|
-هذه خصوصيتي- ... متضامن مع الحرية الأكاديمية!
خلدون الشامي
الحوار المتمدن-العدد: 3908 - 2012 / 11 / 11 - 18:53
المحور:
المجتمع المدني
ليست الأقليات ولا النساء ولا المحتفلون بـ "الهالاوين" في المنطقة العربية، ليس المعتقلون السياسيون ولا المتحولون دينيا ولا أصحاب الميول الجنسية الخاصة، ليس اللاجئون ولا المهجرون ولا عاملات المنازل ولا الملحدون، ليست الأمهات العزباوات ولا اللقطاء ولا رافضو الخدمة العسكرية ولا المعنفات ولا الجوعى ولا سكان العراء، ليس الحجاب ولا النقاب ولا المواطنة ولا علمانية الدولة ولا حرية الضمير والاعتقاد، ليست العقلية الأمنية ولا شيزوفرينيا المجتمع ولا الإستيطان الاحلالي ولا النظام الأبوي، وبالتأكيد ليست الحرية الشخصية وليس القتلى بلا ذنب، ليس أيا من المهضومة حقوقهم إجتماعيا وسياسيا ولا الفئات الأقل حظا طبقة أو مهنة أو طائفة ونوعا.
ليس من المقهورين سابقا من سيحتاج للتضامن مع خياراتهم وواقعهم وليس المتغولون من سنحتاج لرفض ممارساتهم. سيكون على طلبة "النظرية النسوية Feminism"، الراصدات لظاهرة التحرش في الجامعات من خلال فيديو ويب أطلقن عليه "هذه خصوصيتي"، سيكون عليهن التفكير في حقيقة تعرض أستاذهم الجامعي لإرهاب فكري في إطار من تمكين الدراسات التطبيقية.
سيكون على أستاذ جامعي أن ينحسر أمام ضغط "ماكارثي" يمارس على عمله الأكاديمي، وفي إطار مناقشة النظرية المقدرة والوازنه، وفي قاعة دراسية جامعية، يفترض أنها "أقدس" مكان تحت الشمس للنقاش بلا محددات أو تابويات أو مقدمات، "من دخلها كان آمنا" على نفسه، لا يراجع في رأيه أو فكره، بل لا يسمح أستاذ جامعي لجهة أيا كانت بمراجعة طالب في رأي أو تعبير أو ابداع قدمه داخل القاعة الدراسية أو في مشروع عملاني أو بحث قدم في سياق أكاديمي. فكيف يمارس ضغط من أي نوع على أستاذ جامعي في إطار ممارسته لعمله الأكاديمي؟! الظاهرة الأخطر أن تمارس الإدارات الجامعية على الأكاديميين ضغطا (أيا كان شكله) استجابة لرغبات إجتماعية محافظة أو ضغوط المؤسسات التقليدية، بل إن الأخطر من ذلك كله أن تحمل الإدارات الجامعية وجهات نظر وتوجهات تتفق مع تلك القوى والمؤسسات.
إذا كان الضغط الذي مورس على ابداع طالبات "النظرية النسوية" في الجامعة الأردنية، وفي إطار مشروع دراسي، ضغطا اجتماعيا أدى الى ايقاف بعض قنوات ومستخدمي Youtube لعرض الفيديو أو حجب أسماء فريق الإعداد، فإنه يبدو أن على المؤسسات الجامعية أن تحافظ على دورها النخبوي وحقيقة عدم انشغالها أو تأثر الأكاديميين أثناء قيامهم بدورهم بأي من رغبات المجتمع أوممارسات المؤسسات التقليدية فيه، وإلا أصبحت الجامعات جزءا من هذه المؤسسات، عندها تكون قد تخلت تماما عن دورها وقيمتها لتغادره الى مكان سحيق. بل إن عليها أن تطالب كل قوى الضغط الاجتماعي والمؤسسات التي تمثلها في المجتمع باحترام خصوصية الجامعات وخصوصية الأكاديميين، والكف عن الرغبة في الشد العكسي ومقارنة الآراء والمكونات العلمية والاكاديمية بالمكونات الساكنة للمجتمع.
لم يكن مشهدا ظريفا أن تنتظر الدكتورة قوّاس تضامنا يأتي من بعيد، من "لجنة الحريات الأكاديمية الأمريكية CAF"، لكنه واقع من يدرك قيمة الحرية الأكاديمية وبيئتها، وما يتراكم عنها عقلا نقديا تفكيكيا، وحراكا عضويا في إطار نظرية العلوم وبالتاكيد في التغير الإجتماعي، إنه واقع من يدرك قيمة نخبوية الأكاديمي كـ "سوبر إشكالي" في الطرح والتعليق وطريقة الحياة، وقيمة ما تخسر المجتمعات والدول والانسانية عند تكبيل فكره أو رأيه أو ربما –كما يحلو للبعض- "جنونه وخروجه عن المألوف والعرف" في الإطار المعرفي، فالاستاذ الجامعي يسقط من كيانه في اللحظة التي يصبح فيها "متوقعا" ويغادر دوره تماما عندما يشبه الآخرين في دلالاته ومصطلحاته أو في خياراته ونتائجة ليصبح كائنا "وظيفيا طبيعيا" غير مقنع، والخاسر الرئيس عندها سيكون طلبة العلوم والجامعات -حضورا ووزنا أكاديميا- وبالتأكيد المجتمعات في المنطقة العربية.
ليست النساء ولا الجوعى ولا المحتفلون بـ "الهالاوين" في المنطقة العربية، ليس المعتقلون السياسيون ولا الحجاب ولا المواطنة... انه الأستاذ الجامعي في إطار دوره العضوي سيحتاج لمن يتضامن مع حريته الأكاديمية.
متضامن مع الحريـة الأكاديمية، مع الدراسات التطبيقية العملانية، متضامن مع القاعة الجامعية مكانا مقدسا للرأي والفكر والتعبير وللنظرية الوازنة. متضامن مع الدكتورة رولا قواس، أستاذ اللّسانيات واللغات الحديثة بالجامعة الأردنية.
** أستـاذ الصحافة التلفزيونية والإعلام المرئي بجامعة اليرموك.
#خلدون_الشامي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
الحرب بيومها الـ413: قتلى وجرحى في غزة وتل أبيب تبحث خطةً لت
...
-
الجامعة العربية ترحب بمذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت
-
اعتقال حارس أمن السفارة الأميركية بالنرويج بتهمة التجسس
-
الأونروا: النظام المدني في غزة دمر تماما
-
عاصفة انتقادات إسرائيلية أمريكية للجنائية الدولية بعد مذكرتي
...
-
غوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
سلامي: قرار المحكمة الجنائية اعتبار قادة الاحتلال مجرمي حرب
...
-
أزمة المياه تعمق معاناة النازحين بمدينة خان يونس
-
جوتيريش يعلن احترام استقلالية المحكمة الجنائية الدولية
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا بشكل رسمي
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|