|
دفاعا عن * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * من خلال الرّد على مقال الرّفيق رامي التّونسي
الأسعد سائحي
الحوار المتمدن-العدد: 3902 - 2012 / 11 / 5 - 14:56
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
تحقيقا للفائدة من النقاش حول * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * و " الجبهة الشّعبية " في تونس ، أنشر نص ردّ الرّفيق رامي التّونسي كما ورد حول نقدي "للجبهة الشّعبية" الّذي يحمل عنوان " الأرضية السّياسية "للجبهة الشّعبية" واللّهث وراء سراب الثّورة " ، يليه مباشرة ردّي عليه آملا أن يتطوّر النّقاش حول الجبهتين ورسم خطوط التّمايز بينهما على مستوى الطّرح والتّحليل والمكوّنات السّياسية لها وكذلك الآفاق ، حتّى ندفع بالمسار النّضالي لانتفاضة 17 ديسمبر 2010 إلى الأمام نحو وجهته السّليمة ، وعدم تركه رهينا لقراءات أحادية الجانب .
ردا على > ،من خلال الرد على مقال الرفيق لسعد سائحي
سوف أقدم نفسي للأستاذ لسعد على أنني بدوري ناشط سياسي(مشروع شيوعي) من الجبهة الشعبية ـ تونس ـ ليكون الرد (كما أريده على الأقل وحتى نضع التفاعل في إطاره الأسلم )على قاعدة وحدة ـ صراع ـ وحدة ؛الشكل الأرقى للوحدة النوعية بين عموم الشيوعيين،هذه الوحدة التي تتوج ببناء الحزب الشيوعي العربي طليعة البروليتاريا العربية من أجل بناء الوطن الإشتراكي كمرحلة عبور نحو المجتمع الشيوعي ننطلق من حيث انتهى الأستاذ لسعد سائحي(مناضل صلب الجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية)،إذ ختم الرفيق مقاله بفقرة واردة في نص "جبهتان لا جبهات "الصادر في 07 أفريل 2012 عن الجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية وهي؛" إنّ التّشديد على راهنية المسألة الوطنية وأولويتها لاستكمال المسار الثّوري وربط ذلك بالصّراع ضدّ الإمبريالية ووكلائها المحلّيين لحد إسقاط النّظام الرّجعي العميل هو المُحدّد في قيام كلّ جبهة وطنية ثورية " مع حق النقد بلا تحفظ ...و مع التفاعل الايجابي و برحابة صدر مع كل نقد ... فحق النقد مقدّس خاصة اذا كان منطلقه نضالي وليس عدمي , علينا التذكير بأن الجبهة الشعبية،على خلاف الجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية؛ليست جبهة بروليتارية متطلعة لبناء الإشتراكية الآن وفي عداء مطلق لكل التصورات المثالية والميتفيزيقية الأخرى،ليست مشروع حزب يساري "جامع"للماركسيين،ليست تحالفا بين مجموعات ثورية شيوعية دون غيرها،ليست حزبا شيوعيا ...باختصار ليست جبهة الطبقة العاملة،بل هي جبهة الطبقات المضطهدة (بما فيها الطبقة العاملة)، هي الجبهة المتحدة وهي تاكتيك مناسب لفترة محددة، وليست استراتيجية(على حد تعبير لينين)لذلك فالنضال ضد الإمبريالية في إطار التحالف الطبقي صلب الجبهة المتحدة ليس هو ذاته داخل الحزب الشيوعي أو داخل الجبهة الماركسية(أو جبهة التنظيمات المؤمنة بالإشترالية العلمية كنظرية عامة للثورة)،تختلف المداخل ،تختلف التكتيكات ( اختلاف يخدم الإستراتيجيا مرحليا في علاقة بخصوصية الواقع).....هنا لا مجال للعودة للنقاش البديهي تجريبيا حول ما إذا كانت الضرورة تستدعي الجبهة المتحدة(تحالف طبقي ثوري)،أم الجبهة الماركسية(تحاف لتنظيمات تسعى لتمثيل الطبقة العاملة)لنخلص لأن التحالف الأول ضرفي لتوحيد الشعب المضطهد ضد أعدائه في مرحلة معينة من النضال الوطني تتسم باشتداد الإضطهاد الطبقي،بينما الوحدة الثانية هدفها توحيد نضالات البروليتاريا وتعابيرها من أجل بناء الحزب الشيوعي الثوري(رغم إنكار الوطنيّون الديمقراطيون الماركسيّون اللينينيون ،أنصار الدّيمقراطيّة الجديدة والوطنيّون الديمقراطيون والماركسيون اللينينيون الماويون لذلك) من أجل بناء المجتمع الإشتراكي ،وإن نظرنا لمكونات الجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبية ذات المرجعية الماوية جميعها (وهذا لا يعني أنني مع أو ضد الماوية بقدر ما أهتم لما يطرحه الماويون على أنفسهم)لسألناهم؛أوليس الحزب يتأسس عشية الثورة كما تقولون مرارا وتكراراللمقولة اللينينية؟؟؟فما الذي حدث في القطر التونسي ليجتمع لذلك الماويون في" جبهة "ثورية للشيوعيين الماويين نقيضة لجبهة قوى "الثورة"المضادة،من أجل ا"تجذير "المسار الثوري"ومواصلته ورفع وتيرته والعمل على تنظُّمه بما يحقق هدفه الوطني والاجتماعي "...؟هذا طبعا إذى ضللنا نقرأ مفهوم الثورة الكلاسيكي على أنه فعل طربي يطلق إشارته بعض الموسيقيين ليبدأ عند الساعة التاسعة منتهيا في نصف الليل مع معزوفة موزارت الأخيرة،لكن إن اتفقنا أن الثورة هي صيرورة ومسار فعل في التاريخ ،،عمل متواصل له شرط وحيد وهو تنامي الرغبة والحاجة لدى الجماهير الشعبية لإسقاط النظام القائم لإحلال آخر جديد ،فكل تمرد في هذا الخظم هو مراكمة ثورية تعمق المسار الثوري ،التسميات تختلف لكن ديالكتيك الثورة واحد،فالثورة ماركسيا هي صيرورة من الصراع الطبقي بين التحآلف الثوري المضطهد والتحالف الرجعي السائد تكون فيه المبادرة للثوريين ورد الفعل للرجعيين،ألسنا نعيش هذا الصراع؟بل أننا في أوجه ؟المشكل ليس في التسمية ،فكل احتجاج أو مجرد صرخة هدفها إسقاط النظام تحديدا هي ثورة أو انطلاقة ثورية،فهي دلالة عن بلوغ الوعي الطبقي للجماهير الشعبية جذوته بهدف الانتقال من تشكيلة اجتماعية اقتصادية الى أخرى،لكن المفيد هو العمل على إنجاح الثورة وتسويغ الوعي الطبقي لدى الجماهير فاقدة التكتيك و القوية في مراحل وخائرة القوى في مراحل أخرى (بمفهوم المد والجزر الثوريين)من أجل التحول من نمط انتاج تاريخي محدد ذي علاقات انتاج معينة الى نمط آخر ذي علاقات أخرى مختلفة بنيويا عن الأولى،تلك الإستراتيجيا والتكتيك مهمة الأداة الثورية المتبادلة الخبرة مع الجماهير،فكيف ينظر الرفاق الجبهويين "الثوريين" لهذه الأداة الثورية؟؟؟هل هي جبهة مختلف التعبيرات السياسية لكل الكادحين؟أم هي الحزب الشيوعي في شكل جببهة "الماويين"؟ طبعا هذه الرؤية تتحدد بتحليلنا لطبيعة المجتمع والمرحلة،وهنا لن أذكر الرفاق بأن شعوب البلدان الزراعية المتخلفة تعاني مخلفات القرون الوسطى كما تعاني الإضطهاد الإمبريالي ولذلك مهمة التحرر الوطني والديمقراطية الشعبية بقيادة الطبقة العاملة لا تتحقق بجبهة الماويين (الذين لم يتجرأو بعد على رفع أرقى ما جاء به ماو من مفاهيم؛حرب الشعب)،بل بجبهة كل الكادحين أبناء الشعب المظطهد،وقد تعلمنا في حقل السياسة أن للكادحين تعابيرهم السياسية وأن بعضها ثوري كالعمال وبعضها متقلب .كالفلاحين وجزء منها إصلاحي كالحفي والمنتج الصغير والمتوسط والرأسمال القومي المتطلع لتوسيع سوقه والحد من نفوذ غريمه الأجنبي هنا نعتقد الجبهة الشعبية في إدراكنا،كما كانت في إدراك رفاقنا القدامى وفي تراث الفكر الشيوعي ، أدرك "لينين" أن التحالف الطبقي يجب أن يكون فيما بين الطبقات التابعة بهدف الانخراط في نضال ثوري فعّال. لا سيما في الدول التي لا تكون البروليتاريا فيها الطبقة الأكبر عددا. إضافة إلى إقامة تحالف المضطهدين هذا، يجب على البروليتاريا توطيد وترسيخ ثقة وولاء الطبقات الأخرى المكونة للتحالف، وأن تقودهم وتملي عليهم شكل الأنشطة الثورية أيضا ،وإدراك "غرامشي "حول الجبهة وحرب المواقع في علاقة بنوعية الدولة ،وإدراك ماو بأن حلفاء الطبقة العاملة متحركو المواقف لكن يجب دفعهم للمواجهة الثورية....طبعا دون إسقاط للتكتيكات الغربية أو الشرقية على الواقع العربي والقطري،لكن لنوضح أن إدراكنا لطبيعة الجبهة هو في حد ذاته متحرك ورهين الوضع.... وهنا نذكر الرفيق لسعد سائحي بأن نص * جبهتان لا جبهات * للجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية بتاريخ 07 أفريل 2012،انطلق في بدايتة مؤكدا على ان ما حصل منذ 17د ليس بثورة وتحول بعد ذالك الى سرد صيغ التحالفت في زمن الثورة وتكوين الجبهة الثورية ...مقرا ان المرحلة تتسم بواقع مسار ثوري انتقالي ونضيف للرفيق تصورنا في هذا الإطار أن الصراع مازال متواصلا وسيتواصل عبر التاريخ......اما فيما يتعلق باسقاط النظام ،فنذكر رفيقنا أن استعمال مصطلح "النظام"الذي لازال قائما بتلك الكيفية الهلامية التحريضية هو قفز على المعرفة وقوانين الجدل المادي ،إذ كان بإمكان الرفيق لسعد ورفاقه( الماويين )على الأقل الإستفادة من أدبيات ماو(حرب الشعب،في الجبهة الثقافية) الذي يفصّل النظام لنظام الدولة(أي دولة مصالح الكمبرادور والإقطاع العميلين التي لم تسقط في تونس)باللإضافة للنظام السياسي على تعدد أشكاله(الذي نعيش من دونه منذ 14ج)،لنعود لنطرح السؤال مجددا على الرفيق ؛هل هي صيرورة ثورية متواصلة أسقطت النظام السياسي واضطرت التحالف الطبقي لتغييرقيادته السياسية لدولة الإقطاع والكمبرادور و فرضت الشرعية الجماهيرية وتحدت القانون الرجعي وحالة الطوارئ ومنع الجولان.واصبحت الجماهير سيدة الموقف غالبا تقرر تحركاتها بكل حرية وديمقراطية دون موافقة السلطة التي انسحبت من الميدان (خاصة منذ الفترة الأولى )ودون تزكية قانونية وافضى هذا الوضع الاستثنائي الى تشكل لجان حماية الاحياء والمؤسسات في ظل انسحاب البوليس وحصلت السيطرة الامنية على المدن والقرى من قبل الجماهيرفي مواجهة العصابات ــ الحرس الرئاسي وكل انواع المليشيات البوليسية والحزبيةـ التي أرادت التنكيل بابناء الشعب العزل ,طامحة للإرتقاء لمرحلة تاريخية أخرى تقضي على نمط الإنتاج المتأزم ....أم انتفاضة أجهضت وانتهت بالإلتفاف عليها امبرياليا؟؟؟؟ هذا النص للجبهة الوطنية الديمقراطية الشعبـية،بدوره تلافى تحديد الموقف من طبيعة النهضة القائد الحالي للتحالف الطبقي الحاكم كتعبيرة سياسية للإقطاع المتحالف مع الكمبرادور و منه تحديد الموقف من باقي الاطراف وفق قربهم او بعدهم عن هذا الطرف كقيادة سياسية لنظام الدولة،رغم أن الأطراف التي تشاركت في صياغة هذا النص (الذي يعود للعصر الحجري)تصر على التبجح ب"شيوعيتها"وأنها الفرقة الناجية المحتكرة لمفاتيح المادية الجدلية،والتي ستحرر النظرية من الكتب...،وهذا الموقف يذكرني بسخرية الزعيم ماو من رفاقه الشيوعيين البرجوازيين الصغار الذين "يطيلون النصوص ويتمعنون في كتابتها بلغة الصين القديمة وكأنهم يكتبونها لأنفسهم وليس للجماهير". هنا رفيق لسعد ورفاقك لإن تشبثتم بآلحفاظ على نقاوتكم الثورية وصلة القربى بماركس ولينين وماو وتيتو وكيم إيل سونغ وكاسترو وتشي...إلا أن الرفاق فاتهم طرح المسائل بأكثر واقعية للتأسيس لظروف افضل للنضال،فاتهم تحديد الطبيعة الطبقية للنهضة ،وفاتهم احالة هذه الطبيعة وتمضهراتها على الواقع للخلاص دون ادنى شك إلى أنها(النهضة) ماضية في الارتداد نحو الدكتاتورية السياسية تحت غطاء ديني في محاولة لفرض الدولة الدينية الإقطاعية ونظام الأوقاف والتعليم والقضاء الأتوقراطيين كامر واقع بشكل متدرج ...من هذا المنطلق نقول ان الدفع بالمسار الثوري للامام و مزيد تعميقه يتطلب في البداية الان و راهنا النضال المستميت من اجل تكريس شكل ديمقراطي مدني للدولة وتجاوزه فيما بعد نحو فتح الصراع على مصراعيه حول المضمون الطبقي للدولة ان هذه المرحلة مهمة بمكان بحيث اما ان تفتح مجالا لتقدم هذا المسار او ان تتقهقر به للخلف.لذلك فان عقد تحالف او جبهة لابد انيكون مرتكزا على المهمة المركزية المطروحة في الواقع لا على اساس المهمة الاستراتيجية وهو ما يعني ان هذه الجبهة يجب ان تضم كل من يستعد للنضال من اجل هذه المهمة الضرفية الراهنة التي تنتهي الضرورة المادية للجبهة نفسها بتحققها وهذا هو الأدنى المشترك. الرفيق لسعد يتهم الجبهة الشعبية بالسّقوط في أوهام " الثّورة " و" الدّيمقراطية " و" الشّرعية الانتخابية " ، وترك المسألة الوطنية على حافّة الصّراع لتصبح مسألة ثانوية يمكن إرجاؤها وتأجيلها ،معتمدا إسقاط التكتيكات والتجارب المختلفة على واقع القطر التونسي فلا يمكن دراسة أشكال النضال بصورة مطلقة وإصدار الأحكام المطلقة أو الخروج باستنتاجات تقنن هذا الشكل أو ذاك وتجعل منه وصفة صالحة لكل زمان ومكان. لذلك لا يمكن القول إن هذا الشكل أفضل من الآخر أو إن هذا الشكل إصلاحي مطلقا والآخر ثوري مطلقا فالنعوت المطلقة تنم في الغالب عن فهم جامد ومثالي لأشكال النضال والتنظيم.إن المحدد في أشكال النضال هو مدى مساهمتها في دفع الحركة الشعبية والارتقاء بوعيها وبتجربتها خدمة للأهداف الثورية فإن كان الشكل يقرب ساعة الخلاص ويتماشى والأهداف التكتيكية والإستراتيجية المحددة ويراعي استعدادات الجماهير بعد تحليل مادي جدلي للأوضاع فهو شكل ثوري. ويعكس الشكل الثوري بالضرورة موازين قوى معينة تحكم فى فترة محددة واقع الحركة الشعبية وواقع القوى الشيوعية والوطنية الديمقراطية من جهة ومدى تماسك الطبقات الحاكمة من جهة ثانية. لا بد من تجاوز المعادلات الميكانيكية والأفكار المسبقة وترديد قوالب جامدة مثل السرية تعني الانعزال عن الجماهير والقانونية تضمن الارتباط بالجماهير الخ...كما أنه لا بد من التذكير بأن الوضع فى كل فترة معينة يطرح دوما شكلا رئيسيا وأساسيا وأشكالا ثانوية لدفع عجلة التاريخ إلى الأمام وتظل أشكال النضال دوما مترابطة ومتشابكة تخضع في غالب الأحيان إلى إحكام المزج بينها أو حتى اعتماد العديد من الأشكال في نفس الوقت. في معرض نقد الرفيق لسعد للأرضية السياسية للجبهة الشعبية هناك نقد ضمني لأرضية الجبـهة الوطنية الديمقراطية الشعبـية الصادرة في شكل نص نظري بتاريخ 23 جانفي 2011 ووضع النص الأساس المادي للجبهة في صياغة ل11 نقطة ومحور نضال تطرحه الجبهة على ذاتها في شكل نداء للجماهير الشعبية وهي نفس نقاط الأرضية السياسية للجبهة الشعبية مع الإختلاف في طريقة الصياغة التفصيلية لهذه الأخيرة لذا ننصح الرفيق بالعودة للبيان المذكور من أجل الكف عن المهاترات القديمة المتجددة لعموم اليساريين في تونس ونضيف أن هذه الجبهة (الوطنية الديمقراطية الشعبـية)موجودة على الورق لاغير ، اصحابها يعتقدون انه يكفى اصدار بيان لاقناع الاخرين انها موجودة ،لذلك قلنا أن الحركة هي أم الصراع،وجبهة متحركة في الواقع لها أدنى سياسي وطني تنطلق منه لتتطور خير من شبح جبهة أما الكلمات الطيبة عن النضال و الثورة و الصمود لا معنى لها عندما لا تفعل الجبهة في الواقع و لا تؤثر فيه .لن أطيل في الإجابة عن مجمل ما كتبت عموما لأنك اعتمدت اقتطاع الجمل والمصطلحات الصادرة في أرضية الجبهة من إطارها العام،ولكن أطلب منك مزيد التعمق في تناول مفهوم العنف الثوري (الذي تخشى تجريمه )،هل هو فكرة أم ضرورة؟وهل ينتفي وتتخلى عنه الشعوب لمجرد رفضها للعنف الرجعي المسلط عليها؟؟؟نحن مثلا خلصنا لأن العنف حين يفقد بعده الجماهيري لا يمكن تسميته عنفا ثوري ،فما رأيك؟؟؟ أما عن تعمد الخلط والتشويه لمجلس الوطني لحماية الثورة وربطه زيفا بمليشيات "روابط حماية الثورة"،إذ أن ما يسمى "برابطات حماية الثورة " لا علاقة لها بلجان و مجالس حماية الثورة التي تشكلت محليا و جهويا بصفتها اطر نضالية لمواجهة حملة الترهيب التي شنتها قوى بن علي القمعية الامنية الرسمية و الميليشياوية التجمعية .هذه اللجان ابنة الحراك الثوري و وجهه التنظيمي المتفرد الذي وضع بذرة التملك المواطني لادارة الشان العام بصفة ديمقراطية قاعدية .لقد عرفت هذه التجربة تطورات و تعرجات و كانت في صلب و محور الصراع بين قوى الثورة و قوى الثورة المضادة التي سعت بكل جهدها الى تخريبها و وادها.لقد تشكلت ما يسمى "رابطات حماية الثورة " بصفتها هياكل موازية للجان و مجالس حماية الثورة و كان مركز تاسيسها منذ بداية سنة 2011 في تطاوين و تتحمل حكومة الباجي قائد السبسي المسؤولية السياسية في السماح بالتمدد التنظيمي و السياسي لهذه الرابطات التي سمحت لها حكومة الباجي قائد السبسي بعقد الندوات و المؤتمرات في الجهات و في تونس العاصمة و مكّنتها مرارا من قصر المؤتمرات لعقد اجتماعاتها في حين كان المجلس الوطني و لجانه و مناضليها هدفا للقمع البوليسي و القضائي في تونس و في الجهات.ان ما يسمى "رابطات حماية الثورة " كانت و لا تزال منذ تكوينها اداة من ادوات حركة اليمين الديني النهضة للسطو على المسار الثوري و حرفه عن طريقه الشعبي القاعدي و هو ما اكدناه و رددناه منذ بداية 2011
ختاما ندعو الرفيق لسعد لمزيد التفاعل مدركين أن الجبهة ينبغي أن تكون التعبير المكثف عن وحدة الشعب،مدركين لقدسية النقد العلمي ،متطلعين لبناء مجتمع أرقى وفتح أفق أوسع لكن مذكرين بأن موازين القوى هي التي تحدد أشكال النضال الإستراتيجية منها والتكتيكية ..... و السياسة ليست فقط مبادئ بل مزج بين التمسك بالمبدأ والقراءة الموضوعية لموازين القوى مع القدرة الجيدة على المناورة تفاديا للوقوع في نفس التجارب الإقتصادوية السابقة... انتهى ----------------------------------------------------------------------------------------------------- في البداية أشكر الرّفيق رامي التّونسي على نقده * للجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * بتاريخ 29 أكتوبر 2012 من خلال مقالي المنشور على صفحات الفايسبوك في ثلاثة أجزاء وكذلك في صفحة الحوار المتمدّن والّذي يحمل عنوان : الأرضية السّياسية " للجبهة الشّعبية " واللّهث وراء سراب الثّورة " . وبغض النّظر على أنّ الرّفيق رامي التونسي كـ " ناشط سياسي (مشروع شيوعي) من الجبهة الشّعبية – تونس " كما قدّم نفسه في ردّه ، ومهما كانت توجّهاته الايديولوجية والسّياسية على اختلاف توجّهات "الجبهة الشّعبية"، فإنّني أريد أن أضع ملاحظاته النّقدية موضع جد وتساؤل ونقد تحقيقا للفائدة مُستندا للتّالي : أ ) أوجّه كلامي للرّفيق رامي التونسي وكلّ من يريد الرّد على * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ونقدها ، ما عليه الاّ الإستئناس بما نشرته الجبهة من أدبيات تحمل رؤاها وأطروحاتها منذ تكوّنها إلى الآن ، بداية من بيانها التّأسيسي بتاريخ 23 جانفي 2011 إلى آخر بيان لها بتاريخ 22/10/2012 ( الّذي يحمل عنوان في "ذكرى" تنصيب العملاء : الشّعب يريد إسقاط النّظام ) ، حتّى يكون الرّد والنّقد أوضح وأشمل وذو جدوى وفاعلية مبني على أسس علمية فيها الحد الأدنى من الموضوعية ليستفيد منه الجميع . وبالتّالي فإنّ اعتماد الرّفيق رامي على نقد * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * من خلال فقرة وحيدة استشهدت بها في نقدي للأرضية السّياسية "للجبهة الشّعبية" ، والّتي وردت في إحدى بياناتها تحت عنوان * جبهتان لا جبهات * بتاريخ 07 أفريل 2012 – على الرّغم من أهميتها ودلالاتها - لا يرتقي إلى النّقد الموضوعي السّليم لتلك الجبهة . ب ) كنت أحسب الرّفيق رامي مُطّلعا فعلا على أرضية "الجبهة الشّعبية" الّتي ينتسب إليها حتّى يكون دفاعه عنها من باب الدّراية والعُمق لما تطرحه تلك الجبهة من تصوّرات وحلول وآفاق للواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي الّذي تعيشه تونس ، ونفس الشّيء فيما يتعلّق بـ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * الّذي " أبدع " في نقدها كما يتصوّر ، ولكن للأسف لم أستنتج ذلك من خلال ردّه المتميّز بالسفسطة والتّشويه والخلط للمفاهيم وتحديد الاشكاليات وغيرها من الثّغرات والاخلالات الّتي تعكس في الأخير ضحالة مستوى النّقد الّذي لا يرتكز إلى أبسط القواعد العلمية. ج ) كنت أود من الرفيق رامي نقد مقالي المتواضع حول الأرضية السّياسية "للجبهة الشّعبية" والوقوف عند مواطن ضعفه وقوّته ، وتصويب ما يجب تصويبه حتّى يستفيد الجميع ، والدّفاع عن أطروحات جبهته السّياسية بكلّ مصداقية ووضوح وصرامة وموضوعية ، لكن للأسف اختار الطّريق الخطأ وترك جوهر الموضوع ليقوم بردّ على الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية من خلال فقرة من بيان لها أوردتها في ختام نقدي لأرضية "الجبهة الشّعبية" ، باذلا قُصارى جهده في فكّ ألغاز هذه الجبهة لكنّه للأسف لم ينجح في مسعاه كما سأبيّن ذلك لاحقا ، لأنه لم يكن موضوعيا من ناحية ، ومن أخرى لا يملك أدوات التّحليل العلمي وحتّى وإن حاول أحيانا فقد أساء استعمالها ، . د ) سأحاول الدّفاع عن * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * – وهي ليست في حاجة لي لهذا الغرض ولست ناطقا رسميا لها أو مُكلّفا بذلك - بل من خلفية مناصرتي لها وتبنّي أطروحاتها الفكرية والسّياسية ، مُستسمحا مكوّناتها وأنصارها وملتمسا منهم الاعتذار في صورة ما إذا أخطأت في حقها وفي حقّهم ولم أرتق للمستوى المطلوب في الدّفاع عنها . اعتبارا لما انتهجه الرّفيق رامي التونسي في ردّه على * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ( الج الو الد الش ) من أسلوب أصرّ فيه على " ... حق النّقد بلا تحفّظ " وعلى تفاعله الايجابي ورحابة صدره ... واعتبارا لقدسية النّقد " خاصّة إذا كان مُنطلقه نضالي وليس عدمي " كما يقول ، فإنّني أوجّه له بدوري نقدي هذا من نفس الخلفية الّتي يؤمن بها ، حتّى يتفطّن ويقف على ما ورد في ردّه من أخطاء وإشكاليات عساه يفهمها ويستوعبها ويصوّبها ويتجاوزها . تمسّك الرّفيق رامي في ردّه باعتماده " على قاعدة وحدة- صراع- وحدة " ويعتبرها " الشّكل الأرقى من أجل بناء الوطن الاشتراكي كمرحلة عبور نحو المجتمع الشّيوعي " وذلك باعتباره الإطار الأسلم للتّفاعل " بين عموم الشّيوعيين ، هذه الوحدة الّتي تتوّج ببناء الحزب الشّيوعي العربي طليعة البروليتاريا العربية ... " حسب تعبيره ، إن لم تكن له أصلا نية الاستهزاء والتّنقيص من شأن الآخرين قصدا باعتبار ما ورد بين قوسين " ( كما أريده على الأقلّ وحتّى نضع التّفاعل في إطاره الأسلم ) " وهو ما يوحي بوجود إرادة أخرى . وسآخذ كلامه عن حُسن نية حتّى لا أُتّهم بعد بقصور الفهم وعدم القدرة على القراءة ما بين السّطور. و باعتبار اعتماد الرّفيق رامي قاعدة في الرّد مرتكزة على مبدأ وحدة – صراع – وحدة ، ومن خلفية أنّني لا أؤمن بهذا المنطق ، وعلى خلافه سأعتمد في ردّي عليه على قاعدة صراع – وحدة – تطهير . وعلى هذا الأساس أسأله عن أي وحدة يتحدّث ؟ وحدة من مع من ؟ والتّوحّد على أي قاعدة وأساس ؟ فكيف لنا أن نتوحّد ثمّ نتصارع من داخل هذه الوحدة من أجل التوحّد ؟ نتوحّد للصّراع من أجل الوحدة ؟ وحتّى لا أخوض في التّفاصيل والجزئيات ، فمن المنطقي والبديهي جدّا حسب قوانين الجدل المادي أن نتصارع لنتوحّد ، ولا نتوحّد من أجل الصّراع لنتوّج ذلك بالوحدة من جديد ، فليعلم الرفيق رامي أنّ حتمية الصّراع لا تؤدّي بالضرورة إلى الوحدة ، بل ربّما تؤدّي إلى الانقسام والتّشتّت ، وبالتّالي لا نستطيع التّوحّد خارج إطار الصّراع إن كانت فعلا زبدته الوحدة . وهذا يُعدّ تناقضا في طرح المسألة وفيه تعويم وتشويه للصّراع الّذي من المفروض أن يكون من أجل الوحدة لا العكس . فحتّى نتوحّد وكي نتوحّد يجب أن نرسم التّخوم الفاصلة بيننا قبل كلّ شيء في إطار الصّراع ، ونقوم بعملية التّطهير لكلّ الشّوائب والعراقيل الّتي كانت حاجزا فاصلا للتّوحّد ، ومن يريد التّوحّد خارج إطار الصّراع فهو مخطيء ولا يفقه من الجدل المادي شيئا ، إلاّ إذا استثنيا الرّفيق رامي في هذا ، والّذي ربّما يطمح للوحدة قبل الصّراع من خلفية هو أدرى وأعلم بها ، وعلى ما أظنّ أنّه وقع ضحية استعماله القصدي لهذا المبدأ في تحليله ممّا جعله متداخلا ومبعثرا ولا يحتكم للمنطق ، وذلك لتبرير القواسم المشتركة الّتي جمعت بين مختلف مكوّنات "الجبهة الشّعبية" الّتي يخالها "توحّدت" من أجل الحدّ الأدنى لمدّة ظرفية تنتهي بانتهائها . يُصرّ الرّفيق رامي كغيره من منتسبي "الجبهة الشّعبية" – على الأقلّ تصريحات قوّادها – بأنّها " ليست جبهة بروليتارية متطلّعة لبناء الاشتراكية الآن وفي عداء مطلق لكلّ التّصوّرات المثالية والميتافيزيقية الأخرى ، ليست مشروع حزب يساري " جامع للماركسيين " ، ليست تحالفا بين مجموعات ثورية شيوعية دون غيرها ، ليست حزبا شيوعيا ... باختصار ليست جبهة الطّبقة العاملة ، بل هي جبهة الطّبقات المضطهدة (بما فيها الطّبقة العاملة) ، هي الجبهة المتّحدة وهي تكتيك مناسب لفترة محدّدة ، وليست استراتيجية (على حد تعبير لينين) ... " . 1/ لقد أصرّ الرّفيق رامي التّونسي بأنّ "الجبهة الشّعبية" الّتي ينتمي إليها هي ليست بجبهة الطّبقة العاملة واعتبارها " جبهة الطّبقات المضطهدة (بما فيها الطّبقة العاملة) " ، وهكذا تكون الجبهة في حلّ سياسي وأخلاقي على الأقلّ فيما يتعلّق بالطّبقة العاملة ، لتصبح قضاياها من المشترك وللمناورة والمزايدة بين جميع التّيارات السّياسية المكوّنة للجبهة أو حتّى خارجها ، فحتّى حركة النّهضة وغيرها من الأطياف السّياسية تتحدّث أيضا عن العمّال والفلاّحين " وتدافع عنهم " . 2/ كما أصرّ أيضا على أنّ "الجبهة الشّعبية" هي جبهة متّحدة من أجل تكتيك مناسب لفترة محدّدة وليست استراتيجية – دون أن يُحدّد تلك الفترة والمهمّة الّتي تكوّنت من أجلها - ، وأنّ نضالها ضد الإمبريالية يختلف على غيرها من الجبهات . ولعلّ الرّفيق كما قُلت سابقا ليس مطّلعا على أرضية جبهته بالكيفية الّتي يجب ، ونلتمس له بعض العذر هنا ، ونعلمه بأنّ "الجبهة الشّعبية" لها تكتيك واستراتيجيا ، أي أنّها جبهة استراتيجية تطمح للحكم لتحقيق أهداف "الثّورة" كاملة دون نقصان "وإرساء سلطة الشّعب" الّذي " ... ولن يكون ذلك ممكنا إلاّ بالقطع مع تشتّت القوى الثّورية والوطنية والدّيمقراطية والتّقدّمية أحزابا وجمعيات ومنظمّات وشبابا وشخصيات مستقلّة وتحالفها معا صُلب جبهة شعبية تُشكّل بديل حُكم حقيقي ... " (مقتطف من أرضية الجبهة الشعبية) ، وليست جبهة متّحدة لمهمّة ظرفية تنتهي بانتهائها . وما يُمكن ملاحظته أنّ ردّ الرّفيق رامي فيه تداخل كبير للأفكار وللمعطيات ، ولم يكن أمينا حتّى في الدّفاع عن جبهته السّياسية ، إذ لا يُعقل أن يُحدّثنا عن " إطار التّحالف الطّبقي صُلب الجبهة المتّحدة " والحال أنّه قدّم الجبهة على أنّها " جبهة الطّبقات المُضطهدة (بما فيها الطّبقة العاملة) " من ناحية ، ومن أخرى يقول لنا بأنّها " ليست جبهة الطّبقة العاملة " دون أن يُحدّد من هي الطّبقات المضطهدة الّتي تُعبّر عنها الجبهة وأين يوجد موقع الطّبقة العاملة فيها ومن يُعبّر عنها سياسيا داخلها ؟ ومن أخرى مهمّتها ظرفية ومُحدّدة تنتهي بانتهائها ؟ والرّفيق رامي حاول - مشكورا ولم يكلّفني ويكلّف القاريء عناء البحث ، مناقضا لنفسه في نفس السّياق - تشبيه "الجبهة الشّعبية" بالجبهة المتّحدة ، هذه الجبهة – أي الشّعبية أو المتّحدة – تحتكم إلى تحالف طبقي صُلبها كما يقول ، وهذا بالضّرورة يُحيلنا إلى أنّها جبهة طبقية ، بينما كان يقول سابقا بأنّها " ليست جبهة استراتيجية " ، وأرضيتها تؤكّد عكس ذلك تماما . وبما أنّها جبهة طبقية بالضّرورة ، فلماذا لم يُحدّد بالوضوح الكافي الطّبقات المضطهدة وتعبيراتها الطّبقية ، وموقع الطّبقة العاملة داخلها ، بينما تؤكّد الجبهة بأنّها جبهة القوى الثّورية والوطنية والدّيمقراطية والتّقدمية أحزابا وجمعيات ومنظمّات وشبابا وشخصيات مستقلّة كلّها متحالفة صلبها لتشكّل هدف استراتيجي واضح المعالم والسّبل لتكون " بديل حكم حقيقي " حسب ما ورد في أرضيتها ، فأين الرّفيق رامي من هذا إذن ؟! نفهم من هذا بأنّ "الجبهة الشّعبية" تضمّ داخلها قوى ثورية – وقوى وطنية – وقوى ديمقراطية – وقوى تقدّمية ، في شكل أحزاب أو جمعيات أو منظمات أو شباب وشخصيات مستقلّة ، وهذا ما يُفيد بأنّ المجال مفتوح لكلّ من بقي خارجها وتنطبق عليه المواصفات السّابقة للإلتحاق بها لاحقا لتشكيل " بديل حكم حقيقي " ، مع إضافة شرط الاضطهاد طبعا - دون تحديد نوعية الاضطهاد طبقيا كان أم غيره - باعتبار وأنّ الرّفيق رامي قال بأنّها "جبهة الطّبقات المضطهدة" ، ولعلّ الحزب الجمهوري والمسار الاجتماعي ونداء تونس وحزب الوطن والمبادرة وشبكة دستورنا وجمعية كلنا تونس والنساء الدّيمقراطيات والاتّحاد الوطني للمرأة واتّحاد المكفوفين وجمعيات فاقدي السّند ... وحتّى نقابات الأمن الّتي ساندتها الجبهة في وقفتها مؤخّرا ... إلخ ، (وهي "قوى" يتوفّر فيها الحدّ الأدنى الدّيمقراطي و"الوطني" تؤمن بمدنية الدّولة ومُضطهدة من منظومة الحكم الحالية)، وكلّ من يعاني الاضطهاد بأشكاله المتعدّدة ، يمكن لها أن تلتحق بـ "الجبهة الشّعبية" أو الجبهة المتّحدة كما يحلو للرفيق رامي بتشبيهها بذلك . إن كنت مخطأ فإنّني أرجو من الرّفيق رامي أن يُصوّب ذلك لي وللقاريء حتّى تكون الإستفادة حاصلة للجميع . 3/ يؤكّد الرّفيق رامي التونسي على اختلاف الجبهات من ناحية تركيبتها وتعبيراتها السّياسية ، ويؤكّد على أنّ "الجبهة الشّعبية" خليط مُتجانس من الطّبقات المضطهدة بما فيها الطّبقة العاملة ، ويُصرّ على أنّها ليست بجبهة الطّبقة العاملة ، وبالتّالي فإنّ نضالها ضدّ الإمبريالية يختلف عن النّضال داخل الأحزاب الشّيوعية والجبهات الّتي تؤمن بالاشتراكية العلمية كنظرية عامّة للثّورة ، كما يؤكّد على اختلاف المداخل والتّكتيكات ويربط ذلك بأنّه يخدم الاستراتيجيا - دون أن يُحدّدها طبعا -" في علاقة بخصوصية الواقع ... " ليخلُص إلى أنّ "الجبهة الشّعبية" الّتي صوّرها كجبهة مُتّحدة – لا تُمثّل الطّبقة العاملة بل هي جزء مُضطهد منها – تعمل في إطار " ظرفية لتوحيد الشّعب المُضطهد ضدّ أعدائه في مرحلة معيّنة من النّضال الوطني تتّسم باشتداد الاضطهاد الطّبقي " .، وأنا أسأل الرّفيق رامي التونسي أن يفسّر لنا التّناقض التّالي الواضح في تحليله ، فإذا كانت المرحلة تتّسم " باشتداد الاضطهاد الطّبقي " كما تقول ، فمن المنطقي بل من الضّروري جدّا أن تكون الجبهة أساسها طبقي بامتياز ، وهذا ما لا تُعبّر عنه المكوّنات الطّبقية "للجبهة الشّعبية" باعتبار وأنّ الأحزاب هي تعبيرات طبقية في نهاية المطاف ، ومن المفروض أن تبيّن بوضوح التّعبيرة السّياسية الطّبقية الّتي تعبّر عن الطّبقة العاملة ، خاصّة وأنّ هناك ما لا يقلّ على أربع تعبيرات سياسية داخل "الجبهة الشّعبية" تنسب لنفسها الدّفاع عن الطّبقة العاملة كطبقة مضطهدة كالحزب الاشتراكي الوطني الثّوري وحزب العمّال وحزب النّضال التّقدمي وحركة البعث ... إلخ . فالرّفيق رامي يحدّثنا عن وحدة الطّبقات المضطهدة دون تحديدها داخل "الجبهة الشّعبية" ولم يذكر إلاّ الطّبقة العاملة في المُطلق لسبب لا نعرفه ! كما يؤكّد بأنّ هدف الجبهة في نضالها ضدّ الإمبريالية يختلف عن الجبهات والأحزاب الشّيوعية ، وأنّها تطمح لتوحيد الشّعب المضطهد في هذه المرحلة دون تحديد من هو الشّعب المُضطهد وطبيعة المرحلة ديمقراطية أم وطنية ؟! ولعلّه بذلك يؤكّد على شمولية الجبهة ومدى اتّساعها وقدرتها على استيعاب كافّة المُضطهدين ، ويتنصّل من النّضال الطّبقي الواضح المعالم والمُعادي للإمبريالية الّذي تعتمده الجبهات والأحزاب الشّيوعية ، ليؤكّد على أنّ هناك نوعا آخر من النّضال ضدّ الإمبريالية ولا يبيّنه ولكنّنا نستخلصه بأنّه لن يكون نضالا معاديا لها بل نضالا خفيفا (نضال لايت) حسب طبيعة المرحلة الّذي تعتمده "الجبهة الشّعبية" حفاظا على وحدة الطّبقات المضطهدة داخلها حتّى لا تذهب بها بعيدا في هذا النّضال كي لا تُتّهم بمُعاداتها الواضحة للإمبريالية ولعملائها المحلّيين ، طريق النّضال الدّيمقراطي السّلمي داخل دائرة " الشّرعية " الّذي لا يُمكن تجاوزه ، والّذي سيكون سقفه الأعلى الانتخابات القادمة لا غير ، وهكذا تُقدّم "الجبهة الشّعبية" كجبهة غير مُعادية للإمبريالية ولعملائها المحلّيين ، وهذا ما يُفسّر طبعا حالة الرّضى عليها من الترويكا وإلاّ لما طلب عامر العريّض ودّها في أحد البرامج التّلفزية وقبول التّحاور معها ، وهكذا تقع عملية الفرز والتّمايز عن الجبهات والأحزاب الشّيوعية مع المناورة والمزايدة بالطّبقة العاملة كطبقة مضطهدة كبقية الطّبقات داخل الجبهة ، وبالتّالي يضع الرّفيق رامي التونسي * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * كجبهة حالمة بتحرير الطّبقة العاملة والفلاّحين الفقراء من زاوية الصّراع ومعاداة الإمبريالية وعملائها المحلّيين في خانة الأقصى و " التّطرّف ". وبما أن المرحلة وصفها الرّفيق رامي بأنّها متّسمة " باشتداد الاضطهاد الطّبقي " حسب قوله ، فإنّ الظّرفية الّتي التقت حولها مكوّنات الجبهة تُصبح لاغية إذن ، لما تتطلّبه المرحلة من أشكال أخرى للنّضال ، وهو ما يؤكّد زيف ما قاله الرّفيق سابقا ويوقعه في التّناقض الصّارخ من جديد ، فإن كانت المرحلة هكذا كما يصفها فإنّها تتطلّب حتما أشكالا أرقى وأكثر جذرية من الّتي يُسوّق لها . 4/ يتحّدث الرّفيق رامي عن " الوحدة الثّانية " الّتي تهدف إلى " توحيد نضالات البروليتاريا وتعابيرها من أجل بناء الحزب الشّيوعي الثّوري " وبناء المجتمع الاشتراكي ، ويضع أطرافا سياسية في سلّة واحدة ويؤكّد – وهو إمّا أن يكون جاهلا بذلك أو متعمّدا – بأنّ مكوّنات * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * " ذات المرجعية الماوية جميعها " ، ولا يُحدّد نفسه مع الماوية أم ضدّها ، ليسألهم " أوليس الحزب يتأسّس عشية الثّورة كما تقولون مرارا وتكرارا المقولة اللّينينية ؟؟؟ " . فأنا أنصح الرّفيق أن يستفيق بعض الشّيء إن لم يريد الاستفاقة مرّة واحدة ، وأن لا يتجنّى قصدا أو عن قصد أوّلا على * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ، وثانيا على مكوّناتها السّياسية ، وأنصحه بالعودة للنّظر في أطروحاتها الفكرية والسّياسية ، وبالرّجوع إلى أدبياتها ليعلم من هي وماذا تطرح . كما أحيله إلى إعادة قراءة الأرضية السّياسية * للجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * حتّى يتأكّد بنفسه بأنّها ليست جبهة " ثورية للشّيوعيين الماويين " مع احترامي الكبير للرّفاق الماويين الّذين ساهموا في تأسيس تلك الجبهة الثّورية المناضلة ، كما أحيله إلى ضرورة الفرز بين الجبهات والبحث في ظروف تأسيسها وطبيعة مكوّناتها ، وأقول له وهو سيّد العارفين على ما أعتقد ، بوجوب الفرز بين مكوّنات التّيار أو الخطّ الوطني الدّيمقراطي في تونس ، وأن لا يضع في سلّته السّياسية وأن لا يُصنّف كلّ من يطرح الثّورة الوطنية الدّيمقراطية ذات الأفق الاشتراكي في خانة الماويين ، وأذكّره بأنّه يوجد في "الجبهة الشّعبية" من يطرح نفس الطّرح تقريبا ، فهل يُصنّف هؤلاء أيضا ضمن الماويين ؟ كما أذكّر الرّفيق بأنّ الماوية ليست تهمة أو شبهة ، و* الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * تتشرّف بانتساب الرّفاق الماويين إليها على قاعدة النّضالية وتبنّي القضايا الحقيقية لأبناء شعبنا المضطهد ووضوح الرّؤية في معاداتهم للإمبريالية وعملائها المحلّيين ، ولست بمدافع عنهم أو ممجّدا لهم هنا ، ولهم من القدرة الكافية لذلك الغرض ، ولعلّ السّياق لا يجعلني أقارن الرّفاق الماويين في * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * أو خارجها ، بمشتقات حزب الدّستور وبرلمانيي بن علي وكلّ ما حملته سفينة "الجبهة الشّعبية" من اصلاحيين وانتهازيين ووصوليين وغيرهم من الشّخصيات الّتي قيل عنها أنّها " وطنية ومُستقلّة " ، فشتّان يا رفيق رامي بين الثّرى والثّريّا ، ومجال المُقارنة لا يستقيم لا من ناحية المبدأ ووضوح الطّرح السّياسي ولا من ناحية الممارسة . 4/ ليعلم الرّفيق رامي التونسي وغيره بأنّ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * لم تتكوّن بمحض الصّدفة ، بل تكوّنت من رحم هاته الانتفاضة الشّعبية الباسلة لا كظاهرة صوتية عابرة ، بل لها إمتدادتها الضّاربة في التّاريخ النّضالي لليسار في القطر ، التقى فيها خيرة المناضلين على أرضية سياسية استراتيجيتها واضحة المعالم لا غبار عليها ، لا ترتقي إلى تطلّعات الخليط الغير متجانس " للطّبقات المضطهدة " المتواجدة في "الجبهة الشّعبية" . وهذه الاستراتيجا هي الحدّ الفاصل بين الجبهتين وما يتطلّبه من اختلاف في التّكتيك والممارسة على الرّغم من نقاط التّلاقي العديدة بينهما فيما يتعلّق بالآني . لكن اختلاف الاستراتيجيا الّذي يقودنا بالضّرورة إلى الاختلاف في التّكتيك حسب الظّروف الذّاتية والموضوعية لكليهما ، وبالتّالي فإنّ " تجذير المسار الثّوري للإنتفاضة " وتطويره من أجل إسقاط النّظام الرّجعي والعميل لدى * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * يا رفيق رامي ، يختلف كلّيا عن " استكمال مهام الثّورة " لتحقيق أهدافها ، إلى المطالبة بـ " حكومة أزمة " مؤخّرا لدى "الجبهة الشّعبية" . فهناك فرق شاسع وكبير بين من غمّس اصبعه في حبر السّبسي باسم " الثّورة " وبين مقاطع للإنتخابات المهزلة ، فرق بين خائب يجرّ أذيال الهزيمة " ديمقراطيا " ومتورّط في مقولة " الشّرعية الانتخابية " وبين رافض لها . ولأجل ذلك فإنّ " الفعل الطّربي " الّذي استخدمه الرّفيق رامي في نقده * للجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ينطبق على مكوّنات "الجبهة الشّعبية" ، والّتي آمنت بوهم "الثّورة" وراهنت على سرابها ، وهي الّتي وجدت نفسها منتهية مع معزوفة " موزارت الأخيرة " في منتصف اللّيل عوضا عنها ، ولعلّ الأحداث على أرض الواقع هي الّتي تؤكّد ذلك من خلال مراهنتها على الانتخابات المهزلة والّتي كان كانت أملها في اعتلاء سدّة الحكم " ديمقراطيا " تحت إشراف نظام الرّجعية والعمالة الّتي ساهمت في إدارة أزمته بإمتياز ومن وراءه الدّوائر الإمبريالية . وبعد خيبة المسعى ، ها هي تطلّ علينا من جديد تحت يافطة " الإلتفاف على الثّورة " الّتي كانت أبرز مهندسيه من جبهة 14 جانفي إلى" المجلس الوطني لحماية الثّورة " إلى هيئة بن عاشور إلى انتخابات 23 أكتوبر المهزلة الّتي قبرت الإنتفاضة في صناديق الإقتراع . ومع عدم اختلافي مع الرّفيق رامي في كلّ ما تبدعه الجماهير من أشكال نضالية متواترة ومتواصلة وتنامي رغبتها في إسقاط النّظام ، واعتبار كلّ ذلك مراكمة ثورية تزيد في تعميق المسار الثّوري للإنتفاضة وتطويره ، إلاّ أنّني أختلف معك بأنّ الصّراع الطّبقي في قمّته وفي أشدّ حالاته ، لأنّ الصّراع الطّبقي لا يتطوّر ولا يكون على أشدّه بعفوية الجماهير المنتفضة ضدّ جلاّديها ، وفي ظلّ غياب الأداة الثّورية لتأطير ذلك وتوجيهه الوجهة الصّحيحة ، يصبّ ذلك الصّراع في الأخير في خانة الإئتلاف الطّبقي الحاكم الرّجعي والعميل ، لا في خانة الجماهير المضطهدة المنتفضة ، وهذا ما تشهد عليه الأحداث هنا وهناك والّتي لم ترتق بعد إلى ما تصبو إليه حتّى في جانبها المطلبي الآني من تنمية وتشغيل وتحسين المقدرة الشّرائية ... وعملية الإلتفاف على الاحتجاجات والاضرابات والتّحرّكات بمختلف أشكالها وألوانها قُمعت قمعا شديدا من طرف السّلطة " الشّرعية " عن طريق أجهزتها القمعية من أمن وجيش ، أو عن طريق قنواتها السّياسية المتعدّدة الأشكال وكلّ ذلك باسم " الشّرعية الثّورية " الّتي مكّنتها منها الانتخابات المهزلة . وبالتّالي فإنّ " بلوغ الوعي الطّبقي للجماهير الشّعبية جذوته بهدف الانتقال من تشكيلة اجتماعية اقتصادية إلى أخرى ... " كما تقول - على الرّغم من أهميته – فإنّه لا ولن يرتقي إلى ما يصبو إليه باعتبار غياب الحزب الثّوري الّذي يمتلك برنامجا للغرض والّذي سيعمل على تطوير الوعي الطّبقي للجماهير المنتفضة ، وبالتّالي فإنّ المراهنة على عفوية الجماهير لن يؤدي في النّهاية إلى التّغيير المنشود ، وتلك هي أحلام وأوهام البرجوازية الصّغيرة المتردّدة والمتذبذبة والّتي تضع مصالحها الطّبقية الضّيّقة دائما في الميزان ، والتّاريخ القديم والجديد علّمنا أنّ الانتقال من تشكيلة اجتماعية واقتصادية قديمة إلى أخرى جديدة لا يُمكن أن يكون في ظلّ تواصل سيطرة الطّبقات المالكة لوسائل الإنتاج على كافّة دواليب الحياة العامّة وهو ما يزال قائما في تونس بعد الإنتفاضة ، ولن تكون عملية الانتقال إلاّ بثورة الطّبقات المضطهدة على مُضطهديهم بقيادة الطّبقة العاملة والفلاّحين الفقراء في جبهة وطنية ديمقراطية شعبية ثورية تتبنّى طموحاتهم ، وليس بتواجدها وتوحّدها – أي طبقة العمال والفلاّحين الفقراء - مع "الطّبقات المضطهدة" في جبهة قيل أنّها "شعبية" لتجد نفسها في آخر الطّابور الطّبقي لها ، وهي جبهة اصلاحية وانتهازية تكوّنت من أجل مهمّة محكومة بظرفية مُحدّدة أقصى سقف مطالبها المشاركة في الانتخابات القادمة الّتي لا ولن تمثّل الخلاص من الاستغلال والاضطهاد الطّبقي لها . 5/ كما أريد أن أنبّه الرّفيق رامي عند حديثه عن جبهة الماويين ، لأقول له ما عليك إلاّ التّوجّه بنقدك للرّفاق الماويين حول ذلك ، لأنّ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ليست بجبهة ماوية كما يرُوق لك تسويق ذلك ، ولعلّك في تفسيرك لمكوّنات " جبهة الكادحين " لأبناء الشّعب المضطهد قد وضعت في سلّتها كافة التّعابير السّياسية والاقتصادية من عمّال ثوريين ، وفلاّحين متقلّبين ، واصلاحيين كالحرفيين والمنتجين الصّغار والمتوسّطين ، وخاصّة " الرّأسمال القومي المتطلّع لتوسيع سوقه والحدّ من نفوذ غريمه الأجنبي " ، وهذا ما يُفيد بأنّك تتهرّب من الإشارة إلى طبقة البرجوازية الوطنية أو القومية كما يحلو لك تسميتها ، وهو ما يؤكّد أنّك سقطت فعلا في التّنظيرات الماوية الّتي كنت تشتمها في الفقرة السّابقة وتعيب على الماويين في تونس عدم جرأتهم بعدُ على الرّفع بأرقى ما جاء به ماو من مفاهيم حرب الشّعب ، لنجدك في النّهاية أكثر منهم ماوية بل وإلى النّخاع ومزيّن أيضا بالقرامشية . 6/ أمّا فيما يتعلّق بنصّ * جبهتان لا جبهات * الخاصّ بـ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ، فإنّني أنصحك بإعادة قراءته وفهم تفاصيله ، فالجبهة فصّلت فيه وبشكل واضح من منظور طبقي أنّه لا توجد في أرض الواقع سوى جبهتان متناقضتان ، جبهة أصدقاء الشّعب من جهة ، وجبهة أعدائه من جهة ثانية ، وبيّنت أن تعدّد الجبهات وتنوّعها لا تعكس الحقيقة بقدر ما تحمل في طيّاتها من تناقضات ثانوية أساسها الصّراع على المصالح والمواقع داخل جبهة أعداء الشّعب ، ولعلّ ما يُفرزه الواقع السّياسي في تونس من تكتّلات سياسية تحت يافطة الجبهات بمختلف أشكالها ، تصبّ في نهاية المطاف في خدمة الإئتلاف الطبقي الحاكم الرّجعي والعميل لتجميله وتنفيسه والدّوران حوله بداية من "الجبهة الشّعبية" والجبهة المنتظرة بين الحزب الجمهوري والمسار الاجتماعي ونداء تونس ، وجبهة الأحزاب الدّستورية ... الّتي تؤكّد المؤشّرات السّياسية بإمكانية التقاءها في تنسيقية أو جبهة ديمقراطية واسعة ، وربّما ستطلع علينا لاحقا في قادم الأيّام جبهة إسلامية وغيرها من الجبهات . فكلّ هذه الجبهات الملغومة الّتي تظهر للعيان أنّها متناقضة ،ولكّنها تدور وتلفّ لتلتقي في النّهاية في أحضان الإئتلاف الطّبقي الرجعي والعميل على قاعدة الاشتراك في مقولة " الثّورة " و" الشّرعية الانتخابية " ومتطلّلبات الصّراع " الدّيمقراطي " ، زيادة على تعبيراتها الطّبقية المعادية لمصالح الجماهير وبالتّالي معادية لجبهة أصدقاء الشّعب . فقاعدة الفرز الطّبقية هي المحدّدة للتّفريق بين الجبهات ، وقد كان نصّ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * واضحا وجليا في رسم التّخوم الفاصلة بين الجبهتين ، وتحدّث بوضوح على ضروة تجذير المسار الثّوري للإنتفاضة من وجهة نظر طبقية قاعدتها في ذلك الفرز بين أصدقاء الشّعب وأعدائه . وباعتبار أنّ الوضع الرّاهن هو وضع ثوري لا نتخلف فيه ، نبّهت * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * من خلا نصّها إلى خطورة تعدّد الجبهات وآثاره السّلبية على ذلك الوضع الّذي وقع تهميشه والالتفاف عليه بشتّى الطّرق ، والفرز بين الجبهات أكثر من ضروري على الرّغم من التّمايز الموجود والواضح في المفاهيم والمصطلحات المستعملة في أدبياتها ، فالجبهات الّتي تتحدّث عن " الثّورة " وضرورة إنجاز مهامها الّتي لم تكتمل كـ "الجبهة الشّعبية" ، تُغالط الجماهير المنتفضة في ذلك ، وتنسج قاعدة تحالفاتها على ذلك الأساس ، وعلى خلاف ذلك لم تُنسج صيغ التّحالفات في * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * على قاعدة " الثّورة " الّتي لم تكتمل مهامها ، ولم تسوّق خطابا ديماغوجيا للغرض ، بل بالعكس أرادت من خلال أرضيتها أن تضع اللّبنة الأولى لجبهة وطنية ديمقراطية شعبية مناضلة من أجل التّحرّر الوطني والانتعتاق الاجتماعي تنتصر للكادحين والمضطهدين ، وعلى رأس مهامها المسألة الوطنية كمهمة استراتيجية في نضالها ضد نظام الرّجعية والعمالة ، وهذا طبعا لا يرُوق لكلّ من وقع بين فكّي " الثّورة " المغدورة و " الشّرعية الانتخابية " ، ولأجل ذلك بقيت * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * صامدة ولم تخرج عن السّياق التّاريخي للإنتفاضة الشّعبية ولا تزال متمسّكة بتجذير مسارها الثّوري وبشعاراتها الّتي يتصدرها * الشّعب يريد إسقاط النّظام * كشعار مركزي لها ، ولأجل ذلك اختارت * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * أن تكون في صفّ أصدقاء الشّعب . 7/ ولعلّ شعار إسقاط النّظام الّذي اعتبره الرّفيق رامي قفزا على " المعرفة وقوانين الجدل المادي " ، وصوّره كشعار هُلامي تحريضي ، لا يرتقي طبعا إلى تطلّعات "الجبهة الشّعبية" الّتي تورّطت في " الشّرعية " وأصبحت قيادتها تتنصّل منه عندما رُفع في قصر المؤتمرات يوم 07/10/2012 من طرف قواعدها كغيره من الشّعارات الأخرى . وإجابة عن تساؤل الرّفيق ، أقول له بأنّ السّيرورة الثّورية للإنتفاضة لم تتمكّن من إسقاط النّظام السّياسي الرّجعي والعميل في تونس لغياب التّنظيم الثّوري لقيادتها وتأطيرها ، إضافة إلى جاهزية الإمبريالية القوية وعملاؤها المحلّيين للإلتفاف عليها ،وقد نجحت في ذلك دون شك ، ومن يعتقد خلاف ذلك فهو واهم . وأظنّ الرّفيق رامي كغيره وقع في وهم انسحاب السّلطة من الميدان ، وهو قمّة الوهم الّذي وقع تسويقه باستخدام كافّة الوسائل الممكنة لتسويق مقولة سقوط النّظام بفعل " الثّورة " الّتي لم تقع إلاّ في أذهان من أراد ذلك فقط ، بينما الحقيقة تقول عكس ذلك ، فأطبائه وجرّاحيه ومبنّجيه ومدلّكيه ... إلخ بإشراف أفضل الخبرات العالمية في المجال تعمل على مدار السّاعة دون توقف منذ 14 جانفي 2011 إلى الآن في تثبيت رأسه الجديد على جثّته القديمة مع بعض الرّتوشات " الديمقراطية " مقارنة بالقديم والّتي تتطلبها عادة عمليات التّجميل للغرض . وليعلم الرّفيق رامي أنّ نظام الرّجعية والعمالة لا يُختصر في الأشخاص ، فخروج بن علي لا يُفيد سقوط النّظام ، ولعلّ الأجهزة المتقدّمة حامية النّظام والإئتلاف الطّبقي الحاكم الرّجعي والعميل خاصّة وزارتي الدفاع والدّاخلية ، ولئن تراجعت وانسحبت قوّات الأمن من حرس وشرطة تكتيكيا في بعض الجهات وليس كلّها ، مقابل تقدّم قوات الجيش ظاهريا "لحماية الثّورة" كما يُروّج ، ولكنّها حلّت في الأصل محلّها في إطار تغيير المواقع ولعب الأدوار ، لتترك حالة فراغ وقتية في الشّارع . ويتنزّل ذلك في إطار الخطّة الأمنية الجهنّمية الّتي استخدمها النّظام العميل للتّسويق لنجاح " الثّورة " وهروب الطّاغية وزبانيته . ولسائل أن يسأل : أين ذهبت جحافل الحرس والبوليس إذن ؟ وأين اختبأت ؟ ولتعلم يا رفيق رامي أنّ تلك الجحافل انسحبت فقط من الجهات والأماكن الّتي انتفضت فيها الجماهير الشّعبية وأُحرقت فيها مؤسّساته ، ونزعت أزيائها وتحوّلت أغلبها إلى قوات مدنية ، بينما ظلّت تلك الأجهزة تشتغل في الأماكن الّتي بقيت سالمة ولم تنتفض فيها الجماهير والأمثلة عديدة ومتنوعة (جهة منوبة وباردو ... في العاصمة على سبيل المثال ولا الحصر ومنطقة الحرس بتالة والمراكز التّابعة لها كمثال على الجهات الدّاخلية الّتي شملتها الانتفاضة) وكذلك في الثّكنات المختصّة ووزارة الدّاخلية والمصالح الحيوية ، وتبوأ الجيش صدارة المشهد الأمني والّذي سارع في السّيطرة على أهمّ مؤسّسات الدّولة والمرافق العامّة والخاصّة ( الوزارات والإدارات والشركات الحكومية ... والمناطق الصّناعية على سبيل المثال ) خير دليل على أنّ النّظام لم يسقط إلاّ إذا كنت تعتبر أنّ الجيش " حمى الثّورة " وكان محايدا وخير مُدافع عن مصالح الجماهير المُهدّدة آنذاك بحالة الفراغ الموهومة ، وأنّ جهازه البيروقراطي الّذي تحكّم في اللّعبة جهاز بريء ولا علاقة له بالإئتلاف الطّبقي الحاكم الرّجعي والعميل ؟ ولعلّ قانون الطّواريء الّذي استشهدت به يا رفيق رامي يتنزّل في هذا الإطار ، هذا مع العلم أنّك أشرت إلى الجماهير الّتي " أصبحت سيّدة الموقف غالبا تُقرّر تحرّكاتها بكلّ حرية وديمقراطية دون موافقة السّلطة الّتي انسحبت من الميدان (خاصّة في الفترة الأولى) ودون تزكية ... " ، فعن أي سلطة تتحدّث هنا تحديدا ؟ فأنت تُقرّ ضمنيا بأنّ السّلطة موجودة وهو ما يُناقض تساؤلك . ولزيادة التّوضيح يا رفيق رامي ، فإنّ أجهزة نظام العمالة تحرّكت بسرعة البرق ولم تترك البلاد في حالة فراغ ، بل أحسنت القبضة عليها وأحكمتها منذ البداية بواسطة انتشار الجيش داخل البلاد في أوج الانتفاضة وعلى الحدود وأغلقت المجال الجوي ، واستعملت قانونها الطّبقي لتنفيذ الخطّة الأولى في ترميم الفراغ في رأس السّلطة بترأس الوزير الأوّل محمد الغنوشي وقتيا لرئاسة الجمهورية وسخّرت لذلك كلّ أجهزة الاعلام المرئية الأرضية والفضائية والمسموعة والمكتوبة لتغطية ذلك لطمأنة الرّاي العام الدّاخلي والخارجي ، وهي أجهزة لم تسيطر عليها الجماهير المنتفضة ، والّتي لعبت دورا رياديا في تأمين فترة الانتقال الهاديء للسّلطة فيما بعد . وبالتّالي فمن الوهم الحديث عن غياب كلّي لأجهزة الأمن في البلاد ولمختلف الأجهزة الّتي يتحكّم فيها النّظام الرّجعي والعميل ، فكلّ الأجهزة والمؤسّسات تعمل مع بعض الخصوصيات الّتي اقتضتها تلك المرحلة . أمّا حديثك على أنّ الجماهير " أصبحت سيّدة الموقف غالبا " وأصبحت " تُقرّر تحرّكاتها بكلّ حرّية وديمقراطية " ، ففيه كثير من المغالاة على الرّغم من تثميني لأشكال التّنظّم الّتي ابتدعها كاللّجان الشّعبية لحماية نفسها ومصالحها الخاصّة والتّصدّي للميليشيات البوليسية والتّجمعية الّتي أربكت البلاد والعباد آنذاك ، إلاّ أنّها لم ترتق إلى المستوى المطلوب وهذا يرجع طبعا إلى غياب التّأطير والتّوجيه ممّا جعلها تسبح في العفوية ، وكذلك لغياب الأداة الثّورية أساسا الّتي كان بإمكانها فعل ذلك وتطوير وعي تلك الجماهير الّتي ابتدعت أشكالا مثّلت لبنة من لبنات التّنظم الذّاتي والّتي كانت مصرّة على مواصلة التّصدّي لجلاّديها . ودخلت البلاد بعد ذلك في مراحل ممنهجة ومضبوطة بإشراف الدّوائر الإمبريالية ليقع الالتفاف على الإنتفاضة تدريجيا وقبرها نهائيا بواسطة الانتخابات المهزلة بتاريخ 23 أكتوبر 2011 ، لتدخل البلاد في مرحلة جديدة قوامها " الشّرعية الانتخابية " الّتي خرجت من رحم " الثّورة " لترمّم نظام الرّجعية والعمالة وتنقذه وتُخرجه في ثوبه الجديد ، والّذي أصبح يحكمنا باسم " الشّرعية الشّعبية " و " الشّرعية الثّورية ". فالنّظام لم يسقط ، بل وقع ترميمه وإنقاذه ، وساهم التّيار الاصلاحي والانتهازي في حسن إدارة أزمته مع بقية الأطياف السّياسية بمشاركة حركة النهضة ، والوصول به إلى برّ الأمان حسب الخطّة الدّقيقة الّتي رُسمت بإحكام شديد للغرض . 8/ وحتّى لا تتجنّى يا رفيق رامي مع غيرك على * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * في موقفها من كلّ ما حدث ، وموقفها من النهضة ومن دار في دائرتها قديما وحديثا ، أنصحك بالعودة إلى الوراء لتصفّح كافة أدبياتها الصّادرة عنها ، ولزيادة التّدقيق البحث في أدبيات مكوّناتها السّياسية ، لتعلم حقيقة موقفها من النّظام الرجعي والعميل في نسخته القديمة أو الجديدة برئاسة النهضة . وهذا محور لا يُمكن لك أو لغيرك المزايدة فيه على * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * وعلى مكوّناتها التّي يعلمها القاصي والدّاني ، ومواقفها المشرّفة لأبناء شعبنا في كلّ المحطّات النّضالية تشهد على ذلك ، ولعلّ مقاطعتها للإنتخابات المهزلة وإصرارها على مواصلة تجذير المسار الثّوري للإنتفاضة حتى إسقاط النّظام العميل خير دليل على ما أقول ، فكان الأجدر بك أن توجّه نقدك لمكوّنات "الجبهة الشّعبية" الّتي سارعت لأحضان النهضة والمتورّطة معها قبل الانتفاضة في هيئة 18 أكتوبر ومن بعدها في " المجلس الوطني لحماية الثّورة " وفي هيئة بن عاشور وفي النيابات الخصوصية والمجالس القروية ... أيّام الشّيخ السبسي وبعضها إلى الآن مع الشّيخ الغنوشي . 9/ أمّا فيما يتعلّق بوصفك يا رفيق رامي لنصّ * جبهتان لا جبهات * بأنّه يعود للعصر الحجري لا يزيد * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ومناصريها إلاّ تحجّرا في الموقف المعادي لأعداء الشّعب ومن دار في دائرتهم الموسّعة أو الضّيقة ، والجبهة لا تدّعي امتلاكها للحقيقة ومحتكرة " لمفاتيح المادية الجدلية " وأنّها " ستحرّر النّظرية من الكتب " كما تدّعي ، بل على خلاف ذلك فهي جبهة معلومة العنوان من اسمها ، تعرف ما تعمل ومع من تعمل ، راسمة لأهدافها بكلّ ثقة في النّفس بعيدا عن شطحات اليسار الاصلاحي والانتهازي الّذي لا زال يلهث وراء سراب " الثّورة " المغدورة ، وبعض المواقع الّتي لا تُسمن ولا تغني من جوع ، وهي واعية أشد الوعي بطبيعة المرحلة وبطبيعة الإئتلاف الطبقي الحاكم الرّجعي والعميل وعلى رأسه حركة النهضة ومن وراءه الدّوائر الإمبريالية ، خلافا لمكوّنات "الجبهة الشّعبية" الّتي راهنت سابقا على " ديمقراطيتها ومدنيتها " في 18 أكتوبر 2005 ، وعلى وطنيتها في " المجلس الوطني لحماية الثّورة " الّذي أنصحك بالتّدقيق في أرضيته ومكوّناته الّتي يشكّل جزء كبير منه الآن "الجبهة الشّعبية" الّتي تنتمي إليها ، حتّى لا تقف خائفا ومرتبكا أمام مشروع النهضة الاقتصادي والاجتماعي بكافة تمظهراته الاستبدادية ، فمناضلي * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * يعلمون جيّدا عُمق المشروع الإمبريالي الصّهيوني في المنطقة وما سيُفرزه من أنظمة موغلة في الرّجعية والعمالة ومستعدّون للنّضال ضدّه ومواجهته بخلفية سياسية واضحة المعالم رفقة كلّ القوى الثّورية المؤمنة بذلك . 9/ وباعتبار وأنّ الرّفيق رامي يؤكّد أنّ " الدّفع بالمسار الثّوري للأمام ومزيد تعميقه يتطلّب في البداية الآن وراهنا النّضال المستميت من أجل تكريس شكل ديمقراطي مدني للدّولة وتجاوزه فيما بعد نحو فتح الصّراع على مصراعيه حول المضمون الطّبقي للدّولة " ، وعليه " فإنّ عقد تحالف أو جبهة لا بد أن يكون مرتكزا على المهمّة المركزية المطروحة في الواقع لا على أساس المهمّة الاستراتيجية وهو ما يعني أنّ هذه الجبهة (يقصد "الجبهة الشّعبية") يجب أن تضمّ كلّ من يستعدّ للنّضال من أجل هذه المهمّة الظّرفية الرّاهنة الّتي تنتهي الضّرورة المادية للجبهة نفسها بتحققها وهذا هو الأدنى المشترك " . نستنتج من خلال هذا أنّه باسم الحدّ الأدنى المشترك يمكن أن تضمّ "الجبهة الشّعبية" لفيفا طبقيا متنوّع المواقع والمشارب تحت يافطة ديمقراطية ومدنية الدّولة دون تحديد مضمونها الطّبقي من البداية وتركه كمهمة مؤجّلة ؟! وهذا ما يفتح الباب والشّهية أمام كلّ الملل والنّحل السّياسية من أحزاب ومنظّمات وجمعيات الّتي تلتقي على هذا الحدّ الأدنى المشترك بالإلتحاق بـ "الجبهة الشّعبية" لطبيعة التّكتيك المرن جدا المعتمد ، ممّا سيؤدّي حتما إلى تأجيل وتمييع الصّراع الطّبقي ، وفي الحقيقة طمسه قصدا ، من أجل مهمّة ظرفية غير مضمونة بحكم موازين القوى الّتي تحكم المشهد السّياسي العام في تونس ، وهذا ما سينعكس سلبا على الطّبقات المضطهدة وعلى رأسها الطّبقة العاملة والفلاّحون الفقراء الّذين سيجدون أنفسهم مُجبرين بالاصطفاف وراء "الجبهة الشّعبية" ، لا قيادتها ، حتّى تحين لحظة فتح الصّراع الطبقي داخل مضمون الدّولة الدّيمقراطي والمدني في صورة تحقّق ذلك ، أمّا في صورة الفشل ، وهذا مُمكن جدّا – وأنا لا أتمنّى ذلك حتّى لا أتّهم بالعداوة للدّولة المدنية - ماذا ستفعل تلك الطّبقات المضطهدة يا رفيق رامي ؟! هذه الطّبقات المضطهدة ، ونظرا لغياب الحزب الثّوري الممثّل لها طبقيا ، والّذي يعبّر عن تطلّعاتها ، ستذوب في ظل التنوّع الطّبقي "للجبهة الشّعبية" بسبب غياب النّضج الضّروري لكي تستطيع أن تحلّ محلّ الطّبقات السّائدة ، ولكي تكتسب هذا النّضج يجب عليها أن تقبل اللّعبة الدّيمقراطية بمختلف تمظهراتها وتشابكها مع تأجيل الصّراع حول المضمون الطّبقي للدّولة المنشودة ، ديدنها في ذلك القاعدة الانتخابية "الواسعة" "للجبهة الشّعبية" مُستقبلا حتّى تُجبر خصومها الطّبقيين على التّراجع سلميا على الحكم بفعل الانتخابات القادمة على حساب أزمة نظام الرّجعية والعمالة ومن وراءه أزمة الإمبريالية . يا للعجب !!! هذا المنطق لا يستقيم يا رفيق رامي ، لأنّه لا يرتكز على أسس علمية وموضوعية ، نظرا لطبيعة المرحلة ولخصوصية التّناقضات الّتي تحكمها . وهذا تبرير مقيت وطمس غريب لواقع الصّراع الطّبقي الّذي قلت عنه سابقا بأنّه في قمّته ، وبالتّالي التّنظير إلى القبول بالامتناع عن النّضال إلاّ في سبيل اصلاحات ديمقراطية واجتماعية بسيطة ، وهذا ما يُفيد أنّ مكوّنات "جبهتك الشّعبية" تسير بحمية ولكنّها تسيء القيادة بتحقيرها للمفهوم المادي للتّاريخ وتتجاهل وفق ذلك " الدّور الفعّال والقيادي الموجّه الّذي يُمكن ويجب أن تضطلع به في التّاريخ الأحزاب الّتي أدركت الشّروط المادية المُسبقة للثّورة ووضعت نفسها على رأس الطّبقات التّقدمية " كما يقول الرّفيق لينين (الأعمال الكاملة مجلد 9 ص 44) ، وهذا خصي واضح للصّراع الطّبقي وتشويها له وتقليصه ليصبح شيئا مقبولا لدى أعداء الشّعب بصفة عامّة والطّبقة العاملة والفلاّحون الفقراء بصفة خاصّة . وأجدني مجبورا بالرّد على هذه التّرهات الّتي نفهم منها أنّها تُريد تسويق الهلع والخوف في صفوف المضطهدين بطمس الصّراع الطّبقي مؤقّتا لصالح مسألة ظرفية بما قاله الرّفيق لينين : " إنّ الماركسي هو فقط من يوسّع اعترافه بالصّراع الطّبقي ليشمل الاعتراف بدكتاتورية البروليتاريا " (الأعمال الكاملة مجلد 25 ص 412) . فالحدّ الأدنى المشترك يا رفيق رامي غير مرفوض في * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ، شرط أن لا يكون على حساب طمس الصّراع الطّبقي والتّحالف مع أعداء الشّعب الّذين بإمكانهم المناورة على هذا الحدّ الأدنى ، والأمثلة في الواقع الملموس كثيرة ومتنوّعة ، وهذا ما يدعونا للتّساؤل عن خلفية هذا الحدّ الأدنى الّذي جمع بين "الجبهة الشّعبية" والحزب الجمهوري والمسار الاجتماعي وحركة نداء تونس وشبكة دستورنا ... والمنظمات والجمعيات ... يوم 22 أكتوبر 2012 ، لنصل إلى دعم "الجبهة الشّعبية" للوقفة الاحتجاجية لنقابات قوى الأمن الدّاخلي من حرس وشرطة وحماية مدنية يوم 01 نوفمبر 2012 ، الّذين كانوا بالأمس القريب في عهد بن بورقيبة وبن علي ، ولا يزالون حاليا في عهد النهضة ، من جلاّدي مناضليها ، وآلة القمع الشّديدة الموجعة المُسلّطة على رقاب المضطهدين القامعة لمختلف الاحتجاجات والاضرابات والتّحرّكات المشروعة للجماهير الشّعبية المُقّقرة والمُهمّشة في كافّة ربوع البلاد ، والشّواهد كثيرة على ذلك لعلّ أبرزها قرية العمران وقابس وغيرهما ، فما هو الحدّ الأدنى المشترك الّذي تتحدّث عنه يا رفيق رامي الّذي يدفع بجبهتك أن تصل لذلك ؟ فحتّى الجلوس مع حركة النهضة الرّجعية والعميلة في حركة 18 أكتوبر وفي " المجلس الوطني لحماية الثّورة " كان باسم الحدّ الأدنى المشترك ، والجميع يعلم نتائجه الوخيمة على شعبنا ، والّتي جنى من خلالها إلاّ زيادة في قمعه وتهميشه واضطهاده بمختلف الألوان والأشكال . أرأيت الفرق بين الجبهتين يا رفيق رامي أم لا ؟ تلك هي خطوط التّمايز الّتي تفصل بينهما ، فإمّا أن تكون في جبهة أصدقاء الشّعب أو جبهة أعدائه ، فلا يوجد خط وسط بينهما . 10/ ولعلّ الرّفيق رامي في تطرّقه لنقدي لجبهته "الشّعبية" حول المسألة الوطنية ، يتّهمني " باسقاط التّكتيكات والتّجارب المختلفة على واقع القطر التّونسي " دون أن يُحدّد أو يستشهد بأي تكتيك يُذكر ، كما اتّهمني باطلاقية التّصوّر وإصدار الأحكام واستخدام القوالب الجاهزة وكأنّها صالحة لكلّ زمان ومكان مع تأكيده على نسبية أشكال النّضال سواء كان اصلاحيا أو ثوريا ، متّهمني أيضا بالفهم الجامد والمثالي لأشكال النّضال والتّنظيم . أذكّر الرّفيق رامي بأنّ المسألة الوطنية ذات أهمية قصوى ، وهي مسألة معقّدة جدا وليست بالبسيطة ، وتتطلّب النّفس الطّويل وتراكمات كثيرة لتحقيقها ، والطّريق إليها وعر وصعب ، على عكس المسألة الدّيمقراطية ، وقدا قال الرّفيق لينين " إنّ الحروب الوطنية ضدّ القوى الإمبريالية ليست مُمكنة ومُحتملة فحسب ، بل إنّها كذلك مُحتّمة ، تقدّمية وثورية " ( الأعمال الكاملة مجلد 31 ص 91 ) ، . فانتفاضة 17 ديسمبر 2010 المجيدة على قدر أهميتها ، لم تكن سوى محطّة نضالية بارزة في الصّراع بين الإمبريالية وعملائها المحلّيين من جهة والشّعب المضطهد من جهة أخرى ، وباعتبار وأنّ السّيطرة مازالت للجهة الأولى ، فإنّ المتتبع للمشهد السّياسي في تونس يُلاحظ بوضوح التّكالب والتّهافت على " الشّرعية " و " الدّيمقراطية " وما تفتحه من آفاق للتّداول السّلمي على السّلطة - وذراعك يا علاّف – كما يُقال ، ومنطق " استكمال أهداف الثّورة " الّذي تُروّج له "الجبهة الشّعبية" يتنزّل في هذا الإطار ، وهو إنخراط سياسي واع في اتّجاه الاصلاح والانتهازية . وبما أنّ مفهوم الاصلاح مُناقض لمفهوم الثّورة ، ومن يفشل في تذكّر هذا الخلاف والخطّ الفاصل بينهما ، يواصل باستمرار في ارتكاب أخطاء جسيمة تصبّ في مصلحة جبهة أعداء الشّعب عوضا عن جبهة أصدقائه . وباعتبار وأنّ هذا الخلاف بين المفهومين ليس مطلقا لأنّ الخط الفاصل بينهما ليس جامدا ، بل بالعكس متغيّر ، لكن يتوجّب تعريفه وتحديده في كلّ حالة مخصوصة على حدة ، فـقلعة العدو قوية وشامخة ، والاستيلاء عليها لا يمكن أن يكون إلاّ إذا وحّدنا القوى الثّورية الحقيقية حتّى نستطيع السّير بتماسك وثبات نحو خدمة الأهداف الاستراتيجية وهو ما تؤكّد عليه * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * الّتي اختارت سبيل الصّراع ، لا أن نتراجع إلى مستنقع الإئتلاف الطّبقي الحاكم الرّجعي والعميل كـ "الجبهة الشّعبية" الّتي اختارت سبيل المهادنة ، والشّواهد على ذلك كثيرة . فالنّظرية الثّورية يا رفيق رامي ليست عقيدة جامدة ومتكلّسة ، بل هي تتكوّن بصلتها الوثيقة بالنّشاط العملي وبحركة الجماهير الثّورية الحقيقية لا العفوية . ولذلك فإنّ النّضال بشكل عام من أجل الدّيمقراطية ومدنية الدّولة لا أرفضه ولا ترفضه * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ، بل الفرق هو في مصلحة أي طبقة يصبّ ذلك ؟ وحتّى أشفي غليلك حول النّضال الاصلاحي فسأذكّرك بقولة رائعة للرّفيق لينين للغرض والّتي يقول فيها : " ... ينبغي علينا أن ندعّم كلّ تحسّن ، كلّ تحسّن حقيقي اقتصادي أو سياسي في موقع الجماهير . إنّ الفارق بيننا وبين الاصلاحيين ... ليس هو أنّنا نعارض الاصلاحات بينما هم هم يُحبّذونها . ليس الأمر من هذا القبيل إطلاقا . إنّهم يُقصرون أنفسهم على الاصلاحات ونتيجة لذلك يطأطئون الرّأس ... ليلعبوا دور خدم مستشفى الإمبريالية " (الأعمال الكاملة مجلد 17 ص 158-159) ، ولعلّه لا يوجد أكثر من هذا التّحليل والوصف لما يُفرّق بين الأطروحات والجبهات السّياسية ، فـــــــ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * لا تُريد أن تكون في خدمة " مستشفى الإمبريالية " ولا أن تلعب دور رجال المطافيء لأزمة نظام الرّجعية والعمالة على خلاف "الجبهة الشّعبية" الّتي سقطت في أوهام " الثّورة " و " الدّيمقراطية " و " الشّرعية الانتخابية " الّتي جدّدت أنفاس النّظام الّذي أحكم قبضته الحديدية من جديد على رقاب أبناء الشّعب المضطهد ، ولأجل ذلك كان الخطّ الفاصل بينهما هو المسألة الوطنية . وبالتّالي فإنّ حديث الرّفيق رامي عن أشكال النّضال والتّنظيم وترابطها وتشابكها وإحكام المزج بينها ومساهمتها في دفع الحركة الشّعبية والارتقاء بوعيها خدمة للأهداف الثّورية ... لا أختلف معه فيه بشرط أن يصبّ ذلك النّضال في خانة الجماهير المضطهدة لا في خانة الإئتلاف الطّبقي الحاكم الرّجعي والعميل ،وهذا هو الّذي يُفرّق بين الجبهتين . 11/ وباعتبار أنّ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * لا تدّعي امتلاكها للحقيقة وليست خارج إطار النقد ، فقد تطرّق الرّفيق رامي لبيانها التّأسيسي بتاريخ 23/01/2011 الّذي يحتوي على 11 نقطة ، وتحاشى ذكرها وتلخيصها ، بل أكّد على أنّها نفس نقاط الأرضية السّياسية "للجبهة الشّعبية" " مع الاختلاف في طريقة الصّياغة التّفصيلية لهذه الأخيرة "، والّذي دعت فيه الجبهة " كلّ الوطنيين الأحرار إلى رصّ صفوف كلّ المنظّمات والتّيارات والأحزاب والشّخصيات الوطنية في جبهة وطنية ديمقراطية شعبية واحدة تُعبّر عن آمال وطموحات شعبنا الكادح وفي طليعته الطّبقة العاملة وتعمل على تحقيق جملة من المهام المُلحّة " (مقتطف من البيان التّأسيسي للج الو الد الش ). ونصحني بالعودة للبيان التأسيسي من " أجل الكفّ عن المهاترات القديمة والمتجددة لعموم اليساريين في تونس " مع تأكيده على أنّ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * " موجودة على الورق لا غير " وهي جبهة شبح ، ويُفضّل الرّفيق عنها " جبهة متحرّكة في الواقع لها أدنى سياسي وطني ..." وله الحرّية التّامة في ذلك . لا يزال الرّفيق رامي يعتمد التّمويه والمقارنة بين الجبهتين دون توخّي المصداقية والوضوح ، وأكّد بأنّهما يملكان نفس النّقاط مع تعمّق وتفصيل أكثر "للجبهة الشّعبية" ، وهنا أصحّح للرّفيق رامي فكرته لأقول له بأنّ الجبهتين مختلفتين تماما على الرّغم من نقاط الإلتقاء فيما يتعلّق بالآني ، فالأولى * جبهة وطنية ديمقراطية شعبية * تحتكم للفرز الطّبقي للأحزاب والتّيارات السّياسية ، وفي خانة الضدّ مع أحزاب الرّجعية والعمالة ، والأطراف السّياسية الاصلاحية والانتهازية ، وتطمح مع الوطنيين الأحرار في هذا البلد إلى بناء بديل وطني ثوري معبّر عن طموحات شعبنا الكادح لمقاومة الإمبريالية وعملائها المحلّيين وفق لأرضية سياسية واضحة المعالم على مستوى الاستراتيجيا والتّكتيك . وتُحدّد النّظام السّياسي في تونس على أنّه عميل ومنصّب من طرف الدّوائر الإمبريالية ومؤسّسات رأس المال المالي العالمي والّذي يُعبّر عن مصالح التّحالف الطّبقي الّذي يتكوّن من بقايا الإقطاع وكبار الملاّكين العقاريين والبرجوازية العميلة والبيروقراطية ، هو الوكيل الرّئيسي لمصالح الإمبريالية والصّهيونية والمُدافع عنها في القطر ، وقد قاطعت مكوّنات * الجبهة الةطنية الدّيمقراطية الشّعبية * انتخابات 23 أكتوبر المهزلة من هذه الخلفية السّياسية . أمّا الثّانية والّتي تُسمّي نفسها " الجبهة الشّعبية " ، وعلى خلاف الأولى لا تحتكم للفرز الطّبقي للأحزاب والتّيارات السّياسية ، وأغلب مكوّناتها اصلاحية وانتهازية ، مختلفة المشارب السّياسية والفكرية والإيديولوجية ، وقد أكّد الرّفيق رامي سابقا بأنّها ليس جبهة طبقية وفي تناقض مع الجبهات والأحزاب الشّيوعية ، وسمّاها بالجبهة المتّحدة ، هذه الجبهة الّتي تواصلت مكوّناتها سابقا وحاليا مع أحزاب الرّجعية والعمالة (هيئة 18 أكتوبر، والمجلس الوطني لحماية الثّورة وفروعه الجهوية والمحلّية ، وهيئة بن عاشور ، والمجالس الجهوية ، والمعتمديات ، والنيابات الخصوصية ، والمجالس القروية ، وانتخابات 23 أكتوبر 2011 ، البيروقراطية النّقابية ، الحزب الجمهوري ، شبكة دستورنا ، المسار الاجتماعي ، نداء تونس ، نقابات قوات الأمن الوطني ...) ، وهي تتميّز بالنّضال الاصلاحي من أجل تحقيق بعض الاصلاحات مع الإبقاء على الائتلاف الطّبقي الحاكم الرّجعي والعميل ولا تُعاديه ، وتعمل في دائرته المغلّفة بـ " الشّرعية الانتخابية " ، وشاركت كلّ مكوّناتها في انتخابات 23 أكتوبر المهزلة من خلفيتها السّياسية الاصلاحية والانتهازية ، وهي متذبذبة لطبيعتها الطّبقية ، تراوح بين خدمة مصالحها دون تكريس العداء لنظام الرّجعية والعمالة ونضالها الاصلاحي . وباعتبار أنّ جوقة الرّجعية والعمالة والاصلاح والانتهازية كبيرة جدا ، وهذا طبيعي نظرا لطبيعة المرحلة المتّسمة بالسّيطرة الكاملة للإمبريالية وعملائها المحلّيين ، فإنّ "الجبهة الشّعبية" كجبهة متحرّكة على الحدّ الأدنى السّياسي ستحمل في ركابها بالضّرورة كلّ من له مصلحة آنية ضيّقة الأفق ، في طريق نضالي سهل دون صعوبات ، آفاقه القصوى الانتخابات القادمة ، وتحاول الجبهة أن تكون الإطار الجامع لكلّ التّشكيلات الياسية والمنظّمات والجمعيات لتجرّ ورائها قاعدة انتخابية تكون سندا لها مستقبلا ، لكنّها جبهة تُحافظ من خلال هذا الحدّ الأدنى على مبدأ " الشّرعية الانتخابية " ومقولة الوفاق الطّبقي والسّلم الاجتماعية الّذي تدور في فلكه ، ولأجل ذلك فهي متحرّكة ولا تُمثّل خطرا حقيقيا على مصالح التّحالف الطّبقي الحاكم الرّجعي والعميل . بينما الجبهة الشّبح كما يحلو للرّفيق رامي تسميتها ، فإنّ مجالات تحرّكها وبروزها محكوم بتكتيكاتها واستراتيجيتها ، ويعلم الرّفيق رامي جيّدا شبحها المخيف لكل العملاء والخونة ، لما تحمله في طيّاتها من بذور هلاك وفناء نظام الرّجعية والعمالة ومن دار في دائرته ، فـ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * هي جبهة أصدقاء الشّعب المعادية للإمبريالية والصّهيونية وعملائهما المحلّيين ، هي جبهة الطّبقات المضطهدة وعلى رأسها الطّبقة العاملة والفلاّحون الفقراء ، هي جبهة الخلاص الحقيقية لمعاناة أبناء شعبنا الكادح ، هي الجبهة الّتي لا تزال تناضل من أجل المسألة الوطنية كمسألة محورية في نضال كلّ الوطنيين في تونس وفي الوطن العربي وفي بقية المستعمرات وأشباه المستعمرات في العالم ، هي الجبهة الّتي لا تزال تناضل من أجل مطلب الاستقلال الوطني السّياسي والاقتصادي وفكّ الارتباط كلّيا مع دوائر رأس المال الأجنبي ودوائره الاستعمارية وصناديق النّهب الدّولية ، وهو مطلب رئيسي لا جدال ولا تراجع عنه ، والّذي يحتلّ الأولوية في النّضال ضد الإمبريالية وعملائها المحلّيين ، على خلاف "الجبهة الشّعبية" الّتي تناضل من أجل مطالب ديمقراطية صرفة ، وهي المسألة الرّئيسية لها باعتبار وأنّ المسألة الوطنية قد حُلّت عن طريق " الثّورة " والبلاد في مرحلة " الانتقال الدّيمقراطي " . و ليعلم الرّفيق رامي بأنّ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * لها مهامها الاستراتيجية والمرحلية ، وتعتبر أنّ حسم التّناقض الرّئيسي إمبريالية / شعوب يمرّ حتما عبر نضالات متواصلة ، ومهمّات نضالية واضحة ومتراتبطة ترابطا متينا باستراتيجية الثّورة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية ذات الأفق الاشتراكي ، ولها خطّتها النّضالية المرحلية لتجذير المسار الثّوري للإنتفاضة معتمدة في ذلك كلّ الوسائل الضّرورية والممكنة للنّضال من أجل تحقيقها . كما أفيده وأفيد الجميع بأنّها قد طوّرت من خطّة عملها ، ولكم أن تُراجعوا نصّ "أهدافنا ومهامنا : خطّة عمل الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية " بتاريخ 24 فيفري 2012 الّذي رسمت أهدافها المرحلية في 20 نقطة ، ودعت فيه كلّ الأطراف الثّورية لتعزيز صفوفها والانخراط في خطّتها النّضالية . وإذا كانت النّقاط متشابهة يا رفيق رامي مثلما قلت ، فلماذا لم تلتحق مكوّنات "الجبهة الشّعبية" قبل تشكّلها جبهويا بـ * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ؟ ولماذا لم تقع دعوة * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * للنّقاش حول ذلك ؟ فأنا متأكد بأنّ تطلّعات وأهداف مكوّنات "الجبهة الشّعبية" لا ترتقي إلى تطلّعات وأهداف * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * ، وبالتّالي فإنّها جبهة تعمل بهدوء حسب قواها الذّاتية والموضوعية وقابلة للتّطوّر أكثر ، رغم حالة المحاصرة السّياسية والاعلامية لها من جميع الجهات حتّى لا تُحقّق الانتشار بين صفوف الجماهير المضطهدة ، نظرا لما تُشكّله من خطورة في الطّرح على خلاف جبهة الاصلاح . وادّعائك بأنّها موجودة على الورق فيه تجنّي كبير عليها ، فالجبهة متواجدة في أغلب المحطّات النّضالية المحورية والهامّة لأبناء شعبنا المضطهد ومتغيّبة في بعض المحطّات الأخرى ، لكن الأهم من ذلك هو تبنيها لقضاياه الحقيقية وعدم الانحراف بها والعمل على تحقيقها ، وهذا يتطلب الجهد والعمل الطّويل والشّاق لمكوّناتها ، ولعلّ شعاراتها المرفوعة تشهد على ذلك حتّى في قصر المؤتمرات يوم 07/10/2012 حين كان شعار " الشّعب يريد إسقاط النّظام " يُدوّي في القاعة وهو ما لا تتبناه "الجبهة الشّعبية" ، والفعل في الواقع يتطلّب الكثير والكثير ، ولعلّ التّجارب علّمتنا أنّ من يعمل كثيرا ليس بالضرورة أن يكون في الطّريق الصّحيح ، ولك أن تُلاحظ تحرّكات "الجبهة الشّعبية" الّتي أخذت نصيبا إعلاميا لا بأس به ، لكنّ المهمّ نتائج ذلك العملية ، فالحركة كلّ شيء والنّتيجة لا شيء على ما يبدو يا رفيق رامي . 12/ أمّا فيما يتعلّق بتشويه " المجلس الوطني لحماية الثّورة " بربطه زيفا "برابطات حماية الثّورة" ، فإنّ هذا تبرير لتأسيس ذلك المجلس "الثّوري" ، والرّابطات هي الابن الشرعي وسليلة " المجلس الوطني لحماية الثّورة " الّذي وقع الهيمنة عليه في مختلف جهات البلاد من العناصر النهضوية في تشكيلاته الجهوية والمحلّية ، والّتي لم تستطع العناصر اليسارية توجيهه الوجهة الّتي أرادوها ، وكانت هيئة بن عاشور الّتي هرعوا إليها هي القاسمة لظهره ، ممّا ترك المجال لحركة النهضة وحلفائها للإستفراد به لاحقا رغم بعض المحاولات اليائسة في إبعادها ، وأظنّ أنّك تعترف في ردّك بأنّها أطرا نضالية وابنة الحراك الثّوري ووجهه التّنظيمي المتفرّد الّذي وضع بذرة التّملّك المواطني لإدارة الشأن العام بصفة ديمقراطية قاعدية ، وكلّ ذلك كان بمشاركة حركة النهضة ولا أحد يستطيع إنكار ذلك ، والّتي كانت أذكى من اليسار الاصلاحي والانتهازي في استخدام تلك الأطر لتكون لها سندا انتخابيا فيما بعد ، ورابطات حماية الثّورة لم تأت من السّماء بل كانت تعبيرة أخرى عن المجلس الّذي فقد بريقه بواسطة هيئة بن عاشور الّتي حملت اسم " الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثّورة والانتقال الدّيمقراطي " ، فهجر اليسار تلك المجالس مهرولا نحو الهيئة الجديدة طمعا في المواقع المتقدّمة ، وبالتّالي فإنّ " المجلس الوطني لحماية الثّورة " كان من أهم محطّات الالتفاف على الانتفاضة كغيره من مشتقاته ، والعبرة بالنّتائج كما يُقال ، فقد أداروا جميعهم أزمة نظام الرّجعية والعمالة بامتياز وأنقذوه بالانتخابات المهزلة الّتي لم يكن فيها لليسار الاصلاحي والانتهازي نصيبا يُذكر ، وها هو يتباكى من جديد على مدنية وديمقراطية الدولة وعلى أهداف " الثّورة " المغدورة الّتي يُريد أن يستكملها ، وقد أسّس للغرض جبهة سمّاها بـ " الشّعبية " عساه يتدارك ما فاته ، وهي مفتوحة لكلّ من يؤمن بالحدّ الأدنى الدّيمقراطي والوطني . وقبل أن أختم أقول بأنّ كلّ خلق لما يُسّر إليه ، فـ "الجبهة الشّعبية" هي جبهة الاصلاح تعمل وتُناضل من أجل الاصلاحات وتدور في فلك " الشّرعية الانتخابية " و " طريق التخفي وراء الجمل الرنانة وتبادل الأدوار التي يعتمدها أطراف هذه الجبهة لأجل اللّحاق بقطار السلطة ملتحفين جبة الثوري لن تذهب بهم بعيدا فالسائر فيه فاقد لتوازنه لا محالة لأن الاستقطاب المحتد بين القوى الراجعية العميلة والقوى الثورية لا تصمد أمامها المواقف المترددة " . وختاما أجد نفسي مُجبرا على إعادة نشر فقرة * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية * الّتي وردت في نصّ " جبهتان لا جبهات " بتاريخ 07 أفريل 2012 والّذي انطلق منه الرّفيق رامي في نقده لها : " إنّ التّشديد على راهنية المسألة الوطنية وأولويتها لاستكمال المسار الثّوري ، وربط ذلك بالصّراع ضدّ الإمبريالية ووكلائها المحلّيين لحدّ إسقاط النّظام الرّجعي العميل ، هو المُحدّد في قيام كلّ جبهة وطنية ثورية " . عاشت * الجبهة الوطنية الدّيمقراطية الشّعبية *
#الأسعد_سائحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأرضية السياسية - للجبهة الشعبية - واللّهث وراء سراب - الثّ
...
المزيد.....
-
قمة كوب29: الدول الغنية ستساهم ب 250 مليار دولار لمساعدة الد
...
-
حدود العراق الغربية.. تحركات لرفع جاهزية القطعات العسكرية
-
وقف الحرب في لبنان.. فرص الاتفاق قبل دخول ترامب البيت الأبيض
...
-
أرامكو ديجيتال السعودية تبحث استثمار مليار دولار في مافينير
...
-
ترامب يرشح أليكس وونغ لمنصب نائب مستشار الأمن القومي
-
بالفيديو.. منصات عبرية تنشر لقطات لاشتباكات طاحنة بين الجيش
...
-
Rolls-Royce تخطط لتطوير مفاعلات نووية فضائية صغيرة الحجم
-
-القاتل الصامت-.. عوامل الخطر وكيفية الوقاية
-
-المغذيات الهوائية-.. مصادر غذائية من نوع آخر!
-
إعلام ألماني يكشف عن خرق أمني خطير استهدف حاملة طائرات بريطا
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|