|
نظرة على الإتهامات المتداولة التي يستعملها بعض المسلمين في مواجهة خصومهم
مالك بارودي
الحوار المتمدن-العدد: 3905 - 2012 / 11 / 8 - 08:16
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
كثيرا ما يهرع بعض المسلمين عندما ينتهي بهم أفق الحوار إلى طريق مسدود مع الآخر سواء كان من ديانة أخرى أو ملحدا أو حتّى مسلما لكن بقناعات مختلفة عن قناعات شيوخ الإسلام وأئمّته وما يسمّونهم بـ"علماء" (والذين لا يملكون من العلم إلا اللفظ، لأنّ الدين شيء في حين أنّ العلم شيء آخر بعيد كل البعد عن هلوساتهم وخزعبلاتهم)، كثيرا ما يهرعون إلى اللعبة القديمة: إتهام الآخر بالصّهيونية ومعاداة الإسلام وكثير من التّهم الجاهزة كردّ نهائي لا يدلّ إلا على نفاقهم... هذا ليس غريبا من مسلمين جمعوا كل التناقضات الموجودة على الأرض دون إعمال العقل. ولكن، لنحاول دحض هذه التّهم نهائيا. أولا، الصّهيونيّة لا يمكن إلصاقها بمنافسيهم وخصومهم لأنّها في الأصل ملتصقة بآل سعود وبالمملكة العربية السّعودية بالأساس بما أنها البلاد التي يحجّ إليها المسلمون وأيضا منبع الفكر الوهابي الإرهابي الذي أنتج تنظيم "القاعدة" وكلّ مشتقّاتها، ومرتبطة كذلك بآل ثاني في قطر وهي الداعمة ماليّا لما يسمّونه بـ"الصّحوة الإسلامية" والمحرّضة على إسقاط النّظام في سوريا بتعلّة الحرّيّة والديمقراطية والمموّلة لجحافل الإرهابيّين المسلمين القادمين من كلّ حدب وصوب (خاصة من بلدان ما يسمّى بـ"الرّبيع العربي": مصر وتونس وليبيا) والمتّحدين من أجل المال وتخريب الدّولة السّوريّة، في نفس الوقت الذي تحافظ فيه دولة قطر على علاقات أقلّ ما يمكن أن يقال عنها أنّها ممتازة مع دولة إسرائيل. ثانيا، معاداة الإسلام تعلّة واهية لأنّها نابعة من نظرية المؤامرة التي يلجأ إليها المسلمون كلما عجزوا. كأنّ العالم ليس له من همّ سوى محاولة إسقاط الإسلام الذي هو في الأصل والأساس سبب سقوط المسلمين في التبعية والإستهلاك والتفاهة والجنس والتّخلّف. فكيف يفكّر الغرب في إسقاط شعوب أصبحت رمزا للسّقوط؟ في نفس الوقت، يسمح المسلمون لأنفسهم بإزدراء الأديان الأخرى والتشكيك فيها ولا يقبلون أن يردّ الآخر بالمثل. وفي نفس الوقت، يعادي المسلمون العالم كلّه (على أساس أنّهم كفّار) ولا يرضى بأن يكرههم العالم ويرون في ذلك إعتداء عليهم ومعاداة للإسلام. فأين المنطق في كلّ هذا؟ ويحدث أن يتّهم المسلمون الآخر بتهمة أخرى وهي "التعميم" فيقولون أنّ هذه الحادثة حالة شاذّة أو أنّ تصرّف هذا المسلم لا يمكن تعميمه على كل المسلمين أو نسبته إلى الإسلام... بهذا المنطق، إذا كان تصرّف إرهابيّ يتّخذ من آيات القرآن وسيرة محمّد وأحاديثه تبريرا لأفعاله الإجراميّة لا يمثّل الإسلام، وإذا كان تصرّف شيخ مسلم يحرّض على قتل اليهود (مثلما حدث في تونس) مستشهدا بآيات قرآنية وأحاديث نبويّة لا يمثل الإسلام، وإذا كانت دعوة رجل مسلم للسماح للرّجال بالزواج من بنت لم تجتز بعد مرحلة الطّفولة بحسب ما جاء في القرآن والسنّة لا يمثّل الإسلام، وإذا كان قتل المرتدّ في المملكة العربيّة السعودية لا يمثّل الإسلام، وإذا كانت فتوى إبن باز الصادرة في التسعينات من القرن الماضي بتكفير من يقول بأن الأرض تدور حول الشمس والمستندة حسب كلامه إلى آيات من القرآن لا تمثّل الإسلام، وإذا كان إغتصاب وقتل السّفير الأمريكي في ليبيا على خلفية فيلم "براءة المسلمين" لا يمثّل الإسلام، وإذا كان "تنظيم القاعدة" لا يمثّل الإسلام، وإذا كانت أقوال الشّيعة بحسب أهل السّنّة والجماعة لا تمثّل الإسلام (والعكس أيضا صحيح)، وإذا كانت آلاف الجرائم تحدث في العالم بإسم الإسلام ويقوم بها مسلمون ولكنّها لا تمثّل الإسلام، وإذا كانت كل تناقضات الآيات القرآنيّة لا تمثّل الإسلام بتعلّة أنّه لا يوجد أيّ تناقض، رغم أنّها حقائق واضحة، وإذا كانت الأحاديث النبوية التي تحطّ من قدر المرأة وتحرّض على القتل والعنف لا تمثّل الإسلام لأنّهم يشكّكون في صحّته رغم أنّها واردة في "صحيح مسلم" أو "صحيح البخاري"، وإذا كان إسلام الوهابيّة لا يمثّل الإسلام، وإذا كان تحضير "حركة النهضة" في تونس لعمليات إرهابية لقلب نظام الحكم في التسعينات لا يمثّل الإسلام، وإذا كانت فتوى الشيخ "الزمزمي" في المغرب بجواز نكاح الرّجل لزوجته الميتة لا يمثل الإسلام، وإذا كانت فتوى "أبو إسحاق الحويني" في إرضاع الكبير لا تمثل الإسلام، وإذا كانت فتوى توسيع دبر المجاهد باللواط لأسباب جهادية لا تمثّل الإسلام، وإذا كان إعتبار بعض الشيوخ أنّ المرأة ليست إلا حيوانا في خدمة الرّجل (جنسيّا، بالطّبع) لا تمثّل الإسلام... فما هو الإسلام؟ نحن هنا أمام سؤال لا يحتمل إلاّ أحد حلّين: الأوّل أنّ الإسلام هو كل هذا وأكثر، رغم أنف من ينزّهه عن مثل هذه الجرائم بتعلّة أنّه دين تسامح وسلام (السلام والتسامح واضحان جدّا من خلال الأمثلة السّابقة... والحلّ الثّاني: أنّه لا يوجد شيء يمكن أن نسمّيه "الإسلام"... لقد أصبحت حقيقة الإسلام والمتعصّبين من أتباعه واضحة وجليّة ومفهومة للكثير من النّاس، وأصبحت مثل هذه التّهم لا تعني شيئا ولا تؤثّر أصلا ولا يصدّقها إلا الحمقى. فكفاكم تنزيها لأنفسكم ولدينكم فلا أنتم خير أمّة ولا أنتم أمّة حتّى... كفاكم غرقا في وهمكم وإغراقا للعالم في وحل تفاهاتكم... لقد سئمنا إسطواناتكم المشروخة وإدعاءاتكم الحمقاء وجرائمكم الرّعناء وتخلّفكم المقيت... متى تصبحون بشرا مثل الآخرين فينتفع العالم بوجودكم أو تموتون على بكرة أبيكم فيرتاح الآخرون منكم؟
#مالك_بارودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف خاننا الوقت...؟
-
رسالة مفتوحة إلى النّساء، منبع الحياة وسرّ جمالها، حول مكانت
...
-
الجمهورية التونسية، من الثورة إلى الهاوية؟
-
صباح الخير، يا سكّر
-
بين الحلم واليقظة
-
دين الخراب
-
إحياء التعليم الزيتوني في تونس الإخوانجية دفع صريح إلى التخل
...
-
ديانات العقول المخصيّة والخطوط الحمراء
-
هكذا أريدك...
-
الأصول والجذور السريانيّة والأرامية للقرآن في ضوء دراسات عال
...
-
الكيل بمكيالين والكذب لا يؤسسان لحوار عقلاني ولا لعقلية تحتر
...
-
محاولة للرّدّ على مقال عبد الحكيم عثمان -المثلية الجنسية هل
...
-
في الحديث عن أقوى حكومة في تاريخ تونس
-
نظرة في الحجج والتبريرات الغيبيّة التي خدع بها محمّد المسلمي
...
-
الموضوع الذي يخشى شيوخ السلفية الخوض فيه: لماذا قتل عثمان بن
...
-
حول تواصل إعتداء المتديّنين المتطرّفين في تونس على الحرّيّات
-
خواطر وأسئلة حول الحاضر المأساوي الهزلي للمسلمين
-
تجربتي مع الدين - الجزء الثاني
-
تجربتي مع الدين - الجزء الثالث
-
تجربتي مع الدين - الجزء الأول
المزيد.....
-
لوباريزيان: سجن 3 طلاب أرادوا إنشاء دولة إسلامية بفرنسا
-
“هالصيصان شو حلوين”.. اضبط تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024
...
-
“شاور شاور”.. استقبل تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 على ال
...
-
قصة الاختراق الكبير.. 30 جاسوسا معظمهم يهود لخدمة إيران
-
بالفيديو: خطاب قائد الثورة الإسلامية وضع النقاط على الحروف
-
السفير الديلمي: كل بلدان العالم الاسلامي مستهدفة
-
مقتل وزير اللاجئين في حركة طالبان الأفغانية بانفجار في كابول
...
-
المرشد الأعلى الإيراني: الولايات المتحدة والنظام الإسرائيلي
...
-
المرشد الأعلى في إيران يعلق على ما حدث في سوريا
-
بابا الفاتيكان يوجه رسالة للقيادة الجديدة في سوريا
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|