أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فريد العليبي - ذبيح عيد الأضحى الجعد بن درهم .













المزيد.....

ذبيح عيد الأضحى الجعد بن درهم .


فريد العليبي

الحوار المتمدن-العدد: 3906 - 2012 / 11 / 9 - 21:05
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


يحفل التاريخ الثقافي العربي بالعديد من الأحداث التي قضى خلالها مفكرون اغتيالا أو إعداما صريحا ، من ذلك ما أصاب الجعد ابن درهم . كان الرجل من أوائل المتكلمين ، و قد وفد إلى دمشق من خراسان في آخر أيام حكم بنى أمية ، و امتهن التدريس ، حتى أنه ارتقى في مصاف هذه المهنة إلى أن أصبح مؤدبا للأمير الأموي مروان بن محمد بن الحكم .
يُعد الجعد بالمعنى الايديولوجى جدا للمعتزلة ، و قد اختلف مع الافكار الدارجة في زمانه ، مُؤولا النص الديني المقدس على نحو غير مسبوق في تاريخ الإسلام إذ ذهب إلى القول بخلق القرآن و نفى الصفات عن الله ، مُنكرا أن تكون الذات الإلهية قد اتخذت من إبراهيم خليلا ، و لا من موسى كليما ، أو من محمد حبيبا .
و قد كان ذلك كافيا لكي يوصف بالضلال و الكفر و الإلحاد و الشذوذ و الابتداع ، و هو ما أُعتبر سببا لمحنته ، فقضى نحرا يوم عيد الأضحى ، على يد حاكم زمانه ، إذ تذكر الروايات التراثية أن أفكاره شاعت في دمشق فجلبت له الأذى ، فهرب إلى الكوفة طلبا للسلامة ، و هو ما لم ينله ، فقد فتك به الوالي الأموي خالد القسرى ، الذي وجد في قتله فرصة سانحة لكي يبرز للناس أنه من حراس العقيدة .
يقول ابن القيم في وصف مقتله : فلما اشتهر أمره في المسلمين طلبه خالد بن عبدا لله القسري ، وكان أميرا على العراق ، حتى ظفر به ، فخطب في الناس في يوم الأضحى وكان آخر ما قال في خطبته : أيها الناس ضحوا تقبل الله أضاحيكم ، فإني مُضح بالجعد بن درهم ، فإنه زعم أن الله لم يكلم موسى تكليما ، ولم يتخذ إبراهيم خليلا ، تعالى الله عما يقول الجعد علوا كبيرا ، ثم نزل فذبحه في أصل المنبر .
و لا يخفي ابن القيم ابتهاجه بمقتله على تلك الصورة ، و امتداح قاتله ، فقد أنشد في ذلك شعرا ، لافتا النظر إلى تعطيل الجعد للصفات بقوله :
ولأجل ذا ضحى بجعد خالد الـ .... قسري يوم ذبائح القربان
إذا قال إبراهيم ليس خليله ..... كلا ولا موسى الكليم الداني
شكر الضحية كل صاحب سنة ... لله درك من أخي قربان
يتعلق الأمر كما هو بيَن بالقتل ذبحا يوم عيد الأضحى ، و في المشهد هناك الذبيح و قد شدَ وثاقه ، و وضع أسفل المنبر منتظرا مصيره ، و هناك الجزار ، و هو الحاكم حارس العقيدة و قد استل سكينه ليذبح ضحيته من الوريد الى الوريد ، فضلا عن جمهور المصلين الذي أصغى إلى خطبة الحاكم ، و انصرف لحاله لينحر الخرفان ، و ينعم بفرحة المناسبة المقدسة ، أي أن هناك أطرافا ثلاثة : السلطة السياسية الدينية المتجبرة و الثقافة المتمردة و الجمهور المُنقاد لحاكمه .
و في قلب المشهد يسرى السؤال مثلما كان عليه الأمر دائما في مثل هذه الحالات : هل كان الحاكم بأمره ، المُمسك بمديته ، يدافع عن المقدس أم يدافع عن حكمه و هو يرتكب فعلته تلك ؟ غنى عن البيان أن حكم بنى أمية قد قام على سند ايديولوجى جبرى ، مُؤداه أن الناس لا يصنعون مصيرهم بأيديهم ، و إنما يخضعون في كل شئ إلى قضاء مبرم ، بينما قال أسلاف المعتزلة و منهم الجعد بن درهم و غيلان الدمشقي بعكس ذلك ، فالإنسان صانع أفعاله و من ثمة مسؤوليته الكاملة عنها ، و هذه الفكرة لا تخفى أبعادها الثورية ، فعندما يُريد الشعب ترتجف قبضة الطغاة .
و للتاريخ مكره فبعد وقت غير بعيد عن تلك الواقعة ، قُتل خالد القسرى بأمر من الخليفة الأموي الوليد بن يزيد بن عبد الملك ، في نفس المدينة التي نُحر فيها الجعد بن درهم ، بعد خضوعه لتعذيب شديد ، و من قتل بالسيف بالسيف يُقتل ، و مع الدولة العباسية سينتصر مذهب الاعتزال و يسود ردحا من الزمن.



#فريد_العليبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بتهمة الاعتداء على المقدسات صُلب الحلاج و أحرق حيا .
- برنارد هنري ليفي و السفير المقتول في بنغازي .
- سلفادور ألندي في ذكراه .
- الشيخ القابع وراء الأكمة .
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية /الحلقة الثالثة .
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية / الحلقة الثانية
- شيطان مصطفى بن جعفر وشبح زين العابدين بن على
- الديني و السياسي في الانتفاضة التونسية .
- أبو يعرب المرزوقي و ابن رشد و قشرة الموز
- الربيع العربي و زمهرير جهنم .
- عمران المقدمى زهرة تونس الحمراء العائدة من الجليل
- المرأة و الثورة
- المرأة العربية الآن
- هل انتصرت الثورة في تونس ؟
- جانفي شهر الانتفاضات التونسية
- القوى اليسارية والنقابات العمالية في الربيع العربي
- سيدي بوزيد التونسية : ماذا نملك ؟ لا شئ ، ماذا نريد ؟ كل شئ ...
- منير العوادي سلاما !
- الانتفاضة التونسية : شيئان في بلدي خيبا أملي !
- مصر : الدم و الحرية أبناء عم !


المزيد.....




- نزلها “من هنا” تردد قناة طيور الجنة بعد التحديث على القمر ال ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- وزير خارجية كيان الاحتلال: غوتيريش يقود أجندة معادية لاسرائي ...
- كاتس يهاجم غوتيريش مجددا: يقود سياسة معادية لإسرائيل ولليهود ...
- ماما جابت بيبي يا أطفال..تردد قناة طيور الجنة بيبي على نايل ...
- بلينكن: السنوار كان مسؤولا عن أكبر مذبحة ضد اليهود منذ المحر ...
- استعلم عن تردد قناة طيور الجنة للاطفال بجودة عالية جدا مع اب ...
- ‏المقاومة الإسلامية تقصف مستعمرة زفلون بصلية ‏صاروخية كبيرة ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تعلن رصد تحركات جنود العدو الإسر ...
- خاص| ماذا قال مساعد القائد العام للجيش السوداني عن الإسلاميي ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - فريد العليبي - ذبيح عيد الأضحى الجعد بن درهم .