أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مهدي بندق - اليسار المصري صاعد ولكن بشروط














المزيد.....

اليسار المصري صاعد ولكن بشروط


مهدي بندق

الحوار المتمدن-العدد: 3904 - 2012 / 11 / 7 - 21:52
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


كتب الفيلسوف الألماني هيجل يقول : إن الواقع حقيقي. ففهم أهل اليمين أن ما هو قائم لا سبيل الى تغييره لأنه " حقيقي " أما اليسار الهيجلى فقلب الآية ، أو بالأحرى عدّلها مرتئياً أن كل ما لا يتسق مع الحقيقة العقلية أمر لا يمكن قبوله كواقع ، بل هو شئ شاذ ، لابد للبشر أن يسعوا لتغييره حتى تصبح الحقيقة ( = إنسانية الإنسان) أمراً واقعاً .
وبفضل ذلك الاتجاه " اليساري " انتفض فلاحو فرنسا عام 1848 ضداً على الملكية البورجوازية، مؤسسين لنظام جمهوري جديد ، وفي عام 1871 استولى العمال الفرنسيون على باريس ذاتها بثورة الكوميونة ، وفي عام 1917 نجح البلاشفة الروس في إشعال ثورة عظمي غيرت العالم بأسره ، حيث استولى الفلاحون الصينيون على السلطة عام 1948 ، وحيث أشعل الطلاب الفرنسيون ثورة يسارية الطابع عام 1968 ولا تزال الثورات ضد النظم الرأسمالية تتري وتطّرد . فأين كان اليسار المصري من هذا كله ؟
الحق أن اليسار المصري ذا التاريخ العريق في مجابهة الظلم الاجتماعي قد تعرض لنكسات عدة خلال القرن الماضي جراء ظروف موضوعية وأخطاء ذاتية – تحتاج إلي دراسة تفصيلية مستقلة –ليس من بينها فضحه سمات الرأسمالية المتوحشة بالأسلوب العلمي الرصين الذي يرد على التشنجات الأيديولوجية الزاعمة أن السلف الصالح في ثقافتنا أنتج نظاماً اقتصادياً مثالياً ، وحقيقته محض اقتصاد ريعي أساسه الفيء والخراج والجزية وتجارة الترانسيت ، وكلها تنتمي لهياكل مجتمعات ما قبل الرأسمالية التي لا تزيد الثروة القائمة بل تعيد تدويرها حسبُ.
الآن وقد فتحت ثورة 25 يناير أمامه الباب أن ينهض إلى مهمة التغيير المرجوة في بلادنا .. صار عليه اعتماد خارطة طريق من شأنها أن تحمله إلى صدارة المشهد على النحو التالي :
أولاً : بتأسيس نظرية اقتصادية تتجاوز الأدبيات الماركسية الكلاسيكية ، حتى لا يقع مرة أخرى في قبضة رأسمالية الدولة المسماة خطأ بالاشتراكية حسب النموذج الناصري بمرجعية سمير أمين ورينيه جوندر فرنك " المركز والأطراف" ، فالعودة الى ما فات أشبه بنصيحة تقدم لرب الأسرة ذي المشاكل الجمة أن يرجع الى الحضانة ليتخلص من مشكلات الزوجة والأبناء والغلاء .... الخ.
ثانياً : بالتصدي الشجاع لكل دعاوى الحرب بين الأمم والدول والشعوب، حصاراً سلمياً لدوافع الرأسماليين، فلا يجد هؤلاء بدا ً من مواجهة أزمات نظامهم الاقتصادية المتفاقمة على أرضهم هم ، دون تصديرها لغيرهم من الأبرياء. وفي هذا السياق يجب اختبار حقائق الصراع الدموي في سوريا و دور المخططات الأمريكية في تصعيده تمهيداً لتحويله إلى حرب بين الهلال السني والمحور الشيعي مما قد ينتهي بمصر إلى خوض حرب لا ناقة لها فيها ولا جمل .
ثالثا ً : بالتوقف عن الحوارات المكرورة مع القوى الفاشية والداعين للعودة المستحيلة الى مجتمعات ما قبل الرأسمالية ، وبالمقابل تكثيف الحوار مع القوى اللبرالية التي تؤمن بمبدأ العدالة الاجتماعية وصولا إلى بناء هياكل إنتاجية مشتركة تكون بمثابة الذراع الاقتصادي للجبهة المناوئة للفاشية ، مما يسمح لليسار بأن يقدم لجماهير شعبه الخدمات " الحقيقية " كهدف استراتيجي في الميادين الآتية :
1- ترتيب فصول لمحو الأمية ولو في المقاهي فضلا عن مقار أحزابه ومنظماته الرسمية.
2- التضافر مع منظمات المجتمع المدني لعقد ندوات دورية مكثفة للنقابيين وللنساء وللطلاب ولأرباب المعاشات لمحو الأمية السياسية داخل صفوفهم ، وقد تصلح مواقع التواصل الاجتماعي الإلكترونية لتحقيق هذا الغرض .
3- تشجيع العاطلين في المدن والأرياف على تنظيم أنفسهم في تجمعات وروابط مستقلة .
4- ابتكار طرق " تعاونية" جديدة لمساندة الكادحين في معيشتهم اليومية، ليس طبعاً بتوزيع أنابيب البوتاجاز وزجاجات الزيت بسعر التكلفة كقرص مسكّن لأوجاع البؤساء . بل علي اليسار أن يقاوم غواية مثل تلك " الروشتة " التي قرّبت الناس إلى أهل اليمين ، حيث جرى ذلك لأغراض محض انتخابية ، وما من شك في أن الناس سيكتشفون زيفها ولو بعد حين .
4 – توعية كوادره بتجارب اليسار العالمي - الصاعد في وقتنا الراهن - خاصة الفرنسية التي فاز بانتخاباتها الحزب الاشتراكي بزعامة فرنسوا هولند بفضل تحالفه مع حزب الخضر المعادي للرأسمالية المتوحشة ، وبفضل استفادة اليسار الفرنسي كله سياسياً من فشل حكومة سيركوزي اليمينية.
ولكي ُيقبل اليسار المصري على مهمته تلك بحماسة المناضلين فلابد من أن يعيد على مسمع ضميره الوطني والإنساني ليلا ً ونهاراً صدى أنات المحرومين من الخبز والماء النقي والمسكن الملائم فضلا عن الأذى المحيط بالعاطلين . وعلى اليسار أيضاً أن يقرأ قبل الأكل وبعده التقارير التي تتحدث عن عالم الرأسمالية المتوحشة الذي يحيا في ظله البشر اليوم حيث يوجد به 3 مليار إنسان ( = نصف البشرية ) يعيش الفرد منهم بأقل من 2 دولار في اليوم. وفي البلدان النامية ثمة مليار ونصف إنسان لا تصل إليهم مياه صالحة للشرب، ويعاني ملياران من الأنيميا لسوء التغذية ، في حين أن مبلغ 13 مليار يورو كاف تماماً لإنقاذهم ، وهو ذات المبلغ الذي ينفقه الأمريكيون والأوربيون على عطورهم كل عام ! وليتأمل كل يساري شريف تلك الحقيقة المأساوية المخزية والتي نشرتها اليونيسف (صندوق الأمم المتحدة للطفولة) عام 1997 والتي تقول إن 250 مليون طفل تقل أعمارهم عن خمسة أعوام يدفع بهم سنوياً الى سوق العمل ! في أي مجال يعمل هؤلاء البؤساء ؟ خدم منازل ، بيع الخردوات والعاديات ، التسول ، الدعارة !!
بهذه القراءة الضميرية وبالتدبر في جدول الأعمال الذي اقترحناه آنفاً يمكن القول إن اليسار في مصر قادم ما دام سيوفّي بشروط الصعود .



#مهدي_بندق (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل يترك المثقفُ شعبه غافلاً ؟
- النمط الفرعوني وتدمير عقول المصريين
- المجتمع المصري ورُهاب الحداثة
- محاولة لتجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الخليفة القادر وتأسيسية الإرهاب الفكري
- الوعي في أقصى درجات الاحتمال
- هل يبقى الأخوان المسلمون أخوانا مسلمين ؟
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان (2)
- الإيمان لا يحتاج إلى إعلان
- تجديد الخطاب الديني على خلفية الفيزياء الحديثة
- الجيش المصري ليس فيلقا ً إيرانيا ً أو كتيبة أمريكية
- مصر بين سكة السلامة وسكة الندامة
- هل تطلب حماس سيناء كوطن بديل ؟
- أنور عبد الملك وتغيير العالم
- لماذا تجنبت ثورة يناير كلمة الاشتراكية ؟
- أيام البين السبعة
- أشباح الميلشيات بين القاهرة وبيروت
- الجذور المعرفية للفكر الفاشي
- ديمقراطية بلا ديمقراطيين
- إلى متى نتقبل ثقافة الأساطير ؟


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - مهدي بندق - اليسار المصري صاعد ولكن بشروط