أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فاضل نعمة - القوى الليبرالية... هواجس مدنية الدولة في مصر















المزيد.....

القوى الليبرالية... هواجس مدنية الدولة في مصر


محمد فاضل نعمة

الحوار المتمدن-العدد: 3908 - 2012 / 11 / 11 - 01:31
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كان المشهد لافتا ومقلقا لكل مؤيدي الدولة المدنية يوم الجمعة 18/2/2011 في ميدان التحرير وسط القاهرة ، عندما استولى الاخوان المسلمين على الثورة ،هذا ما شعر به الكثير من انصار الدولة المدنية والمثقفين ، بعد ان أمَ ملايين المصلين الشيخ يوسف القرضاوي ، ما منح المشهد سمات اسلامية بامتياز ، وجعل العديد من المراقبين يشبهون ذلك بعودة الخميني الى ايران بعد سقوط الشاه عام 1979، وعندما حاول بعض الناشطين من تيارات شباب الثورة مثل وائل غنيم والاعلامي حسين عبد الغني الصعود الى المنصة منعوا من ذلك من قبل حرس القرضاوي ، هذا الاحتكار الاسلامي للمنبر الثوري، وهذا الاستعراض للقوة اثار مخاوف انصار الدولة المدنية وبعض الاقباط من مستقبل مصر بعد الثورة.وهذا ما دعا الاديب ادوارد خراط الى القول ( يجب الفصل فصلا حقيقيا بين نظام الحكم ونظام الدين ، على قاعدة ان الدين لله والوطن للجميع ).
على الرغم من اتفاق جميع الاطراف السياسية حول مدنية الدولة في اغلب الدول التي عاشت مخاض بناء الدولة ، الا انهم تباينوا حول مرجعيتها فمن قائل بالمرجعية الليبرالية او العلمانية او الماركسية او الاشتراكية او الدينية، ومصر في مرحلة ما بعد 25 يناير لم تشذ عن القاعدة فمدنية الدولة شعار رفعته كافة القوى السياسية العلمانية منها والدينية على حد سواء ، لكن جوهر الخلاف تمحور حول المقصود بالدولة المدنية لكل طرف من الاطراف وهنا ظهرت فروق جوهرية في الطرح وخصوصا في خضم نقاشات القوى السياسية حول المادة (2) من الدستور المتعلقة باعتبار الدين الاسلامي المصدر الرئيس للتشريع وجدوى بقائها او تغييرها.
ان فكرة دولة مدنية بمرجعية اسلامية التي طرحتها بعض الحركات والمفكرين الاسلاميين اعتبرها بعض المفكرين العلمانيين والليبراليين نوع من انواع المراوغة والتكتيك الظرفي ،حيث اكد الدكتور نبيل عبد الفتاح ان الدولة الحديثة لا توجد بها مرجعيات دينية وليس معنى هذا ان الدولة المدنية تعادي الاديان، مشيرا الى ان عدم طرح المادة (2) من الدستور المصري للمناقشة خلال التعديلات الدستورية يشكل فرز طائفي بين المواطنين على اساس الدين . اما امين اسكندر وكيل مؤسسي حزب الكرامة فيرى ان الخلاف ليس قاصرا على مفهوم الدولة المدنية وشروطها ، لكن هناك خلاف حول مفهوم المرجعية الدينية ذاتها ، فهل هي مرجعية للتاريخ العربي الاسلامي والحضاري ام للشريعة الاسلامية باحكامها وحدودها ، وهو يرى ان الدولة المدنية بمرجعية اسلامية سوف يحكمها حتما الفقهاء ويكون الفيصل لهم في الحكم على ما هو شرعي وغير شرعي في شؤون الناس والحكم على حد سواء ، في حين ان الفيصل الاساس للدولة المدنية هو الدستور ، وهو يرى ان الحل الامثل لمعالجة المادة (2) من الدستور المصري محل الخلاف ان تكون الشريعة المصدر الرئيس للتشريع مع النص على حق اصحاب الديانات الاخرى ان تحكمهم شرائعهم حتى لايخل ذلك بمفهوم الدولة المدنية. في حين اعتبر حسين عبد الرازق عضو المجلس الرئاسي لحزب التجمع ان الدولة المدنية بمرجعية دينية هو التفاف على الواقع فطالما للدولة مرجعية دينية فهي دولة دينية مهما تعددت المرادفات الاخرى ، مؤكدا ان الدولة المدنية تقوم على الفصل بين الدين والسياسة وتحكم على اساس المواطنة التي لا تميز بين المواطنين ويتحقق في ظلها دستور مدني وقوانين مدنية تم صياغتها من خلال سلطة تشريعية منتخبة. ويؤكد جورج اسحاق الناشط السياسي واحد مؤسسي حركة كفاية ان المرجعية يجب ان تكون للدستور ، وان الدستور يجب ان يصاغ بثوابت تؤسس للدولة المدنية التي تضمن الحقوق والحريات الفردية العامة وتحقق دولة المواطنة والمساواة ، اما فيما يخص المادة (2) من الدستور فان اسحاق يقترح صيغة جديدة بالشكل التالي ( الاسلام دين غالبية المواطنين والدستور والقانون يستلهمان القيم العليا للاديان السماوية جميعا ) ويعقد ان هذه الصيغة هي الحل الامثل لتجاوز الجدل حول طبيعة النظام القادم .
كما اكد الدكتور عمر حمزاوي الاكاديمي و عضو مجلس الشعب ان الدولة المدنية التي يرغب بها المصريين دولة تحترم الدين ، لا تفرق بين المواطنين ، المشكلة من وجهة نظر حمزاوي لاتكمن في الصراع الديني العلماني على شكل الدولة ، بل في المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية المتردية في مصر وسبل معالجتها، كما طالب نجيب ساويرس في لقاء شبابي ان يكون للاقباط تشريعهم الخاص لتجاوز ازمة المادة (2) من الدستور واحساس فئات من الشعب المصري بالتهميش ، معتبرا انه لا يوجد فرق بين اقلية واغلبية.
ويرى المفكر السيد يسن ان الدولة الحديثة لا بد ان تكون دولة علمانية تفصل بوضوح بين الدين والدولة ، بحيث تقوم على التشريع وليس على الفتوى ، والعلمانية على عكس ما يشيع التيار الاسلامي تحترم الاديان كافة وتتيح ممارسة طقوسهم في ظل الدستور والقانون ، والعلمانية تدعو الى فصل الدين عن السياسة وليس فصلها عن المجتمع ، ويؤكد يسن ان تيارات الاسلام السياسي جميعا وعلى اختلاف منطلقاتها واشكالها التنظيمية تدعوا صراحة او ضمنا الى اقامة الدولة الدينية على انقاض الدولة العلمانية الراهنة ، لا فرق في ذلك على حد قوله بين الاخوان المسلمين والجماعة الاسلامية وجماعة الجهاد والحركة السلفية . وهو يرى ان خطاب الاخوان المسلمين الذي ينص على قبول الدولة المدنية خطاب خادع لان المشروع الستراتيجي لكل تيارات الاسلام السياسي هو اقامة الدولة الدينية ، وان المشروع الحقيقي للاخوان هو عدم الاعتداد بالتعددية السياسية على المدى الطويل وقبولها كخطوة تكتيكية لكنهم ان انقضوا على السطة فسينقضون على حرية التفكير والتعبير .
وذهب الروائي محمد هاشم مدير دار ميريت الى ضرورة الغاء المادة (2) من الدستور المتعلقة بدينية مصادر التشريع لانها حسب قوله لا تشعر فقط المسيحيين بالقلق بل كل من هو خارج اطار مشروع الاسلام السياسي بانهم مستبعدون ،ويشير ان زج هذه المادة في الدستور مطلع السبعينات من القرن الماضي ابان حكم الرئيس انور السادات كان بسبب مواجهته حركة معارضة قوية من اليسار والناصريين فاراد ان يغازل التيارات الاسلامية ، فكانت النتيجة صراع طائفي ، وهذا خطا لن يغفره له التاريخ . في حين اتفق الدكتور عماد جاد النائب في البرلمان المصري مع ضرورة استبعاد المادة محل الخلاف في الدستور، لكنه استغرب التوقيت في اثارة مثل هذا الموضوع ، معتبرا ان اثارته بعد نجاح الثورة مباشرا والانقسام الحاصل حوله كان لمصلحة بعض الاطراف المعادية للثورة لالهاء الثوار عن مطالبهم الاساسية.
ويرى الكاتب والروائي علاء الاسواني ان تقسيم الناس الى اسلاميين وعلمانيين هو تصنيف جائر ، فالذين يختلفون مع الاسلاميين ليسوا ضد الاسلام ، والمطالبين بالدولة المدنية ليسوا بالضرورة علمانيين او لادينيين بل قد يكونوا مسلمين ملتزمين حريصين على دينهم ويرفضون استخدامه كغطاء لحكم استبدادي، ويتابع الاسواني ان نضال الشعب المصري منذ مطلع القرن العشرين كان دائما من اجل اقامة دولة مدنية ، واذا استثنينا مشروع الاخوان المسلمين فان مصر طيلة تاريخها الحديث لم تسمع عن الدولة الدينية الا في اواخر السبعينيات عندما وصل اليها لاول مرة الفكر الوهابي المدعوم باموال النفط الخليجية ، ولو وافقنا الشيخ المحلاوي بتكفير المطالبة بالدولة المدنية معنى ذلك ان سعد زغلول ومصطفى النحاس وجمال عبد الناصر والسادات وغيرهم من زعماء مصر وتاريخه كانوا كفارا، ويشير الاسواني ايضا ان الحديث عن دولة مدنية بمرجعية اسلامية ، ما هي الا مناورة متسائلا عن ماهية المرجعية الاسلامية هل تعني مبادىء الاسلام مثل العدل والمساواة والحرية وهي ذاتها اسس الدولة المدنية وبالتالي لا تحتاج الى مرجعية جديدة ، ام المقصود بالمرجعية وضع اسس مقدسة غير قابلة للنقاش وفرضها على الناس باسم الدين ، وبذلك نكون امام دولة دينية استبدادية وان تلاعبنا بالتسميات.
في حين يرى العديد من الناشطين ان الدولة المدنية ليس ابتكار للعلمانيين المصريين ويقول الاستاذ جابر عصفور وزير الثقافة الاسبق في هذا الصدد ( عندما نتحدث عن الدولة المدنية بعد الثورة فاننا لا نخترع العجلة من العدم ، وانما نتبع خطى دول سبقت في هذا المجال عانت كثيرا من مشكلات الطائفية وكثافة السكان لكنها سبقتنا وقفزت بشكل واسع باتجاه التقدم مثل الهند والصين وكوريا وماليزيا وتركيا ) ، مشيرا ان دول مدنية كبرى مثل انكلترا وفرنسا وامريكا برغم علمانية دولها ونفيها للصبغة الدينية عنها الا انها تحترم كل الديانات لمواطنيها ومعتقداتهم وتسمح لهم ببناء دور عبادة لهم وفق قانون يضمن المساواة ، في حين لا تتوافر هذه المساواة في بلدان عربية كثيرة على الرغم من ادعائها تطبيق الدولة المدنية.
في اطار حمى الصراع بين القوى المدنية والقوى الدينية اتجه عدد من الاحزاب والقوى السياسية للبحث عن حماية الدولة المدنية خارج اطار مؤسساتها الشرعية والياتها من خلال اعطاء القوى العسكرية صلاحيات استثنائية لصد التوجهات الدينية ،فقد اعتبر الدكتور وحيد عبد الحميد ان القضية التي شغلت النخب المصرية هي مدنية الدولة ، في حين كان من المفترض التاكيد على ديمقراطيتها ، فلا يمكن ان تكون الدولة ديمقراطية الا اذا اقيمت على اساس مدني ،لكن ممكن ان تكون الدولة المدنية غير ديمقراطية ، فكثير من الدول الشمولية تعد مدنية من كونها ليست دينية او عسكرية لكنها ايضا ليست ديمقراطية ، وخطورة هذا الطرح تقودنا الى نوايا انصار الدولة المدنية هل يعنيهم ان تكون ديمقراطية ام يكفيهم الا تكون دينية؟ ، لذا يرى عبد المجيد مقدار خطا من يطالبون ان ينص الدستور الجديد في مصر على حماية الجيش او اية طرف اخر لمدنية الدولة لانه بذلك نحصل على المدنية بغطاء من الدكتاتورية ، في حين طالب عدد من النخب بضرورة التوصل الى مواد فوق دستورية ، تنص على مدنية الدولة وعدم السماح بتغيير طبيعة الدولة في ظل اية نتائج انتخابية مقبلة للبرلمان القادم بعد ان حلت المحكمة الدستورية العليا البرلمان الاول بعد الثورة .
السؤال الذي تصعب الاجابة عليه في الوقت الحالي هل تستطيع مصر الدولة الحفاظ على مدنيتها في ظل اغلبية برلمانية من القوى الدينية ؟ وهل تستطيع تجاوز ازمتها وعدم الانجرار نحو تقسيم مجتمعي قاتل ؟ الشعب المصري من خلال خياراته من سيحدد الاجابة .



#محمد_فاضل_نعمة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلمانية والليبرالية العربية .. تاصيل المفهوم
- السلفيين في مواجهة مدنية الدولة المصرية
- برنامج الاخوان السياسي من المعارضة الى السلطة
- الدولة المدنية ومازق الاسلام السياسي في مصر
- الربيع العربي ودعوات احياء الدولة الدينية
- الذكرى المئوية لاذلال مواطن عراقي
- خارطة القوى السياسية المصرية بعد ثورة 25 يناير
- الدولة المدنية بين التأصيل النظري والتغيير العربي
- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بين المسؤولية الادارية وا ...
- مئة يوم من التقييم
- الوجه الآخر للمحاصصة السياسية
- الدبلوماسية الثقافية ودورها في تعزيز قرار السياسة الخارجية
- مفهوم الأمن الوطني وهاجس الدولة البوليسية
- ستراتيجية الاجتثاث والتفتيت الامريكية في العراق
- جريمة التهجير والعجز الحكومي


المزيد.....




- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...
- “فرحة أطفالنا مضمونة” ثبت الآن أحدث تردد لقناة الأطفال طيور ...
- المقاومة الإسلامية تواصل ضرب تجمعات العدو ومستوطناته
- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد فاضل نعمة - القوى الليبرالية... هواجس مدنية الدولة في مصر