جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3908 - 2012 / 11 / 11 - 18:52
المحور:
المجتمع المدني
لا يمكن أن تكون صحة المواطن العربي وهو بسن الستين سنة بنفس صحة المواطن الغربي وهو بنفس العمر،حيثُ تختلفُ الحياة بكل مستوياتها مما ينعكس مباشرة على صحة الإنسان,ولنأخذ درسا من علم الاجتماع القديم الذي تأسس على يد (ابن خلدون) لنلاحظ أن بلوغ سن الرشد عند المجتمعات التي تعيش في بيئة جبلية أقل من سن البلوغ عند المجتمعات التي تعيش في بيئة مسطحة الشكل, ففي الجبال من خلال صعوبة المشي والتنقل من وإلى والمشقة في كل ذلك يكبر حجم الجسم ويزداد طولا وعرضا عند البنات والذكور ويصبح الفرد قادرا على الزواج بيولوجيا وهو في سن صغيرة من العمر,بينما يحتاج أهل المواقع المنبسطة إلى زيادة وإضافة خمسة أعوام أخرى فوق أعمار سكان المناطق الجبلية لكي ينمو الجسم بيولوجيا لذلك كان أهل الجبال يزوجون أولادهم مبكرا جدا قبل أن يعد أهل الأماكن المنبسطة في السهول ما يلزمهم لتزويج أبناءهم,وكان في أهل الجبال سيئةً واحدة يمتازون بها عن سكان السهول وهي خشونة العقل حيث يجعلهم مناخهم الرديء سيئو الطبع والمزاج بعكس سكان السهول المنفتحين عقليا,وهذا كان مثله مثل العرف السائد حينما كانت المجتمعات منقسمة فقط إلى مجتمعين واحد رعوي والآخر زراعي, ولكن عندنا اليوم وسائل أخرى تزيد من عمر المواطن وتجعله متقدما في السن قبل أن يحين أوان قطافه ,فاليوم عندنا غير البيئة المناخية التي تزيد من تقهقر الإنسان فيكفينا القهر السياسي وصعوبة العيش والكآبة التي ترسم نفسها على وجوهنا كل صباح,واللطم المباشر على الخدين من ضنك العيش,والذين يعيشون على نفس خط العرض يمتازون بنفس الخلقة نظرا لتشابه المناخ الذي يتحكم بالشكل ولنقارن بين وجوه المواطنين العرب وبين وجوه المواطنين غير العرب في الدول غير العربية لنلحظ بأن هنالك تغيراً في الشكل وظهور علامات الشيخوخة المبكرة على وجوه العرب القادمين من دول(قمعستان) ذلك أن الظروف الصحية النفسية والاقتصادية والسياسية والثقافية كلها مصابة بخللٍ كبير نوعا ما بحيث يفقد المواطن عندنا زهرة شبابه وهو ما زال يبحث عن عمل أو عن لقمة خبز له ولأولاده, لذلك اليأس يأخذ مكانته والقلق يحتل جزء كبيرا من حياتنا ونفقد حيويتنا بسرعة ونهرم قبل أن يأتينا أوان الهرم, إنها لمشكلة كبيرة حين تنظر بوجه رجل عربي في سن الأربعين وهو يبدو كأنه في سن الستين سنة من عمره بل وتستطيع مقارنة وجهه بوجه رجل أوروبي في سن السبعين سنة من عمره,إننا على حسب النظرية النسبية نشعر باليوم الواحد الذي يمر علينا وكأنه سنة بالتمام وبالكمال أو كأنه سنة ضوئية, بينما غيرنا من الشعوب الأخرى تمر عليهم السنة وكأنها يومٌ واحد,وهنالك حياة المواطن تبدأ بعد التقاعد من العمل بينما نحن نموت من اليئس قبل أن نبلغ سن التقاعد,بسبب ظروفنا السيئة في كل شيء.
تختلفُ الأعمار من دولة إلى دولة على حسب اختلاف مستويات الدخل وغلاء المعيشة فالمواطن في قريتنا حين يكون في سن الأربعين ويبدو مظهره وكأنه في سن الستين سنة حين لا يكفيه دخله الشهري ليعيش به بقية الشهر إلا لأسبوعٍ واحد أو عدة أيام لا تتعدى الأسبوع الواحد ويقضي بقية الشهر وهو يستدين أكله وشربه هو وعياله من المحلات التجارية,إن الفوضى ظاهرة كمعلمٍ كبير في حياتنا, وأنا واحد من هؤلاء الناس الذين ينفقون دخلهم الشهري بأقل من أسبوع وأقضي بقية الشهر وأنا أستدين من الدكاكين أكلي وشربي ودائما ما أبقى طوال اليوم وطوال الأسبوع وطوال الشهر وطوال العمر وأنا أفكر في كيفية تأمين اسطوانة الغاز والخبز بينما يكون نظيري في الدول المتحضرة غارقٌ بالرفاهية إلى أذنيه ويفكر في تحسين نوعية الرفاهية له ولأولاده ولمجتمعه,ونحن لا يوجد الخلل في الأعمار(التأصيل العُمري) وحسب وإنما الخلل في كافة مكونات المجتمع العربي من قمة رأسه إلى أسفل قدميه,فالخلل عندنا واضح في كافة ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية وفي مجالات التعليم والتثقيف الصحي والترهل عندنا واضح في كل شيء لذلك ليس من المستغرب أن يحدث الخلل عندنا في الأعمار فيبدو الشاب الصغير وكأنه كهلا والمرأة الفتية كأنها عجوز تمشي على ثلاثة أرجل وينقطع عنها الطمث وهي ما زالت في ريعان الشباب وتصاب بهشاشة العظام, فالناس هنالك يبتكرون في تطوير حياتهم الاجتماعية بينما نحن غارقون في الكآبة وليس لدينا وقت لنفكر به بأي شيء وعدى عن ذلك هموم الدنيا كلها نحملها فوق رأسنا وهذا أيضا لا يعني أنه لا توجد في المجتمعات الغربية خللا بل يوجد ولكن انعكاساته ضئيلة جدا على جسم المجتمع ويظهر هذا من خلال هيئة المواطن وهو يمشي في الشارع ومن خلال ملامح الوجه وتساقط الشعر والتجاعيد التي تظهر على نسيج الوجه وهي بنسبة أقل بكثير من المجتمعات العربية وهنالك الوعي الاجتماعي فلا يوجد أحد ينجب أطفالا أعلى من مستوى دخله وذلك لكي يضمن الحياة الكريمة له ولأبنائه أما عندنا فالخلل واضح في كل شيء وينجب المواطن عائلة أكبر بكثير من مستوى قدرته الاقتصادية,لذلك تخرج روح رب الأسرة من جسدها وهو يجاهد من أجل تسكير الأفواه الجائعة كما لاحظنا ذلك في فيلم(أفواه وأرانب), لذلك لا تستغرب عزيزي القارئ من منظري وأنا في بداية الأربعين من عمري وكأنني في بداية الستين أو السبعين من عمر مواطن يعيش في السويد وفي الدول التي تحترم الثقافة وحقوق الإنسان, إن مجتمعاتنا غارقة في الحزن الكئيب وخصوصا بعد ثورات الربيع العربي بينما في الدول المتحضرة حيث الرفاهية فيها متاحة لكل مواطن نجد أن الذي يبلغ هنالك من العمر ستون عاما يبدو بصحة جيدة تعادل صحة الشاب الذي في قريتنا وهو بعمر الثلاثين عاما, وهنالك المرأة التي تبلغ سن الستين سنة تبدو وكأنها في سن ابنة جيراني التي تبلغ من العمر ثلاثين عاما.
المواطن عندنا يكبر وينضج قبل أوانه,وهنالك قاعدة تقول: الذي ينمو سريعا يموت سريعا قبل الذي ينمو نموا بطيئا وهذا يلاحظ بيولوجيا عند المخلوقات الطائرة والبونة التي تبلغ سن البلوغ مبكرا فتموت أيضا مبكرا وكذلك هذه الظاهرة موجودة عند الحشرات الطائرة وغير الطائرة,وعندنا في مجتمعاتنا العربية نجد أن الإنسان سريع النمو جدا ويبلغ سن الرشد قبل موعده ويتزوج قبل موعده وينجب قبل موعده لذلك من الضروري أن يشيخ ويهرم قبل موعده مثله مثل السيارة التي يهينها صاحبها فتتعطل قبل أوانها وتصبح غير قادرة على العمل.. وحيث ما تزوج البنات والشباب في أعمار مبكرة وينجبون مبكرا إضافة إلى ظروف الحياة القاهرة نجد أن هؤلاء الفئة من الناس يشيخون مبكرا قبل أوانهم ويبدءون بعد ساعة الصفر مبكرا, ويشيب رأس المواطن العربي مبكرا من ظروف المعيشة القاسية بينما يتمتع نظيره بالرخاء من العيش ويبدو مظهره وهو في سن السبعين وكأنه ما زال في بداية سن الخمسين من العمر, عدى عن ذلك اختلاف الثقافة لها دورٌ هي والحضارة في أعمار المواطنين, فعندنا يموت الشباب بالسكتة القلبية جراء صعوبة الحياة والصدمات التي يتلقونها يوميا ويصاب الشباب بأمراض ضغط الدم وهم ما زالوا بالربيع الأول من العمر, وتبدو علامات الكآبة في الدول العربية على النساء وهن في مقتبل العمر وخصوصا تلك اللواتي يتزوج أزواجهن عليهن وهن ما زلن في ريعان الشباب وهذا ما نلاحظه دائما في الدول المشهور عنها ارتباط الذكور بعدة نساء شرعيات.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟