أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - فضيلة المفتي و-الشيخة-دينا














المزيد.....


فضيلة المفتي و-الشيخة-دينا


جمال الهنداوي

الحوار المتمدن-العدد: 3901 - 2012 / 11 / 4 - 00:19
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الكلام في الطائفية كالبعوض في ليالي الصيف الحارة,فهو –الكلام-ان كان لا يقوى على قتلك,فانه يستطيع ان يحيل ليلتك الى جحيم ويزرع الضيق والانقباض في صدرك, والفارق في ان الشقاء مع البعوض من الممكن ان تنهية برش المبيد او حتى ان ترميه في ما يدك او قدميك, وهذا للاسف قد لا يتوفر بالضرورة مع الكثير من الكلام الذي اريق حول شرعية اهتزاز جسد الراقصة الشهيرة دينا على كلمات النشيد الديني الشعبي الذي يمجد ذكر السيدة الطاهرة وبنيها..فمن الصعب توقع مجرد بعض السهد والحكاك من مثل هذا التعاطي الاعلامي مع هذه الحادثة ومحاولة تسويقها كنزاع بين الراقصة واتباع المذهب الجعفري الذي اختصهم الاعلام"الذكي" بالغضب لتداول اسماء بنت رسول الله(ص) وسبطيه فيما لا يليق.
فالحادثة قدمت على انها مبالغة مفرطة في رد الفعل تجاه عمل فني عادي يستلهم الموروث الثقافي الشعبي ليقدمه بطريقة ظريفة محببة قريبة للقلب لا تتدعي هذا الانزعاج كله الذي ابداه بعض الشيعة الذين لم تخل أي تغطية من الاشارة الا انهم بضعة آلاف فقط ضمن بحر من المؤمنين الذين لا يرون فيما قامت به "دينا"بأساً..بل ان الاعلام السعودي مثلا حاول تغييب الآراء المنددة بالحادثة من العديد من القيادات السلفية والازهرية مقابل فسح المجال الواسع لنقل تصريحات "الشيخة" دينا التي افتت ان الرقص على هذه الاغنية لا يحمل أي اساءة وانها تعرف تعاليم دينها جيدا..
ولكن وسط كل هذا الاعلام المدقع نجد ان اكثر الافكار صدمة-وصدقا اعتقد انها في عالم حقيقي آخر كان سيكون لها شانا ودويا –هو الاعلان عن نية مفتي مصر الدكتور، علي جمعة،و في اليوم الأول بعد عودته من الأراضي المقدسة وأداء فريضة الحج ,مشاهدة النسخة الكاملة من الشريط "لتحديد إذا ما كان يحتوي على إساءة للشيعة في ما يتعلق برقص الفنانة دينا على عبارة "مدد يا طاهرة يا أم الحسن والحسين"لـ"غلق باب الإجتهاد" وانهاء"التضارب الحاصل في الآراء حول الأغنية".
فلو تجاوزنا عن السر المكين في مشاهدة الشريط كاملا رغم ان الاعتراض هو على مشهد واحد فقط,يبقى السؤال هو عن مصادر التشريع التي سيعتمد عليها فضيلة الشيخ في تقييمه للرقصة , وهل سيكون الاعتماد على علو صوت الدف او مدى اهتزاز الردف او الحدود الشرعية للتمايل يمينا وشمالا, وهل سيكون عليه ان يحدد ان كانت الرقصة تجاوزت الضوابط الشرعية ام انها "بعيدة عن الابتذال كما نقل الاعلام معنعنا عن "الشيخة"دينا.. والاهم,ولان الخبر يتحدث عن ان جهد فضيلته سيتركز على تحديد إذا ما كان برقص الفنانة دينا على عبارة "مدد يا طاهرة يا أم الحسن والحسين" إساءة للشيعة ام لا ..فهل سنشهد حكما تاريخيا يشرعن الرقص والتقافز على الانغام التي لا تمس عقائد القوم..
أي ورطة وضعت نفسك فيها يا فضيلة المفتي في اول يوم من عودتك من حج بيت الله وزيارة قبر نبيه الكريم,والد الطاهرة وجد الحسن والحسين,ففقهيا, لا يحتاج الامر الى تدخل فضيلة مفتي الديار المصرية ولا حتى اصغر طالب في الازهر الشريف, بل قد يكون الحكم فيها معروفا حتى ضمن نطاق العلوم الشرعية التي تملكها "دينا"..
ولكن سياسيا ,هل سيجرؤ فضيلته على اصدار أي حكم ,ولو همسا ,فيه انصاف لـ"الفئة الضئيلة التي تبلغ بضعة آلاف"وسط هذا الفرز الطائفي الحاد الذي جعل من المفتي لا يجد نفسه طرفا في واقعة" استخدام نشيد لمدح آل بيت النبوة الأطهار ليكون خلفية للرقص الخليع"فقط لأن الشيعة قد استنكروا هذا الفعل رغم ما يمثله من "استهتارا واستهزاء بالقيم الدينية والأخلاقية وخروجاَ عن احترام التقاليد، والأعراف المصرية والعربية، وانتهاكا صريحًا لمقدسات الإسلام".
ان العالم الديني يفقد الكثير من شرعيته اذا انشغل بتقنيات التسقيط المشيطن للآخر عن واجبه الرسالي في نقد الفكر السجالي المموه الذي يحكم العلاقة ما بين المذاهب الاسلامية المتنافرة..
وان المؤسسات الدينية رغم مسؤوليتها الجنائية التامة عن هذا التنفير الممنهج الا انها –ولمقبوليتها العالية في الاوساط الشعبية- امام مسؤولية تطويق آثاره وضبطها ضمن الاطار الذي يمنع انفجار النزاعات الاثنية والطائفية لما تمثله من خطر يستهدف الامة في صميم وجودها..
فثقافة التسامح وأدب الإختلاف لا يمكن لهما أن يسودا دون ان تمارس المرجعيات الدينية دورها في تحصين المجتمع من الانخراط المسرف في التحريض والتبشير بالخصومة والمنابذة مع الآخر من خلال الترويج لافكار ومتبنيات تستهدف لملمة الاجتهادات الفقهية ضمن المشتركات الجامعة,وهذا ما يجعل من انزلاق المؤسسات الدينية ,وفي مستوياتها الاعلى ,في هذه الخصومات الاقرب الى عراك الازقة مؤشرا صادما مطيحا بمصداقية المتبنيات الفكرية لتلك المؤسسات.
كما ان جر دار الافتاء للتوحل في هذه المسألة قد يحمل من الاساءة لها ولتاريخها الكثير ,والاخطر هو ايلاج هذه المؤسسة العريقة بثقلها المعنوي ومكانتها في ضمير الشعب المصري والعربي في النزاع المفرط في العداوة والكراهية ما بين السنة والشيعة والذي تتستر خلفه اجندات ومصالح سياسية يعتقد ان فضيلة المفتي له تصور واضح عنها..
ان تجسير العلاقة ما بين المذاهب الاسلامية يكون في التخلص اولا من ثقافة (الفرقة الناجية) التي تعتمد الوثوقية المطلقة بالذات-حتى الراقصات منهم- مقابل الشيطنة المطلقة للآخر,والعمل على تخليق "فضاء مشترك قابل للتمدد يمنح كافة الاطراف حق الاختلاف وحرية المعتقد وتالياً مساحة للقاء والتواصل،"وهذا هو الامر الوحيد الذي قد يستحق تدخل فضيلة مفتي الديار المصرية حتى لو اضطر لتخطئة آراء "الشيخة"دينا.



#جمال_الهنداوي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ماذا لو مر بنا..(ساندي)
- علاج الزعماء العرب خارج الاوطان..
- اخوان مسلمون..أم خونة بغاة؟؟
- السحت الاعلامي
- الاصلاح وفوبيا التغيير
- مبادرة الشيخ حمد..دعوة الى الوهم
- ثقافة الاستقالة
- اوطان وهويات
- شرق هائج وغرب متضجر
- السلفيون والاخوان المسلمين..في مفترق الشريط المسيء
- هل هناك من مؤامرة؟؟
- شريط مسيء..شوارع محترقة
- النوادي الاجتماعية في بغداد..مرة اخرى
- كثير من الحب..قليل من الجدران
- الديمقراطية..والحاجة الى المبادرات الواقعية
- حديث المبادرة
- التقارب السعودي الايراني..لله أم لقيصر؟
- غزوة -آل المقداد-.. خليجيا
- قراءة سريعة من خلف الدخان
- الدراما التاريخية..الفشل الاكثر كلفة


المزيد.....




- قوات جيش الاحتلال تقتحم مدينة سلفيت في الضفة الغربية
- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - جمال الهنداوي - فضيلة المفتي و-الشيخة-دينا