أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال شاكر البيابي - الاعتراف بالآخر... سيحرركم














المزيد.....

الاعتراف بالآخر... سيحرركم


نضال شاكر البيابي

الحوار المتمدن-العدد: 3907 - 2012 / 11 / 10 - 15:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


إن موقفاً نقدياً حذراً من الايدولوجيات، والمثل العليا، وأفكار الخلاص، يكشف بأن معظم ما نشتبه بأننا نراه، أو ندركه، في أنفسنا والآخرين، هو مجرد أوهام خالصة، أوهام وأفكار أنتجتها مصالح القوى المهيمنة على الواقع الاجتماعي. وكم للأوهام من إمكانيات إبادة، تكاد "تعادل إمكانيات أكثر الآلهة قسوةً".

ويكشف أيضاً، فيما يكشف، إلى أيّ مدى يخال إنسان وقع تحت تأثير الايديولوجيا، أوهاماً واقعاً وحقيقةً. أعني تلك الأوهام التي هي عبارة عن تسويغات ايديولوجية تضخ بها رؤوس الجماهير، لكي تصبح الأساس لما يدجنهم فيظنونه واقعاً وحقيقة، من أجل الحصول على خدماتهم أو الظفر بطاعتهم. الأوهام التي تهوّن أوجاعَ وانتهاكاتِ الواقع الاجتماعي وتسهم في تأبيده في آن. الأوهام التي تُقدم باعتبارها "الحقيقة المحرّرة"، وعلى محك التجربة العملية تبدو أنها ليست سوى نواة التبعية والاستعباد، أو بالأحرى نواة "الوعي الزائف". الأوهام التي تكبح قوى الفضول في داخل الإنسان، وتحول دون احتكاكه بالواقع/ الآخر، وتكوين صورة حقيقية عنه، لكي يظل أبد الدهر متقوقعاً في كهفه، خائفاً ومتوجساً من أيّ تواصلٍ مع "الآخر".

فأي وهم هذا الإنسان وأي فوضى؟ يتساءل باسكال، وأي ذات متناقضة، وأي أعجوبة، إنه "حاكم على كل شيء، ودودة أرضية غبية، وأمين على الحقيقة، وبالوعة من الشكوك والأخطاء، ومجد العالم وانحطاطه. فمن ذا الذي يفك هذا التشوش؟".

إنّ الذي يفك هذا التشوش هو فهم الإنسان المعقَّد التركيب، لكونه يضم في داخله سمات متناقضة، كل سمة تغدو نقيضة للأخرى، سمات تشكّلت عبر السيرورات البيولوجية والثقافية والاجتماعية والرمزية، الإنسان المتعدد داخل الواحد، والواحد داخل المتعدد- حسب تعبير موران، الإنسان العاقل والمعتوه، الساحر والعقلاني، الباني والهادم، المبدع والتابع، المنتج والمستهلك، الذهاني والعصابي، الشبقي والمتعفف، الواعي واللاواعي. لا أن نركن لقراءات اختزالية تبسيطية تمثلن الأنا، وتشيطن الآخر، قراءات تنطوي على تلك الثنائية البلهاء: إما أسود أو أبيض.

إنّ هذا الغوص في أعماق الإنسان السفلى يشي بأن لدى كل الناس نفس الدوافع اللاشعورية، لكنّ الفارق هو الظروف الاجتماعية المتباينة، التي تعزز دوافع وتكبح أخرى، بينما في الأصل النوعي ليس ثمة أبناء سادة/أحرار، ولا أبناء عبيد/ عوام ودهماء، حيث الكل سواسية على المستويين البيولوجي واللاشعوري، إنما الفارق الجوهري هو مؤثرات الظروف الموضوعية الخارجية، كالبواعث الاجتماعية والثقافية والتاريخية، مع الأخذ في الحسبان القابليات الوراثية، التي قد تَحدّ من بعض الدوافع، أو قد تكبحها تماماً، أو تحفزها. وكما يقول جلال الدين الرومي في عبارة خلاقة: اقترب أكثر، لتعرف أني.. لست سواك أنت.

إذن، الآخر هو النظير، حسب مقولة الإمام علي، وهذا يعني أنه يحمل في داخله ما نحمله من غرابة وتماثل، وكلما انغلقنا على ذاتنا صار الآخر أكثر غرابة عنّا، والعكس صحيح.

الاغتراب الذي جعل "الآخر/ المغاير" في مجتمعاتنا - التي يعوزها الوعي التاريخي، بمثابة غريب أبي حيان التوحيدي: الغريب من هو في غربته غريب. ولعل فكتور هيغو في السياق ذاته، عبر أبلغ تعبير حين وصف "الوحدة" بأنها تجسد الجحيم بأكمله، لأن اعتراف الآخر بنا، واعترافنا به كما هو لا كما نريد، هو صميم الحاجة الإنسانية لتأكيد الذات، ليكون الفرد موجوداً وجوداً فعلياً على نحو إنساني/ طبيعي، وهذا ما جعل ساتر يصرخ: بأن الجحيم هم الآخرون، وبدون هذا التأكيد والتحقق الذاتي نَهلك، أو نُهلِك، أو نتحوّل إلى مجرد مخلوقات فرانكشتاينية معاقة ومتألمة على الدوام.

نضال البيابي

السعودية



#نضال_شاكر_البيابي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تظاهرات إسلامية ضد الرسول الكريم!
- السلطة والإنسان الأدنى (2-2)
- السلطة والإنسان الأدنى (1-2)
- الثورات العربية ليست نظيفة!
- الإصلاح في السعودية: حيث لا شيء محسوم
- الخطيئة..أُولى ثِمار الإنسان
- كيف يفكر المجتمع السعودي؟(3-3)
- أنماط التفكير والقيم المهيمنة في المجتمع السعودي (2-3)
- أنماط التفكير والقيم المهيمنة في المجتمع السعودي (ا-3)
- إجهاض الثورة «الطائفية» في البحرين
- السنة والشيعة في السعودية: تأكيد الذات وإلغاء الآخر (2-2)
- السنة والشيعة في السعودية: تأكيد الذات وإلغاء الآخر (ا-2)
- المسيرات السلمية في القطيف .. محاولة للفهم
- فتاوى الفقهاء: دفاعا عن أولياء نعمتهم ..!
- النخب السعودية: تخبط ونشاز في إيقاع العصر
- أما آن للثبات من تحول ؟!
- المناهج الدينية ، وزر الماضي وعبء المستقبل
- قراءة في الفلسلفة «العدمية» لنيتشه
- أنا أفكر، إذن أنا موجود
- لا يوجد في البنات صغيرة !!


المزيد.....




- ماذا نعرف عن صاروخ -أوريشنيك- الذي استخدمته روسيا لأول مرة ف ...
- زنازين في الطريق إلى القصر الرئاسي بالسنغال
- -خطوة مهمة-.. بايدن يشيد باتفاق كوب29
- الأمن الأردني يعلن مقتل مطلق النار في منطقة الرابية بعمان
- ارتفاع ضحايا الغارات الإسرائيلية على لبنان وإطلاق مسيّرة بات ...
- إغلاق الطرق المؤدية للسفارة الإسرائيلية بعمّان بعد إطلاق نار ...
- قمة المناخ -كوب29-.. اتفاق بـ 300 مليار دولار وسط انتقادات
- دوي طلقات قرب سفارة إسرائيل في عمان.. والأمن الأردني يطوق مح ...
- كوب 29.. التوصل إلى اتفاق بقيمة 300 مليار دولار لمواجهة تداع ...
- -كوب 29-.. تخصيص 300 مليار دولار سنويا للدول الفقيرة لمواجهة ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نضال شاكر البيابي - الاعتراف بالآخر... سيحرركم