حسين احمد
الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 08:49
المحور:
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
في البدء كل الشكر والتقدير للأقلام الكردية التي تحاول دائما الوقوف بكل جدية على مكابدات المرأة بصورة عامة والكردية بصورة خاصة عبر تفكيك واقعها ساعيا في استبدال تلك التراكمات السلبية التي أحاطت بالمرأة الشرقية ككل والمرأة الكردية تحديدا , وهذا ما استوقفني في مقالة ( افتحوا لنا أبواب عقولكم وقلوبكم ) للكاتبة بيور علي والمنشورة في موقع عفرين نت .
ان البحث في أحوال المرأة الكردية وأوجه معاناتها واضطهادها يتطلب من الدارسين, والباحثين, والمفكرين قبل كل شيء الاحاطة بمختلف الجوانب المتشابكة ,والمعقدة ,والتي تحيط بهذه القضية, والتي تؤثر بشكل أو بآخر على خلاصة حياة المرأة وتطورها سواء كانت هذه الجوانب :إنسانية ,أو اجتماعية أو أخلاقية ,أو فيزيولوجية أو ثقافية أوسياسية .
هذه الاتجاهات التي تمنح بقناعتي أهمية قصوى للدراسات أو الأبحاث , منها مقالة ( افتحوا لنا أبواب عقولكم وقلوبكم ) ,وتستجيب للحد الأدنى من متطلبات الدراسة الصحيحة والواقعية للمرأة .
يقول نابليون بونابرت عن دور المراة : ( إن المرأة التي تهز السرير بيمينها ,وتهز العالم بيسارها ).
ومن هذا المنطلق يجب النظر إلى قضية المرأة وتحررها بكل جدية, وهذا ما هو مطروح على بساط البحث وبكثافة, وما نقرأه في مشهدنا الثقافي الانترنيتي ,ومنها تحديدا المواضيع التي تعني بشؤون المرأة لا تكتسب في أغوارها ما هو محرك ومستبدل لأوضاع المرأة و منزلتها الحساسة ودورها الريادي في المجتمع.
يقول الكاتب أمين الريحاني : ( المراة هي الزوجة الصالحة , وألام الحنون , والأخت المواسية ,تعمل ليسلم شرفها ويستقيم أمر أسرتها تهز بيد مستقرة وبقلب غذاؤه الإيمان مهدا هو الحياة ,والحياة هي الكون ) .بيد ان غياب المراة عن المجتمع بأي نسبة كان هذا الغياب يجعل المجتمع الكردي في حالة مرتبكة وغير فاعلة , لأننا لم ننظر حتى الآن بعمق في قضية المرأة كجنس, وفكر ,وعمل برؤية شفافة ,وموضوعية.
كلنا لا نجرؤ حتى اليوم ان نحرر تاء التأنيث ونون النسوة من قيودهن, وباعتبار إننا رجال (وهذا مفهوم مذهبي قاس) نرهب ونرعب لا بل نخاف من إعتاق المرأة من معاناتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية, لأننا نشاهدها وكأننا حينما نسعى برفع درجة مستواها مع الرجل ,سنفقد رجولتنا,وشخصيتنا, كلنا في العقل الباطني( عنترة بن شداد).
من هذه الزاوية أتساءل عن آفاق توفر ركائز الدراسة العملية والعميقة للمقالات,وان كانت إلى حد ما قد اقتصرت على إشكاليات المرأة داخل الأسرة والغبن الذي, يقابلها ويلاحقها من : الأب ,والأخ ,وألام ..؟
متناسين الدور الواسع وما تزرعه القبلية العشائرية أو النزعات الدينية المكتسبة من الإيديولوجية الشوفينية والتي انتشرت إلى مرافق البنية الاجتماعية والأخلاقية على الطريقة التسللية المشبوهة ولتمتد إلى أعماق الذاكرة لتنتج من وراءها حالة مرضية ليس يسيرا علاجها في وقت قريب , وهذا دُرِسَ أيضا وفقا للرؤية الذاتية وبذهنية ظاهرية لا مبرر لمكاشفتها ووضعها تحت أضواء باهرة, وأخذها كرؤية علمية أو دراسية للحالة المطلوبة .
فإبراز أو إظهار النواحي السلبية للمرأة وحرمانها من ممارسة حياتها الطبيعية في أغوار العائلة ,و ( قد استل من المرأة كل سلاح ان تدفعها طبيعة الحياة إلى ان تتسلح ذودا عن حياتها بخصائص الخدع والمكر والحيلة بل ان الطبيعة دفعتها إلى ان تتسلح بالدموع ,وهي العنوان الأكبر على انهيار الخاطر وخور الروح ,وبعد هل شاهدت منتصرا يبكي أو حرا يتذلل أو يحتال وينافق أو يخدع فيسلك طريق الظلام وإمامه طريق النور ,كما المرأة تحتاج أن تدافع عن حقها في الحياة بالظفر والناب ) .
كل هذه التباينات لا تعني مطلقا أخذها نموذجا مبحوثا والتركيز عليه والتغفيل أو نسيان النواحي الايجابية الأخرى: كحفاظها على القيم العائلية كـ ( الشرف... ) والمجتمع الكردي من الشعوب التي حرصت على البكارة وتعتبرها دليلا على عفة الفتاة وطهارتها, مما ساهمت بدور فاعل في تماسك مكونات المجتمع الكردي خلال مراحله التاريخية لتأخذ خصوصية بهذه السمة من أهمية قصوى لإبراز التفاوت للمجتمع الكردي على غرار المجتمعات الأخرى بالحفاظ على ثوابته الأخلاقية- هي بدون شك رؤية أحادية الجانب بالتالي تفتقر وتحتاج إلى الموضوعية والواقعية ولعل من أهم الأمور التي أفقدت ( الدراسة ) أهميتها الثقافية والبحثية وحولتها إلى خليط من الأفكار تنضح منها رائحة التجارب الخاصة مخالطة بسلوكيات معينة.
(مسألة العائلة وما تحمل في أجوائها من قيم وسلوكيات عامة ترتب عمل العائلة ( رجالاً ونساءً وأطفالا ) وهذا ليس موضوعا فردياً هي ثمرة تراكمات طبيعية تتعلق بمناهج التطور الاجتماعي وبمستوى الوعي السائد وبالمرحلة التاريخية التي مرت بها شعوب المنطقة ),ولاشك ان الشعب الكردي هو جزء من الحالة العامة التي تمر بها شعوب المنطقة برمتها, ومن الإجحاف تقييم تراكمات الماضي التي من خلالها تكونت الأسرة بعقلية الحاضر أو دراسة ظرف اجتماعي محدد استنادا إلى موروث العائلة وما كابدتها ايام الماضي .
(إغفال أو نسيان أوضاع المجتمع الكردي والسياسات الشوفينية المنتهجة التي يقاسي منها والتي تتمثل معاناة المرأة الكردية على مساحتها الهائلة ، حيث سياسة التجهيل والصهر القومي والتي أثرت سلبا على الرجل الكردي وأوقفت تطوره وإدراكه للمفاصل الحساسة للمجتمع وأثرت بشكل مضاعف على المرأة وكثرت من معاناتها ),لهذا ان المرأة لا تتقدم ولا تستقل من عبوديتها ومن قهرها مهما كان صيغ الإصلاح والترميم التي رافقت مسيرتها البنيوية والذاتية والفكرية إلا إذا تقدم الرجل واستقل من قيوده سواء كان هذه القيود : أجتماعيا أو أقتصاديا فكريا وثقافيا لان تحرير المرأة مرتبط عضويا بتحرير الرجل .
( الأديان السماوية وغيرها من الأديان وما تمثله من تعاليم وقيم بل هي وليدة قرون وهي نتاج دين يعود إلى الله ورسله وصيرورة من تراكم قبلي ومزج مصلحي فبات جزء من حياة ملايين البشر اتفقنا أم اختلفنا ولكنها موجودة وعلى هذا فهي ليست تأليف حقبة معروفة من الزمن ) .
يقول الشاعر الكردي إسماعيل كوسه عن المرأة في حوار أجريته معه سابقاً : أبجدية هذه الأرض لم تستوعب مكنونات المرأة . لا البحر ولا السماء استوعب , فمن هذا ( السوبرمان ) الذي بمقدوره فك شفرات المرأة السرية , ربما ( سور الصين العظيم ) بني من اجل امرأة , ( قديسة – أو- عاهرة ) ربما , في الشجر , امرأة, في الخيانة , نسوة جامحات.
في القصيدة أنوثة تبقر أحشاء الكون .!على شفتي ( الجيوكندا ) تذوب ثلوج هيمالايا ..!وفي عيون ( إلزا ) تجن قطيع من الرجال ..!قطيع من الذكورة البوهيمية .
ان هذا الفرار البارز لبعض الأقلام الكردية إلى الأمام ,وإغفال العذر و العلل الرئيسية لمعاناة الشعب الكردي وتحميل الضحايا وزر حالة ( اجتماعية معينة ) -مسؤولية التجهيل عن مضطهدي شعبنا الكردي, وقراءة هذه القضية كان يجب ان تكون بموضوعية أوفر وأعمق وإعطاء لكل جانب حصته . فالمسالة المدروسة تتحمل وزرها عدد من الظروف والمعطيات واديان وسياسات وإيديولوجيات, وليست التراكمات العائلية ,لان المجتمعات المتطورة بخصوص المرأة لديها هذه التراكمات لربما أكثر من الشعب الكردي ( اليابان ) مثلا , أمر محزن فعلا معالجة هكذا مسائل حيوية وحساسة بهذه العقلية الظاهرية وبهذا المستوى من الوعي الذي يشكل حرف مسار الصراع ومحوره الأساسي .
وأخيرا ولابد ان ندرك جميعا ,فليست السلطة الثلاثية الأم ,والأب ,والأخ, مطلقا كما تقول كاتبة المقالة ( افتحوا لنا أبواب عقولكم وقلوبكم ) وإنما من ( الدين, والدولة ,والمجتمع ) , هذا الثالوث الذي أراد الكثير الهروب منه واختزاله بمشاهد ووقائع معينة لاشك فيها ,هي جزء من الرؤية الناقصة في النظر إلى قضية المرأة . طبعا ان قضية المرأة لا تحصر في مقالة أو في عدة مقالات أو في استفتاء تنشر على الانترنت , هذه القضية تحتاج إلى أكثر من ذلك , ربما تحتاج إلى كتابات مكثفة وندوات ومؤتمرات مع مشاركة المراة ( حصرا ) بالإضافة إلى ذلك على المؤسسة الكردية ان تمنح هذه المسألة أهمية خاصة لا ان تحتفل بعيد المرأة في ( 8 ) آذار فقط .
ـــــــــــــــــــــــــــــــ
• مجلة متين : العدد 31-32 ( المرأة الكردية موقعها في الثقافة والنضال
• عالم المعرفة : الزواج عند العرب العدد 80 – 1984 دراسة مقارنة للدكتور عبد السلام الترمانيني
• قضية المرأة الجزء الثالث – إعداد وتقديم . محمد كامل الخطيب . وزارة الثقافة – دمشق 1999
• حوار مع الشاعر إسماعيل كوسه في موقع عفرين نت .
#حسين_احمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟