رشا نور
الحوار المتمدن-العدد: 3910 - 2012 / 11 / 13 - 09:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في سنة 1897 انعقد مؤتمر صهيوني كبير في مدينة بال بسويسرا ضم زعماء اليهود في أنحاء العالم … وأقر فكرة ثيودور هرتزل مؤسس الصهيوينة بإقامة دولة يهودية كبرى تمتد من النيل إلى الفرات وفقاً لما ورد فى التوراة و كما تنص التعاليم اليهودية على الجزء الواقع جنوب غربي آسيا والذي يضم فلسطين إضافة للبنان والأردن وأجزاء كبيرة من مصر وسوريا والعراق والسعودية والكويت وحتى تركيا ولا تزال خريطة إسرائيل الكبرى معلقة في مبنى البرلمان الإسرائيلي حتى هذه اللحظة …
ودليلهم فى هذا ماورد فى العهد القديم من الكتاب المقدس وهو مايلي :
فقد جاء فى سفر التكوين : ” في ذلك اليوم قطع الرب مع إبرام ميثاقاً قائلاً لنسلك أعطي هذه الارض من نهر مصر إلى النهر الكبير نهر الفرات ” ( تك 15 : 18 ) .
وفى سفر التثنية يقول : ” تحولوا و أرتحلوا و أدخلوا جبل الأموريين و كل ما يليه من العربة و الجبل و السهل والجنوب و ساحل البحر ارض الكنعاني و لبنان إلى النهر الكبير نهر الفرات ” ( تث
وفى سفر يشوع يقول : ” من البرية و لبنان هذا إلى النهر الكبير نهر الفرات جميع ارض الحثيين و إلى البحر الكبير 1 : 7 ) .
وأيضاً ” كل مكان تدوسه بطون أقدامكم يكون لكم من البرية و لبنان من النهر نهر الفرات إلى البحر الغربي يكون تخمكم ” ( تث 11 : 24 ) .
نحو مغرب الشمس يكون تخمكم ” ( يش 1 : 4) .
موقف القرآن من اليهود
للقرآن مواقف غريبة مع اليهود فنجده :
أ – يمدحهم ويفضلهم على العالمين قائلاً :
فقد جاء فى القرآن : ” يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ ” ( سورة البقرة 2 : 40 ) .
وأيضاً جاء : ” يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ” ( سورة البقرة 2 : 47 ) .
وأيضاً جاء : ” يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ” ( سورة البقرة 2 : 122 ) .
ب – لا خوف عليهم ولا هم يحزنون :
فقد جاء فى القرآن : ” إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا { اليهود } وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ، لَقَدْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ رُسُلًا كُلَّمَا جَاءَهُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُوا وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ ” ( سورة المائدة 5 : 69 – 70 ) .
جـ – عندهم الحكم والنبوة :
فقد جاء فى القرآن : ” وَلَقَدْ آَتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ ، وَآَتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ ” ( سورة الجاثية 45 : 16 – 17 ) .
د – أعطاهم مالم يعطى غيرهم من العالمين :
فقد جاء فى القرآن : ” وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ” ( سورة المائدة 5 : 20 ) .
يقول القرطبي فى تفسيره للنص :
قوله تعالى : ” وآتاكم ” أي أعطاكم ” ما لم يؤت أحدا من العالمين ” والخطاب من موسى لقومه في قول جمهور المفسرين؛ وهو وجه الكلام . مجاهد: والمراد بالإيتاء المن والسلوى والحجر والغمام . وقيل : كثرة الأنبياء فيهم ، والآيات التي جاءتهم . وقيل : قلوبا سليمة من الغل والغش . وقيل : إحلال الغنائم والانتفاع بها .
هـ – يلعنهم ويطلق عليهم أحفاد القردة والخنازير فيقول عنهم :
فقد جاء فى القرآن : ” لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ ” ( سورة المائدة 5 : 78 ) .
وأيضاً قال القرآن : ” قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ ، قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولَئِكَ شَرٌّ مَكَانًا وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ ” ( سورة المائدة 5 : 59 – 60 ) .
و – ضربت عليهم الذلة :
فقد جاء فى القرآن : ” ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَآؤُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُواْ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللّهِ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ ” ( سورة آل عمران 3 : 112 ) .
ز – ورثة كل الأرض من مشرقها لمغربها :
فقد جاء فى القرآن : ” وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كَانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آَلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ” (سورة الأعراف 7 : 137- 138 ) .
ح – مصر ميراث لإسرائيل :
فقد جاء في القرآن : “قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْأَنْيُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ” ( سورة الأعراف 7 : 128 و 129 ) .
قال البيضاوي فى تفسيره للنص :
” والعاقبة للمتقين – وعدٌ لهم بالنصرة ، وتذكير لما وعدهم بإهلاك القبط وتوريثهم ديارهم . قال عسى ربكم أن يهلِك عدوكم ويستخلفكم في الأرض – رُوي أن مصراً مما فُتح لهم في زمن داود عليه السلام ” .
وقال القرطبي فى تفسيره للنص :
” قال عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في الأرض ” ” عسى ” من الله واجب ؛ جدد لهم الوعد وحققه . وقد استحلفوا في مصر في زمان داود وسليمان عليهما السلام ، وفتحوا بيت المقدس مع يوشع بن نون ؛ كما تقدم . وروي أنهم قالوا ذلك حين خرج بهم موسى وتبعهم فرعون فكان وراءهم والبحر أمامهم ، فحقق الله الوعيد بأن غرق فرعون وقومه وأنجاهم . ” فينظر كيف تعملون ” أي يرى ذلك العمل الذي يجب به الجزاء ؛ لأن الله لا يجازيهم على ما يعلمه منهم ؛ إنما يجازيهم على ما يقع منهم .
وقال الطبري فى تفسيره للنص :
الآية : 129
القول فـي تأويـل قوله تعالـى: ” قَالُوَاْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَىَ رَبّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ” . ….. ويَسْتَـخْـلِفَكُمْ يقول : يجعلكم تـخـلفونهم فـي أرضهم بعد هلاكهم , لا تـخافونهم ولا أحدا من الناس غيرهم فَـيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ يقول : فـيرى ربكم ما تعملون بعدهم من مسارعتكم فـي طاعته وتثاقلكم عنها .
ملحوظة :
من المعروف للجميع أن بني إسرائيل ورثوا أرض كنعان وليس أرض مصر !
ط – أرض فلسطين والشام وأريحا والقدس والأردن ملك لليهود كتبها الله لهم فى اللوح المحفوظ وأمرهم بدخولها :
فقد جاء فى القرآن : ” وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآَتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ ، يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ، قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ ، قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” (سورة المائدة 5 : 20 – 23) .
وبحسب التفسير للنص يكون :
قَوْلُهُ تَعَالَى : ” يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ” … اخْتَلَفُوا فِي الْأَرْضِ الْمُقَدَّسَةِ ،
- قَالَ مُجَاهِدٌ : هِيَ الطُّورُ وَمَا حَوْلَهُ ،
- قَالَ الضَّحَّاكُ : إِيلِيَّا وَبَيْتُ الْمَقْدِسِ ،
- قَالَ عِكْرِمَةُ وَالسُّدِّيُّ : هِيَ أَرْيَحَاءُ ،
- قَالَ الْكَلْبِيُّ : هِيَ دِمَشْقُ وَفِلَسْطِينُ وَبَعْضُ الْأُرْدُنِّ ،
- قَالَ قَتَادَةُ : هِيَ الشَّامُ [ ص : 36 ] كُلُّهَا ،
- قَالَ كَعْبٌ : وَجَدْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ الْمُنَزَّلِ أَنَّ الشَّامَ كَنْزُ اللَّهِ فِي أَرْضِهِ [ وَبِهَا أَكْثَرُ ] عِبَادِهِ .
قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ) يَعْنِي : كَتَبَ فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ أَنَّهَا مَسَاكِنُ لَكُمْ ، – قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ : وَهَبَ اللَّهُ لَكُمْ ، وَقِيلَ : جَعَلَهَا لَكُمْ ،
- قَالَ السُّدِّيُّ : أَمَرَكُمُ اللَّهُ بِدُخُولِهَا ،
- قَالَ قَتَادَةُ : أُمِرُوا بِهَا كَمَا أُمِرُوا بِالصَّلَاةِ ، أَيْ : فَرَضَ عَلَيْكُمْ .
( وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ ) أَعْقَابِكُمْ بِخِلَافِ أَمْرِ اللَّهِ ،
( فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ ) قَالَ الْكَلْبِيُّ : صَعِدَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ جَبَلَ لُبْنَانَ فَقِيلَ لَهُ : انْظُرْ فَمَا أَدْرَكَهُ بَصَرُكَ فَهُوَ مُقَدَّسٌ وَهُوَ مِيرَاثٌ لِذُرِّيَّتِكَ .
( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ ) وَذَلِكَ أَنَّ النُّقَبَاءَ الَّذِينَ خَرَجُوا يَتَجَسَّسُونَ الْأَخْبَارَ لَمَّا رَجَعُوا إِلَى مُوسَى وَأَخْبَرُوهُ بِمَا عَايَنُوا ، قَالَ لَهُمْ مُوسَى : اكْتُمُوا شَأْنَهُمْ وَلَا تُخْبِرُوا بِهِ أَحَدًا مِنْ أَهْلِ الْعَسْكَرِ فَيَفْشَلُوا ، فَأَخْبَرَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ قَرِيبَهُ وَابْنَ عَمِّهِ إِلَّا رَجُلَانِ وَفَّيَا بِمَا قَالَ لَهُمَا مُوسَى ، أَحَدُهُمَا يُوشَعُ بْنُ نُونِ بْنِ أَفْرَائِيمَ بْنِ يُوسُفَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ فَتَى مُوسَى ، وَالْآخَرُ كَالِبُ بْنُ يُوقَنَّا خَتَنُ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى أُخْتِهِ مَرْيَمَ بِنْتِ عُمْرَانَ ، وَكَانَ مِنْ سِبْطِ يَهُودَ وَهُمَا مِنَ النُّقَبَاءِ فَعَلِمَتْ جَمَاعَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ذَلِكَ وَرَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالْبُكَاءِ وَقَالُوا يَا لَيْتَنَا فِي أَرْضِ مِصْرَ ، وَلَيْتَنَا نَمُوتُ فِي هَذِهِ [ الْبَرِّيَّةِ ] وَلَا يُدْخِلُنَا اللَّهُ أَرْضَهُمْ فَتَكُونُ نِسَاؤُنَا وَأَوْلَادُنَا وَأَثْقَالُنَا غَنِيمَةً لَهُمْ ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ : تَعَالَ نَجْعَلُ عَلَيْنَا رَأْسًا وَنَنْصَرِفُ إِلَى مِصْرَ ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْهُمْ …
( قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ )
أَصْلُ الْجَبَّارِ : الْمُتَعَظِّمُ الْمُمْتَنِعُ عَنِ الْقَهْرِ ، يُقَالُ : نَخْلَةٌ جَبَّارَةٌ إِذَا كَانَتْ طَوِيلَةٌ مُمْتَنِعَةٌ عَنْ وُصُولِ الْأَيْدِي إِلَيْهَا ، وَسُمِّيَ أُولَئِكَ الْقَوْمُ جَبَّارِينَ لِامْتِنَاعِهِمْ بِطُولِهِمْ وَقُوَّةِ أَجْسَادِهِمْ ، وَكَانُوا مِنَ الْعَمَالِقَةِ وَبَقِيَّةَ قَوْمِ عَادٍ ، فَلَمَّا قَالَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مَا قَالُوا وَهَمُّوا بِالِانْصِرَافِ إِلَى مِصْرَ خَرَّ مُوسَى وَهَارُونُ سَاجِدِينَ ، وَخَرَقَ يُوشَعُ وَكَالِبُ ثِيَابَهُمَا وَهُمَا اللَّذَانِ أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ ) .
ويقول القرطبي فى تفسيره للنص :
” أن دمشق قاعدة الجبارين. و”المقدسة” معناه المطهرة.
مجاهد : المباركة ؛ والبركة التطهير من القحوط والجوع ونحوه .
قتادة : هي الشام .
مجاهد : الطور وما حوله .
ابن عباس والسدي وابن زيد : هي أريحاء .
قال الزجاج : دمشق وفلسطين وبعض : الأردن .
وقول قتادة يجمع هذا كله .
” التي كتب الله لكم ” أي فرض دخولها عليكم ووعدكم دخولها وسكناها لكم . ولما خرجت بنو إسرائيل من مصر أمرهم بجهاد أهل أريحاء من بلاد فلسطين فقالوا : لا علم لنا بتلك الديار ؛ فبعث بأمر الله اثني عشر نقيبا ، من كل سبط رجل يتجسسون الأخبار على ما تقدم ، فرأوا سكانها الجبارين من العمالقة ، وهم ذوو أجسام هائلة ؛ حتى قيل : إن بعضهم رأى هؤلاء النقباء فأخذهم في كمه مع فاكهة كان قد حملها من بستانه وجاء بهم إلى الملك فنثرهم بين يده وقال : إن هؤلاء يريدون قتالنا ؛ فقال لهم الملك : ارجعوا إلى صاحبكم فأخبروه خبرنا ؛ على ما تقدم .
وقيل : إنهم لما رجعوا أخذوا من عنب تلك الأرض عنقودا فقيل : حمله رجل واحد ، وقيل : حمله النقباء الاثنا عشر .
قلت : وهذا أشبه ؛ فإنه يقال : إنهم لما وصلوا إلى الجبارين وجدوهم يدخل في كم أحدهم رجلان منهم ، ولا يحمل عنقود أحدهم إلا خمسة منهم في خشية ، ويدخل في شطر الرمانة إذا نزع حبه خمسة أنفس أو أربعة ” .
ويقول الطبري فى تفسيره للنص :
القول فـي تأويـل قوله تعالـى : { يَاقَوْمِ ادْخُلُوا الأرْضَ المُقَدّسَةَ الّتِي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَلاَ تَرْتَدّوا عَلَىَ أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ } ..
وهذا خبر من الله عزّ ذكره عن قول موسى صلى الله عليه وسلم لقومه من بنـي إسرائيـل , وأمره إياهم عن أمر الله إياه , يأمرهم بدخول الأرض الـمقدسة .
ثم اختلف أهل التأويـل فـي الأرض التـي عناها بـالأرض الـمقدسة ,
فقال بعضهم : عنى بذلك : الطور وما حوله . ذكر من قال ذلك :
9169 ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو , قال : حدثنا أبو عاصم , قال : حدثنا عيسى , عن ابن أبـي نـجيح , عن مـجاهد : الأرض الـمقدسة : الطور وما حوله .
حدثنـي الـمثنى , قال : حدثنا أبو حذيفة , قال : حدثنا شبل , عن ابن أبـي نـجيح , عن مـجاهد , مثله .
9170ـ حدثنـي الـحارث بن مـحمد , قال : حدثنا عبد العزيز , قال : حدثنا سفـيان , عن الأعمش , عن مـجاهد , عن ابن عبـاس : ادْخُـلُوا الأرْضَ الـمُقَدّسَةَ قال : الطّور وما حوله .
وقال آخرون : هو الشأم . ذكر من قال ذلك :
9171ـ حدثنا الـحسن بن يحيى , قال : أخبرنا عبد الرزاق , قال : أخبرنا معمر , عن قتادة فـي قوله : الأرْضُ الـمقدّسة قال : هي الشأم .
وقال آخرون : هي أرض أريحاء. ذكر من قال ذلك :
9172ـ حدثنـي يونس , قال : أخبرنا ابن وهب, قال : قال ابن زيد فـي قوله : ادْخُـلُوا الأرْضَ الـمُقَدّسَة التـي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ قال : أريحاء .
9173ـ حدثنـي يوسف بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسبـاط , عن السديّ , قال : هي أريحاء .
9174ـ حدثنـي عبد الكريـم بن الهيثم , قال : حدثنا إبراهيـم بن بشار , قال : حدثنا سفـيان , عن أبـي سعيد , عن عكرمة , عن ابن عبـاس , قال : هي أريحاء .
وقـيـل : إن الأرض الـمقدسة : دمشق وفلسطين وبعض الأردنّ . وعنى بقوله الـمُقَدّسَة : الـمطهرة الـمبـاركة . كما :
9175ـ حدثنـي مـحمد بن عمرو , قال : حدثنا أبو عاصم , قال : حدثنا عيسى, عن ابن أبـي نـجيح, عن مـجاهد : الأرْضَ الـمُقَدّسَة قال : الـمبـاركة .
حدثنـي الـمثنى , قال : حدثنا أبو حذيفة , قال : حدثنا شبل , عن ابن أبـي نـجيح , عن مـجاهد , بـمثله .
وأولـى الأقوال فـي ذلك بـالصواب , أن يقال : هي الأرض الـمقدسة , كما قال نبـيّ الله موسى صلى الله عليه وسلم . لأن القول فـي ذلك بأنها أرض دون أرض, لا تدرك حقـيقة صحته إلاّ بـالـخبر, ولا خبر بذلك يجوز قطع الشهادة به, غير أنها لن تـخرج من أن تكون من الأرض التـي بـين الفرات وعريش مصر لإجماع جميع أهل التأويـل والسير والعلـماء بـالأخبـار علـى ذلك .
ويعنـي بقوله : التـي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ : التـي أثبت فـي اللوح الـمـحفوظ أنها لكم مساكن, ومنازل دون الـجبـابرة التـي فـيها.
فإن قال قائل : فكيف قال : التـي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ , وقد علـمت أنهم لـم يدخـلوها بقوله : فإنّها مُـحَرّمَةٌ عَلَـيْهِمْ ؟ فكيف يكون مثبتا فـي اللوح الـمـحفوظ أنها مساكن لهم , ومـحرّما علـيهم سكناها ؟ قـيـل : إنها كتبت لبنـي إسرائيـل دارا ومساكن , وقد سكنوها ونزلوها , وصارت لهم كما قال الله جلّ وعزّ.
وإنـما قال لهم موسى : ادْخُـلُوا الأرْضَ الـمُقَدّسَة التـي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ يعنـي بها : كتبها الله لبنـي إسرائيـل وكان الذين أمرهم موسى بدخولها من بنـي إسرائيـل ولـم يعن صلى الله عليه وسلم أن الله تعالـى ذكره كتبها للذين أمرهم بدخولها بأعيانهم , ولو قال قائل : قد كانت مكتوبة لبعضهم , ولـخاصّ منهم , فأخرج الكلام علـى العموم والـمراد منه الـخاص , إذ كان يُوشَع وكالب قد دخلا , وكانا مـمن خوطب بهذا القول , كان أيضا وجها صحيحا .
وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال ابن إسحاق .
9176 ـ حدثنا ابن حميد, قال : حدثنا سلـمة عن مـحمد بن إسحاق : التـي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ: التـي وهب الله لكم .
وكان السديّ يقو ل : معنى « كتب » فـي هذا الـموضع بـمعنى « أمر » .
9177 ـ حدثنا بذلك موسى بن هارون , قال : حدثنا عمرو بن حماد , قال : حدثنا أسبـاط , عن السديّ : ادْخُـلُوا الأرْضَ الـمُقَدّسَة التـي كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ : التـي أمركم الله بها .
أما تفسير الدر المنثور للنص فيقول :
قوله تعالى : يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين …
- أخرج ابن جرير عن مجاهد في قوله { الأرض المقدسة } قال : هي المباركة .
وأخرج ابن عساكر عن معاذ بن جبل قال : الأرض ما بين العريش إلى الفرات .
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن قتادة في قوله { الأرض المقدسة } قال : هي الشام .
أما تفسير فتح القدير للنص فيقول :
وقد اختلف في تعيينها ، فقال قتادة : هي الشام ،
وقال مجاهد : الطور وما حوله ،
وقال ابن عباس والسدي وغيرهما : أريحاء ،
وقال الزجاج : دمشق وفلسطين وبعض الأردن .
وقول قتادة : يجمع هذه الأقوال المذكورة بعده .
والمقدسة : المطهرة ، وقيل المباركة …
ونكتفي بهذه التفاسير حتى لا نطيل عليك عزيزي القارئ وسنقوم بنشر هذا البحث تفصيلياً … كما سنقوم بنشر الآحاديث النبوية الواردة فى صحيحى البخاري ومسلم … كما سنقوم بنشر البحث التفصيلي لأملاك اليهود المغتصبة فى مكة والمدينة وشبه الجزيرة العربية …
وأخيراً نقول للمسلمين فى كل بقاع الارض … الم تؤمن بأن القرآن هو الحق اليقين ( سورة الحاقة 69 : 51 ) … وفيه القول الفصل كما جاء فى ( سورة الطارق 86 : 13 ) ” إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ ” … وأنه شريعة الخلود كما جاء فى سورة الجاثية 45 : 18 ) ” ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ” … لذلك عليك أيها الأخ المسلم اليوم أن تلتزم بما قاله الفاصل فى الأمور ورد الحق لكل ذى حق … وقبل كل شيء عليك بوقف الصراع الإسلامي الإسرائيلي … بل والوقوف مع اليهود ليأخذون ما كتب الله لهم ووهب … فلا أختلاف والقرآن قد حسم القضية لصالح بني إسرائيل .
فهل من الممكن حل هذا الصراع السياسي من القرآن الكريم ؟
#رشا_نور (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟