|
حكومة الاغلبية .. والاجندة الخفية
زيرفان سليمان البرواري
(Dr. Zeravan Barwari)
الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 19:05
المحور:
السياسة والعلاقات الدولية
ان عملية الانتقال الديمقراطي في العراق تعاني من معوقات جوهرية قد تعيق تغيير النظام السياسي من حالة الاستبداد والدكتاتورية الى نظام ديمقراطي مدني قائم على اساس العدل وارادة الشعب في صنع القرار السياسي، ان عملية الانتقال يتطلب جهودا جماعية وفردية في الوقت نفسه، بل والاكثر من ذلك تتطلب وجود استراتيجية للتغيير في كافة المجالات السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، ففي الدول التي تحدث فيها التغيير تبدا من القاعدة وتمر لتصل الى حالة جديدة قائمة على اساس رضا العامة من الناس، وتاخذ الانتقال حالات متعددة فقد تكون عن طريق الثورة مثلما حدث مع الثورة الفرنسية والبلشفية، او عن طريق تجليات الحروب مثلما حدث في المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية ، وقلما يحدث عن طريق الوسائل المدنية كالانتخابات في الشرق الاوسط الا ان التغييرات السياسية في الفترة الراهنة لمرحلة ما بعد الثورات العربية قد تغيير من موازين الانتقال الديمقراطي. اريد من خلال هذا المقال الحديث عن العراق ما بعد 2003 وكيف ان القادة والنخبة السياسية في العراق قد اخفقوا في ادارة عملية الانتقال بالشكل التي تخدم ابناء العراق والدولة العراقية الجديدة بعد حقبة الحكم الشمولي المظلم.ان الحديث عن التعدد الثقافي، الاثني، المذهبي في العراق قد شكلت التحدي الابرز امام التحول الديمقراطي في العراق، لان الديمقراطية القائمة على حكم الاغلبية مع ضمان حقوق الاقلية تعد الانجع للمجتمعات المقبلة على الديمقراطية او ما يمكن ان نسميه الديمقراطيات الوليدة، فالدولة القوية القائمة على اساس المؤسسات والمصلحة العامة لا تتخوف من التعدد ايا كانت طبيعة تلك التنوع لان هناك قانون يضمن حقوق الجميع وتحترم راي الجميع، الا ان النخبة السياسية في العراق اقاموا نظاما سياسيا قائما على اساس المخاصصة الطائفية والقومية، مما تحول العراق من دولة الى شركة تتوزع فيها الحصص على اصحاب المصالح والاحزاب السياسية وبدا السياسيين يتاجرون بخبز الشعب مما خلق حالة من التفاوت الطبقي لم تشهده البلاد من قبل، وذلك بسبب سوء توزيع الدخل على المواطنيين، وسوء الادارة السياسية، لذلك نرى بان السياسي يحصل على دخل يفوق دخل عشرات الموظفين مجتمعة، بل وتحول السياسة في هذا البلد الى تجارة مربحة لا يحتاج الى رأسمال وهو ما خلق حاجزا كونكريتيا بين الشعب والحكومة، وهذا بدوره خلق جوا احتكاريا بالنسبة للاحزاب السياسية، فالمواطن الذي لا ينتمي الى اي جهة سياسية قد لا يحصل على ابسط حقوق الحياة، وهكذا تحول الولاء الى نفاق والانتماء الى مصلحة ذاتية لا تعرف حدودا ولا تؤمن بشي اسمه الضمير او المصلحة العامة بل والاكثر من ذلك بات الفساد الاداري والسياسي خبرة و فن له افراده. ان الانتخابات التي جرت في العراق لم تؤثر على طبيعة النظام السياسي ولا عقلية النخبة السياسية، لان رفض النتائج وعدم قبول الاطراف السياسية لبعضها البعض فرضت نمط التوافق والمخاصصة وتوزيع النفوذ والاموال بين الاحزاب السياسية ليتحول العراق بذلك من دكتاتورية الزعيم الى دكتاتورية الاحزاب السياسية الاشد فتكا على المجتمع والتحول الديمقراطي، ان الحديث عن حكومة الاغلبية السياسية( والتي نسميه في القانون الدستوري حكومة الاغلبية النيابية 50+1 وفي الدستور العراقي التصويت من قبل 163عضو من اصل 325 عضو في البرلمان العراقي) ما هي الا هروب من الواقع السياسي او استخدام حكومة الاغلبية كورقة ضغط من قبل دولة القانون على الاطراف السياسية الاخرى، لان الحديث عن حكومة الاغلبية تشترط عليها ضمان وجود معارضة سياسية تتمتع بحماية دستورية، فهل تستطيع الحكومة الحالية توفير ضمانات للعمل الحر للاطراف التي تختار المعارضة وهل هناك اصلا من يقبل العمل في المعارضة السياسية هذا من جانب، ومن جانب اخر هل تقبل الاحزاب السياسية المشاركة في حكومة الشراكة الوطنية من اقالة الوزارت الخاصة بهم وذلك بسبب الخدمات التي تقدمه الوزارت للاحزاب المشاركة في حكومة الشراكة ام ان ذلك ستفتح الباب امام صراعات اخرى لا يعلم عواقبه . ان حكومة الاغلبية السياسية يجب ان يكون المشروع السياسي للاطراف السياسية في الانتخابات القادمة، وان التلاعب بالعملية السياسية في الفترة الراهنة تحت اي مسميات سوف تجلب للعراق مزيدا من التدهور والتراجع والاكثر من ذلك سوف تؤثر على الاستقرار الامني والسياسي خاصة وان المنطقة مقبلة على تغييرات وتطورات قد تغيير الخريطة الاقليمية اذن ان حكومة الاغلبية السياسية مطلب طبيعي في الانظمة الديمقراطية الا انها لعبة سياسية في العراق الذي يعاني نظامه الغطرسة الطائفية والخضوع للاجندة الخارجية. ان الحل الامثل لمعضلة العراق تكمن في بناء دولة المؤسسات والابتعاد عن ادلجة ومذهبة السياسة وصنع القرار السياسي في البعدين الداخلي والخارجي عن طريق العراقيين وليس العكس، والتفكير عراقيا، وممارسة السياسة وطنيا، والتداول السياسي سلميا.
#زيرفان_سليمان_البرواري (هاشتاغ)
Dr.__Zeravan_Barwari#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
النظام السوري ... والحرب بالوكالة!
-
بغداد.. والفشل الدبلوماسي
-
النخبة العراقية .. وعقلية العسكرة !!
-
تركيا.. والهاجس الكوردي الجديد!!
-
السياسة الدولية .. وغياب الانسانية
-
أنقرة والاقليم .. تعاون طارئ
-
بلاد بلا رؤية
-
أدلجة العنف
-
الارهاب الفكري ..وخفايا الشر
-
الفيتو... وصناعة الرعب
-
الاستقلال بين الحلم والواقع
-
انقرة وصناعة العنف
-
الربيع العربي والعواصف المتوقعة
-
الرقم التركي في الربيع العربي
-
طهران وتصدير الفوضى
-
تركيا من الطرف الى المحور -1-
-
جمهورية البطش العربية
-
الانتحار السياسي
-
ثورة العولمة
-
سياسة التردد
المزيد.....
-
فيضانات غير مسبوقة تجتاح بريتاني الفرنسية والسلطات تدعو للحذ
...
-
رئيس أركان الجيش الجزائري يبحث مع وفد -الناتو- سبل تعزيز الح
...
-
روسيا تدين أعمال المتمردين في الكونغو الديمقراطية
-
رئيس وزراء سلوفاكيا يهدد زيلينسكي بمنع المساعدات المالية لأو
...
-
وفد حماس يبحث مع المخابرات المصرية تطورات ملف التهدئة بغزة
-
العقل المدبر وراء -ديب سيك-: من هو ليانج وينفينج؟
-
بانتظار قرارات القضاء.. البحرية الإيطالية تنقل إلى ألبانيا 4
...
-
احتجاجات حاشدة في دالاس ضد سياسات ترامب للهجرة وترحيل الأسر
...
-
العراق.. الأمين العام لمنظمة -بدر- يعلق على إقالة رئيس هيئة
...
-
رويترز: صور تظهر تشييد الصين منشأة كبيرة للأبحاث النووية
المزيد.....
-
افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار
...
/ حاتم الجوهرى
-
الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن
/ مرزوق الحلالي
-
أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال
...
/ ياسر سعد السلوم
-
التّعاون وضبط النفس من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة
...
/ حامد فضل الله
-
إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية
/ حامد فضل الله
-
دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل
...
/ بشار سلوت
-
أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث
/ الاء ناصر باكير
-
اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم
/ علاء هادي الحطاب
-
اطروحة التقاطع والالتقاء بين الواقعية البنيوية والهجومية الد
...
/ علاء هادي الحطاب
المزيد.....
|