خديجة آيت عمي
(Khadija Ait Ammi)
الحوار المتمدن-العدد: 3903 - 2012 / 11 / 6 - 15:18
المحور:
حقوق الانسان
أخذت فاطمة تتسلق الجدران ، نظرت في كل مكان علها تعثر على مكان ما تختبئ فيه .
ثم استقامت في جلستها وعلمت في دموع أنها في عيادة الطبيبة و أنها مهما فعلت لن تدرك غايتها .
آنذاك فقط انهارت دموعها كسيول نهر لا يعرف الحدود و أخذت تعيش حالتها المزمنة المتمدّدة فيها لسنوات .
وبالكاد نطقت متوقعة أنهم سيتسرّبون إلى حياتها من جديد.
"نعم ،كانوا يأتون كل ليلة ليصطحبوا زوجي لمخفر الشرطة دون سابق إنذار أو سبب و كانوا بعدها ..."
أخذت المرأة المتخفيّة تعلك كلماتها وهي تزيح ما تبقىّ من جلد يكسو أصابعها.
وبدت حركاتها متكررة وكأنها تسحب شيئا من رأس أصابعها وهي تستدير باتجاه الباب خوفا من الهجوم .
"كانوا ...وأطفالي الصغار ،و.."
جلست كاثي تستمع وظل السكوت مخيما على العيادة ،لتقوم قائلة في صوت خافت لا يكاد يُسمع : "ثم ماذا ؟ "
"كانوا يغتصبونني هم الثلاثة و "، هتفت فاطمة وكأنها استفاقت للتّو من كابوسها المرعب
"أجل كل ليلة ، بكيت ،و توسلت لكن دون جدوى إذ أخذوا يهددونني باغتصاب أطفالي أيضا ...لا ،لا ،لن أسمح بذلك ،أطفالي لا ."
إلتمعت عيني الطبيبة لتقول في حزن :" و الشرطة ؟ ِلمَ لم تبلغي بهؤلاء ؟ "
حينهاأخذت المرأة البيضاء تنتحب في صوت مسترسل واحد وهي تسحب الكلينيكس واحدا تلو الآخر ، فخطر ببالي :" كم من دلو قد تملأ هذه المرأة الحزينة ،المتلاشية من دموعها، وما مصيرها في بيتها بين مخالب هؤلاء حتى بعد مرور كل هذه السنوات ؟"
كانت الجميلة تبكي وتبكي وهي تتلمس العكاز الذي يساعدها على المشي بسبب التعقيدات الصحية المزمنة التي تسببها حالة PTD. ثم قالت بعيون مُحْمَرّة جافة :" الشرطة ؟هه نحن الْبِدُونْ غير معترَف بنا ،لا يحق لنا شئ ".
استلقت كاثي بجسدها على كرسيها الأزرق وهي لا تزال تحمل علامات البرونزاج Bronzage :" والتعليم؟ " سألت الدكتورة .
مسحت الشابة وجهها قائلة في سخرية :" طبعا لا ."
"لم يكن بإمكاني الذهاب إلى المدرسة إذ لا يحق ذلك لأهل البدون ونكتفي باللعب أمام بيوتنا كأطفال ..كنت أستريح منهم فقط عند زيارة أهلي و لا أحد يعلم بالأمر بسبب الفضيحة وزوجي أكرهه بسبب ذلك و أصرخ على أبنائي على الدوام دون سبب و لا أستطيع النوم بسبب الكوابيس والوحوش التي تلاحقني ليلا وأكتفي برسوم الوجوه والآن أنا لا أثق في أحد ومدمنة على الدواء ".
كانت الحصص تتسرّب في بطئ وسُجّل في الأخيرة حملٌ قد حدث إثر هذا الإغتصاب الذي دام لسنوات.
ترى كم من" بِدُونْ " يعاني نفس الحالة في وطن يتباهى ببرلمان كالكويت ؟
وماذا كان يُفعل بالزوج أثناء الغيابات ؟ أسئلة نطرحها في حسرة أنا وكاثي كلما سُنحت الفرصة لذلك.
#خديجة_آيت_عمي (هاشتاغ)
Khadija_Ait_Ammi#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟