|
الاسلام وحقوق والانسان
احمد داؤود
الحوار المتمدن-العدد: 3912 - 2012 / 11 / 15 - 18:00
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الاسلام وحقوق الانسان "1"
يربط المفكرين الاسلامين بين الاسلام وحقوق الانسان،ويزعمون بان الاسلام سبق الانسانية في الاعتراف بحقوق الانسان باربعة عشر قرنا من الزمان ،وينسون او يتناسون بصورة لاشعورية الانتهاكات التي ارتكبها الاسلام والمسلمون ضد الجماعات العرقية والثقافية الاخري بحجة (اخراجهم من الظلمات الي النور) ،ولان تعني حرية العقيدة التي تنصها اعلانات حقوق الانسان حسب مايشير اليه المفكر سامح سعيد في ـ التغيير الاجتماعي ـ اعطاء الحرية لكل انسان لان يعتقد مايشاء ،وان يدافع عنها ويدعوا لها وان يسلك بما تمليه عليه عقيدته في حدود الحريات العامة ،والايضطهد او او يحرم من اي من حقوقه كانسان ومواطن بسبب عقيدته ،نجد الحرية في القفه السائد تتضمن ان يكون غير المسلمين مخيرين دائما بين ثلاثة؛ الاسلام،الجزية ،الحرب،ولايسمح باي حريات في الاعتقاد والعبادة الا لاصحاب الديانات السماوية (الذين يدفعون الجزية) ولايحتلون المناصب والتجنيد في الجيش ،ورغم ان حقوق الانسان تنص علي تمتع الانسان بكافة الحريات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية ،وتوكد ان المواطنة اساس الحقوق والواجبات ،الا ان الامر في الاسلام فهو خلاف ذلك،حيث تكون المواطنة حسب العرق والمعتقد،وينقسم المجتمع الاسلامي الي _مسلمين وغير مسلمين،نساء ورجال _احرار وعبيد_فالمسلمون والاحرار يتربعون علي قمة الهرم السياسي والاجتماعي والاقتصادي في دولة الاسلام ،اما غير المسلمين والعبيد والنساء فلا مكان لهم من الاعراب ،وبينما تنص حقوق الانسان ان حق الحصول علي المناصب السياسية مكفول لكل الناس ـيذهب بعض المسلمين ومنهم الخلفاء الراشدين الذين فضلهم القران وبشرهم بالجنة،يذهبون للقول الي ان قريش احق الناس بخلافة محمد موسس الدين الاسلامي ،ويبررون ذلك حسب ماورد بلسان خليفة المسلمين ابوبكرالصديق _بانهم اهله وعشيريته،وهو مايتناقض كثيرا مع المبادئ والمواثيق الانسانية السامية ،كما ان البعض الاخر يرفض فكرة الخروج علي الحاكم _حتي لو كان ظالما ومستبدا_ بل ان احد خلفاء المسلمين وجامع القران عثمان بن عفان يعلن (بانه لن يخلع ثوبا البسه الله) اي بمعني اخر يرفض التنازل عن الخلافة باي شكل من الاشكال ،ولكن الامر المؤسف حقا هو التمييز الصارخ بين الرجل والمراة ،حيث يناهض بعض المسلمون فكرة تولي المراة للمناصب السيادية ،ويستدلون بحديث رسلولهم القائل (لايفلح قوما ولوا امرهم امراة) ويذهبون للقول الي ان المراة ناقصة دين وعقل ،ويشيرون الي ان الرجال قوامون علي النساء_وفيما يختص بحق الانسان في الحياة والكرامة والتفكير والتعليم والرعاية الصحية والتعبير والتبشير والدعوة فهي حلقة غائبة في التاريخ الاسلامي .
من جانب اخر فان ذات المسلمين يستخدمون ايات الجهاد لاقصاء الاخر المختلف عرقيا ودينيا ،ويعتبرون اليهود والنصاري واهل المعتقدات والاديان الاخري يعتبرونهم كفارا ومشركين ،ويدعون الي ضرورة اراقة دمائهم ،ويوررد التاريخ الاسلامي كيف انتهكت واريقت دماء الامم الاخري بحجة (اعلاء كلمة الله والاسلام)بل ان تهمة الكفر والزندقة شملت حتي المسلمين انفسهم ،فكفرت طوائف وجماعات اسلامية ،واريقت دمائها في عهد الخلفاء الراشدين ،ووصل الي درجة ان تقاتل الخلفاء فيما بينهم رغم وجود نصوص تشير الي انهم مبشرين بالجنة ،وفيما تعلن حقوق الانسان بان الانسان انسان غضا عن عرقه وثقافته ومعتقده وتوجهه ،فان بعض النصوص الدينية تذهب خلاف ذلك وتميز الناس حسب الانتماءات الضيقة ،فتعتبر البعض مومنين والاخرين كفار ،وترفض زواج المسلمة من غير المسلم او الكافر في وقت تبيح فيه للمسلم ان يتزوج غير المسلمة ،وكما ان هنالك نصوص اخري تصف ذات الانسان بالمغضوب عليه والدال والحمار ...وهو مايتعارض مع اعلانات حقوق الانسان . وسنتعرض خلال هذا المقال الي علاقة الاسلام بحقوق الانسان .
حقوق الانسان في دولة محمد يتخذ المسلمين من دولة محمد التي اسسها بعد ان انتصر علي مناهضيه يتخذون منها نموذجا لتاكيد ان الاسلام احترم او اعترف بحقوق الانسان.بيد ان الواقع يفند دعاويهم تلك.حيث ان دولة المدينة كانت تقسم الناس حسب الاعراق والثقافات والمعتقدات وتفضل بعضهم علي بعض.فمثلا ورد في الوثيقة التي عرفت بدستور المدينة انه "لا يقتل مؤمن مؤمناً في كافر ولا ينصر كافراً على مؤمن." اي ان الذي لا يعنتق الاسلام يعتبر دون مستوي البشر بل انه لايحق قتل المومن اذا ما قتل شخص كافر.كما انه كان يستنكر فكرة حرية الاعتقاد .بل انه يشدد علي ضرورة قتال كل من ارتد عن ديانته حيث يعلن " من بدل دينه فاقتلوه " . ويشير الي انه " قاتلوا الذين لايحرمون ما حرم الله ....حتي يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون " واخرج البخاري في صحيحه بسنده الي بن مالك (ان النبي (ص) دخل مكة يوم الفتح وعلي راسه المغفر،فلما نزعه جاءه رجل فقال :ابن حنظل متعلق باستار الكعبة ،فقال:اقتله). ويرفض محمد ايضاحرية التعبير .حيث تشير المصادر الاسلامية الي انه قتل امراة ما لانها هجته .وروي القضاعي في "مسند الشهاب" والخطيب في "التاريخ" حسب ماورد في موقع الاسلام سؤال وجواب" هجت امرأة من بني خطمة النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بهجاء لها ، قال : فبلغ ذلك النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فاشتد عليه ذلك ، وقال : ( من لي بها ) ، فقال رجل من قومها : أنا يا رسول الله ! وكانت تمّارة ؛ تبيع التمر ، قال : فأتاها ، فقال لها : عندك تمر ؛ فقالت : نعم ، فأرته تمراً ، فقال أردتُ أجود من هذا ، قال : فدخلت لتريه ، قال : فدخل خلفها ونظر يميناً وشمالاً ، فلم ير إلا خِواناً ، فعلا به رأسها حتى دمغها به ، قال : ثم أتى النبيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال : يا رسول الله ! قد كفيتُكَها . قال : فقال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنه لا ينتطح فيها عنزان " .
كما انه ورد في طبقات ابن سعد مايلي ( أرسل الرسول - صلى الله عليه وسلم - عميراً بن عدّي إلى عصماء بنت مروان وأمره بقتلها لأنها ذمَّته. فجاءها ليلاً، وكان أعمى، فدخل عليها بيتها، وحولها نفر من ولدها نيام ومنهم مَن ترضعه. فجسَّها عمير بيده، ونحَّى الصبي عنها، وأنفذ سيفه من صدرها إلى ظهرها. ثم رجع فأتى المسجد فصلى، وأخبر الرسول - صلى الله عليه وسلم - بما حصل، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم - : لا ينتطح فيها عنزان ). وبسبب تمكن اليهود والنصاري من كشف ما يتزعمه امر محمد باجلائهم .حيث يشير مسلم في صحيحه ـ باب اجلاء اليهود من الحجاز ـ الي ذلك .ويقول "حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أنه قال: بينما نحن في المسجد إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال ( انطلقوا إلى يهود ) فخرجنا معه حتى جئناهم فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم فناداهم فقال ( يا معشر يهود أسلموا تسلموا ) فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ذلك أريد أسلموا تسلموا ) فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه و سلم ( ذلك أريد ) فقال لهم الثالثة فقال ( اعلموا أنما الأرض لله ورسوله وأني أريد أن أجليكم من هذه الأرض فمن وجد منكم بماله شيئا فليبعه وإلا فاعلموا أن الأرض لله ورسوله ) . ويضيف "وحدثني محمد بن رافع وإسحاق بن منصور ( قال ابن رافع حدثنا وقال إسحاق أخبرنا عبدالرزاق ) أخبرنا ابن جريج عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر : أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله صلى الله عليه و سلم فأجلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بني النضير وأقر قريظة ومن عليهم حتى حاربت قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نسائهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين إلا أن بعضهم لحقوا برسول الله صلى الله عليه و سلم فآمنهم وأسلموا وأجلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يهود المدينة كلهم بني قينقاع ( وهم قوم عبدالله بن سلام ) ويهود بني حارثة وكل يهودي كان بالمدينة ". وفي باب اجلاء اليهود والنصاري يذكر مسلم حديث اخر يؤكد مايذهب اليه "حدثني زهير بن حرب حدثنا الضحاك بن مخلد عن ابن جريج ح وحدثني محمد بن رافع ـ واللفظ له ـ حدثنا عبدالرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول أخبرني عمر بن الخطاب: أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما ". وكان محمد يستهدف الممتلكات العامة في حربة ضد يهود بني قريظة.حيث كان يقوم بقطع النخل الذي يعتبر مصدر رزق لهم .وحينما قيل له :انك تنهى عن الفساد فما بالك تأمر بقطع الأشجار ؟ فأنزل القران ايه تبرر مسكله واعلن " ما قطعتم من لينة او تركتموها قائمة علي اصلوها فباذن الله" اي بعبارة اخري ان الذي قطع النخل هو اله الكون وليس محمد. واذا ما كان صحيحا مايذهب اليه علماء المسلمين لما قلل محمد من شان الاخر المختلف او قتل شخص لانه هجاءه او اجلي اليهود والنصاري او استهدف الممتلكات العامة ومثل هذا السلوك يفند دعاوي اتباعه الذين يزعمون بان الاسلام سبق الانسانية في الاعتراف بحقوق الانسان.
"2" الخلافة ديكتاتورية ام شوري وديمقراطية
ماان انتقل موسس الدين الاسلامي الي الرفيق الاعلي حتي اختلف المسلمون حول هوية خليفته ،وتمسك كل من المهاجرين والانصار اكبر قوتينفي ذلك الوقت تمسكوا باحقيتهم في خلافة محمد ،ورغم ان المنطق يقول حسب ما تدعو اليه المبادي الانسانية السامية _ان يكون الحصول علي ذلك المنصب ديمقراطيا باشراك كافة المكونات السياسية والاجتماعية التي كانت تقطن دولة المدينة ،الا ان الذي حدث كان خلاف ذلك،حيث اقتصر حق الترشيح لمنصب الخليفة علي العرب فقط( مهاجرين وانصار) بينما اقصيت المكونات الاخري، بل ان الامر وصل الي درجة ان انحصر الامر في قريش وحدها دون
القبائل العربية الاخري،وعلي الرغم من كل ذلك الا المفكرين المسلمين يزعمون _بان الخلافة نظام ديمقراطي _وهو ما يتعارض مع الديمقراطية التي تعني حكم الشعب بالشعب ،كما انه يتعارض كثيرا مع المبادئ التي تدعوا اليها اعلانات حقوق الانسان،وبدلا ان يكون (العدل والمساواة ،والعلم ...) معيارا لاختيار الخليفة اصبح العرق والدين الفيصل والمعيار الامثل _وانبري كل من الانصار (الاوس والخزرج ) والمهاجرين (قريش) بالاسراع في اثبات احقيته حيث يعلن سعد بن عبادة زعيم الانصار احقية عشيرته في خلافة الرسول ويقول حسب ما اورده الطبري في تاريخ الامم والملوك
(ان لكم سابقة في الدين (اي الانصار)وفضيلة في الاسلام ليست لقبيلة من العرب ،ان رسول الله لبث في قومه بضع عشرة يدعوهم الي عبادة الرحمن وخلع الاوثان فما امن من قومه الا قليل ،حتي اراد بكم خير الفضيلة وساق اليكم الكرامة ،وخصكم بدينه ،فكنتم اشد الناس علي من تخلف عنه ،واثقلهم علي عدوه من غيركم ،ثم توفاه الله وهو عنكم راض ،فشدوا ايديكم بهذا الامر فانكم احق الناس واولاهم ) وحينما علم الطرف الاخر(اي قريش) بتحركات نظرائها وخطبة ممثلهم (سعد) سارع ابوبكر المتحدث باسمها الي القاء خطبة مناهضة لتلك التي قدمها سعد قائلاحسب ما ورد في كتاب
ـالامامة والسياسة لابن قتيبة "...فكنا معشر المهاجرين أول الناس إسلاماً والناس لنا فيه تبع. ونحن عشيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونحن مع ذلك أوسط العرب أنساباً، ليست قبيلة من قبائل العرب إلا ولقريش فيها ولادة. وأنتم أيضاً والله، الذين آوَوْا ونصروا. وأنتم وزراء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنتم أيضاً إخواننا في كتاب الله تعالى وشركاؤنا في دين الله عز وجل وفيما كنا فيه من سرّاء وضرّاء، والله ما كنا في خير قط إلا كنتم معنا فيه، فأنتم أحب الناس إلينا وأكرمهم علينا، وأحق الناس بالرِّضا بقضاء الله تعالى والتسليم لأمر الله عز وجل
ولما ساق لكم ولإخوانكم المهاجرين رضي الله عنهم، وهم أحق الناس فلا تحسدوهم وأنتم المؤثرون على أنفسهم حين الخصاصة، والله ما زلتم مؤثرين إخوانكم من المهاجرين وأنتم أحق الناس أن لا يكون هذا الأمر واختلافه على أيديكم وأبعد ألا تحسدوا إخوانكم على خير ساقه الله تعالى إليهم وإنما أدعوكم إلى أبي عبيدة أو عمر وكلاهما قد رضيت لكم ولهذا الأمر وكلاهما له أهل. فقال عمر وأبو عبيدة رضي الله عنهما: ما ينبغي لأحد الناس أن يكون فوقك يا أبا بكر رضي الله عنه، أنت صاحب الغار وثاني اثنين وأمَرَكَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة فأنت أحق الناس
بهذا الأمر."ولك عزيزي القار ي ان تتخيل حملة انتخابية لاختيار شخص يزعم انه رسول الله ،ويكون العرق هو المعيار الامثل لعملية الاختيار ،اين الديمقراطية هنا ،واين العدل ،وهل صحيح لافرق بين عربي واعجمي الا بالتقوي ،واين حق الاقليات الاخري في الحصول علي منصب الخليفة الذي يبث في الامور السياسية اكثر من الدينية،وكيف يعقل ان يكون خليفة المسلمين ذلك الذي يستغل قضية قرابته للرسول للحصول علي منصب سياسي وديني .ولكن الامر لم يتوقف عند ذلك ،حيث اختلفت بطون قريش فيما بينها حول ايهما احق بخلافة محمد ،فزعم علي بن ابي طالب بن عم الرسول والذي
ينتمي لبني هاشم احدي اعرق بيوتات قريش _زعم انه احق بها من ابوبكر الذي ينتمي الي (تميم) التي تعتبر من البيوت السفلي داخل القبيلة ،وحينما علم عمر بن الخطاب _الخليفة الثاني واحد اشد المناصرين للثاني والذي يسعي الي خلافته حينما علم بذلك هدد باقتحام منزل عمر وحرقه مالم ينضم الي كوكبة المبايعين ،ويقول بن قتيبة فذات الكتاب( ان ابوبكر اخبر بقوم تخلفوا عن بيعته عند علي ‘فبعث اليهم عمرا بن الخطاب فجاء فناداهم وهم في دار علي ،وابوا ان يخرجوا ،فدعا عمر بالحطب فقال والذي نفس عمر بيده لتخرجن او لاحرقنها عليكم علي مافيها ..فقيل له ياابا حفص ان
فيها فاطمة (بنت الر سول )فقال وان _فخرجوا وبايعوه الا عليا ) وواضح من رواية بن قتيبة ان علي واتباعه يهدفون الي مناهضة خلافة ابوبكر لعدة اعتبارات ،مما دعاهم الي التكتل في منزله بغرض البحث عن الوسيلة التي بمقتضاها تتم تلك العملية الا ان ابوبكر وبحسه السياسي تمكن من ادراك ذلك فقام بارسال عمر الذي يمني نفسه بالخلافة الي منزل عليا وخيرهم مابين البيعة او الحرق الامر الذي دعا اتباع علي الي التضحية به وركوب قطار البيعة الذي قد يحفظهم من بطش الخليفة القادم ،وعمرا هذا رغم ان (مبشر بالجنة) يقسر اخر (مبشر بالجنة) الي بيعة ثالث مبشر هو ايضا
بالجنة بل ويهدده بالحرق مالم يلتزم بذلك ،ولكن عملية الحرق تلك لم تشمل عليا واتباعه فقط ،بل انها تشمل حتي مؤسس الاسلام،وبيرز السوال هل هذا مايقصده الاسلام ومفكريه بالشوري او الديمقراطية بتعبير اخر،وكيف نفسر هذا السلوك الذي يبدر من شخصيات يزعمون انها مبشرة بالجنة .
بيد انه حينما استقر الامر باختيار ابوبكر رفض عدد من الصحابة مبايعته ومنهم علي بن ابي طالب وسعد بن عبادة زعيم طائفة الانصاروالذي رفضت (الاوس) مبايعته لاعتقادها وخشيتها من ان يؤؤل الامر الي (الخزرج )الذي يتزعمها سعد ،ولكن قبل وفاة ابوبكر الصديق وفي انتهاك صريح لمبادئ الديمقراطية،اوصي بالخلافة الي عمر الذي ينتمي هو الاخر الي قريش موصدا الباب امام المكونات الاخري للحصول علي ذلك المنصب لتبدا المرحلة الاولي لجلوس قريش علي سدة الحكم اكثر من 900 عام محطمة بذلك الرقم القياسي كاكثر قبيلة تجلس علي سدة الحكم في التاريخ .قد يتسال البعض عن
الاسباب التي دفعت ابوبكر لان يوصي بالخلافة الي عمر وخاصة ان العرف يرفض ذلك ،غير ان المتامل لما دار في اجتماع الثقيفة يدرك ذلك جيدا ،فعمرا يعتبر من اولائل الذين بايعوا ابوبكر كما انه كان من اشد المناصرين له ،وبما انه كان يمني النفس بالحصول علي ذلك المنصب فليس بعيدا ان يتوصل لارضية مشتركة مع ابوبكر تتيح له ان يحقق مبتغاه بعض وفاة هذا الاخير ،وهذا ماحدث بالضبط ـفما ان توفي ابوبكر حتي اصبح عمر خليفة للمسلمين . ورغم ان البعض يتهم عمر بدس السم لابوبكر واداعائه بانه قد اوصي له بالخلافة الا ان الفرضية الاولي الخاصة بالاتفاق هي
الاقرب .
ومنذ تلك الفترة التي اوصي فيها ابوبكر لعمر ،منحت قريش ذاتها المشروعية التي تخولها لان ترث محمد،الا ان معاوية بن ابي سفيان ومؤسس الدولة الاموية لجاء الي الخروج عن ذلك التقليد حينما اختزل الخلافة في احدي بطون تلك القبيلة وعمل علي ابتكار سنة التوريث فجعل الخلافة حكرا علي بني امية بدلا من ان تكون لكل بطون قريش وهكذا دواليك الي ان سقطت الخلافة الاسلامية .
ولتبرير هيمنة قريش علي الخلافة يقول الامام احمد في مسنده (حدثنا الحاكم بن نافع حدثنا اسماعيل بن عباس بن ضمضم بن زرعة عن شريح بن كثير بن مرة عن عتبة ان النبي (ص) قال :الخلافة في قريش والحكم في الانصارـوالدعوة في الحبشة ) وبغض النظر عن اختلاف الاراء حول ذلك الحديث الا ان الذي حدث علي ارض الواقع هو ان قريش اصبحت الوارث الشرعي لموسس الدين الاسلامي ،وتعتبر عملية اختزال شؤؤن الحكم في قبيلة واحدة ضد الديمقراطية وضد كلما يدعو اليه المجتمع المتشرب بقيم العدالة والديمقراطية .
ويتمتع الخليفة بعدة صلاحيات منها_انه لايمكن عزله ،او الخروج عليه،حيث يعتبر الخروج علي الحاكم محرم شرعيا،ويستدل اصحاب هذا الاتجاه بالاية (واطيعوا الله واطيعوا الرسول واولو الامر منكم)(وان تنازعتم في شئ فردوه الي الله والرسول ..)ويعلنون بان طاعة ولي الامر واجبه ،ولايمكن الخروج عليه الا في حال خروجه او ارتداده عن الاسلام ،ويقول الحافظ في الفتح الجزء السابع صفحة 13 (وقد اجمع الفقهاء علي وجوب طاعة السلطان المتقلب والجهاد معه ،وان طاعته خير من الخروج عليه لما في ذلك من حقن الدماء وتمكين الدهماء )ويورد البخاري في صحيحه ومسلم مايوكد
ذلك (عن بن عباس عن النبي (ص)قال:من كره من اميره شيئا فليصبر فانه من خرج علي السلطان شبرا مات ميتة الجاهلية )ويضيفان حديث اخر (عن عمر رضي الله عنه عن النبي (ص)انه قال علي المرء المسلم السمع والطاعة فيما احب اوكره الام من يومر بمعصية فلا سمع ولاطاعة) وروي عن ابا هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني " تعلن الاحاديث السابقة بان يكون الحاكم قرشيا ،وترفض بشدة فكرة الخروج عليه او مناهضته ،ورغم كل ذلك يزعمون ان المسلمين والانسان سبقوا
الانسانية في الاعتراف بحقوق الانسان قبل اربعة عشر قرنا من الزمان ،وانهم يدعون الي العدل والمساواة ،وبينما ينسب الي محمد (انتم اعلم بشؤؤن دنياكم ) يرفض ذات الشخص تلك الفكرة ويشير الي ان (الحاكمية لله) وتدين احاديث منسوبة اليه فكرة (مناهضة الحكام) وتكرس للتمييز الثقافي والعرقي والديني يتحيزها لجماعة ما ضد الاخريات ،واذا كان الاله يرغب في ان يكون الحكم في قريش فقط ،فلماذا خلق المكزنات الاخري ،وهل هنالك جدوي من وجودها ،اليس الافضل له ان يهلكها بدلا من ان يجعلها راضخة لجماعة بعينها ،ولماذا شرع التعدد الثقافي والديني والعرقي
واللغوي وهل هنالك وجه شبه بين طريقة اختيار الحكام حسب ما تدعو اليه المواثيق والحقوق الانسانية الحديثة والطريقة التي يتم بها اختيار الخلفاء الراشدين حتي نزعم ان الخلافة نظام ديمقراطي وان الاسلام سبق الانسانية في حقل حقوق الانسان.
ولان اعلانات حقوق الانسان تحث الي احترام حق الانسان في الحياه والكرامة والتعبير والتفكير والحصول علي المنصب السياسي والترشح والانتخاب ،كان واجبا علي الاسلام والمسلمين لو كانو ديمقراطين او انسانين حسب ما يزعمون لاتاحوا الفرصة للاخر المختلف حتي يحصل علي منصب الخليفة ،ولكن ابت انفسهم الا ان يشترطوا بعض الاشتراطات القاسية كان يكون الحاكم او الخليفة (قرشيا ومسلما ) في انتهاك صارخ لحقوق الانسان والتقليل من شانها ،فليس من العدل ان يتم الحصول علي ذلك المنصب لاعتبارات عرقية اودينية اوثقافية الا اذا كان الاسلام والمسلمون لايدركون
معني العدل او الديمقراطية او يجهلون المبادئ الاساسية التي قامت من اجلها فكرة حقوق الانسان وطالما انهم لايدركون ذلك فليس من المنطق ان يروجون لمثل هذه الادعاءات .
ومما سبق يتضح ان الخلافة نظام اشبه بنظام ديكتاتوري قبل ان تكون ديمقراطية ،والديمقراطية حسب تعريفها البسيط تعني حكم الشعب بالشعب ،اي اعطاء الفرصة للشعب لاختيار من يراه مؤهلا لشغل منصب الحاكم او الخليفة ،ولكن الذي تم في عهد الخفاء الراشدين كان خلاف ذلك حيث ان الحصول علي ذلك المنصب تم حسب معايير عرقية ودينية ،كما ان النظام الديمقراطي يعطي الفرصة للراي العام ليتنقده او يعزله متي ما خرج عم مساره الذي اقيم من اجله،بيد ان الذي حدث ايضا في التاريخ الاسلامي خلاف ذلك ،بل ان الخروج عليه يعتبر محرما شرعا ،اضف الي ذلك فان المتضرر من من
سياسات الخليفة عليه الصبر او الموت(موتة الجاهلية ) ،ولكن لو اخذنا فكرة ان الخلافة نظام قائم علي الشوري والديمقراطية علي محمل الجد سنجد انفسنا امام عدة تساؤلات يصعب الاجابة عليها ،فلو كانت ديمقراطية حقا فماالذي يجعل الصحابة يرفضون فكرة الخروج عليهم،او ان تكون الخلافة خارج قريش ،الم تعلن اعلانات حقوق الانسان ان المواطنة اساس الحقوق والواجبات،وتوكد انه لكل انسان الحق في الترشح للمناصب السيادية ،كما ان هنالك بون شاسع بين نظام الخلافة والانظمة التي اعتمدت علي الديمقراطية نهجا للحكم ؛ففي الاولي يكون الحكم في يد شخص اوقلة ،اما في
الثانية فان الحكم للشعب ،ومايوكد ذلك ان الخليفة عمر بن الخطاب منع كبار الصحابة من الخروج من المدينة وحينما سئل عن السبب قال (اخاف ان يفتن الناس بهم) اضف الي ذلك فان الخليفة الثالث عثمان بن عفان عمد الي استغلال منصبه لمنح عشيرته(بني امية)عدة امتيازات علي حساب المكونات الاخري .ولان الديمقراطية او الشوري كما يذهب المفكرين المسلمين جزء من مواثيق واعلانات حقوق الانسان فان اي نظام يعتمد علي حكم الفرد ولايعتمد الديمقراطية نهجا للحكم ،او اي دين يكرس لذلك ،لايمكن ان نزعم انه سبق الانسانية في الاعتراف بحقوق الانسان. "3" الخلافة مابين القمع والاستبداد
قلنا سابقا ان الخلافة اقرب للديكتاتورية من الديمقراطية ،وحينما يجلس احد الخلفاء علي سدة الحكم او يعين حسب معايير عرقية ،حتما سيتعرض للرفض من قبل الاطراف الاخري التي تم اقصائها وتهميشها ،وهذا ماحدث مع كل الخلفاء بدءا بابوبكر ومرورا بعمر وعثمان وعلي ومعاوية وبقية الخلفاء الاخرين،وعندما تم اختيار ابوبكر خليفة للمسلمين عقب موت محمد ،قوبل ذلك الاختيار بالرفض سواء كان ذلك من العرب (الانصار والمهاجرين) او المكونات القبيلة الاخري ،بل ان بعض المجموعات اعلنت عدم اعترافها بخلافة ابوبكر ،ورفضت دفع الزكاة له ،بينما ارتدت مجموعات اخري
عن الاسلام ،ولمواجهة خطر تلك المجموعات جهز ابوبكر جيوشه لمواجهتها ومنازلتها،وقد اختلف الخلفاء حول قتال المجموعة الاولي (اي الذين رفضوا دفع الزكاة)باعتبار انهم مسلمين ،حيث رفض عمر بن الخطاب قتالهم ،وروي عن ابي هريرة قال :لما توفي النبي (ص)واستخلف ابوبكر وكفر من كفر من العرب قال عمر :ياابا بكر :كيف تقاتل الناس وقد قال رسول الله (ص) امرت ان اقاتل الناس حتي يقولوا ان لا اله الا الله فمن قال لا اله الا الله عصم مني ماله ونفسه الا بحقه ،وحسابه علي الله ،قال ابوبكر والله لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ،فان الزكاة حق المال ،والله لو
منعوني عقار بعير كانوا يؤدونها الي رسول الله (ص) لقاتلتهم علي منعها )وعلي الرغم من ان ابوبكر اباح قتال رافضي دفع الزكاة الا ان العدل يلزمه بالا يفعل ذلك ،والشي الذي لابد ان نضعه في الاعتبار ان رافضي الزكاة ليسو خارجين علي الدين ،ولكنهم مناهضين لسياسة ابوبكر ،كما انهم يذهبون للقول الي انهم كانوا يدفعون الزكاة للرسول لوجود نصوص تحث علي ذلك (اي المشروعية) وحينما انتقل الي الرفيق الاعلي انتفت تلك المشروعية ،وطالما ان المشروعية انتفت واستنفدت الزكاة اغراضها ،فلايحق لابوبكر اخذها منهم لعدم وجود امر الهي يطالبه بذلك ،اضف الي ذلك
فانه ليس نبيا ولامكلفا من ذلك النبي ،وبهذا يكون قرار الامتناع عن دفع الزكاة سياسي وليس معارضة للدين او خروج عليه ،واذا افترضنا جدلا انهم خارجين علي الدين ايضا فلايحق لابوبكر ان يقتالهم طالما ان هنالك حقوق انسان تردعه من فعل ذلك ،ولكن بما انه الخليفة الذي لايجوز الخروج عليه ولاتوجد حقوق انسان تردعه من ذلك ،فطبيعي ان يرسل جنوده امنازلة تلك الجماعات ويتنهك حريتها في ان تعيش وترفض كلما يكون ضد توجاهتها وارادتها،فحقوق الانسان التي نعنيها ليست تلك التي يعنيها المفكرين الاسلامين.
ووصل القمع ذروته حينما امر ابوبكر بحرق شخص يسمي بالفجاءة ويورد بن كثير تلك الحادثة في كتابه النهاية قائلا(وقد كان الصديق حرق الفجاءة بالقيع في المدينة ،وكان سبب ذلك انه قدم فزعم انه اسلم ،وسال من ان يجهز معه جيشا يقاتل به اهل الردة فجهز معه جيشا ،فلما سار جعل لايمر بمسلم ولامرتد الا قتله واخذ ماله فلما امكنه بعث به الي القيع فجمعت يداه الي قفاه والقي في النار ،فحرق وهو مقموط) وتختلف رواية بن كثير عن تلك الخاصة بالطبري فيما يختص بعدد الجيش حيث يقول الطبري في تاريخه صفحة 492 الجزء الثاني (فحمله ابوبكر في ظهره واعطاه سلاحا ) ويضيف
اليعقوبي حادثة اخري في تاريخه حينما يشير الي انه( حرق رجلا من بني اسد يقال شجاع بن ورقاء)،وبحسب ماورد في تلك الروايات ان االخليفة بوبكر قام بتكليف احد الاشخاص او القادة لقتال جيوش المرتدين ،غير انه عمد الي تجاوز الخطوط الحمراء الامر الذي دفع الخليفة للقيام بحرقه .خليفة شخص يزعم ان رسول الله يحرق شخصا لانه تجاوز الخطوط الحمراء ،اما كان بالامكان عقابه بصورة اخري اشد وطاةً منها ،الا توجد محاكم عادلة _انسان يحرق حيا _لانه خرج عن المالوف وتجاوز الخطوط الحمراء ،هل هذه هي حقوق الانسان التي يتحدث عنها المفكرين المسلمين وهل الحريق كان
بسبب غضب الخليفة ام تجاوز الاخر لحدوده ،فاذا اعتمدنا الاجابة الاولي فكيف يعقل الا يتمكن خليفة شخص يزعم انه مرسل من اله الكون من التحكم في ذاته وغضبه فيعاقب الناس عقوبات ضد الانسانية ،اما اذا اعتمدنا الثانية فيكف يكون العالم اذا كنا نحرق اي شخص دون ان نمنحنه الفرصة ليدافع عن ذاته ،وهل يمكن ان نقتدي بمثل هذا الشخص ،واذا كان خليفة ـ رسول الله ـ بحاله يفعل مثل هذا الاسلوب فماذا سيفعل الاخرين ،ولماذا يتغاضي المفكرين الاسلامين عن مثل هذه الحوادث ويعملون جاهدين علي لاخفائها ونفييها وممارسة سياسة التعتيم والتضليل ،اما كان الافضل
ايضاح مثل هذه الحقائق بدلا من الباس الخلفاء ثوب القداسة والعفة.
ان المنطق يقول طالما ان المسلمين سبقوا الانسانية في الاعتراف بحقوق الانسان فانه كان لزاما علي ابوبكر باعتباره احد قادتهم العظام الا يلجا الي اتباع مثل هذا النهج ،فان اخطأ شخص ما فان العدالة تلزم خليفة المسلمين بان يعاقبه بصورة اخري ،فالحرق يعتبر من الوسائل الغير اخلاقية ،كما انها اقرب للانتقام من تحقيق العدالة ،واتباع ابوبكر مثل هذا النهج يشير الي عدم احترامه للكرامة الانسانية ،ولايختلف مافعله عما كان يفعله بابوات روما الذين يحرقون الناس بحجة انهم هراطقة وملحدين.
اما الخليفة الثاني عمر بن الخطاب الذي جاء هو الاخر بطريقة غير شرعية ،لايختلف كثيرا عمن سبقه ،حيث اتصف بالشدة والصرامة والقسوة ،ويوكد الذهبي ذلك في كتابه تاريخ الاسلام قائلا( سال ابوبكر عبدالرحمن بن عوف عن عمر حينما اراد ان يستخلفه فقال عبدالرحمن بن عوف :انه افضل من رايت الا ان فيه غلظة)ويبرر عمر تلك الشدة والغلظة في احدي خطبه حسب ماورد في كتاب الرياض النضرة في مناقب العشرة لابي جعفر الطبري الجزء الاول (بلغني ان الناس هابوا شدتي وخافوا غلظتي وقالوا قد كان عمر يشتد علينا ورسول الله بين اظهرنا ،ثم اشتد علينا وابوبكر والينا دونه،
فكيف وقد صارت الامور اليه؟ ايها الناس اني قد وليت اموركم ،ايها الناس اعلموا ان تلك الشدة قد اضعفت ولكنها انما تكون علي اهل الظلم والتعدي ،فاما اهل السلام والدين فانما اين لهم من بعضهم بعضا ،او اني بعد شدتي تلك اضع يدي علي الارض العفاف واهل الكفاف)ورغم اقراره بشدته الاانه يتعهد يستخدمها ضد اهل الظلم والتعدي حسب تعبيره ،ويحاول البعض عبثا الربط بين القسوة والصرامة ويعلنون بانه صارم وليس قاسي وشتان مابين هذا وذاك ،ولكن حتي لانهرف بما لانعرف ،لابد ان نضع النقاط فوق الحروف ،ونورد من الادلة مايثبت زعمنا ،واولي تلك الادلة حادثة صبيغ
التميمي الذي سال عن متشابه القران فما كان من جزاء يجده سوي الجلد ،ويقول الدلامي في سنته صفحة (عن سليمان بن سيار ان رجلا يقال له صبيغ قدم المدينة فجعل يسال عن متشابه القران ،فارسل اليه وقد اعد له عراجين النخل فقال له :من انت ؟قال انا عبدالله صبيغ،فاخذ عرجونا من تلك العراجين فضربه وقال :انا عبدالله عمر فجعل له حتي دمي راسه فقال ياامير المومنين حسبك ،قد ذهب الذي كنت اجد في راسي )_وفي رواية اخري (ثم امر به وضربه مائة وجعل في بيت ،فلما بدا دعاه فضربه مائة اخري ..وحمله علي قتب ،وكتب الي ابو موسي الاشعري امنع الناس من مجالسته ..وان يحرمه
عطاءه ورزقه ) ولكن شدة عمر لم تتوقف عند ذلك الحد ،حيث اصبح يتعرض للناس حتي في الشارع علي شاكلة ماتفعله شرطة النظام العام او هيئة الامر بالمعروف والنهي عن المنكرفي الانظمة الاسلامية الحديثة ،حيث يحكي عنه حسب ما ورد في كتاب كنز العمال صفحة الجزء الخامس انه قام بضرب رجل لانه يتحدث مع امراة في الشارع ،وحينما سئل عن السبب قال :حتي لايراك الناس .كما انه مزق ثياب رجل لانها ناعمة ويقول مبسوط السرخي الجزء الاول (ان رجلا دخل علي عمر وعليه ثوب ملالا ،فامر به عمر فمزق عليه ،فتطاير في ايدي الناس) ويروي ايضا (ان اعرابيا شرب نبيذا من اداوة عمر
فسكر فامر به فجلده ،فقال انما شربت من اداوتك فقال :انما اجلدك علي السكر) اضف الي ذلك انه كان يقسر الجواري علي السفور ويضربهن اذا تسترن ويذكر المبسوط (انه اذا راي جارية مقنعة علاها بالدرة وقال :القي عنك الخمار يادفار ...اتتشبهن بالحرائر) هذا ماكان يحدث في دولة خلفاء محمد الذي زعم انه مرسل من الله ،خليفة رسول الله يجلد شخصا لانه يتكلم مع امراة في الشارع ،ولو افترضنا بان السبب الذي دعا عمر ليجلد ذلك الشخص انه يمارس الفاحشة ،فليس من حق عمر ان يجلده ،لان الفاحشة لاتقاس بالعاطفة وانما البينة ، وعمرا في هذه الحادثة لم يثبت بان ذلك الشخص
ارتكب الفاحشة كما ان انه لايمثل القانون رغم انه خليفة للمسلمين ،فالواقع يفرض عليه ان وجد في ذلك الشخص مايعاقبه به ان يقدمه لمحكمة عادلة تتيح له ان يدافع عن ذاته ،وان تعذر ذلك لعدم وجود محاكم فهنالك طرق اخري يعلمها القاصي والداني ،وفيما يختص بقيامه بجلد الشخص الذي سال عن متشابه القران فهو يتعارض كثيرا مع حق الانسان في التفكير والتعبير ،وهنالك فرق بين السؤال والاحتقار ،فالذي سال عن متشابه القران كان يسعي الي معرفة الاسباب التي ادت الي بروز مثل هذا التشابه ، اي بمعني اخر انه لايهدف الي احتقار القران او التقليل من شانه ،وفي هذه
الحالة لايستحق العقاب لانه لم يرتكب جرم بالمعني المتعارف عليه ،وانما كان يسعي الي المعرفة وهي حق طبيعي لكل انسان غضا عن عرقه وثقافته ومعتقده وتوجهه السياسي ،ولو افترضنا ان ذلك الشخص اعلن عدم ايمانه باله محمد فلا يحق لعمر ان يعاقبه ،لسبب بسيط هو ان عمر ليس اله ولا هو متحدثا باسمه وانما هو شخص مثله مثل اي شخص اخر معرض للخطا والصواب وان كان يشغل اعلي سلطة سياسية ودينية في ذلك الزمان.اما لجوءه الي تمزيق ثياب الناس وضرب الجواري والسكاري فهو ايضا ضد كافة المبادي الانسانية السامية فمن حق الانسان ان يلبس مايراه جميلا ،او يفعل اي شي
مالم يتسبب ذلك (الشي) في الحاق الضرر بالاخرين ،واللبس والسكراشياء خاصة بالانسان ،كما ان الاله لايتضرر من السكير او الذي يلبس افخم الثياب ،ولكن قد يرفض تدخل الانسان في حياة الاخرين الخاصة . ويروي عنه ايضا انه اقدم علي قتل ابنه ابوشحمة .ويكشف السمرقندي تلك الحادثة قائلا:" " عن عبدالله بن عباس قال : (والله لقد رأيت عمر وقد أقام الحد على ولده عبيد الله (ابو شحمة) فقتله ، ثم بكى وبكى الناس من حوله وقلنا : يا ابن عم رسول الله إن رأيت أن تحدثنا كيف أقام عمرعلى ولده الحد
فقال: والله لقد أذكرتمونى شيئا كنت له ناسيا..
فقال: معاشر الناس، كنت ذات يوم مع عمر بن الخطاب جالس في مجلس ، فإذا نحن بجارية قد أقبلت من باب ، فجعلت تتخطى رقاب المهاجرين والانصار حتى وقفت بإزاء عمر فقالت: السلام عليك يا أمير المؤمنين....
فقال عمر: وعليك السلام ، هل من حاجة ؟ فقالت: نعم أعظم الحوائج إليك، خذ ولدك هذا منى فأنت أحق به منى....
ثم رفعت القناع فإذا على يدها طفل...
فلما نظر إليه عمر قال: يا أمة الله أسفري عن وجهك...
فأسفرت....
فأطرق عمر وهو يقول: يا هذه أنا لا أعرفك، فكيف يكون هذا ولدى ؟
فبكت الجارية حتى بلت خمارها بالدموع ، ثم قالت: يا أمير المؤمنين إن لم يكن ولدك من ظهرك فهو ولد ولدك....
قال: أي أولادي ؟ قالت: أبو شحمة....
فقال عمر: وكيف ذاك ؟ قالت: يا أمير المؤمنين اسمع مقالتي فوالله ما زدت عليك حرفا ولا نقصت: يا أمير المؤمنين كنت في بعض الايام مارة في بعض حوائجى ، إذ مررت بحائط لبنى النجار، فإذا أنا بصائح يصيح من ورائي ، فإذا أنا بولدك أبو شحمة يتمايل سكرا ، وكان قد شرب عند نسيكة اليهودي، فلما قرب منى تواعدني وتهددني وراودني عن نفسي وجرني إلى الحائط فسقطت وأغمى على ، فوالله ما أفقت إلا وقد نال منى ما ينال الرجل من امرأته ، فقمت وكتمت أمرى عن عمى وجيراني، فلما تكاملت أيامى وانقضت شهوري وضربنى الطلق وأحسست بالولادة فوضعت هذا الغلام فهممت بقتله ثم ندمت
على ذلك، فاحكم بحكم الله بينى وبينه....
قال ابن عباس: فأمر عمر مناديه ينادى ابنه ....
فأقبل الناس يهرعون ثم قام عمر: يا معاشر المهاجرين والانصار لا تتفرقوا حتى آتيكم بالخبر!!!.
ثم خرج وأنا معه، فنظر إلى وقال: يا ابن عباس أسرع معى، فجعل يسرع حتى قرب من منزله فقرع الباب فخرجت جارية كانت تخدمه، فلما نظرت إلى وجهه وقد غلبه الغضب قالت: ما الذى نزل بك ؟ قال يا هذه ، ولدى أبو شحمة هنا ؟ قالت: إنه على الطعام.....
قال ابن عباس: فرأيت الغلام وقد تغير لونه وارتعد، وسقطت اللقمة من يده....
فقال له عمر: من أنا ؟ قال: أنت أبى ...
فقال عمر: فإنى أسألك عن شئ إلا أخبرتني....
قال: يا أبة لا أقول غير الصدق....
قال: هل كنت ضيفا لنسيكة اليهودي، فشربت عنده الخمر وسكرت قال: يأبى قد كان ذلك وقد تبت؟؟
قال: هل دخلت ذلك اليوم حائطا لبنى النجار فرأيت امرأة فواقعتها ؟
فسكت الغلام ، وبكى ولطم وجهه...
فقال: يا أبى كان ذلك والشيطان أغواني وأنا تائب نادم....
فلما سمع عمر ذلك قبض على يده ولببه وجره إلى المسجد....
فقال: يا أبه لا يعصمني على رؤوس الخلائق حد السيف واقطعني هاهنا إربا إربا...
قال: أما سمعت قول الله عزوجل (وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين )، وأقر أبو شحمة بما قالت
وكان للخليفة عمر مملوك يدعى أفلح....
قال: خذ ابني هذا فاضربه مائة سوط ولا تقصر في ضربه....
فقال له عمر: فأنزع ثيابه اولا....
فضج الناس بالبكاء والنحيب، وجعل الغلام يشير بإصبعه إلى أبيه ويقول: أبة ارحمنى فقال له عمر: ربك يرحمك ، ثم قال: يا أفلح اضربه....
فلما اوجعه ضربا قال: الامان...
قال عمر: ربك يعطيك الامان...
وكان الغلام ينادي : واغوثاه...
فقال له الخليفة : الغوث عند الشدة...
فلما ضربه خمسين قال: نشدتك بالقرآن لما خليتني.....
قال: يا غلام اضربه...
فلما ضربه ستين قال: يا أبى أغثنى....
قال: إن أهل النار إذا استغاثوا لم يغاثوا.....
فلما ضربه سبعين قال: يا أبة اسقنى شربة من ماء !!!!!...
قال:لاتشرب الماء حتى يطهرك ربك...
قال: يا غلام اضرب !!...
فلما ضربه تسعين انقطع كلامه وضعف.....
فوثب أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله وسلم من كل جانب فقالوا كفى فان الغلام سيموت؟؟..
فأتى الصريخ إلى أمه ، فجاءت باكية صارخة وقالت: يا عمر أحج بكل سوط حجة ماشية، وأتصدق بكذا وكذا درهما....
فقال: إن الحج والصدقة لا تنوب عن الحد، يا غلام أضرب...
حتى سقط الغلام ميتا.....
فقال عمر: الان محص الله عنك الخطايا....
فنظر الناس إليه فإذا هو قد فارق الدنيا!!!.
وضج الناس بالبكاء والنحيب....
"
ونحن نسال بدورنا الي ماذا يهدف عمر من وراء شدته تلك ،هل كان يهدف الي اعلاء كلمة الاله وتحقيق العدل ،ام كان يسعي الي تمكين قريش وازلال كل المناهضين ،فلو كان حريصا علي اعلاء كلمة الله وتحقيق العدل لما سلك مثل هذا النهج او وافق علي قبول منصب الخلافة وخاصة ان ابوبكر اوصي له بها ،وهو مايتنافي مع الديمقراطية والعدل ،وقبوله بالخلافة يعني انه يرفض بشدة فكرة ان يكون الخليفة من خارج حظيرة قريش ،وبالتالي يكون متحيزا لها ضد المكونات الاخري ،وبما ان حكم قريش لايكون الا بواسطة الدين كان لزاما عليه ان يتدثر بثوب القداسة وادعاء العدل حتي
يستعطف قلوب الاخرين ،وهذا الاستعطاف يتم عن طريق ـالادعاء بتطبيق الدين بصورة صحيحة ،اي اقامة الحدود والاعتماد علي الصرامة والشدة في ادارة امورالدولة.ولكن مثل هذه الشدة تتعارض مع مبدا العدل الالهي وكل المعاني الانسانية السامية.
ويعتبر عهد خليفة المسلمين الثاث ،وجامع القران عثمان بن عفان احد نماذج الاستبداد في التاريخ الاسلامي ،بل وصل الامر الي درجة ان خرج المسلمين ومنهم الخلفاء المبشرين بالجنة عليه ،ويرجع السبب في ذلك الي كثرة القمع والفساد في عهده وتحيزه لبني امية مقابل تهميشه للمكونات الاخري ، كما انه يمنح أقاربه من بيت مال المسلمين دون وجه حق، فقد ارود كامل النجار في كاتبه الدولة الاسلامية بين النظرية والتطبيق ان "محمد بن عمر أن عبد الله بن جعفر حدثه عن أم بكر بنت المسوّر عن أبيها أنه قال: قدمت أبل من أبل الصدقة إلى عثمان فوهبها لبعض بني
الحكم ( من بني أمية) من أقاربه " ويشير ذات الكاتب الي ان الناس عابوا علي عثمان مايلي:
- ضربه لعمار بن ياسر حتى فتق أمعاءه، لما كان بينه وبين عباس بن عتبة من خلاف
- وضربه لابن مسعود حتى كسر أضلاعه ومنعه عطاءه، لما احتج أبن مسعود على حرق المصاحف
- وأجلى أبا ذر إلى الربذة
- وأخرج أبا الدرداء من الشام
ولى أبناء أعمامه وأبناء أخواله على المسلمين،( وأجزل لهم العطاء من بيت المال)
وبسبب تازم الاوضاع اعلن عدد من المسلمين من بينهن عائشة زوجة موسس الدين الاسلامي (قاتلوا نعثلا قاتلوا نعثلا) بينما خيره اخرون بين الاصلاح او التنحي ،بيد ان عثمان رفض التنحي واعلن (لن انزع ثوبا البسنيه الله) وحينما بلغت الاوضاع زروتها هاجم المسلمون داره وقاموا بقتله ،فيما رفض البعض حتي الصلاة عليه او دفنه بمقابر المسلمين ،ورغم انه اخطا وانتهك كرامتهم الا ان العدالة تلزم قاتليه بان يحترموا جثته ولكن الذي حدث كان خلاف ذلك حيث ظلت جثته لاكثر من ثلاثة ايام دون ان تدفن.
وينتهج الخليفة الرابع وبن عم الرسول والمتسمك باحقيته في الخلافة والرافض لخلافة ابوبكر،علي بن ابي طالب يتنهج ذات النهج الذي انتهجه السابقون ،ويدخل في نزاعات مسلحة ضد خليفة المسلمين ومؤسس الدولة الاموية معاوية بن ابي سفيان وضد زوجة الرسول وابنة ابي بكر الصديق عائشة فيما يعرف في التاريخ الاسلامي (بالفتنة الكبري)،فتراق دماء الآف الابرياءفي تلك الحرب ،بيد ان اسوا ماقدم علي فعله هو احراقه لعدد من الناس بحجة انهم خارجين علي الدين ،واخرج البخاري في صحيحه عن عكرمة قال:اتي علي رضي الله عنه بزنادقة فاحرقهم فبلغ ذلك بن عباس فقال :لو كنت
انا لم احرقهم لنهي رسول الله (ص) (لاتقربوا بعذاب الله) ولقتلتهم لقول رسول الله (ص)من بدل دينه فاقتلوه).
ورغم ان حق الاعتقاد حق اساسي لكل شخص كما انه لايحق لاحد ان يريق دماء الاخرين بحجة انهم خارجين علي الدين او مرتدين الا ان عليا ايضا قتل شيخ نصراني اسلم ثم ارتد فقال له :لعلك ارتدت لان تصيب ميراث ثم ترجع الي الاسلام ،فقال :لا ،قال :فارجع الي الاسلام قال:حتي القي المسيح قال فامر به فضربت عنقه ،ودفع ميراثه الي ولده من المسلمين )ويختزل عليا هنا ارتداد الشيخ النصراني من الاسلام في اشياءواهية (الميراث والمراة)ولايسال نفسه عن الاسباب الجوهرية التي دعت الشيخ لتفضيل الردة علي الاسلام ،بل انه يطلب منه الرجوع الي دين الاسلام طالما انه لم
يرتد بسبب الميراث والمراة ،واذا افتضرنا بان الشيخ اطاعه ثم رجع الي الاسلام الايكون مثل هذا الاسلام نفاقا وخوفا من القتل ،هل هذه هي حقوق الانسان التي يتحدث عنها المسلمين ،الا تنص حرية الاعتقاد علي حق الشخص في اعتناق مايراه صائبا ،حتي لو كان ذلك المعبود (حجرا) طالما انه التزم بعدم فرضه علي الاخرين ،اليس مافعله عليا هو ذات الشي الذي يمارسه المتطرفون في العصر الراهن ضد الجماعات الاخري ،الا تتجسد حقوق الانسان في مقولة الدكتورة وفاء سلطان (اعبد حجرا ولكن لاتضربني به) اليس الافضل لعليا الذي يشغل اعلي سلطة في دولة يتواجد فيها اصحاب
المعتقدات الاخري ان يامنهم ويقدم لهم الحماية بدلا من احراقهم وضرب اعناقهم ،والدولة بحسب المفهوم الحديث تخص جميع مواطنيها وليست حكرا علي جماعة عرقية او ثقافية او دينية دون المجموعات الاخري ،وبهذا الاساس فان دولة المدينة ليست خاصة بالمسلمين فقط ،بل ان هنالك مواطنون ينتمون للاعراق المعتقدات الاخري ،والواجب علي الخليفة في هذه الحالة تحقيق العدل والسلام والتعايش السلمي بين كافة تلك المكونات ،وليس التحيز لعرق او دين ما ضد الاخريات ولوكان عليا عادلا لما اقدم علي حرق وضرب اعناق الاخرين بحجة انهم خارجين علي الدين ،لان الدين امر
خاص بين الانسان وذاته ،كما ان الاله لم يمنح احدا حق التدخل في حياة الاخرين ومراقبة ضمائرهم ،ومثل هذا السلوك يعتبر ضد كل المبادي السامية .
وبلغ الاستبداد والقمع زروته في عهد الدولة الاموية بقيادة معاوية بن ابي سفيان الذي ينتمي لبني امية احدي اعرق بيوتات قريش ،وتعود رغبة بني امية في السيطرة علي مفاصل الدولة منذ وفاة الرسول بيد ان تلك الرغبة تحققت في عهد الخليفة الثالث عثمان بن عفان الي ان استقر الامر في عهد معاوية والذي استولي علي الخلافة عن طريق الخداع والمداهنة في حادثة التحكيم الشهيرة ،ويعترف في احدي خطبه انه استولي علي الحكم عنوة ،ويقول حسب ما ورد في العقد الفريد لابن عبد ربه (اما بعد فاني والله ماوليتها منكم بمحبة علمتها منكم ولكني جالدتكم بسيفي هذا)ويعلن مرة
اخري انه اعقل الناس بامور الدنيا والاخرة ويقول حسب ماجاء في البداية والنهاية لابن كثير الجزء الثامن (ايها الناس اعقلوا قولي فلن تجدوا واحدا اعلم بامور الدنيا والاخرة مني )،واتصف معاوية بالشدة والمداهنة والخداع ،وكان يفتك بخصومه من السياسين ويبيح دمائهم ،ولتبرير ذلك يقول في اخدي خطبه حسب ماورد في تاريخ بن كثيرالجزء السادس (اني لا احول بين الناس والسنتهم مالم يحولوا بيننا وبين ملكنا ) اي انه لايقتل الا حينما يقوم الاخرين بتهديد عرشه ،وكأن الخلافة امر خاص به او بعشيرته .
ولكي لا تذهب الخلافة الي بطون قريش الاخري او تخرج من حظيرة بني امية لجأ الي توريث ابنه يزيد خليفة للمسلمين رغم اتصافه بالمجون والعربدة ،وعندما قوبلت تلك الخطوة بالرفض واعلان اتباع علي بن ابي طالب احقيتهم بالخلافة قام سلفه (اي يزيد) بقتل الحسين بن علي ليقطع الطريق امام تلك الاصوات النشاز ،ولكن عند اشتداد الامر ،امر يزيد بن معاوية بمهاجمة مدينة الرسول المقدسة في انتهاك واضح لحقوق الانسان وحرمة الامكنة المقدسة ،بل انه اباح المدينة لجيشه الذي فض بكارة (الف بكر) من بنات اصحاب الرسول وعشيرته وانصاره ،كما انه دمر الكعبة بالمنجنيق
والحجار ة،ويورد بن الاثير في الكامل تلك الحادثة ويذكران (ان عبدالله بن حنظلة غسيل الملائكة خطب في اهل المدينة خطبة قال فيها )فوالله مااخرجنا علي يزيد حتي خفنا ان نرمي بالحجارة من السماء _ان رجلا ينكح الامهات والبنات والاخوات ويشرب الخمر ويدع الصلاة ..والله لو لم يكن معي احد الناس لابليت لله فيه بلاءا حسنا) فغضب يزيد من ذلك فارسل جيشا مولفا من ثلاثين الف من اهل الشام وعليهم مسلم بن عقبة فقال له: السيف السيف اجهز علي جريحهم واقبل علي مدبرهم واياك ان تبقي عليهم )ويشار الي انه قتل مايقارب الالف و700قتيل واغتصاب الف امراة .ويعتبر ما
فعله يزيد جرائم ضد الانسانية ويعاقب عليها القانون الدولي الانساني ،فهو يعتدي علي الابرياء والمدنين العزل لاسبب ،فقط لان كان يسعي الي استئصالهم والحط من كرامتهم .
ويستمر القمع والاستبداد في عهد بني امية ،وهذا مروان بن عبد الحكم احد خلفاء المسلمين يتوعد رعيته بعد اغتياله لابن الزبير ،ويعلن بانه لايعالج امراضهم سوي بالسيف ،ويقول حسب مااورده السيوطي في تاريخ الخلفاء (اما بعد فلست بالخليفة المستضعف _يعني عثمان_ ولاالخليفة المداهن _يعني معاوية _؛الا واني لا اداوي ادواء هذه الامة الا بالسيف حتي تستقيم لي قناتكم ..فلم تزدادو الا عفوية حتي يحكم السيف بيننا وبينكم ...والله لا يامرني احد بتقوي الله بعد مقامي هذا الا وضربت عنقه)..تامل ايها القاري الي هذا الخطاب الذي يتسم بالعنف والارهاب ولكن اسوا
مافي الامر انه يصدر من شخص يزعم انه خليفة رسول مرسل من اله الكون ،خليفة يصف من سبقوه بالضعفاء والمداهنين ويتوعد رعيته بالقتل ،ورغم اتفاقنا معه في الاولي (اي المداهنة والضعف) باعتبارها حقائق واقعية لايمكن نكرانها ،الا اننا نختلف معه في الثانية (القتل) فليس من المنطق ان نريق دماء الاخرين لانهم يخالفونا في الراي والاتجاه السياسي او يدعونا الي مخافة الله ،ولكن يبدو ان مروان اما لايخشي الله او انه يدري مدي الاستغلال السي ء للدين وبالتالي فانه يرفض ان يقوم البعض باستخدام سلاح الدين لنقد ورفض قراراته السياسية ،الامر الذي يشير الي
رغبته في فصل الدين عن السياسة وخاصة عقب الاستخدام السيء له خلال الفتنة الكبري ،ومهما يكن من امر و بغض النظر عما يهدف اليه مروان الا ان الحقيقة التي لابد ان نضعها في الاعتبار انه كان مستبدا وديكتاتورا ويشبه سلوكه كثيرا مايصدر من انظمة الشخص او الفرد او الزعيم الملهم ومثل هذه الانظمة لاتحترم حقوق الانسان اوتضعه موضع الاهتمام.
اما دولة الخلافة العباسية فهي الاخري سارت علي ذات النهج السابق ،حيث سمي موسسها ابي جعفر المنصور (بالسفاح) لماذا؟ لانه اتصف بالشدة والقمع والارهاب واول خطوة اتخذها عقب جلوسه علي سدة الحكم انه امر بقتل كل امراء بني امية ،بجانب اخراج ونبش جثث خلفائهم وحرقها ،ويورد فرج فودة تلك الحادثة بالاستناد الي الكامل لابن اثير (فنبش قبر معاوية بني ابي سفيان ،فلم يجدوا فيه الا خيطا مثل الهباء ،ونبش قبر يزيد فوجدوا فيه حطاما كأنه الرماد ،ونبشر قبر عبدالملك بن مروان فوجدوا جمجمته ،وكان لايوجد في القبر الا العضو بعد العضو غير هشام بن عبدالملك
فانه وجود صحيحا لم يبل منه الا ارنبة انفه فضربه بالسياط وصلبه وحرقه وذراه في الريح ،وتتيع بني امية من اولاد الخلفاء وغيرهم فاخذهم ولم يفلت منهم الا رضيع او من هرب الي الاندلس) ورغم ان مافعله امراء بني امية كان سيئا ولا اخلاقيا وضد العدالة الانسانية الا ان ذلك لايمنح الحجاج المشروعية التي تخوله لان ينبش قبورهم ،لان كرامة الانسان فوق كل شي ،فنحن لايمكن ان ننبش قبور الناس او نمثل بجثثهم بسبب افعالهم السيئة التي ارتكبوها بحقنا ،ومثل هذا الاسلوب اقرب للانتقام من تحقيق العدالة ،والانتقام يعتبر ضد ماتدعو اليه حقوق الانسان.
كماان إبراهيم الإمام زعيم الدعوة العباسية ارسل اليي إلى وكيله أبي مسلم الخراساني حسب ما ورد في كتاب كامل النجار السابق يقول له: " إن استطعت ألا تدع بخراسان أحدا يتكلم العربيةً إلا قتلته فافعل! وأيما غلام بلغ خمسة أشبار تتهمه فاقتله، وعليك بمضر فإنهم العدو القريب الدار، فأبد خضراءهم ولا تدع في الأرض منهم دياراً" . وقد طبق أبو مسلم في خراسان هذه السياسة المعادية للعرب تطبيقاً حرفياً، فقتل في بضع سنين ستمائة ألف رجل غيلةً بغير قتال"
ويتواصل ذات السيناريو السابق في عهد الحجاج بن يوسف الذي وصل عدد ضحاياه من القتلي حسب ماشار اليه بن عبد ربه في العقد الفريد الجزء الخامس ،والمسعودي في مروج الذهب صفحة الجزء الثالث وصل الي (مائة وعشرين الف ،ومات في حبسه خمسون الف رجل وثلاثون الف امراة ،وقد احصوا ضحاياه في السجون فوجدوا ثلاثة وثلاثين الف من الابرياء الذيم لم يرتكبوا اي جريمة ،وكان يحبس الرجال والنساء في مكان واحد)..ثمة سؤال يفرض ذاته بشدة الا يعتبر قتل 100 الف شخص جريمة حرب او ابادة جماعية ، ،حيث تشمل جريمة الحرب(القتل العمد،التعذيب،المعاملة اللا انسانية ،تعمد
احداث معاناة شديدة او الحاق اذي خطير بالجسم والصحة ،الاعتداء علي كرامة النفس ،وبخاصة المعاملة المهينة والحاطة بالكرامة ،استعمال العنف ضد الحياة والاشخاص وبخاصة القتل بجميع انواعه والتشويه والمعاملة القاسية والتعذيب ،اصدار احكام تنفيذ واعدامات دون وجود حكم سابق صادر من محكمة) وهل ارتكاب كل تلك الاشياء يتماشي مع ماتدعو اليه الانسانية .
ولكن القمع والقهر والارهاب خلال التاريخ الاسلامي لم يتوقف علي العامة فقط ،بل انه شمل حتي العلماء والمفكرين ،حيث قتل المقفع علي يد الخليفة المنتصر بسبب ترجمته لكتاب كليلة ودمنة ،كما ان الخليفة الواثق يقتل كل من المفكر والعالم والفقيه احمد بن نصر الخزاعي ويقيده بالسلاسل ويغتال الحلاج ،ويتعرض ابوحنيفة احد اكبر علماء المسلمين للاهانة والتعذيب من قبل الخليفة مروان بن محمد اخر خلفاء بني امية ،ويواجه محمد بن ادريس الشافعي ذات المصيرعلي يد الخليفة هارون الرشيد ،علاوة علي ذلك يضرب احمد بن حنبل في عهد المعتصم بسبب قضية خلق القران
،ويتعرض الفقيه مالك بن انس للجلد والضرب من قبل ابي جعفر المنصور ،ويقتل الخليفة المهدي الشاعر بشار بن برد ،ويذكر الكاتب احمد صبحي منصور في حرية الراي بين الاسلام والمسلمين ان الامويين قاموا بضرب عمار بن ياسر حتي فتقوا امعائه ،وبن مسعود حتي كسروا اضلاعه ،ونفوا اباذر لانه دافع عن حق الفقراء ،وطردوا ابو الدرداء من الشام بسبب اعتراضه علي سياسات معاوية بن ابي سفيان . والحوادث الخاصة بالقمع والارهاب والقتل كثيرة الا اننا نكتفي بذكر هذه الاحداث فقط حتي لا نشوش علي القاري ذهنه ،وان دلت هذه الاحداث علي شي فهي تدل علي بعد الخلفاء عن
الحق والعدل وعدم احترامهم لارادة الانسان في ان يعيش حرا ويفعل ويعتقد مايراه صائبا دون قسر او اكراه. "4" حرية الاعتقاد الحق الغائب في الاسلام
اشرنا في وقت سابق الي ان حرية العقيدة التي تنص عليها اعلانات حقوق الانسان حسبما يوكده المفكر سامح سعيد في ـ التغيير الاجتماعي ـ اعطاء الحرية لكل انسان ليعتقد مايراه صائبا وان يدافع عنها وان يدعوا لها وان يسلك ماتمليه عليه عقيدته في حدود الحريات العامة والا يضطهد او يحرم من اي من حقوقه كانسان اومواطن بسبب عقديته ،نجد حرية الاعتقاد في الفقه السائد تتضمن ان يكون غير المسلمين مخيرين دائما بين ثلاث؛الاسلام،الجزية،الحرب، ولايسمح باي حريات في الاعتقاد والعبادة الا لاصحاب الديانات السماوية (الذين يسددون الجزية) ولايتولون المناصب
العليا والتجنيد في الجيش . ورغم ان النصوص القرانية يمكن تقسيمها الي ايات الاسماح وايات السيف التي تدعو الي القتال والاكراه الا ان حرية الاعتقاد ظلت غائبة في التاريخ الاسلامي منذ عهد موسس تلك الديانة ،حيث لايعترف الاسلام بالاديان والمعتقدات الاخري ويعلن بان الدين عند الله الاسلام ويوكد بان (من يبتغي غير الاسلام دينا فلم يقبل منه)،ويستنكر الاسلام فكرة خروج احد الاشخاص عليه ،ويحث الي قتاله وارقه دمائه .
الدعوة الي قتال المرتدين
ترفض المعاني الانسانية السامية اقسار احد ما لاتباع دين قد يكون ضد توجهاته وارادته ،كما انها تمنح الانسان الحرية للتبشير والدعوة الي معتقده وممارسة كافة طقوسه وشعائره الدينية وبناء الاماكن الخاصة بها ،وتشمل حرية الاعتقاد ايضا حق الانسان في تبديل او تغيير دينه متي مارغب بذلك ،والدين امر خاص بين العبد وربه ،وليس هنالك شخصا وصيا علي الاخرين ،فالانسان سيد ذاته ووصيا عليها،ولكن الامر في الاسلام الذي يقوم علي الفطرة فهو خلاف ذلك حيث يعتبر كل من ولد لاب مسلم (مسلم)ولايسمح له باعتناق عقيدة غيرها او الخروج عليها (اي الاسلام) الا وطبقت
عليه حد الردة ،ويعرف بعض علماء المسليمن الردة _بانها الرجوع او الخروج علي الدين ،وحكم المرتد _ ان يفرق بينه وبين زوجته ،ويمنع من التصرف في ماله ،لايرث ولايورث_ولكن اسوا مافي الامر ان تباح دمائه ،واختلف علماء المسلمين حول قتل المرتد،حيث يري البعض انه لايمكن ان يقتل ويستدلون بالاية (من شاء فليومن ومن شاء فليكفر)(لست عليهم بمسيطر ) بيد ان البعض الاخر يذهب خلاف ذلك ويشددون علي ضرورة قتل المرتد ويستدلون (قاتلوا ائمة الكفر انهم لاايمان لهم) كما انهم يستدلون بالحديث(عن بن عباس قال (ص) من بدل دينه فاقتلوه )،ونسب ايضا الي محمد حديث (لايحل
دم امرئ الا باحدي ثلاثة وذكر التارك لدينه المفارق للجماعة) يورد التاريخ عدة حالات طبق فيها حد الردة ،واخرج البخاري في صحيحه بسنده الي الي بن مالك (ان النبي (ص) دخل مكة يوم الفتح وعلي راسه المغفر،فلما نزعه جاءه رجل فقال :ابن حنظل متعلق باستار الكعبة ،فقال:اقتله) كما ان خليفته علي بن ابي طالب طبق حدة الردة علي شيخ اسلم ثم ارتد فقال له علي لعلك انما ارتدت لان تصيب ميراثا ثم ترجع الي الاسلام ، قال :لا قال :فلعلك خطبت امراة فابوا ان يزوجوكها فاردت ان يزوجوكها ثم تعود الي الاسلام ،قال:لا،قال:فارجع الي الاسلام ،قال حتي القي المسيح ،قال فامر
به فضربت عنقه ودفع ميراثه الي ولده من المسلمين.بل ان ذات الخليفة امر بحرق بعض الناس بحجة انهم مرتدين وخارجين علي الدين.وتقف حروب الردة ايضا شاهدا علي قضية عدم وجود حرية اعتقاد في تاريخ الاسلام والمسلمين .ويبرر الامام بن تيميه حد الردة ويقول (فانه لو لم يقتل ذلك المرتد لكان الداخل الي الدين يخرج منه فقتله حفظ لاهل الدين وللدين ،فان ذلك سيمنع النقائص ويمنعهم من الخروج عليه ).
والمنطق يقول بان حرية العقيدة حق انساني اصيل ولايمكن لااحد ان يعاقب الاخر لانه خرج او ارتد عن ديانة كان يومن بها ،فالذي يعاقب هو الاله ،كما ان قضايا الايمان والكفر قضايا غيبية بحته ولايعلمها الا ذلك الاله،وقد يدعي البعض انه يعنتق دين ما بيدانه واقعيا يحتمل الا يعتنقها ،وقد يعتنق اخر دين ما لانه خائف علي نفسه ،واذا كان الغرض من الدين هو تحقيق العدل لما سعي محمد واتباعه الي فعل ذلك ،ودعا الي قتال المرتدين . كما ان ذات المنطق يشيرالي انه لو كان الذي ارسله عادلا حسب مايزعم لما حثه الي قتال المرتدين وخاصة ان قانون القضاء القدر يشير
الي ان الاله يحدد حياه الشخص قبل ولادته،اي ان المسلم كان مسلما بارادة الله وكذلك الامر مع الكافر والملحد،وطالما ان الله خلق شخصا ما كافر او مرتد فلاينبغي ان يحرض الاخرين ليقتلوه اويريقوا دمائه .ولك عزيزي القاري ان تتمعن العواقب التي يمكن ان تواجه الانسان بسبب خروجه علي الدين او استبداله (يفرق بينه وبين زوجته ،لايرث ولايورث،ثم يقتل) هل هذه هي حقوق الانسان ؟ هل هذا هو العدل الذي الذي يتحدث عنه علماء المسلمين ؟هل الاسلام دين عدل ومساواة؟ هل العدالة والمساواة تعنيان قتال الاخر المختلف ،وكيف يعقل ان يامر (رسول الله)بقتل احد الناس
لالسبب _فقط_لانه ارتد عن دينه ،بل وان امر القتل يكون داخل مكان يزعم انه (بيت الله) وكيف يدعو دين الله الي الاعتداء علي الاخرين دون اي اسباب موضوعية ،وماذا يضير الله ان ارتد احدما عن دينه ،هل سيتبب ذلك في القضاء علي كلمة الله او يقلل من شانه وينتقص من هيبته وجلالته .
احتقار واضطهاد اصحاب المعتقدات الاخري
هنالك فرق بين (الملحد) الذي لايومن بوجود اله ،(والكتابي اوالمتدين) الذي يعتنق ديانة ما سواء كانت سماوية او غير سماوية ،ولايمكن اعتبار اصحاب المعتقدات الاخري (كفارا وملحدين) باي شكل من الاشكال ،كما انه لايمكن اقسارهم( الملحد والمتدين) لاعتناق دين قد يكون ضد توجهاتهم او اراقة دمائهم لانهم لايعتنقون مانعتنقه ،والواجب يفرض علينا حسب ما تنص اعلانات حقوق الانسان ان نمنحهم الفرصة للتعبير عن ذواتهم والتبشير لمعتقداتهم والحصول علي المناصب العليا،بيد ان الاسلام ابت نفسه الا ان ينتهج نهجا مغاير لذلك،حيث تعرض اصحاب المعتقدات الاخري خلال
عهد الدولة الاسلامية لابشع انواع الاضطهاد والقهر ،لان الدين عند الله الاسلام،كما ان غير المسلم يعتبر بمثابة الكافر والملحد،ويبرز ذلك القهر والاضطهاد بصورة واضحة في تخييرهم بين ثلاثة(الاسلام ،الجزية،الحرب)ويعلن القران (قاتلوا الذين لايومنون بالله واليوم الاخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله ولايدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) فشرط ممارسة الشعائر الدينية هو دفع الجزية ،وعدم دفعها يعني اما الدخول في الاسلام او الحرب واراقة الدماء ،ويفتقر الاخر المختلف في الاسلام ودولته لابسط لابسط حقوقه
التي منحهها له الاله، فهو لايحق له الزواج من نظيره المسلم ،ويورد القران مايشير الي ذلك ،حيث يعلن( ولاتنكحوا المشركات حتي يومن ،ولامة مؤمنة خير من امة مشركة ولو اعجبكم اولئك يدعون الي النار والله يدعو الي الجنة) ويقول الامام الرازي في التفسير الكبير الجزء السادس وابن كثير الجزء الاول بخصوص تفسير تلك الاية(فلا خلاف هنا ان المراد به الكل _جميع غير المسلمين_وان المؤمنة لايحل لايحل تزويجها من الكافر البتة علي اختلاف انواع الكفرة)ويضيف الشافعي في احكام القران الجزء الاول (وان كانت الاية نزلت في تحريم نساء المسلمين علي المشركين من
مشركي اهل الاوثان يعني قوله عزوجل (ولاتنكحوا المشركين حتي يومنوا) فالمسلمات محمرمات علي المشركين منهم بالقران بكل حال وعلي كل مشركي اهل الكتاب لقطع الولاية بين المسلمين والمشركين ) ويبرر الامام الكاساني ذلك (لان الزوج يدعوها الي دينه والنساء يتبعن الرجال فيما يؤثروا من الافعال ويقلدونهم في الدين ) ويشير الي انه لايمكن ان تزوج المسلمة الكتابي والوثني والمجوسي .
ويقول مالك حول تحريم زواج المسلمة من غير المسلم في المدونة الكبري الجزء الرابع (الا تري ان المسلمة لاتجوز ان ينكحهها النصراني او اليهودي علي اي حال وهي اذا كانت نصرانية تحت نصراني واسلمت فان الزوج املك بها ماكانت في عدتها ولو ان نصرانيا ابتداء نكاح مسلمة كان النكاح باطل)ويضيف الشافعي مرة اخري(فاذا اسلمت المراة اوولدت علي الاسلام او اسلم احد ابوييها وهي صبية لم تبلغ حرم علي كل مشرك كتابي او وثني نكاحها بكل حال) وواضح ان العلماء المسلمين يخلطون هنا بين الكتابي والملحد ،ويعتبرون اصحاب المعتقدات الاخري ملحدين،ويحرمون زواجهم من
المسلمات، لماذا؟ لان ( النساء ضعيفات عقول ويتبعن ازواجهن فكريا ودينيا )،هل هذه هي حقوق الانسان ،الا يعتبر الملحد او الكتابي انسان قبل اي شي ،ومن حقه ان يعيش مكرما وعزيزا ،اليس الزواج امر انساني يتم بالتراضي بين الزوجين ولاعلاقة لذلك بالمعتقد ،وايهما افضل ؟ الزوج الملحد والكتابي الصالح،ام ذلك المسلم الفاسق،وهل يتحمل احد الزوجين مسؤلية كفر الاخر وخروجه علي الدين وخاصة وان ذات الدين يشير الي انه (لاتزر وازرة وزر اخري)، وماموقف النصرانية اواليهودية التي اسلمت وزوجها يعتنق احد تلك الديانات ،هل تطلق ويخرب بيتها ام تترك علي حالها ،
ولك ايها القاري ان تنظر الي قول الشافعي الذي يشير الي ان الهدف من تحريم تلك الزيجة هو قطع العلاقة بين المسلمين والمشركين ورغم هذا يعتبر من اعظم قادة الاسلام والمسلمين .
ويتضح بصورة قاطعة ان الاسلام باتباعه لمثل هذا النهج يعتبر الاخر المختلف دون مستوي البشر (جزية وعدم زواج واختلاط) هل هذه هي الانسانية التي ينسبها البعض للاسلام_تفضيل المسلمين علي غير المسلمين في الحقوق والواجبات)فان كان الاله يرغب بذلك فلماذا خلقهم مختلفين،الايعتبر مثل هذا السلوك انتهاك لحقوق الاخرين وانتقاصا من كرامتهم ،اي دين هذا الذي يمنع الناس من زواج الاخر المختلف،واي دين هذا الذي يميز الناس حسب المعتقدات والثقافات والتوجهات السياسية ويحط من شان الاخرين ويحتقرهم ،واي دين واي حقوق انسان تلك التي تعتبر المراة ادني من
الرجل بحجة انها ضعيفة العقل .
ورغم ان الاسلام يحرم زواج المسلمة من غير المسلم الا انه في ذات الوقت يبيح العكس ،فيسمح للمسلم بان يتزوج من غير المسلمة (نصرانية او يهودية) ويعلن (اليوم احل لكم من الطيبات وطعام الذين اوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المومنات من الذين اوتوا الكتاب من قبلكم اذا اتيتموهن اجورهن غير مسافحين وغير متخذي اخدان) ويقول الطبري في تفسير تلك الاية (يعني الحرائر من الذين اوتوا الكتاب وهم اليهود والنصاري الذين دانوا بما في التوراة والانجيل من قبلكم ايها المومنون بمحمد من العرب وسائر الناس ان تنكحوهن ايضا اذا اعطيتم من نكحتم من
محصناتكم ومحصناتهم اجورهن وهي مهورهن) .
مماسبق واستنادا بما ورد في القران يتضح ان الهدف من ذلك الزواج هو ترسيخ معادلة الزواج الاحادية الاتجاه ،لاعادة انتاج اصحاب المعتقدات الاخري داخل بوتقة الاسلام ،فالعرف الاسلامي ينسب الاباء لابنائهم وحينما ينجب زوجا مسلم وزوجة غير مسلم طفلا سيعتنق الدين الخاص بوالده ويكون مسلما بالفطرة ،اما عندما يحدث العكس فستنمي الطفل للدين الاخر الخاص بالزوج،وهو مايكون ضد مشروع اعادة الانتاج وتوسيع بوتقة الاسلام،فالاسلام بهذا الشكل يرغب في المزيد من الاتباع ليقوي شوكته حتي لو كان ذلك بانتهاك كرامة الاخرين والتقليل من شانهم.
ولايتوقف امر الاسلام عند ذلك الحد فيما يختص بعلاقته بالاخر المختلف ، حيث يحرم ويمنع الاسلام مولاة اليهود والنصاري ويعلن(ياايها الذين امنوا لاتتخذوا اليهود والنصاري اولياء بعضهم اولياء بعض ومن يتولهم منكم فانه منهم ان الله لايهدي القوم الظالمين) ويوكد (لاتجد قوما يؤمنون بالله والرسول يوالون من حاد الله ورسوله ولوا كان ابائهم ...) فالاسلام يعتبر بان من يوالي تلك الفئات فهو منهم ،وبالتالي سيجد ذات المعاملة والاحتقار ،ويتعامل علي حسب قاعدة (امامعي اوضدي)،كما انه يمنع مولاه (الوالدين والابناء) اذا كانوا لايومنون بذات الدين
الذي نومن به، ويشير الي ان اليهود والنصاري اشد الناس عداوة للمومنين ويزعم(لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود والنصاري والذين اشركو..) ويصفهم بالمغضوب عليهم والضالين والدواب والانعام ،ولكن السؤال الذي يفرض ذاته هل يعقل ان يكون كل اليهود والنصاري اعداء او اشد عداوة لاتباع محمد من المسلمين؟ الواضح ان هذه النصوص تعمم صفة (العداوة) علي كل اليهود والنصاري،بيد ان المنطق يدحض ذلك ،فيمكن ان يكون بعض اليهود او النصاري اعداء للمسلمين ولكن ذلك لايعني بان كل اليهود والنصاري اعداء ايضا ،لان البعض لايمثل الكل ،وبذات المقياس هنالك
بعض الاعراب اشد كفرا ونفاقا ولكن ذلك لايعني (ان الاعراب اشد كفرا ونفاقا) وتعميم تلك الصفة عليهم قد يكون انتهاك من كرامتهم الانسانية وتقليلا من شانهم.كما ان وصفهم او دواب او انعام او قردة وخنازير يكون ضد كل ماتدعو اليه اعلانات حقوق الانسان ،فلا يعقل ان يخلق الاله شخصا ما ويكرمه من دون المخلوقات الاخري لياتي في موقف اخر ويصفه بالدابة بالقرد والخنزير ،فان كان ذات الاله يرغب في وصف الناس بالقردة والخنازير فلما خلقهم بشر،اليس الافضل له ان يخلقهم قردة وخنازيراو دواب من البداية حتي لايقع في هذه المتاهة ويسقط في نظر الانسان،فالقران
يصف الاله بالطهر والعدل والمساواة ،وياتي مرة اخري لينسب اليه (كلام بذئ) ويجعله ظالما وبذئ، اي اله هذا؟.
ورغم ان الاسلام _حرم زواجهم من المسلمة ،واباح الزواج منهم،ووصفهم بابشع الصفات،ورفض مولاتهم،وخيرهم بين الجزية والاسلام والحرب ،الا ان المسلمين لم يتوقفوا عند ذلك الحد ،حيث استمر اضطهاد الاخر المختلف (كتابين وملحدين) في دولة المدينة بعدة اشكال منها تضييق الخناق عليهم وقتالهم وحرمانهم من ممارسة طقوسهم الدينية وشعائرهم الا بعد ان يدفعوا الجزية ،ولكن الامر الموسف ان محمد تسبب في اجلاء اليهود كما ان خليفته عمر بن الخطاب امر باجلاء جميع نصاري نجران ببلاد العرب الجنوبية بعد توتر العلاقة بينهم ودولة المدينة ،وتعتبر دولة الجزيرة
العربية وخاصة مكة والمدينة مجتمع متعدد يضم العديد من المكونات الثقافية والاجتماعية من يهود ونصاري ووجود تلك المكونات يعني وجود اماكن مقدسة لهم،بيد ان الناظر للاوضاع منذ اندلاع وبروز ظاهرة الفتوحات الاسلامية يري اختفاء تلك المجموعات واختفاء اماكنهم المقدسة ،وهنا يبرز السوال الذي طرحه المفكر رمضان عبد الرحمن علي في مقال له بالحوار المتمدن ( من الذي اعطي القرار باجلاء اليهود والنصاري منذ وفاة الرسول وحتي الان، وهل اتي لهولاء وحي بذلك ونحن لم نعلم به) ويضيف (ثم ان وجود اليهود والنصاري في عصر الرسول هذا يعني انه كانت لهم دور
عبادة ومعابد وكنائس ..وهنا نسال اين ذهبت تلك الدور،وهل قام المسلمين بهدم هذه الاماكن بعد وفاة الرسول بحيث لم يكن لها اي اثر).
ويقسم المسلمين العالم الي دار للسلام وهي تلك التي تخصهم ،ودار اخري للحرب خاصة بالاخر المختلف ،كما ان علمائهم يرفضون فكرة ان يشغل ذلك المختلف احد المناصب السيادية في الدولة التي يقطون بها،ويطالبون بضرورة ان يكون الحاكم مسلم ،وبينما يجلس المسلمون علي قمة الهرم السياسي بالدولة فان غير المسلم سيكون عليه الجلوس في اسفل ذلك الهرم .
قتال المشركين
يستمر الاسلام في انتهاك حقوق الانسان ،ويحرض اتباعه علي قتال من يصفهم بالمشركين والكفار ،ويعلن( قاتلوا المشركين كافة كما يقاتلونكم كافة) ويضيف (قاتلوا الذين لايومنون بالله واليوم الاخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله من الذين اوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) ويقطع (ياايها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم وماواهم جهنم وبئس المصير) ويوكد(قاتلوهم حتي لاتكون فتنة ويكون الدين لله)ويعلن(ياايها النبي حرض المومنين علي القتال ان يكن عشة منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين وان يكن منكم مائة يغلبوا الفا من الذين كفروا
بانهم قوم لايفقهون) ويزيد(قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مومنين)، ويعلن الرسول (امرت ان اقاتل الناس حتي يشهدوا ان لا اله الا الله وان محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويوتوا الزكاة فاذا فعلوا عصموا مني دمائهم واموالهم) ورغم كل ذلك يزعمون بان الاسلام سبق الانسانية في الاعتراف بحقوق الانسان،تامل معي ايها القاري العزيز_دين يدعو الي قتال المشركين كافة،ولكن من المشرك ؟ المشرك هو حسب حديث موسس تلك الديانة هو الذي لايدين دين الاسلام،بل ويرهن ذلك الرسول ايقاف ضرب الاعناق بالايمان به وبالهه ودفع الذكاة
واقامة الصلاة ،اي انه يعلن بصورة لاشعورية (بان طاعته والالتزام بتعاليمه سينقذ الاخر المختلف من القتل) ،ويوكد ذات الدين بان مصير المشركين سيكون العذاب في الدنيا (بايدي المسلمين) وعذاب في الاخرة بواسطة(الله) ولكن لماذا؟ لانهم كفروا ،الم يعلن قانون القضاء والقدر الذي يشير اليه الاسلام ان الانسان كتب قدره قبل ان يولد،فالكافر كافر قبل ان يولد،وكذلك الامر مع المسلم ،فاذا كان الله خلقني اوارادني ان اكون كافرا فلماذا يحرض الناس لقتالي ،اليس الله بهذه الطريقة ظالما وجائرا،بل ان الاسلام يبشر الذين يقتلون الاخر المختلف بالجنة والحور
الحين ، ويشير الرسول الي ان الجهاد في سبيل الله افضل الاعمال ،ويقول حسب مارواه عبدالله بن مسعود (سالت رسول الله (ص) يارسول الله اي الاعمال افضل فقال:الجهاد في سبيل الله..) ويعلن عمر بن الخطاب في احدي خطبه (ان الجهاد باب من ابواب الجنة فتحه الله لخاصة اوليائه) . وانتشر الجهاد خلال التاريخ الدولة الاسلامية ،ففتح المسلمين عدد من الدويلات والممالك ،واخضعوا الكثير من الشعوب والامم تحت سيطرتهم .ولكن اغرب مافي امر الاسلام انه يحثك الي قتل انسان قد يكون برئ وحينما تقتله يكون نصيبك الجنة رغم ان ذلك الشخص لم يعتد عليك او ينتهك كرامتك.
وفيما يصف البعض دين الاسلام بالارهاب ،يذهب المفكرين المسلمين خلاف ذلك ،ويعتبرونه دين سلام ومحبة ،ويوكدون بان الاسلام دعا المسلمين الي الدفاع عن انفسهم وليس الاعتداء علي الاخرين،ويشيرون الي ان ايات السيف كانت دفاعية ونزلت من اجل حث المسلمين الي قتال كل من يعتدي عليهم،اي بمعني اخر انها ظرفية تنتهي بانتهاء العدوان والاعتداء،ويستدلون بعدة نصوص تسمي بايات الاسماح حيث يقول القران( من شاء فليومن ومن شاء فليكفر )،(ادعو الي سبيل ربك بالحكمة والموعظة وجادلهم بالتي هي احسن)،(فان اعتزلوكم فلم يقاتلوكم والقوا اليكم السلم فما جعل الله
عليكم سبيل)(فذكر انما انت مذكر.لست عليهم مسيطر)،(فان تابواواقاموا الصلاة فاخوانكم في الدين ونفصل الايات لقوم يعلمون)، ولكن هذه الايات ليست معيارا لقياس مدي التزام الاسلام بمعاني العدالة والمساواة وحقوق الانسان،وهذه الايات لاتسوي شي بالمقارنة بالنصوص التي تدعو الي القتال والعنف ،كما ان المسلمين لم يلتزموا باتباعها سوي في بعض الحالات ،واذا افترضنا بان ايات الجهاد كانت بسبب اعتداء الكفار والمشركين علي المسلمين فيكف نفسر حديث الرسول الذي يعلن بان مهمته هي قتال الناس حتي يومنوا به وبالهه ويقيموا الصلاة ويعطوا الزكاة، هل في ذلك
مايشير الي انه كان في حالة دفاع عن الذات، وكيف نفسر قول القران(قاتلوا الذين لايومنون بالله واليوم الاخر ولايحرمون ماحرم الله ورسوله ولايدينون دين الحق من الذين اوتوا الكتاب حتي يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون)،فهل الاعتداء علي الاخرين وتخييرهم بين الجزية والحرب والاسلام يعتبر دفاع عن الذات،وان كان المسلمين في حالة دفاع فما جدوي الجزية ،هل هي تاديب ام انتقام ،واذا زعمنا ايضا ان الجهاد دفاع عن الذات ،فلماذا يحث الاسلام الي قتال المشركين كافة وخاصة ان هنالك بعض المشركين ابرياء او لم يبادروا بالاعتداء والعدوان،وهل قتالهم بسبب
انهم (يقاتلوكم كافة ) ام لاستئصالهم وشفاء غيظ المومنين.
وبعد ان دعا الي قتالهم منع ايضا مولاتهم واعلن (لاتجد قوما يومنون بالله واليوم الاخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا ابائهم او ابنائهم اواخوانهم اوعشيرتهم)ويضيف"ياايها الذين امنوا لاتتخذوا ابائكم واخوانكم اولياء ان استحبوا الكفر علي الايمان ومن يتولهم منكم فانه منهم فاولئك هم الظالمون".من يوالي (امه وابيه واخيه الكافر) لايومن بالله واليوم الاخر ،كما انه ظالم .هل حرمان الشخص من ذويه هي ماتدعوا اليه حقوق الانسان ،ولماذا منعت المولاة،هل بسبب الكفر ،ام بسبب الخوف من التحيز في الحرب اي حتي لايناصر المسلم اخيه الكافر ويرجح كفته
في الحرب ،ويجرد الاسلام الذين يصفهم بالكفر من انسانيتهم ،ويعتبرهم دواب وحمير ويعلن (ان شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لايومنون ) كما انه يحرم زواجهم من نساء المسلمين .والكافر او المشرك حسب القران يجب_ ان تراق دمائه ،ولايوالي من اقرب الناس اليه،ويمنعه من الزواج من المسلمة حتي لو كانت تحبه ويحبها .وبعد كل هذه الممارسات اللا اخلاقية والانتهاكات الصارخة يزعم المسلمون بان الاسلام سبق الانسانية في الاعتراف بحقوق الانسان،هل استئصال الذات الانسانية وانتهاك كرامتها يقع ضمن ما تدعو اليه منظومة حقوق الانسان، اليس الكافر ايضا انسان
مثل اي انسان اخر ،ولماذا يواجه كل هذه المخاطر،هل لان الخالق كتب له بان يكون كافربالدين الاسلامي ،واذا كان العرف الحديث يعترف بحق(المقاتلين) في ان يعيشوا بكرامة وتمنح كافة حقوقهم السياسية والاجتماعية والدينية ،فلماذا يصادر الاسلام الذي يشير اتباعه الي انه انساني تلك الحقوق بل ومن (المدنيين) العزل والابرياء الذين لاذنب لهم سوي انهم لم يعتنقوه. "6" انتهاك حقوق المسلمين والحط من كرامتهم
رغم تحيزه الواضع للمسلمين واعلانه (كنتم خير امة اخرجت للناس) الا انه يتنهك كرامتهم ويقلل من انسانيتهم بل ويحولهم الي مجرد وحوش ضارية يتمثل جل همها في ضرب اعناق الاخرين واخضاعهم بالقوة ،فالذي يقتل شخص قد يقتل الناس جميعا اذا سنحت له الفرصة،والاسلام يحرض المسلمين الي القتال في ايات كثيرة ويستنفرهم الي الجهاد،ويعتبر الذين يرفضون فكرة الجهاد يعتبرهم منافقين وخوالف ،ويتوعدهم بعذاب اليم في الدنيا والاخرة_ وبسبب كل ذلك انتشرت ظاهرة التطرف التي يشهدها العالم اليوم ،واصبح كثير من المسلمين يفتقرون لابسط مقومات الانسان الراشد
،ومتلذذين بايذاء الاخرين واستئصال ذواتهم .
ويتدخل الاسلام في الحياة الشخصية للمسلمين،ويامر بجلد الناس بسبب الممارسة الجنسية بل انه يعاقبهم بالرجم ،ويعلن القران (والزاني والزانية فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولاتاخذكما بهما رافة في دين الله ان كنتم تومنون بالله واليوم الاخر وليشهد عذابهما طائفة من المومنين).(الزاني لا ينكح الا زانية او مشركة والزانية لاينكحها الازان او مشرك وحرم ذلك علي المومنين) .
الممارسة الجنسية او مايسميها الاسلام بالزنا هي من خصوصيات الانسان ، فللانسان الحق في انتهاج اي سلوك طالما انه لايستبب في الحاق الاذي بالاخرين، كما انه من حق اي انسان رجلا كان او امراة ان يمارس الجنس مالم يقسر الطرف الاخر للاشتراك معه في تلك العملية ،وبما ان عملية الجنس كانت برضا الطرفين فلا يحق للاسلام لو كان يعترف بحقوق الانسان ان يامر بجلدهم .ولكن لان الاسلام لايعترف بتلك الحقوق طبيعي ان يبيح لاتباعه اغتصاب نساء الاخرين بحجة ماملكت ايمانكم في ذات الوقت الذي يامر فيه بجلد الذين مارسا الجنس برضاهم. ولو كان الاسلام يسعي الي
اقامة مجمتع فاضل فالافضل له ان يعمل ذلك بالسلم وليس بتسليط سيف الجلد علي اجسادهم .
بيد ان اسوا مافي الامر انه يعتبر (الزاني ) بمثابة (الكافراوالملحد) الذي دعا الي قتاله واستئصال كينونته .فيمنعه من زواج امراة من ديانته ،بل انه يقسره للزواج من الكفار والملحدين في انتهاك صريح لحياته الشخصية. ويشهر به فيامر بجلده امام طائفة من المومنين.
اما الزاني المحصن فيعاقبه بالرجم ،ويقول القران حسب الاية التي حزفت من سورة الاحزاب (والشيخ والشيخة فارجموهما البتة ) ،ورغم ان هذه الاية قد نسخت الا انها طبقت في وقت ما من عهد الرسول .والمنطق يقول بان الانسان لايمكن ان يرتكب اي جرم دون علة والاسلام بذاته يعترف بذلك ويعلن بانه لكل شي سبب،وهنالك اعتبارات كثيرة تدفع الانسان لممارسة الجنس مع اخر قد يكون مرتبط بعقد زواج ،وقد يلجا الرجل او المراة الي فعل ذلك بسبب المال او الفقر او الحرمان الجنسي او عدم الاشباه او اي عوامل نفسية اخري ،ففي هذه الحالة الافضل مراعاة تلك الاسباب ومعالجتها
وليس الرجم ،فسلبيات عملية الرجم اكثر من ايجابياتها،فماذا لو كان الزاني رب اسرة او ام ،فقتل رب الاسرة او الام يمكن ان يتسبب في انهيار الاسرة وتفككها ، ولكن يبدو ان تلك الاعتبارات خافية علي اله الاسلام او انه لايضع حقوق الانسان في قائمة اولوياته .وعقوبة الرجم اقرب للانتقام والتشفي من اي شي اخر .
ويستمر الاسلام في انتهاك حقوق الانسان،فيامرر بقطع يد السارق ،ويعلن (السارق والسارقة فاقطعوا ايديهما نكالا ..) فمثلما للزنا اسباب كذلك للسرقة اسبابها ،وهي لاتنتشر من فراغ ،وانما لوجود اسباب موضوعية وبغض النظر عن كمية الشي المسروق الان ذلك الشي لايمكن ان يكون سببا في بتر عضو من اعضاء جسد الانسان، لان عملية القطع تعتبر ضد ماتدعوا اليه مواثيق حقوق الانسان والعدالة الالهية ، كما انه يمكن ان تكون سببا في حرمانه من الكسب الشريف .
ولكن انتهاك حقوق الانسان المسلم لم تكن حكرا علي الاسلام فقط ،حيث انتهك خلفاء الرسول حقوق ذات الشخص ،فسنوا حد الخمر الذي يتم بمقتضاه جلد كل من يتعاطي الخمور دون مرعاة لشعوره وارادته . ورغم ان هنالك عقوبات اخري الا ان نفسهم ابت الا ان يختاروا عقوبة تحتقره وتقلل من شانه .
التمييز الجنسي
يتحيز الاسلام للرجل ضد المراة، بينما يعلن بعض المسلمين بان المراة خلقت من ضلع الرجل ،ويعتبرونها عورة وناقصة عقل ودين،ويشير ذات الدين الي ان (الرجال قوامون علي النساء) ويفسر علماء المسلمين تلك الاية كالاتي (اي هو رئيسها وكبيرها والحاكم عليها ومؤدبها اذا اعوجت) _بما فضل الله بعضهم بعض _اي لان الرجال افضل من النساء ..ولهذا كانت النبوة محتصة بالرجال ،ويقال ان سبب نزولها ان الحسن البصري قال :(جاءت امراة الي النبي (ص) تشكوا بان زوجها لطمها فقال :رسول الله (ص) القصاص فانزل الله (الرجال قوامون علي النساء) فرجعت بغير القصاص)
وبعد ان فضل الرجل عليها ،منح الاسلام ذات الرجل الحق في مضاجعة المراة في اي وقت دون مرعاة شعورها ،بل انه اعتبرها مجرد (وعاء جنسي) واعلن (نساؤكم حرث لكم فاتوا حرثكم اني ماشئتم ) اي انها الزرع الذي ينتج الاولاد حسب بن كثير ،ويروي عن احمد بن اسحق قال :قال ثنا بن ابوحمد قال:ثنا شريك بن عطاء عن سعيد بن بشيرعن بن عباس قوله (نساؤكم حرث لكم فاتوا نساؤكم اني ماشئتم )قال :ائتها اني ماشئت مقبلة ومدبرة مالم تاتها في الدبر او المحيض ) وفي رواية اخري (عن بن عباس الاهوازي قال:ثنا احمد قال:ثنا شريك عن عبدالكريم عن عكرمة (فاتوا حرثكم اني ماشئتم)
قال:ياتيها كيف شاء مالم يعمل عمل قوم لوط ،ويضيف اخر ائتها مضطجعة وقائمة ومنحرفة ومقبلة ومدبرة كيف شئت.
الممارسة الجنسية عملية تواصل روحي قبل ان تكون اي شي اخر ،وليتم ذلك التواصل لابد ان يكون برضي الطرفين ،ودون الرضي لايمكن ان تتم تلك العملية باوجه اكمل ،بل انها ستكون مجرد عملية ايلاج واخراج ،فتشبع رغبات احد الاطراف بينما تقتل رغبات الاخر ،والمراة ليست مجرد وعاء جنسي يقضي فيه الرجل حاجته كيفما شاء ،فالاسلام بدعوته تلك يتنهك حقوقها ويحط من كرامتها الانسانية.
كما ان الاسلام يمنع المراة من تولي المناصب السيادية ،ويعلن موسس ذلك الدين بانه (لايفلح قوم ولوا امرهم امراة) بينما يحرم بعض فقهاء المسلمين امامتها للرجال في الصلاة ،حيث يقول الشافعي في الام (واذا صلت المراة برجال ونساء وصبيان وذكور فصلاة النساء مجزئة ،وصلاة الرجال والصبيان الذكور غير مجزئة ،لان الله عزوجل جعل الرجال قوامون علي النساء ..ولايجوز ان تكون المراة امام رجل في صلاة باي حال ابدا) ويضيف المالكي (قال المازري : لايصح امامة الرجل عندنا وليعد صلاته من صلي ورائها وان خرج الوقت) ويزيد بن حزم (ولايجوز ان تؤم المراة الرجل
ولا الرجال).
ويبيح الاسلام لاتباعه كذلك اتخاذ الايماء كخليلات وممارسة الجنس معهم دون عقد زواج بحجة (ماملكت ايمانكم) ويعلن القران (والذين لفروجهم حافظون،الا علي ازواجهم اوماملكت ايمانهم فانهم غير ملومين) اي انه يجوز لمالكها ان يطاها ويتمتع بغير عقد زواج.
ويفضل الاسلام ايضا الرجل علي المراة ،ويمنحه المشروعية لان يتزوج اكثر من امراة ،ويقول(وانكحوا ماطاب لكم من نساء مثني وثلاث ورباع..)
اين تكمن الازمة
يبرئ المفكرين المسلمين_ الاسلام _من تهمة العنف و انتهاك حقوق الانسان ،ويزعمون بانه دين عدل ومساواة ،ويشيرون في ذات الوقت الي ان الازمة في المسلمين كاشخاص وليس الاسلام كدين ،الا ان القاري للقران والتاريخ الاسلامي يدرك خلاف ذلك ،فالازمة في المقام الاول هي ازمة دين وليس ازمة انسان يتبع ذلك الدين ،فالمسلمون لا يمكن ان يعتدوا علي الاخرين ويقاتلوهم مالم يحرضهم الاسلام علي ذلك ،وبما انهم كانوا يعتقدون بانه منزل من الاله فطبيعوا ان يطيعوا ويلتزموا بفعل كل مايامرهم به ولو كان ذلك الفعل هو استئصال انسان اخراو انتهاك كرامته.ولكن ذلك
لايعني ان المسلم برئ من ذلك ،فمثلما للاسلام دور في ذلك كذلك للانسان المسلم لانه لم يلجا الي محاكمة دينه عقليا ومناهضة تعاليمه السالبة .
مارس 2012 داخلية تهراقا سابقا وابو دجانة حاليا –جامعة الخرطوم
#احمد_داؤود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الاله المستبد
-
ماتعلمه الانسان من ذاته ومن الطبيعة اكثر مما تعلمه من الدين
-
مابين محاكمة الدين عقليا والطعن فيه
-
حكام ام الهة
-
يرفضون -الخيانة- ويبيحونها
-
العنف لايولد سوي العنف
-
اسلاميو السودان..اخر مسمار في نعش الدولة الدينية
-
ازدواجية السلفيين
-
يتركون الفيل ويطعنون ظله
-
تحييد الاله
-
تديين الدولة
-
لماذا ارتفعت نسبة الملحديين واللادينين؟
-
حينما يكون الاله العوبة
-
أيامر الاله بقتل انسان بحجة انه ملحد؟
-
المأزق.
-
تأليه البشر
-
خذ الحقيقة ولو من الشيطان
-
أنؤمن ببعض الكتاب ونكفر بالبعض الاخر؟
-
ماوراء رفض العلمانية ؟
-
اله وانسان ام الهان وانسان
المزيد.....
-
مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي
...
-
أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع
...
-
الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى
...
-
الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي-
...
-
استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو
...
-
في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف
...
-
ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا
...
-
فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي
...
-
استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس
-
ضبط تردد قناة طيور الجنة بيبي على النايل سات لمتابعة الأغاني
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|