أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - عن تونس والدين والدولة















المزيد.....

عن تونس والدين والدولة


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 3904 - 2012 / 11 / 7 - 17:13
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


قبل صعود الطائرة المتجهة إلى تونس من بيروت وهي تقلّ عدداً من المشاركين في ندوة الدين والدولة التي نظمها مركز دراسات الوحدة العربية في الحمامات بتونس، تم تداول يوتيوب عن لقاء الشيخ راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة “الإسلامية”في تونس مع مجموعة من قيادات الحركة السلفية الناشطة هناك، جوهره يتعلق بضرورة استيعاب الخطوات التي تنوي النهضة اتخاذها وصولاً إلى حكم الشريعة الإسلامية .

الأمر كان مثار نقاش مسبق بين مصدّق ومكذّب، فقد دافع البعض بحرارة عن الشيخ الغنوشي لما عُرف عنه من انفتاح وتطوّر، لاسيما في قضية انحيازه إلى الديمقراطية والحرية وتجديد الخطاب الديني، بل ونقد الخطاب السائد، منذ أن نشر له المركز كتابه الشهير “الحريات العامة في الدولة الإسلامية، العام 1994”والذي بسببه حُرمّ على المركز ومطبوعاته ومديره العام في حينها الدكتور خير الدين حسيب، دخول تونس .

في حين كان هناك من اعتبر الشريط حقيقة بالفعل، والمقصود به تحريض السلفيين ضد العلمانيين، ليتمكّن حزب النهضة من قضم السلطة تدريجياً والهيمنة على جميع مفاصلها، وتبرير هؤلاء أن الغنوشي قبل وصول النهضة إلى السلطة شيء، وقيادتها للائتلاف الحاكم شيء آخر، فالسلطة هي السلطة دائماً، إنها “ملكٌ عضوض«، كما قالت العرب، ولا يشذّ في ذلك عروبي أو ماركسي أو إسلامي، فكل من اقترب منها أو هيمن عليها، وجد المبرّرات والذرائع لبقائه فيها، سواء بقوة السلاح أو بأساليب الاستتباع وحشد إمكانات الدولة وبعض قوى المجتمع للبقاء فيها، بزعم ما يريده الشعب .

وبغضّ النظر عن صحة أو فبركة الشريط، وعن نوايا الإسلاميين أو السلفيين، أو خصومهم من العلمانيين واليساريين إزاء بعضهم بعضاً، فالأمر مطروح للنقاش والجدل والتعبئة الشعبية، وكل طرف يحاول في المرحلة الانتقالية الراهنة حشد كل الطاقات لتمكّنه من الحصول على مزايا السلطة الجديدة بعد الربيع العربي الذي ابتدأ من تونس ومن مدينة سيدي بو زيد التي ظلّت محرومة ومهمّشة حسبما دلّت أعمال عنف وصدام شهدتها، بما فيها ضد حزب النهضة .

ولكن اتخاذ مواقف أو بناء مواقع استناداً إلى شريط يوتيوب دليل على ضعف جسور الثقة بين الأطراف السياسية وهشاشة ائتلافاتها وتحالفاتها، ولربما بعضها يجلس على برميل بارود قد ينفجر في أية لحظة، فالرئيس يصرّح أو يلمّح أو يوحي، بعدم رضاه لما حصل وما يحصل، بل يمارس دور المعارض أحياناً، فضلاً عن عدم قناعة بموقعه البروتوكولي وصلاحياته المحدودة، ويطمح إلى أن يتحوّل إلى موقع سيادي أو هكذا يظهر ذلك .

ورئيس البرلمان وإن حاول الموازنة والوسطية، لكن تيار اليسار والوسط يضغط عليه، ويذهب التيار اليساري المعارض إلى رفع شعارات تندّد بمحاولات “أسلمة”الدولة، ويعلن بعضه تعبئة بشأن حقوق المرأة والحريات العامة والشخصية ويدعو إلى إضرابات واعتصامات، في حين يرى تيار النهضة أن ما يجري إنما هو محاولة للإساءة إليه وإلى تاريخه النضالي، فقد لوحق في أواخر الثمانينات ما يزيد على 30 ألفاً من أنصاره الذين دخلوا السجون وتحمّلوا الكثير من العذاب والمعاناة، بمن فيهم من اضطر إلى الهجرة وفي مقدمتهم الشيخ الغنوشي .

والأكثر من ذلك حين يعدّ حزب النهضة أن ما يجري هو مؤامرة ضد الإسلام التونسي الذي يتسم خطابه بالوسطية والاعتدال والعقلانية، وكان الغنوشي قد أنكر قطعياً ما جاء في شريط اليوتيوب واعتبره دسيسة رخيصة ضده وضد حزب النهضة الذي أحرز مكاسب ونجاحات، لاسيما حفاظه على الاستقرار ووضع حدٍّ للعنف الذي كان يمكن أن ينفلت في المجتمع بعد حكم استبدادي طويل، في حين يرى بعض المعارضين التونسيين، أن هناك تنسيقاً واتفاقاً غير معلن بين السلفيين والنهضويين في إطار التصدّي للتيار اليساري والعروبي والعلماني، بحيث يشكل السلفيون رأس حربة في المواجهة، في حين يظهر النهضة بمظهر وسطي ليحصد نتائج الصدام السلفي - العلماني .

كل ذلك كان حاضراً في الندوة، لاسيما في خطاب ومداخلات الشيخ راشد الغنوشي التي أضفت على الندوة عمقاً كبيراً، لاسيما في رؤية التيار الإسلامي لطبيعة علاقة الدين بالدولة، وخصوصاً أنه لم يرفض فكرة العلمانية بالمطلق، لكن مقاربته للدولة استندت إلى موضوع علاقة الإسلام بالسلطة (الحكم) وعلاقة الإسلام بالقانون (الشريعة)، وهي أمور واجهت مرحلة بناء الدستور ونظام الحكم الجديد، في تونس ومصر مثلما تواجهه في ليبيا واليمن، وربما على نحو أكثر حدّة في سوريا، فضلاً عن الأغلبية الساحقة من البلدان العربية سواء التي شهدت ربيعاً عربياً أو تنتظر أو لم تشهده حتى الآن .

وعَدّ الغنوشي الديمقراطية آليات ومنها تنبثق الانتخابات التي هي الأخرى آليات، في حين أن الديمقراطية نظام شامل وهي جزء من منظومة الحداثة وترتبط على نحو وثيق بالعلمانية والمدنية والعقلانية، ولا يمكن اختزالها إلى مجرد آليات مثلما هي العلمانية كذلك . لكن الغنوشي يعود في نهاية مداخلته ليدعو إلى فكرة المواطنة وأن البلاد ملك لمواطنيها ولهم حسب الإسلام نفس الحقوق، ولهم ما شاء من حق الاعتقاد في إطار احترام بعضهم بعضاً وفقاً للقانون الذي يسنّونه هم وعبر ممثليهم في البرلمان .

إن ندوة الدين والدولة التي نظّمها مركز دراسات الوحدة العربية الذي مضى على تأسيسه ثلاثة عقود ونصف العقد من الزمان ، والتي شارك فيها ما يقارب من 100 باحث ومختص ومفكر وبدعم من المعهد السويدي بالإسكندرية الذي تأسس في العام 2000 تستحق وقفة أخرى، لأنها تشكّل إحدى منتديات الحوار الجادة والجريئة، وهي ليست الأولى فقد سبقتها حوارات وورش عمل ما بعد الربيع العربي، ولاسيما في موضوع الدستور وشكل الدولة ونوع النظام السياسي وقضايا الحريات والموقف من حقوق المرأة ومن التنوّع الثقافي، والمقصود به حقوق الجماعات الإثنية والدينية في إطار المواطنة والمساواة .

وقد اجتمع في هذه الندوة متديّنون وغير متدينين، إسلاميون وعلمانيون، وجرى فيها نقاش عميق ومسؤول في الموقف من علاقة الدين بالدولة .

وإذا كانت الندوة قد فتحت شهية الحوار، فإن هناك الكثير الذي يمكن مناقشته على هذا الصعيد، فقد غاب مثلاً الموقف الماركسي من الدين والدولة، وهو الذي شكّل أحد إركان المشهد السياسي الخمسيني والستيني من القرن الماضي، والذي يمكن أن يستقطب اليوم أوساطاً جديدة، لاسيما إعادة قراءته على نحو جديد بعد الربيع العربي، فضلاً عن فكرة الدولة بعد الثورة العلمية - التقنية وخاصة ثورة الاتصالات والمواصلات وتكنولوجيا الإعلام، وموضوع سسيولوجيا الدين والتديّن، إضافة إلى العولمة وإفرازاتها والأزمة الاقتصادية والمالية، بما فيها موضوع الدولة الريعية إلى آخره . وأعتقد أن الندوة بحكم تنوّعها وغناها كانت أقرب إلى طرح أسئلة، بحاجة إلى المزيد من الدرس والقراءة وإعادة النظر، خصوصاً في ظل المستجدات والمتغيّرات العربية والكونية .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العدالة الانتقالية والعدالة الانتقامية
- الشبيبي والبنك المركزي: قضية رأي عام!
- برزخ العنف والوعي الشقي
- ما ينتظره مسلمو ميانمار
- - اللاعنف-: هل هو منتج غربي؟
- الأقليات في الدول الإسلامية المعاصرة - المسيحيون والصابئة ال ...
- الصندوق الأسود!
- عن فيتو الفقهاء في العراق!
- حوار باريس 3
- بين قلم الأديب وحبر السياسة!*
- رياح التغيير: الوعي والسياسة
- الطريق الوعر إلى الحرية: أوروبا الشرقية نموذجاً
- الثورة وسؤال اللاعنف!
- قبل وبعد الربيع العربي - الجيوبوليتيك ومفترق الطرق
- الاستيطان
- بغداد- أربيل : البيشمركة والجيش العراقي حدود الوصل والفصل
- أوباما ورومني . . ونحن
- جدارية الخلود وحضرة الغياب
- بعض أوهامنا وصخرة الواقع
- مشروع الدولة الكردية المستقلة


المزيد.....




- عمال أجانب من مختلف دول العالم شاركوا في إعادة بناء كاتدرائي ...
- مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية شرطة الاحتلال الإسرائي ...
- أجراس كاتدرائية نوتردام بباريس ستقرع من جديد بحضور نحو 60 زع ...
- الأوقاف الفلسطينية: الاحتلال الإسرائيلي اقتحم المسجد الأقصى ...
- الاحتلال اقتحم الأقصى 20 مرة ومنع رفع الأذان في -الإبراهيمي- ...
- استطلاع رأي إسرائيلي: 32% من الشباب اليهود في الخارج متعاطفو ...
- في أولى رحلاته الدولية.. ترامب في باريس السبت للمشاركة في حف ...
- ترامب يعلن حضوره حفل افتتاح كاتدرائية نوتردام -الرائعة والتا ...
- فرح اولادك مع طيور الجنة.. استقبل تردد قناة طيور الجنة بيبي ...
- استطلاع: ثلث شباب اليهود بالخارج يتعاطفون مع حماس


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - عبد الحسين شعبان - عن تونس والدين والدولة