|
الأنثى ذلك الجزء المساوي للذكر في الإنسان
هشام علي حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 09:26
المحور:
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
الله جلت قدرته خلق الإنسان وخلق منه زوجه (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجلا كثيرا ونساءا . واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام . إن الله عليكم رقيبا) النساء 1. (سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسكم ومما لاتعلمون) ياسين36 من هاتين الآيتين المُحْكمتين نكتشف أن الإنسان أمام الله هو الذكر والأنثى معا متوازنان ومتساويان ً، ووجوبا ولزوما أمام المجتمع ، أي أنهما جزآن متساويان متوازنان ، ويختل هذا التوازن وتُنتقص هذه المساواة وتتشوه الحياة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والروحية للمجتمع وأفراده إذا طغى جزء على آخر . (والتين والزيتون*وطور سينين*وهذا البلد الأمين*لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم*ثم رددناه أسفل سافلين*إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون*فما يكذبك بعد بالدين*أليس الله بأحكم الحاكمين) التين . في هذه السورة المكونة من ثمان آيات محكمات يقسم سبحانه وتعالى في الثلاث آيات الأولى بأعظم رسالته وأهم أنبيائه ورسله ، أنه – جلت قدرته – خلق الإنسان وكوّنه وألّفه من ذكر وأنثى في أكمل وأجمل وأحسن صورة ، ثم رد بعضه إلى أصله البشري الفاسد الدموي بعمله الطالح الذي تعرفه الملائكة عنه ، باستثناء الإنسان المؤمن العامل للصالحات العائد عن الأخطاء . هذا الإنسان الذي عرضت الأمانة عليه - نفخة من روح الله - وعلى السماوات والأرض والجبال فرفضنها وقبلها الإنسان ، والتي تحول بها إلى إنسان يعقل ويفكر ويتفكر وجدير بأن ينوب عن الله ويخلفه في الأرض ويسخر كل قدراته في المهمة التي انتدبه الله القيام بها وهي القضاء على الفساد وإراقة الدماء والبشر الذين يقومون بها ، وتعمير الأرض وتزيينها ونشر السلام والأمان بها (إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان ، إنه كان ظلوما جهولا) الأحزاب 72 . لماذا استثنى الله في سورة التين السابقة الناس الذين آمنوا وعملوا الصالحات ؟ الإيمان عملة بوجهين ، وجه الإيمان العميق بالله وعدم اشراك حي أو ميت أو جماد به ، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله ويوم الحساب الذي يقيمه الله للناس فردا فردا بدون شفيع يشفع له إلا عمله الصالح ، ولا شيخ أو رجل دين أو مفتٍ يحتج بأقواله ، لأن الله لم يعين أحدا ينطق باسمه غير رسله وأنبيائه أهل الذكر وهو الوحي كلام الله (وما أرسلنا من قبلك إلا رجالا نوحي إليهم ، فسئلوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون) النحل 43 . أما الذين يدّعون أنهم أهل ذكر ودين ، فهؤلاء عينوا أنفسهم أهل دين وذكر ، أو عينهم الطاغوت الطاغية ليحللوا الحرام ويحرموا الحلال ، وجوهر الحلال والحرام المال العام وثروة المجتمع الذي والتي هما حلال للطاغوت ينفق منهما كما يشاء ويهب منهما من يشاء ويمنعهما عن من يشاء بيده الملك وهو إله من دون الله وعلى كل شيء قدير !؟ وبالمقابل فهذه الثروة وذلك المال الذي وهبه الله جلت قدرته للمجتمع كله هما حرام على المجتمع وأفراده . الوجه الآخر للعملة هو الأيمان والعمل بالمساواة الإنسانية . المساواة الإنسانية ترجمتها أن الواجبات المكلف بها الإنسان الذي هو الذكر والأنثى معاً واحدة أمام سنن الله وقوانينه وأحكامه الإلهية ، وقوانين وأعراف المجتمع الذي يعيشان فيه أيضا . الأنثى و الذكر متساويان في واجباتهما وحقوقهما أمام الله ، أما في المجتمعات الإنسانية فهما متساويان في الواجبات متفاوتان في الحقوق ، ويضيق هذا التفاوت حتى يكاد يتلاشى في المجتمعات الديمقراطية العريقة . أما في مجتمعاتنا المتخلفة التي يتحالف فيها الطغيان والفساد مع المذاهب وأصحاب الفتاوي الذين زيفوا الدين وشوهوه ، فلقد اتسع التفاوت أو الفتق حتى كاد أن يصبح من المستحيل علاجه أو رتقه . معضلة الحياة الإنسانية تتمثل ليس في عدم التوازن أو التساوي بين الذكر والأنثى في أغلب المجتمعات الإنسانية ، وإنما في التأثير السلبي الحاد الذي يحدثه ، من تعميم ونشر للطغيان والفساد والقهر والتعصب ، وتخريب للحياة الاجتماعية والفردية بوجه عام ، لذلك لا مناص من محوه ومحو آثاره لبلوغ محطة من محطات ذروة الديمقراطية . الديمقراطية (حكم الجماعة للجماعة بلغة الأنبياء والرسل) التى قد يقبل بها الإسلام السياسي والذين يطلقون على أنفسهم مثقفين إصلاحيين وليبراليين وحتى علمانيين في مجتمعاتنا الذكورية المستعبدة من ذكر سياسي متحالف مع ذكر اسلاموسياسي .. الديمقراطية هذه هي ديمقراطية الذكور فقط وفي حقيقتها ديكتاتورية الذكور على الإناث . الديمقراطية الحقيقية هي ديمقراطية الإنسان من أنثى وذكر ، ولن نصل إلى ذروة الديمقراطية بدونهما . أرى وبالرغم مما تعاني منه الأنثى في المجتمعات الاسلاموسياسية الذكورية المتخلفة التي تتحكم فيها ثقافة الأحاديث النبوية المزيفة والآيات المتشابهات التي ضللنا باتباعها وأوصلت مجتمعاتنا إلى الفتن التي نحن فيها والدرك الذي انجرفنا إليه ، ثقافة (وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله ، قالوا بل نتبع ما وجدنا عليه آباءنا ........) لقمان 21 . الله أنزل الميزان ، أي التوازن ، أي المساواة ، ليقوم الناس بالعدل ، أي جماعة الناس التي هي جمع الإنسان الذي هو ذكر وأنثى بالتساوي والتوازن ، وليس الفرد الذكر المتسلط ( لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط ..........) الحديد 25 . أرى وبالرغم من كل ذلك أن عصر سيطرة الذكر على الأنثى قد آن أوان نهايته ، إن عاجلا في مجتمعات المساواة والازدهار والحرية ، أو آجلا في المجتمعات الذكورية الاسلاموسياسية المستعبدة . إن الألفية الثالثة قد تكون هي البداية الحقيقية للعصر الإنساني الذي كرسه الله – جلت قدرته - بإخراج آدم وزوجه من حياة البشر الفاسدين المفسدين الذين يسفكون الدماء إلى الحياة الإنسانية السلامية ليكوّنا ويجسّدا معا بالمساواة والتوازن ، الإنسان الخليفة على الأرض ليعمرها ويزينها ويزخرفها ، لا أن يسفك الدماء ويحرقها ويدمرها باسم الدين أو الوطنية أو القومية أو الفردية الوراثية التسلطية . الجزء الأنثوي في الإنسان ، لعب الدور الرئيسي في انتقال الإنسان من حياة البداوة البدائية في التنقل للصيد وقطف الثمار إلى حياة الاستقرار المدنية باكتشافها الزارعة . بقي الرجل الغارق في قوة عضلاته وذكوريته ويستحيل أن تستغني عنه الأنثى بسبب غريزة الأمومة لتجديد الحياة واستمرارها ، وتعمل بكل جهدها من أجل أن يكون بجانبها تحمل منه ولايذهب للصيد وقطف الثمار ويختفي أو تأكله الوحوش الحيوانية والبشرية ولايعود . باكتشاف الأنثى للزراعة استقر الذكر وأخذت الأنثى ترعاه وترعى قوته الجسدية فسيطرعليها وكلما ازداد قوة زاد من إناثه ليرعوه ، وامتدت سيطرته على الذكور الأضعف منه إلى أن يسيطر على المجتمع البدائي الصغير كله ويصبح الجميع تحت سيطرته وفي خدمته إلى أن يظهر من هو أقوى منه جسديا فيصارعه ويصرعه ويرثه في كل شيء ، وهكذا ظهرت العائلات فالقبائل وشيوخها . بإمكاننا مشاهدة تلك الحياة البدائية في الأفلام الوثائقية في أدغال أفريقيا وأمريكا الجنوبية واستراليا وصحاري شبه جزيرة العرب وغيرها من الصحاري ، وكيف أن الأنثى تلد وهي تعمل ثم تقوم بنفسها بقطع الحبل السري الذي يربط المولود بها . ركن الرجل إلى الكسل والمتعة وفكرت المرأة وعملت فأصبحت هي الحاكمة المتحكمة في عصور غربت ومرت كما تقول كتب التاريخ والحضارة الإنسانية ، فعم السلام الأقوام فالمرأة الحاكمة لاتبعث برجلها ورجال الأخريات ولا بأولادها وأولاد الأخريات وقودا لحروب الرجال التي يمكن حل أسبابها بالحوار . ولو تأملنا قصة الملكة بلقيس مع النبي سليمان ورجال قومها في القرآن ، لتأكدنا أن رجالها شجعوها على الحرب وأبدوا استعدادهم لخوضها ، ولكن بلقيس جنحت للحوار فالسلام والإيمان . بما أن الرجل ليست لديه غريزة أبوة يعمل المستحيل ليشبعها ويمكنه أن يمتع نفسه جنسيا مع أي امرأة كانت أومع جنسه من الذكور ويستغني عن امرأة بعينها أو إناث محددين ، ونظرا لأن الرجل اكتشف أن المرأة يستحيل عليها الإستغناء عنه ، فعمل على استعبادها واستغلالها وأصبح الرجل الذي يستسهل استعمال العضلات على من هو أضعف منه من الإناث والذكور هو المتحكم فطغى واستبد وألّه نفسه . القصة الرمزية التجريدية لولدي آدم في القرآن الكريم والذي قال أحدهما الإنسان البشر الذي تغلبت إنسانيته الناتجة عن نفخة روح الله فيه فدخل في علم الله ، قال لأخيه البشر الإنسان الذي تغلبت عليه طبائعه البشرية المتشبع بها والقائمة على الفساد وسفك الدماء ، وهو ماتعرفه الملائكة عنه عندما اختار الله آدم عليه السلام من البشر ، وقال للملائكة إني جاعله في الأرض خليفة ، فقالت الملائكة أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ، فقال جلت قدرته إني أعلم ما لاتعلمون ، فنفخ فيه من روحه وعلمه الأسماء كلها .. أي منحه العقل ليحل به مشاكله ويوازن به بين إنسانيته وبشريته . قال الإنسان لأخيه الغارق في بشريته (لإن بسطت يدك إلي لتقتلني ، ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك ، إني أخاف الله رب العالمين) المائدة 28 . انغمس البشر في بشريتهم ونسوا إنسانيتهم أو روح الله فيهم وأشاعوا الخراب والفساد والدمار وأمعنوا في الشذوذ الجنسي وسفك الدماء ، وكلما أشرفوا على الغرق والفناء أرسل لهم الرحمن النذر ( الملائكة) والأنبياء والرسل منهم لكي يعيدوهم إلى إنسانيتهم فيصدقوا بعد أن يكذبوا ، وعندما يرحل النذير أو يموت النبي أو الرسول يعود الإخوة الأعداء إلى سيرتهم الأولى . هذا ما حدث مع كل أتباع الأنبياء والرسل وآخرهم محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام ، فلقد عادوا بعده بوقت قصير إلى جاهليتهم بالرغم من تحذيره لهم أن لا يعودوا بعده كفارا يضرب بعضهم رقاب بعض ، عادوا بقتل عثمان ثالث حاكم بعد الرسول على يد بعض الصحابة الذين وقفوا معه في عرفات وهو يحذرهم ، ثم كفّر الخوارج علي واغتالوه . باقي القصة تعرفونها ، فمنذ أن سال دم عثمان وبعده صحابة رسول الله في موقعة الجمل التي جيشت فيها عائشة زوج رسول الله جيشا لمحاربة علي بن أبي طالب الخليفة الجديد وإلى يومنا هذا والدماء تسيل بعد أن يكفر بعضنا بعضا فيغدر ويقتل بعضنا بعضا ، تماما كما يفعل بنا الخوارج آخر (موضة) الآن ، وكما فعل خوارج (موضة) قديمة بأجدادنا . كل طامع في السلطة أي المال العام وثروة المجتمع يدعي أنه يملك الحقيقة وأنه ينطق باسم الله ، وأنه وأتباعه الجديرون والقادرون على بسط حاكمية الله على المجتمع ، فإن لم يتمكن فالتحالف مع الطاغوت القائم أو القادم يؤمن له ما يبتغي ويرغب . الآن ونحن في بداية الألفية الثالثة أصبحت المرأة في المجتمعات الإسلامية الحقيقية .. أقصد مجتمعات المساواة الإنسانية ، لافرق بين رجل وامرأة إلا بالتقوى .. أي العمل الصالح . المرأة الآن وفي تلك المجتمعات التي عم بينها السلام والإسلام تعيش وتتعامل مع الرجل على قدم المساواة في كل مناحي الحياة ، فما دامت الأنثى عليها نفس الواجبات في حياتها ويوم الحساب مثل الذكر تماما فإنها والأمركذلك لها نفس الحقوق ، وهذا هو العدل .. هذا هو شرع الله وليس شرع العمائم والذقون الفوضوية الطويلة والقبيحة ، والنفور والعبوس ، والثياب الكالحة القصيرة ، والسواد الذي يغطي الحرمة – الله يعزكم! – من رأسها إلى أخمص قدميها . الآن وفي المجتمعات التي عم بينها السلام والإسلام ، لم يعد مستحيلا على المرأة الإستغناء عن الرجل لإشباع غريزة الأمومة ، فالنطف في البنوك ستصبح (على قفا مين يشيل) والمتعة الجنسية تقف فيها على قدم المساواة مع الرجل ، تتزوج بالذي ترغب وتهجر من تريد ، والرجال كما يقول المثل الشعبي في مجتمعات القهر والعبودية لغير الله (أكثر من الهم على القلب) . السؤال وفي ختام هذا التمهيد هو .. هل ستنتقم الأنثى لقرون الاستعباد من الذكر بعد أن يصبح الذكر هو الذي في حاجة للأنثى وليس العكس ؟ الجواب قد يكون نعم أو لا ، لكن الأكيد الأكيد الأكيد أن علم الله هو المنتصر وهو الذي سيعم ويسود على علم الملائكة ، ولن يبلغ الإنسان ذروة الديمقراطية إلا بتساوي وتوازن جزأيه الذكوري والانثوي .
#هشام_علي_حافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بهدف جذب السياح.. الصين تمدد فترة الإقامة للعبور من دون تأشي
...
-
رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م
...
-
مصاد عسكرية تكشف: حماس جندت آلاف المقاتلين الجدد في غزة
-
عملية إنقاذ محفوفة بالمخاطر في إيطاليا.. 75 ساعة من الجهد لإ
...
-
-لبنان لنا- .. إسرائيليون يدخلون لأول مرة جنوب لبنان وينصبون
...
-
من ماهر الأسد إلى ماهر الشرع.. تعيين شقيق الجولاني وزيرا للص
...
-
بالصور.. دمشق بعد سقوط الأسد
-
من اتفاق السائقين إلى البطاقة الذكية.. ماذا تغير في العشر ال
...
-
زعيم حزب -الناس الجدد- في الدوما الروسي رئيسا للمجلس الإشراف
...
-
الخارجية الروسية: الولايات المتحدة تحاول تغيير السلطة في كوب
...
المزيد.....
-
المشاركة السياسية للمرأة في سورية
/ مية الرحبي
-
الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء
/ الاممية الرابعة
المزيد.....
|