدد 11 : يوحنا 14 عدد 9) وقد اظهر كيف السبيل الى السعادة والبركة فى هذا العالم. (متى 5 من 1 -12) والجدير بالملاحظة انه لم يدرج الزواج بين النقاط التى عددها.
اذا, هل يعنى هذا ان الكتاب المقدس يناقض نفسه فى هذا المجال ؟ قطعا لا, فعلينا ان ننظر الى الزواج على ضوء قصد الله. ففى حين انشأ الله الزواج ليكون مصدرا للفرح والحب والطمأنينة, لعبت هذه المؤسسة فى بعض الاحيان دورا اساسيا فى اتمام جوانب متعلقة بمشيئته. على سبيل المثال, كان قصد الله لادم وحواء ان يثمرا ويكثرا ويملأوا الارض. وبالطبع, لم يكن بمقدور اى منهما ان يتمم قصد الله بمفرده. فقد احتاج واحدهما الاخر وكمل كل منهما شريكه من خلال العلاقة الخصوصية التى جمعت بينهما.
بشكل مماثل, كان لله فى تعاملاته مع امة اسرائيل القديمة مقاصد خصوصية مرتبطة بالزواج والحياة العائلية. فقد اراد ان يتكاثر الشعب كى يصمدوا فى وجه الاعداء. وقصد ايضا ان ينحدر من سبط يهوذا المسيا الذى سيحرر البشر من اثار الخطية والموت. لذا كانت المرأة الامينة فى اسرائيل تعتبر الزواج وانجاب الاولاد امتيازا ثمينا. اما غير المتزوجة او العاقر فشعرت بالخزى والحزن.
وماذا عن اليوم ؟ هل وصية الله القديمة بملء الارض تلزمنا نحن العائشين على هذا الكوكب المكتظ بالسكان ان نتزوج وننجب الاولاد ؟ كلا, (متى 19 من 10 -12) ولا داعى بعد ان يحمى الله السلالة التى كان سيتحدر منها المسيا ولا الامة التى كان سيولد فيها.
فكيف اذا ان ننظر الى الزواج والعزوبة ؟
فى الحقيقة, ان كلتا الحاتين هبتان من الله. ومن المعروف ان الهبة التى تناسب شخصا قد لا تناسب اخر. فالزواج ترتيب مقدس يوفر الحب والرفقة والاستقرار اللازم لتأسيس عائلة. الا ان الكتاب المقدس يذكر بواقعية ان المتزوجين فى هذا العالم الناقص سيكون لهم " ضيق فى جسدهم ", اى انهم سيواجهون الصعوبات والاحمال الثقيلة. اما العزوبة فليست فى نظر الله مصدرا للحزى والحزن. على العكس, فكلمته تذكر ان لها مزاياها الخاصة التى تفوق مزايا الزواج. - كورنثوس الاولى 7.
اذا, يتبنى الكتاب المقدس نظرة متزنة اللى الزواج والعزوبة. فالله, مؤسس الزواج والعائلة, يريد ان تشعر كل خلائقه بالسعادة والاكتفاء سواء كانوا عزابا او متزوجين.

#مجدى_زكريا (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات