الحرب والسلم في القانون الدولي

سعد عزت السعدي

الحوار المتمدن-العدد: 3911 - 2012 / 11 / 14 - 15:57
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

الحرب والسلم , مصطلحان او كلمتان متناقضتان لكنهما تحتويان الكثير من المعاني المرادفة لهما حيث تشمل , الحياة والموت , البناء والدمار , الرفاهية والفقر , الحزن والفرح وغيرها من متناقضات الحياة ...
ولما ظهرت مفاهيم الدول والامم والشعوب وجدت معها الاديولوجيات التوسعية والاستعمارية وقد اتخذت تلك الاشكال من المفاهيم , الحروب والاحتلالات والغزوات, مما تسبب افدح الخسائر البشرية والمادية الجسيمة , ومع الحروب صعدت دول او حضارات واندحضت اخرى , واصبحت هناك دول عظمى واخرى نامية .
فالعالم بتاريخه الحديث شهد الكثير من ويلات الحروب و النزاعات واختلفت اطرافها بأختلاف الاسباب والدوافع والجغرافية والاهداف من وراء تلك الحروب .
والحرب, في القانون الدولي , هي نزاع مسلح بين طرفين او اكثر , يهدف كل طرف في حماية حقوقه ومصالحه في مواجهة الطرف الاخر , وفرض واقع جديد . وتدور رحاها بين الجيوش النظامية. لحل كل نزاع اخفقت المساعي الدبلوماسية لأيجاد تسوية سلمية له . والحرب في فقه القانون الدولي ,الابين اشخاص هذا القانون الا وهم (الدول) وتختلف عن تلك الحروب التي تحدث داخل الاقليم او البلد الواحد والتي يطلق عليها (حرب اهلية) التي لاتخضع لقوانين وانظمة غير احكام القانون الجنائي التي اندلعت فيها مثل الحرب الطائفية او العرقية او القومية ....الخ(1).
بينما عندما تقوم الحرب بين الدول فأنها تخضع لقوانين وأنظمة وقواعد تتعلق بطرق القتال ومعاملة الاسرى والجرحى وعدم استهداف المدنيين والمنشأت المدنية . والحرب "لاتمثل على الاطلاق علاقة الانسان بأنسان , لكنها علاقة دولة بدولة , ولايكون للافراد فيها اعداء الا مصادفة لا كبشر وانما كمواطنين , لا كأعضاء في الوطن وانما كمدافعين "(2).
وهناك العديد من انواع الحروب سأوجز بعضها , حرب الاستقلال , حرب الاستنزاف, وتعني محاولة كل طرف القضاء على قوات خصمه تدريجياً قصد انهاكه تمهيداً للقضاء عليه. حرب الابادة , حرب العصابات , حرب التحرير , الحرب النفسية , الحرب الالكترونية , الحرب الباردة وغيرها من المسميات .
ومن جانب اخر فأن السلم وهو المضاد للحرب وفي سبيل تحقيقه على مستوى العالم انشأت في البدء ومع بداية القرن العشرين عصبة الامم وتلاها وبعد الحرب العاليمة الثانية وتحديداً في 24تشرين الاول – اكتوبر 1945, تم الاعلان عن انشاء هيئة الامم المتحدة والتي كان من اهم اهدافها هو اقامة السلم والامن الدوليين , اي نشر السلام بين الدول , حيث نصت المادة الاولى من مقاصد الامم المتحدة على حفظ السلام والامن الدولي . وتحقيقا لهذه الغاية تتخذ الهيئة التدابير المشتركة الفعالة لمنع الاسباب التي تهدد السلم وازالتها . وتقمع اعمال العداون وغيرها من وجوه الاخلال بالسلم وتتذرع بالوسائل السلمية وفقاً لمبادئ العدل والقانون الدولي لحل المنازعات الدولية التي قد تؤدي الى الاخلال بالسلم او تسويتها (3).
وبما انها تلك واحدة من مقاصد انشاء الامم المتحدة . فأذن ان للسلم الدولي مساحة واسعة بين الامم والدول فمع السلام تنهض الدول وتنمو اقتصادياتها وتمضي نحو الديمقراطية والعدالة الاجتماعية وتحقيق التنمية لجميع شعوب العالم . ويقوم السلم بالاساس على قبول مختلف الجماعات والشعوب التعايش فيما بينها في اطار من الاخوة والتعاون . رغم تباين اعراقها وحضاراتها , مع احتفاظ الكل بحقوقه ومقدساته وعدم التفريط بها لحساب الغير . فلابد من اشاعة مفهوم السلم من خلال منظمات دولية تعمل على احترام حقوق جميع الشعوب دون تمييز . وهناك انواع من السلم اولاً : السلم السياسي ,ويتلخص في حل النزاعات بين الجماعات والدول بطرق سياسية سلمية . ثانياً: السلم الاقتصادي والاجتماعي ,ويتضمن الاستخدام السلمي للتقنيات الحديثة و من خلال توزيع الثروات والاموال بشكل عادل على العمال والموظفين . ثالثاً: السلم البيئي ويقوم على حماية البيئة وتحسين طرق استغلالها . ورابعاً : السلم النووي ,ويتجلى في عقد واقامة الاتفاقيات الدولية لتضم مختلف دول العالم لضمان عدم انتشار او استخدام الاسلحة النووية او غيرها من الاسلحة المحرمة دولياً .
وعلى هذا الاساس ومن اجل تحيق هذا الهدف الذي يصبو اليه الجميع لابد من تغليب لغة العقل والحوار والمصالح المشتركة على كل النزاعات والقلاقل التي تملئ بقاع الارض .


الهوامش
(1)القانون الدولي العام , تأليف عصام العطية 2001.
(2)هذه المقولة ذكرها الفقيه جان جاك روسو في عقده الاجتماعي فقرة رقم (1762) .
(3) ديباجة ميثاق الامم المتحدة المادة الاولى منها .

#سعد_عزت_السعدي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات