أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كمال سبتي - تغييبُ مثقفي العراق














المزيد.....

تغييبُ مثقفي العراق


كمال سبتي

الحوار المتمدن-العدد: 1132 - 2005 / 3 / 9 - 11:33
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


رسالة إلى مفكّر إسباني

صديقي الأستاذ بدرو مارتينيث مونتابيث*
تحية طيبة..
كلما أردتُ لقاءَكَ طرأ طارىءٌ مّا فبطَلَتْ أفكاري.
أعرف أنّك ستسألني عن العراق كثيراً كما في كل مرة نتكلم فيها .
العراق الذي يُعرَضُ في التلفزيون تعرفه..
والعراق المنفيّ والمشتَّتُ تعرفه أيضاً إلى حدِّ مّا..
هل سألتني ذات مرّة ، في كل تلك السنوات التي كنا نرى بعضَنا فيها يوميّاً بمدريد ، عن العراق " الثقافي " في نشاط العرب "الثقافي" ؟
ربما الجواب : نعم ..
ربما الجواب : لا..
لا أتذكّر..
لكنَّ جوابي الآن : أنَّ العراق مغيَّبٌ - وأشتقه من الفعل غيَّب بما يقوله المعجم العربيّ عنه ( غيّبَه في التراب : دفنه ، وغيَّبَه وغيَّبَه عن : بالمعنى نفسه واراهُ وأبعده ) - في ندوات الأعراب ومهرجاناتهم وكتبهم..
العراق المأكول المذموم كالسمك..
لم تفرح أمّة في التاريخ بتشتتِ جزءٍ كبير من مثقفيها..مثلما فرحتْ أمة العرب بتشتت مثقفي العراق في المنافي البعيدة من مركزها.
ومثلما تُرسِل هذه الأمّة قاطعي رؤوس إلى العراق- بلد الـCosmopolitismo ( الكونيّ المتكوّن من عناصر مختلفة والمتحرر من الأحقاد القومية والمحلية)..وسيارتٍ مفخخةً لوقف رحيل هذا البلد –ثانيةً- إلى روحه الأولى..الكونية ، فإنها تمارس فعلاً مشابهاً (لا يقلّ إلغاءً عن قطع الرؤوس ولا دويّاً عن انفجار سياراتٍ مفخّخةٍ) ضدَّ مثقفي هذا البلد في منفاهم من أجل ألاّ يؤثروا في تكوينها الروحيّ البدويّ العدائيّ الشوزوفرينيّ..
أسمّي فعلها هذا : تغييبَ مثقفي العراق ، بمعنى المعجم العربيّ الآنف!!
وأسأل نفسي أحياناً : أهي صدفة أن تُغيَّبَ مصر معنا أحياناً ؟
مصر "البلد الكبير" مغيّبة أيضاً كالعراق في ثقافة تطفح في أحيانٍ كثيرة مذكرةً بـ ( الهلال الخصيب)..ومتأثرةً – كما يبدو - بأفكار الحزب القوميّ الذي ( كان أو ما زال ، لا أدري) يؤمن بسوريّا الكبرى (سوريا الحالية ولبنان والأردن وفلسطين) ويضع للهلال نجمة هي ( قبرص) !
ليس صعباً على أحدٍ أن يلتقي دعاةَ تلك الثقافة في جريدة تُصدر في أحد بلدان الهلال بلا نجمته غير العربية ، للأسف الشَّديد ، أو في غير تلك البلدان أيضاً .
أمرٌ آخر..
أنا أعرف محبتك الشديدة للشعر العربيّ ، لكن اسمحْ لي أن أقول :
شعر الأعراب لن يتغيّر في المدى المنظور ولن يُصبحَ شعراً مقروءاً من الآخرينَ " الإنسانيّين" حتى يكفَّ الشعراء الأعراب عن التبشير بالعنف في كل قصيدة مقاومة..وحتى يكفَّ الشعراء الأعراب عن محاورةِ جماجم المنتحرين فرحينَ بمقتل الأطفال والحوامل والأبرياء.. وحتى يكفَّ نقادُ شعرٍ أعرابٌ عن تبجيل تلك العمليات الانتحارية وعن تبجيل شعرٍ يتغنّى بها..وحتى..وحتى..
كتبتُ تحيَّةً إلى مصر في رسالةٍ أرسلتُها إلى صديق مصريٍّ حبيبٍ وشاعر..قلتُ له فيها : مصر أكبر من أولئك الصغار ، مصر المعلِّمة.
وإنَّ في بلاد الشام وهلالها من الأصحابِ المثقفين ما يُسكِتُ كلَّ توجهٍ بائس لتغييب حضارتين أُمَّينِ للعالم : العراق ومصر.
بغداد ستنتصر على دعاة تغييب مثقفيها وعلى قاطعي الرؤوسِ ومفجّري السيّارات المفخَّخةِ أعراباً وأعراباً..
وسنردد مع صديقنا المشترك الشاعر الراحل عبد الوهاب البيّاتي مقاطع من قصيدته عن بغداد ( مدارات شرقية) ** :
أمّ الدنيا بغداد بناها المنصور
لتُصبحَ عاصمةَ الألمِ الخلاّقْ
وفد الشّعراء إليها
من بعد المنصور
فباسوا تربتَها
سكبوا فوقَ ضفائرِها خمراً
حتى صارتْ بستاناً
ومزاراً لطيور البحر
وبدو الصحراءْ
من كانّ يحجّ إليها
ينسى مجنوناً بالعشقِ
حبيبتَهُ الأولى
ينسى مفتاحَ الدّار
ويموتُ شهيداً فيها سكرانْ
خلبتْ لبَّ معري النعمانْ
فظلَّ يردِّدُ : بغداد !
كانت أحلى امرأةٍ
وستبقى أحلى الحلواتْ.

و :

يمتدُّ كسيفٍ آشوريّ "حمرين""
في سهب ذهبيٍّ
يقطعه "دجلة " قربَ " الشّرقاط "
طيور من بحر البلطيقِ تمرّ مهاجرةً
تجنحُ عند غروبِ الشّمسِ
تغطّي اللهبَ
تصيحُ كما في المأساةِ الإغريقيّةِ :
نار – رعيان – نايات
أمطار ربيعٍ تجري في الوديانِ سيولاً
بشر بوجوه من طينٍ ونحاس
ضربوا الأرضَ بسيفِ البرقِ
فصارتْ خضراء
حاضنة لبذور الخلقِ وحبلى
بالرعد وبالأمطار
مرت عرباتُ الحربِ الآشورية فوق ثراها
مرِّ الإغريق – الإسكندرُ – هولاكو- الرّومان
مرّتْ خيلُ قبائلَ من "نجدٍ"
بدو من بادية الشامِ
أكراد منفيّون
دعاةُ الأديانْ
بمباخرهم ضاوين
ومرَّ الشّيطانْ
قالت كتب السحر
وقالت ألواح الطين :
طلْسمُ حمرين
يتبادله البشر الفانون.

*


وتقبَّلْ صديقي العزيز كلّ محبة مني
صديقك المخلص
كمال سبتي
هولندا..في السادس من آذار 2005.

* بدرو مارتينيث مونتابيث : أول المستعربين الأسبان الذين أدخلوا الأدب العربي الحديث في الاستعراب الإسباني ، كان رئيساً لجامعة مدريد المستقلة وعميداً لكلية الفلسفة والآداب فيها ورئيس قسم اللغات الشرقية. أستاذ جميع الأجيال الحالية من المستعربين الإسبان ، وله عدد غير قليل من الكتب المختصة بالثقافة العربية دراسةً وترجمة.
** المقطعان الخامس والسادس من قصيدة مدارات شرقية ( كتاب المراثي) 1995 ، للشاعر الراحل عبد الوهاب البياتي.



#كمال_سبتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وبغدادُ فيها للمشاةِ دروبُ
- حول نشيد حزب المؤتمر الوطني العراقي
- وداعاً عبد كاظم..وداعاً أيها الرياضي الكبير
- تشظّي الصّوتِ الشّعريِّ الأوّل
- قراءةُ قصيدةِ سامي مهدي : رحلة الطير
- الشاعرالمسالم والأمة
- ..حين يبيع الغشيم شعرنا رخيصاً
- الآباء الثلاثة والشغل اللغوي المحض
- توضيح من الشاعر كمال سبتي
- موقع لجماعة الزرقاوي يسميني ابنَ علقمي وعميلاً صهيونياً
- نسباءُ أصوليون
- سِنْخ وطبيعة
- جنود مقتولون
- الآخر ، العدو عند إدوارد سعيد والشعراء العرب..
- الشاعر والذنبُ القديم
- صخر
- أبناء المطلق
- لو أنَّ عبد الرزاق عبد الواحد
- المأموم
- أنعتبُ على أدوارد سعيد وهو غائب عنا ؟


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - كمال سبتي - تغييبُ مثقفي العراق