جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 20:49
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هل عدتَ يوما من السوق أو من العمل ووجدتَ أهلك ينتظرونك بفارغ الصبر ليفاجئونك بخبر عيد ميلادك السار جدا وهم يضيئون الشموعَ ؟وهل جربت أن يهديك صديق أو صديقة في عيد الحب وردةً جميلة؟أنا لم أذق طوال حياتي مثل هذا الطعم من الإحساس فإن ذقته أنت فأرجو منك أن توصفه لي.
وهل جربت يوما أن تدخل المنزل وكل أفراده يقولون لك:خذ هذه مني...أرجوك خذ هذه..خذها مني..أنا لم أجرب مثل هذا الشعور وإن جربته أنت أرجو منك أن توصف لي حلاوته ولذته ومذاقه,لأن جميع أفراد أسرتي يقولون لي هات...هات..أعطنا..أعطني,ولا يكفون عن الطلبات ولم يقل لي أحد خذ هذا إلا في حالةٍ واحدة حين تعطيني زوجتي كل يوم سلة القمامة لأضعها في الحاوية ففي مثل هذه الحالة تقول لي خذ يا زوجي العزيز هذه السلة من القمامة.
لن نعود إلى هذه الدنيا مرة أخرى ولن نعيش حياة ثانية وما زلنا رغم تقدمنا وتطورنا نجهل مصيرنا الأبدي ومع كل التقدم في علوم الحساب والرياضيات إلا أننا من المحتمل جدا وهذا واردٌ أننا حسبنا المعادلة حسابا خاطئا فربما نحن مخطئون جدا وربما نحن مصيبون جدا وإننا على الأقل لا نملك الحقيقة ولا نعرف بعد ساعةٍ أو ساعتين أين سنذهب ومن سيزورنا؟ والكل يأخذ مني فلا يوجد أحد يعطيني من قلبه شيئا أو من جيبه شيئا ولا ندري هذه الليلة من هو العرّابُ؟,إننا سنغادر هذه الدنيا إلى عوالم أخرى,ولن نعيش عمرين بل عمرا واحدا,وليس في جوفنا إلا قلبٌ واحد ينبض بالحياة وحين يتوقفُ هذا القلب عن العمل فإننا لن نجد قلبا آخر يعيدنا إلى الحياة وعلى الأغلب لا نعيش إلا قصة حب واحدة فأين هي الوردة الجميلة والقصة التي تجعلنا نضحك أكثر من القصة التي تجعلنا نبكي!!وأين نجد حضنا ندفنُ فيه هذا المساء كل أحزاننا وكل آلامنا الكبيرة والصغيرة لننساها إلى الأبد ونقول لها اذهبي في غير رجعة أنت ومن معك؟ لقد أعطينا كل شيء ولم نأخذ أي شيء إلا الهم والحزن والأسى وسلة القمامة...وأين هي الدار التي تتسع لصراخنا وعويلنا؟وأين هي الأماني والأمنيات السعيدة التي توقفنا عن الحلم بها ليلا ونهارا؟وأين أنا اليوم من قصة الأمس وأين أنت منها؟,إن انطلاقة الروح تنطلق مرة واحدة وتحيى روحنا مرة واحدة ونحن لسنا بسبعة أرواح لا ولا بعشرة أرواح بل بروحٍ واحدة فقط لا غير أعطيناها لإنسانٍ لا ندري إن كان يستحقها أو لا يستحقها المهم أننا أعطينا روحا خالصة ولم نأخذ عنها بدلا وانتهى الموضوع بأكمله..لا يمكن أن نرى الحياة دوما بالعين المجردة فيجب علينا تعميق النظرة أكثر وأكثر... هذه الحياة ليست تعبيرا منفردا بل هي حس فردي وجماعي نعيشه معا وأحيانا مع أنفسنا حين نقطع صلتنا بكل المؤثرات التي تحيط بنا ,يجب أن ننظر إلى هذه الحياة بالمجهر كما ينظر عالم أحياء بمجهره إلى حفنة من التراب حيث يشاهد دودة الأرض والخلايا البدائية والملايين الملايين أو المليارات كالكائنات الدقيقة وكل هذا يراه عالم الأحياء في حفنة من التراب في الوقت الذي من المستحيل عليه أن يرى كل تلك الكائنات المجهرية بعينه المجردة,يجب أن لا نبقى على سطح الماء يجب علينا أن ننزل إلى أعماق الماء,ويجب أن لا نكتفي بالقشرة دون اللب يجب علينا أن نعثر على اللب,إن هذه الحياة ليست مجرد أكل وشرب ونوم إنها أعمق من كل ذلك ولكلٍ منا دورا يؤديه ويلعبه رغما عنه أو بإرادته وحين ينتهي دورنا في الحياة تنتهي حياتنا للأبد ويُستغنى عن كل خدماتنا التي قدمناها للناس ولأنفسنا,وسيأتي يوم ينسانا فيه الناسُ وسيأتي علينا يومٌ يذكرنا فيه الناسُ سنعيش دوما في دوامة الذكرى والنسيان ومن الجدير بالذكر أن أغلب الناس يذكرون مساوئنا أكثر مما يذكرون لنا حسناتنا ويأخذون منا أكثر مما يعطونا أو لا تساوي أعطياتهم شيئا أمام ما نقدمه لهم وخصوصا زهرة الشباب والدماء التي ينضبُ معينها,وإن اللذة التي نتذوق طعمها في الأكل وفي الشرب ليست هي الوحيدة على سطح الأرض,إنها ليست الملذة الوحيدة التي خلقها الله,هنالك الملايين الملايين من مصادر التلذذ مثل القراءة والكتابة والموسيقى والاستجمام والحب بانتظار الأمل أو الحب الذي ينتظر أن يطلع علينا منه فجرٌ جديدْ...والتأمل الكبير في السموات والأرض والتأمل الطويل في معنى الحياة كأن نسأل أنفسنا ونعرف لماذا جئنا وإلى أين سنذهب ومتى هو موعد آخر رحلة, إن الحياة مليئة بالمتع التي نحرمها على أنفسنا جزافا بدون أي سبب ,إن الحياة ليست بقشورها بل بلبابها, وإن الكون كله غارق في الأزل ويجب علينا أن ندرك معنى الأزل ومعنى(النقطة) و(الهيولي) و(الصورية) في الفلسفة اليونانية, نحن بحاجة إلى الغطس أكثر في أعماق الحياة ونحن بحاجةٍ إلى الإنعاش وإلى تجديد دمائنا وخلايانا,ونحن بحاجة إلى مزيدٍ من الاكتشافات المذهلة التي تروق لنا أجواءنا وأمزجتنا يجب أن نهتم قليلا بأنفسنا, نحن في بعض الأحيان علينا أن نتطاير إلى الأعلى وأن لا نقبل بالالتصاق بالأرض بفعل الجاذبية يجب أن نعلو ونعلو أكثر من أي وقتٍ مضى,علينا أن ندرك معنى إنسانيتنا وما معنى أن نعمل الخير أمام الناس جهرا لكي يقلدونا في معظم أعمالنا, إننا في أغلب الأحيان نشكو ونبث حزننا إلى غيرنا في الوقت الذي لا نريد به أن نُعلم قلوبنا بشكوانا ورغم ذلك من النادر أن نجد من يسمع أنيننا وشكوانا, إن اللمسة من الخارج للأشياء الظاهرة لا تكفي ولا ترضي غرورنا وفضولنا العلمي,هنالك كثير من الواجبات التي علينا فعلها ولم نفعلها حتى الآن ولا توجد على وجه الكرة الأرضية أراضٍ بكرلم يدخلها مفتاحٌ أو محراث ويجب أن نسمح لمخيلتنا بالانطلاق بعيدا وبأن نسمح لمخيلتنا بالتحليق بنا عاليا وأن ننظر للأشياء بكثيرٍ من التعمق وأن لا نتوقف عند ملامسة الأسطح والقشور.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟