|
هل المرأة الكوردية متحررة؟ أم لا؟
مسعود عكو
الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 09:07
المحور:
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
قد يكون طرق هذا الباب من الأبواب الصعبة الدخول إلى دورها ولكن ولضرورة الإزدحامات اللغوية بين الكثير من المهتمين بواقع المرأة بشكله العام ولا ننسى الواقع الكوردي على خصوصيته التي غالباً من ينساها الباحث أو يتناساها متقصداً القفز على حواجز حقيقية لا يأبه هو بها لا لأنه وصل إلى درجة من الرقي والانفتاح الحضاري تجاه كافة القضايا الاجتماعية ومن ضمنها المرأة ولكنه غير قادر على مجابهة الواقع المزري الذي نخوض فيه كل معتركاتنا ضد جميع أشكال التخلف الاجتماعي والإنساني قبل كل اعتبار.
المرأة في العالم كافة مظلومة ومسحوقة من قبل الطبقات الحاكمة ابتداءً من التحكم العرفي المتمثل بالعائلة والزوج والأب والأخ ...الخ. من متفرقات التحكم ولجم جماح هذه الكائنة التي تشاطرنا الوجود بل ونحن ننتمي إليها بطبيعة الحال على اختلاف أجناسنا وتكويناتنا الفيزيولوجية مروراً بالتحكم القانوني أو ما يسمى حكماً قانونياً له تسميات مختلفة كقوانين الأحوال الشخصية وقانون الجنسية وقوانين أخرى متفرقة تختلف من بلد إلى أخر ومن نظام حكم إلى ثاني وانتهاءً بالتحكم الأنثوي الذي يولد من متضادات الأنثى مع نفسها وهذا الأخير هو أهم تحكم خلوي في البنية التكوينية للأنثى.
إن المرأة في منطقة الشرق عامة وخاصة مناطقنا المنكوبة من جراء الأحكام الجائرة والمتخلفة التي عفا عنها الزمن ولكن نظمنا الحاكمة لا زالت متمسكة بها وذلك لكي تتحكم بكل البشر الموجودين تحت لواء حكمها دون أن تعير بعض الانفراج في قضايا خاصة باجتماعية البشر ومن تلك القضايا الهامة على الصعيد الإنساني اضطهاد المرأة من قبل كافة موجودات النظم الحاكمة على أرض هذه البسيطة ابتداءً من الذكر وانتهاء بالحروب والكوارث التي حصدت الملايين من العوانس والأرامل والأيتام من جراء الأطماع الإنسانية لتملك كل ما يدب على الأرض دون أن يفيء إلى الصواب رغم المرارات والكوارث التي حلت بكل من كان طرفاً في هذه النزاعات وهذه الحروب التي قضت على حياة الملايين بدون أي ذنب بل الذنب الوحيد أنهم بشر.
إن موضوع الحلقة المتناولة بين أيدينا ليختلف كلياً عن المواضيع التي أثيرت في الآونة الأخيرة عن المرأة وذلك لكي نكون صريحين أمام مستجدات الواقع المتفتح سواءً برضانا أو بعدمه فالواقع يعكس ما يجول في خواطرنا على معرفية تامة بأننا ما نرتكبه هي تقاليد حقيقية بل أحياناً أنفسنا من كثرة التزوير الذي نقوم به.
إن المرأة الكوردية هي وبدون مبالغة من النساء المتحررات في الشرق وخاصة في هذه المنطقة التي نعيش عليها وهي من النساء اللائي تقبلن التغيير ابتداءً من التغيير العقلي وانتهاءً بأبهى موديلات الأناقة وهذه لا يختلف عليها اثنان برأي الشخصي فالمرأة الكوردية ونسبة عالية في منطقة الجزيرة استطاعت أن تكسر الحواجز الأهلية والموانع العرفية التي تحمل الطابع العشائري لتدخل معارك الحياة المختلفة ابتداءً من الدراسة وانتهاء باختيار شريك الحياة مع انتقاء الكماليات الأخرى كالهندام والماكياج على الرغم أن هذه الكماليات هي عند الشعوب المتقدمة نوع من الروتين اليومي ولكن في مناطقنا الكوردية له طابع احتفالي أي أن المرأة غالياً ما تتمكيج وتلبس أجمل أثوابها وتزين نفسها بالحلي والذهب والمجوهرات المختلفة للذهاب إلى عرس أو نزهة أو حتى مشوار سفر أو ذهابها إلى وظيفتها.
فالمرأة الكوردية التي تحررت من براثن الطغيان العشائري التقليدي الذي كان يحرم على المرأة الدراسة وفقط لأنها أنثى استطاعت أغلبية العوائل الكوردية تخطي هذه الظاهرة المتخلفة فباتت دراسة الأنثى من بديهيات الحياة ومن الموضوعات الغير قابلة للنقاش على برهانها أي أصبحت حالة حقيقية وواقعية فالطالبات الكورديات المنتشرات في الجامعات الحكومية خاصة في دمشق وحلب يعكس الواقع الكوردي المتفتح تجاه الحرية على الطريقة الأوروبية حقيقة هذه الحرية لا تكمن في عدد الطالبات اللواتي يدرسن بل في التخصص الذي توجهت إليه الأنثى من خلال دراستها لكافة التخصصات الجامعية ابتداءً من الكليات الطبية والعلمية وانتهاءً بأصغر معهد تابع لوزارات مختلفة كالتعليم العالي أو التربية أو الوزارات الاختصاصية الصناعية والتجارية والزراعية... الخ. من هذه الفروع التعليمة المختلفة والتي أصبحت تلقى رواجاً داخل المجتمع الكوردي فالفتاة الكوردية باتت تختار دراسة علم الاجتماع وكليات التربية والآداب الإنسانية وهي مقتنعة كل القناعة للعمل باختصاصها ليس فقط كمهنة مادية للحصول على أجر في نهاية كل شهر بل انطلاقاً من تفهمها للواقع الكوردي ذات الطبيعة الاجتماعية المتخلفة بالنسبة إلى الشعوب الأخرى المجاورة لها. إن الواقع الاجتماعي الكوردي والذي أدى به إلى هذه الحالة المزرية هو وليد تراكمات حقيقية من خلال الظلم القومي والمتمثل بالحكومات والأنظمة السياسية التي تعاقبت على حكمه واحتلال هذه الأنظمة المناطق الكوردية وفرض ثقافتها وعاداتها وتقاليدها على المجتمع الكوردي هي التي أودت بالأكراد كمجتمع جبلي بسيط إلى حتى ظهور حالات كالاختناق الديني من خلال التمسك الأعمى بالعادات والتقاليد التي ظهرت مع بدايات الحكم الإسلامي للمنطقة الكوردية حتى أن هذه الممارسات تفتقد إلى المادة الشرعية الدينية فالدين لم يمنع المرأة من التعلم والظهور بلباس محتشم مع القليل من المحافظة وذلك نسبة للبيئة التي تعيش فيها فالعائلة المتدينة تفرض كل القيود على الأنثى من تلك العائلة في حين الرجل فيها له كافة الحقوق وكل الصلاحية في انتقاء الزوجة والدراسة والعمل والسفر ولكن المرأة والأنثى بكل أشكالها ( الأم والأخت والزوجة والابنة ) هي التي تدفع ضريبة هذه العادات والموروثات المختلفة والمتخلفة التي ظهرت باسم الدين وهي لا تمت إليه بصلة ولا أنفي بأن الدين قد فرض قيود على أنثى وكلن تعامل معها أيضاً كإنسانة وليست كسلعة تباع وتشترى وذلك حسب الزبون الذي يدفع أكثر ليس فقط من جهة المادية بل من يستطيع أن يخنق المرأة في لباسها الذي يغطيها ككيس القمامة أو بلور السيارة ذي الماركة ( فيميه ) وعذراً لكل من يلبس هكذا أشياء.
إن تعدد الحضارات في المنطقة الكوردية والتي تمخضت عنها هذه التقاليد والعادات الكوردية والتي تحمل طابعاً شبه مشترك مع الشعوب المجاورة أدت إلى خلق نوعاً مميزاً من التقاليد والعادات فالمجتمع الكوردي لم يخنق المرأة وهذه الكلمة هي أصدق تعبير لما يجري الأن مع الكثير من النساء الغير كورديات تارة باسم الدين وتارات أخرى بأسماء مختلفة ومما لا شك فيه أن المرأة الكوردية هي أيضاً تعرضت لهذه الضغوط من قبل المجتمع والعادات التي فرضتها التقاليد البالية والقديمة ولكن المرأة الكوردية استطاعت وبكل جدارة كسر هذه الحاجز الزائف الذي يحول بينها وبين الحضارة وعلى طريقة مختلفة من الطرق التي سلكتها نساء الشعوب الأخرى ولكن المرأة ظلت إلى هذه اللحظة أسيرة لعدة قوانين قد تختفي مع مرور الزمن ومن جملة هذه القوانين التقليدية والتي تحمل غالباً طابعاً عشائرياً ودينياً وسياسياً كالحب والصداقة والنشاط السياسي وبالتأكيد سأجابه بسيل من الأسئلة حول هذه المسائل الثلاث ولكن علينا أن نتقبل هذه الأمور بكل طواعية فالمرأة بشر مثلها مثل الذكر تحب وتعشق وتحتاج بل تريد أن تكون صداقات مع الجنس الأخر ولا ننسى المرأة الكوردية تحب السياسية بل أحياناً عاطفتها تفوق عاطفة الرجل في هذا الجانب وما المقاتلات الكورديات سوى مثالاً بسيطاً لهذه الحالة العاطفية للولوج إلى غياهب السياسة.
المرأة الكوردية في بعض المناطق من الجزيرة السورية تحررت من الكثير من القيود ولكن هذه القيود خلقت لها نوعاً من الغرور الأنثوي والانفلات الخلقي والذي بات يلاحظ على ملابسها وهيئتها الخارجية بل وصلت حتى إلى أخلاقياتها فالجهل الذي نحن فيه من خلال الكتم النفسي والجنسي وظهور هذه الفضائيات وانبثاق الانترنيت والهاتف الجوال أدى بالجميع إلى استغلالها بطريقة جاهلية لا تتناسب كلياً مع الأسباب الحقيقية لظهورها كحاجة ماسة لكل البشر فالهاتف الجوال بات ألعوبة بيد الذكر والأنثى على حد سواء واستغلته الأنثى لكي تستطيع أن تتحدث بحرية مع الصديق أو الحبيب ولا أعارض هذه الحرية لكن علينا أن نلتزم ببعض الحدود لكي لا ننجر وراء الفلتان الخلقي والاجتماعي.
وما القنوات الفضائية وخاصة الغنائية منها العربية الأجنبية سوى رسائل جنسية حقيقية بل أحياناً يخجل المرء أن يشاهدها وبجانبه أنثى حتى ولو كانت أمه أو أخته أو زوجته وذلك لدناءة المادة المعروضة من خلال الأغاني الجديدة وكما تسمى الشبابية فالمرأة تحولت في هذه الأغاني إلى سلعة تباع وتشترى بل ما يشد الذكر لمشاهدة هذه الأغاني هي النساء اللاتي يرقصن أمام الرجل والذي غالباً لا تعكس هذه الصورة ما تعبر عنه كلمات الأغنية المسموعة والمشاهدة في نفس الوقت فأنت عملياً تشاهد الأغنية ولا تسمعها حتى وهي على شكل كليب فالمرأة هي ما تشدك إليه من خلال الخلاعة التي تظهر على ملابسها التي تظهر كل مفاتن جسدها بل هي ألعن من مشاهدة فلم جنسي لا لأن الفلم محتشم أكثر منه ولكن الفلم هي مادة جنسية معروضة للبيع ولكن الأغنية غالباً لها مغزى ورسالة وإن لم يكن دائماً ولكن هذه الحالة تؤدي إلى اكتساب عادات وكلمات وحركات هي بالأصل أمراض علينا الابتعاد عنها فالمجتمع الكوردي كغيره من المجتمعات التي تشاهد هذه القنوات تأثر بدرجة كبيرة إلى حد تقليد الأطفال والكبائر لحركات هؤلاء المغنين والراقصات وقد تكون الحالة الكوردية أسوء من غيرها وذلك لأن الكوردي مضطر إلى مشاهدتها وذلك لعدم وجود قنوات كوردية متخصصة أو ضآلة البرنامج الغنائي الكوردي إن لم يكن نادراً ومعدوماً.
إن المرأة الكوردية هي متحررة أكثر من نساء كل القوميات المجاورة لها ولكن هذه الحرية نسبية ومقترنة بأشياء هي بالحقيقة ليست حرية بقدر ما هي نوع من الانفلات والذي غالباً تنتقد المرأة نفسها من خلال ممارستها لهذا السلوك الغريب عن مجتمعها وعن تقاليدها وعادتها الأصلية وموروثاتها الاجتماعية.
#مسعود_عكو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجازر العراقية كالمجازر الأرمنية
-
ويقال عنهم بأنهم كفار
-
خفافيش الظلام
-
اغتيال الحريري... اغتيال المستقبل
-
الفائز الأول هو العراق والشعب العراقي
-
الانتخابات العراقية تحت الاحتلال
-
انتخابات العراق ... عرس العراق
-
يمين متطرف أم تطرف يميني
-
وداعاً أيتها الأغنية الأخيرة - إلى كره بيت خاجو
-
روزنامة نوروز
-
الحوار المتمدن مثال الصحافة الحرة
-
بوابة الديمقراطية الانتخابات العراقية
-
الخطاب السياسي الكوردي في سورية ثنائي الرؤى ... ازدواجي المو
...
-
ضريبة الإنسانية ... ضريبة الحرية
-
الأحزاب الكوردية في سورية وضرورة التغيير2
-
الأحزاب الكوردية في سورية وضرورة التغيير1
-
لماذا لا نرجمك أنت يا حسن الطائي؟
-
الظلم القانوني للمرأة في الدول العربية
-
طابا تواجد إسرائيلي أم كوردي
-
أطماع تركية في كركوك الكوردستانية
المزيد.....
-
صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لضحايا الحرب الإسرائيلية على القطاع
...
-
الدفاع الروسية تعلن إسقاط 8 صواريخ باليستية أطلقتها القوات ا
...
-
-غنّوا-، ذا روك يقول لمشاهدي فيلمه الجديد
-
بوليفيا: انهيار أرضي يدمّر 40 منزلاً في لاباز بعد أشهر من ال
...
-
في استذكار الراحل العزيز خيون التميمي (أبو أحمد)
-
5 صعوبات أمام ترامب في طريقه لعقد صفقات حول البؤر الساخنة
-
قتيل وجريحان بهجوم مسيّرتين إسرائيليتين على صور في جنوب لبنا
...
-
خبير أوكراني: زيلينسكي وحلفاؤه -نجحوا- في جعل أوكرانيا ورقة
...
-
اختبار قاذف شبكة مضادة للدرونات في منطقة العملية العسكرية ال
...
-
اكتشاف إشارة غريبة حدثت قبل دقائق من أحد أقوى الانفجارات الب
...
المزيد.....
-
المشاركة السياسية للمرأة في سورية
/ مية الرحبي
-
الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء
/ الاممية الرابعة
المزيد.....
|