|
انتخابات في الولايات المتحدة
سعيد مضيه
الحوار المتمدن-العدد: 3899 - 2012 / 11 / 2 - 13:50
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
انتخابات في الولايات المتحدة الأميركية أكثر من عام كامل والميديا الأميركية تشغل العالم بالانتخابات الأميركية وتتتبعها لحظة بلحظة في جميع مراحلها. وتنقل الميديا التابعة التقارير والتحليلات المعدة بهدف تقديم انطباع مخادع بأن الانتخابات تقرر بصورة حاسمة مصير القطب الأعظم ومقرر السياسات الدولية. ويضاعف من تأثير الدعاية الأميركية من هذه الزاوية أن الانتخابات تجرى كل عامين بحيث يجري تعمد توجيه الحقائب الإخبارية والتحليلات المتعلقة بالتنافس الانتخابي في مراحل الحملات الانتخابية لتترك انطباعا زائفا وصورة ملفقة عن " أعظم ديمقراطية في العالم" و"قوة مثال ملهمة" مع" أوسع حرية اختيار" تهيأ للناخبين. أما التعمق في سبر أغوار العوامل المتداخلة في الحملات الانتخابية فتخرج بحصيلة تقوض بنيان الديمقراطية والحرية والشفافية في النظام السياسي الأميركي ، وتطعن في مصداقية انعكاس إرادة الجمهور الأميركي داخل الهيئات المقررة للسياسات الأميركية . فأيا جاءت حصيلة صناديق الاقتراع تظل السيطرة للاحتكارات الضخمة. يشكل الدستور أس البلاء في اختلال النظام السياسي. فهو يعتمد الأغلبية في الوسط الجغرافي للمرشح، ويخلو من التمثيل النسبي. نظام الأغلبية يحصر التصويت لصالح المتنافسيْن الرئيسيْن فلا يترك فرصة للأكفأ . وقد اعتاد ت الأجيال النظام السياسي الأميركي عبر المدرسة والثقافة الدارجة نتيجة الممارسة المعتادة، والتي تصور النظام السياسي الأميركي "الأكثر ديمقراطية في العالم" . باختصار النظام السياسي الأميركي يتيح لنظام الحزبين وبصورة منهجية إغفال وجهات نظر الغالبية غير المنتسبة للحزبين الرئيسين؛ كما يطوق المال السياسي عملية الانتخابات في جميع مراحلها بدءا من الانتخابات التمهيدية لاختيار مرشحي الحزبين. بصورة عيانية تظهر استطلاعات الرأي العام رغبة عارمة لدى الجمهور الأميركي في وقف التدخلات الأميركية في شئون الشعوب الأخرى، بينما يصر المرشحون على انتهاج درب مغاير تماما. فبموجب استطلاع رأي أجراه مركز أبحاث (PEW) أثناء الحملة الانتخابية الراهنة تبين أن "ما يزيد على ثلاثة أرباع (78 بالمائة)من الجمهور يود أن يرى المزيد من التغطية عن مواقف المرشحين حيال قضايا داخلية و74% يودون ان يروا تغطية لمواقف المرشحين في قضايا الشئون الخارجية. ولدى تحليل قدمه الدكتور تشومسكي للمناظرة الأخيرة التي أجريت بين مرشحيْ الرئاسة، رومني واوباما، أوضح تجاهل المرشحين لقضايا هامة تؤرق المجتمع الأميركي والبشرية جمعاء . فبينما تردد ذكر إسرائيل 34 مرة وإيران 47 مرة في معرض الأخطار التي تهدد إسرائيل، فقد أعير اهتمام ضئيل لقضيتي خطر التلوث البيئي وتعاظم إنتاج وترويج أسلحة الإبادة الشاملة. وأشار مارك بروزينسكي على موقع (ميديل أيست . أورغ ا) الذي يديره إلى أن إسرائيل هي الفائزة في المناظرة ، وأبرز من بين العناصر الغائبة عن المناظرة ، إفراغ المناظرة من قضايا الارتفاع النسبي لحرارة البيئة و الجوع وإنتاج الطعام في العالم ، والعولمة وإنتاجية البشر، وكذلك التحكم في إنتاج أسلحة الإبادة الشاملة في العالم تمهيدا للشروع في إزالتها، وإعادة تدوير الموارد الكونية بعيدا عن الحروب والتدمير لإشاعة التعايش السلمي، ثم الجهود متعددة الجنسية لمواجهة تنامي المخاطر المهددة للبشرية على نطاق الكرة الأرضية وبذل جهود جادة لإنهاء " صراع الحضارات" بدل العمل على كسب هذه الصراعات. ومثال آخر أن السيناتور السابق ماكغوفيرن الذي وافاه الأجل أثناء الحملة الانتخابية الراهنة، كان قد خسر في المنافسة على انتخابات الرئاسة مع نيكسون عام 1972. وقد وجه رسالة إلى باراك اوباما بعد فوزه بالرئاسة قال فيها أنه عندما انتخب عضواً في مجلس الشيوخ سنة 1963 كانت موازنة وزارة الدفاع الأميركية 51 بليون دولار أميركي، اعتبرت كافية لمواجهة روسيا والصين معاً، وهي الآن 700 بليون دولار من دون أي تهديد روسي أو صيني، أو من أي بلد آخر. لم يصدر عن إدارة أوباما ما يشير إلى اهتمامه بالرسالة. كان ماكغوفيرن داعية لوقف سباق التسلح ملتزما بقدر من النزاهة في مواقفه السياسية ، ولم يربح سوى ولاية واشنطون في انتخابات 1972، بينما اكتسح منافسه 49 ولاية. وردا على سؤال لو نجح في الانتخابات، أجاب ماكغوفيرن" اولا وقبل كل شيء لانتهت الحرب ( في فيتنام)، و ثانيا سأرفع القيود على الرواتب والأجور والأسعار.إذ بانتهاء الحرب لن تبقى ضرورة للاحتفاظ بتلك القيود. وثالثا سأحدث تحويلا هاما من الإنفاق من الحربي إلى البناء الوطني، فيما يتعلق بالمرافق بكل أنواعها: السكن والنقل والرعاية الصحية والتعليم وغيرها وغيرها. كتب أحد المحللين الأميركيين يقول :" الأميركيون اختاروا داعية حرب ودجالاً محترفاً، بدل سياسي من نوع نادر جداً في علوِّ أخلاقه وحُسن إدراكه وطلبه السلام. وهم فضلوا يوماً الممثل "التيرسو" ،رونالد ريغان على الرئيس جيمي كارتر". كل ذلك الثمرة المرة لزرع الميديا الأميركية.
أشار تشومسكي في اكثر من مناسبة إلى فساد النظام السياسي الأميركي . ويشاركه معظم المطلعين ذوو التوجه الديمقراطي في الولايات المتحدة والعالم. باختصار يدعم النظام الانتخابي الأميركي نظام الحزبين ويقوض بصورة منهجية انتخاب من لا ينضوون تحت لواء أحد الحزبين. شهد التاريخ الدستوري للولايات المتحدة طرح أكثر من عشرة آلاف اقتراح تعديل على مجلسي الكونغرس، لم تتم الموافقة حتى الآن إلا على 27 اقتراحا بتعديل، منها 17 خلال القرنين الماضيين. وتكمن الاستحالة العملية لتغيير أي من مشاكل النظام السياسي الأميركي من خلال تعديلات دستورية في طبيعة أداء الهيئات التمثيلية . فمن المجلس البلدي إلى مجلس الولاية إلى الكونغرس يتم الفوز بناء على أغلبية المقترعين. وبالنتيجة يصعب لحد كبير أولا تمثيل فئات الأقلية وثانيا أن الصوت الممنوح لشخص لا يحتمل حصوله على الأغلبية يعتبر ضائعا، ويفضل أن يمنح الصوت لمن يحتمل نجاحه وليس لمن هو أفضل.أما العقبة الكأداء الثانية القابعة في الدستور الأميركي فتتجلى في كونه يمأسس لتمثيل غير متكافئ على الصعيد القومي، سواء في انتخاب مجلس النواب أو انتخاب الكليات الانتخابية للولاية. في مجال السخرية من الادعاء بصدد التأثير السلبي للوبي الإسرائيلي داخل الولايات المتحدة على المصالح الأميركية في الشرق الأوسط ، أجاب تشومسكي في معرض مقابلة معه بالقول :" ليس سرا أن الرأسمال الخاص المتمركز يحتفظ بتأثير طاغ على سياسات الحكومة بشتى الطرق. ولذا فإذا كان اللوبي الصهيوني يضغط من أجل سياسات أميركية تعمل ضد مصالح أولئك الذين يديرون أعمال الدولة سيكون بمقدورنا أن نقنعهم ، وحينذاك سيخرجون اللوبي من اللعبة السياسية الأميركية خلال خمس ثوان . ولوبي الصناعة العسكرية لوحده يحتفظ بنفوذ أعظم من أي لوبي إسرائيلي." يلي قوة الضغط هذه من حيث التأثير داخل الكونغرس الأميركي ما سمي لوبي السلاح. فإزاء تكرار جرائم الأحداث داخل المدارس لم تنعكس الرغبات الشعبية في وضع آلية تحد من شراء الأسلحة الخاصة واقتنائها في قرارات الكونغرس. وتغيب هذه المشكلة المستعصية عن اهتمامات المرشحين . شخص غريغوري ويلبيرت، أستاذ العلوم السياسية بكلية بروكلاين والكاتب الصحفي الحر( فريلانس)، عيوب النظام السياسي للولايات المتحدة في عناصر ثلاثة رئيسة ، إلى جانب الدستور : الرأسمال ، الميديا ، النخب السياسية . و خلص الباحث إلى أن النظام السياسي الأميركي غير ديمقراطي .لا يماثل الديمقراطية في أميركا سوى النظام الانتخابي في إيران، حيت هيئات حفظ النظام تنفرد باختيار المرشحين للهيئات التمثيلية . وفي الولايات المتحدة يتقرر دخول المنافسة النهائية على المراكز بتدخلات ممولي الانتخابات وقيادات الحزبين ووسائل الاتصال الجماهيري. يتجلى دور الرأسمال الخاص في العملية الانتخابية في التنامي المضطرد لتكاليف الحملات الانتخابية . إذ تفيد الإحصاءات أن حملات انتخاب الرئيس ارتفعت بنسبة 25% بين عامي 1992 و1996، وقفزت بنسبة 43 % عام 2000، وزادت بأكثر من الضعف في انتخابات 2004 لتبلغ 718 مليون دولار. وتضاعفت تقريبا في الانتخابات التالية لتبلغ مليار و325 مليون دولار عام 2008. ويتوقع أن تبلغ ملياري دولار في الانتخابات الحالية . ويضاف للمبالغ المذكورة أموال تقدمها صناديق .(PACs)وهي تجمع من قبل جماعات ضغط خاصة وبالذات اللوبي الإسرائيلي لتميل حملات الموالين وبموجب قرار المحكمة الفيدرالية العليا للجنة الانتخابات عام 2010 سمح للشركات الكبرى الإنفاق بلا حدود على الحملات السياسية طالما هي لا تنسق مباشرة مع المرشحين للهيئات السياسية. وبناء على القرار تضاعف أربع مرات منذ العام 2006 مبالغ الإنفاق الخاص على الانتخابات ، وازداد بنسبة 72 بالمائة إنفاق المجموعات الخاصة على الدعاية الانتخابية عام 2010 . ومع زيادة نفوذ الرأسمال في العمليات الانتخابية تنزاح السياسة الأميركية باضطراد نحو اليمين. فمباشرة بعد اعتلاء باراك اوباما سدة الحكم اختار لمعاونته أولئك الذين دعموا حملته. ومعظم تكاليف حملته الانتخابية وردت من المؤسسات المالية التي فضلته على ماكين، منافسه الجمهوري.. اما وسائل الاتصال الجماهيري فالدليل على دورها الحاسم في النظام الانتخابي يتجلى في تقاريرها المنشورة تباعا عن " المتقدميْن" في سباق المنافسة وهما من الحزبين الرئيسين. وليس بمقدور المرشح من التيار الثالث سوى الاعتماد على ماله الخاصة كي يظهر في الرزم الإخبارية. وهذا ما حصل مع روس بيروت في حملتي 1992 و1996 ومع رالف نادر في الحملة الانتخابية عام 2000. وبموجب تقارير عام 2000 الصادرة عن منظمة " فير" لرصد النزاهة والدقة في وسائل الاتصال الجماهيري بالولايات المتحدة دأبت الصحافة الحط من سمعة المرشح رالف نادر والتقليل من أهمية حملته في مختلف المناسبات. وأثناء حملة الرئاسة لعام 2008 تم تجاهل مرشحي التيار الثالث والسخرية منهم ونادرا ما جرى التطرق إليهم إلا من خلال مدى التأثير على المرشحين الرئيسين. وفي تحليل أجرته " فير " للتغطية التلفزيونية للانتخابات التمهيدية عام 2008 لم يبرز مرشحو التيار الثالث كطرف رئيس سوى في 5% من التغطية الإخبارية . والمشكلة الثالثة للتغطية الإخبارية من جانب التيار الرئيس للميديا تنبع من اعتمادها المالي المتزايد على النفقات المالية للانتخابات. فقد أشار ماكتشيزني، المحلل الإخباري إلى أن الدعاية الانتخابية تشكل العامل الرئيس في مداخيل مؤسسات الميديا ، بحيث باتت تعتمد عليها إلى حد كبير. أوضح ما كتشيزني وجون نيكولاس " أن محطات التلفزة تقدر حصادها لهذا العام بمبلغ خمسة مليارات دولار، وكانت مداخيلها مليارين و800 مليون دولار في انتخابات 2008. ولذا فالميديا ليست فقط تحجم عن انتقاد برامج المرشحيْن الرئيسيْن؛ إنما هي حتما تفقد كل اهتمام بالحديث عن مطلب الحد من دور الرأسمال في الحملات الانتخابية . يستخلص مكتشيزني ونيكولاس من تحليلاتهما أن " الميديا التجارية لا يحركها دافع لأن تكافح ما بات يشكل بالنسبة لها مركز كسب زاخم." وتلعب البيروقراطية الحزبية دورا ثالثا من حيث الأهمية في تشويه الحياة السياسية في الولايات المتحدة. فالحزبان الرئيسان الجمهوري والديمقراطي لا تسود حياتهما الداخلية مبادئ الديمقراطية. وتفضل اللجنة الوطنية التنفيذية لكل من الحزبين دعم المرشحين الذين يتبعون وجهة النظر المهيمنة . تتألف اللجنة الوطنية من سكرتيري لجان الولايات ونوابهم، وهؤلاء يعينهم الفائزون في دوائرهم في الانتخابات . وجرى تنصيب هؤلاء في مراكزهم القيادية بمساعدة التبرعات السخية للمانحين الأثرياء والتي تحولها اللجنة القيادية لدعم المرشحين المفضلين. بينما أحزاب التيار الثالث يتوجب عليها الحصول على نسبة عشرين بالمائة من أصوات المقترعين كي يسمح لها دخول الحملة الانتخابية التالية . وهي نسبة يصعب الحصول عليها. ولكي يدرج المرشح لأول مرة على قائمة المرشحين لأي مركز في الولاية أو على النطاق الفيدرالي عليه أن يحصل على تواقيع 41 ألف ناخب مسجل في السجل الانتخابي، الأمر الذي يصعب إنجازه على حزب صغير او مرشح مستقل. اما الاشتراك في المناظرات فيتطلب الحصول على نسبة 15% من الأصوات في استطلاعات الرأي العام، علما أن المناظرات لا تنطوي على مضمون أو قيمة. علاوة على الالتزام بالرأسمال الانتخابي فالميديا الأميركية لا تتسامح حيال الاختلافات الجذرية وتهاجمها بضراوة . والحوار الديمقراطي عملة غير رائجة في النظام السياسي الأميركي . وكتب جيمس زغبي رئيس منظمة مناهضة التفرقة العنصرية " منذ أسبوعين جرؤ 15 مسئولا دينياً يمثلون الطوائف الرئيسية في المذهب البروتستانتي، على تحدي أحد التابوهات الراسخة في واشنطن، عندما كتبوا رسالة يستحثون فيها الكونغرس على التحقيق في ما إذا كانت المساعدة الأميركية غير المشروطة لإسرائيل، تساهم في انتهاكات حقوق الإنسان للفلسطينيين. ونظراً لأن القانون الأميركي يمنع مساعدة أي دولة تنخرط في نمط ثابت من أنماط انتهاكات حقوق الإنسان، فإن الموقّعين على الرسالة أعربوا عن قلقهم من تعرض القانون الأميركي المذكور للانتهاك من جانب إسرائيل. الرسالة في حد ذاتها كانت مثيرةً للإعجاب، حيث اتسمت بالنبرة المعتدلة، والاتزان الاستثنائي في المحتوى، وأعرب أصحابها عن تعاطفهم مع "لام ومعاناة" الفلسطينيين والإسرائيليين على حد سواء، وعن أسفهم "لعدم الأمان والخوف" الذي يؤثر على حياة العديد من الإسرائيليين، وعلى حقهم في "الدفاع الشرعي عن النفس" ؛ لكنهم أشاروا أيضاً إلى أن الحياة اليومية للفلسطينيين تشهد بدورها "حالات قتل للمدنيين، وهدم للمنازل، وترحيل قسري، وقيود على التحرك من مكان لآخر". ناشد أولئك الدينيون الكونغرس عقد جلسات استماع لتحديد الدرجة التي تساهم بها المساعدات الأميركية العسكرية في التصرفات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين. واختتموا الرسالة بالقول إنه إذا ما تبين أن إسرائيل ليست ملتزمة بالمواد الأميركية الخاصة بحقوق الإنسان، فإنه يجب تفعيل القانون وقطع المساعدات. حظيت الرسالة باهتمام أوساط مسيحية واسعة ، و حققت بعض النجاح في مناقشة هموم حقوق الأميركيين الأفارقة، وزعماء حركة السلام، ورؤساء الكثير من الكنائس المسيحية المعنية بحقوق الإنسان. غير أن رد الفعل على تلك الرسالة جاء هستيرياً ومتوقعاً، حيث قامت بعض الجماعات اليهودية الكبيرة في الولايات المتحدة بشجب الرسالة والكنائس الموقعة عليها، باستخدام ألفاظ جارحة ومسيئة، متهمةً المسئولين الدينيين بـ "المشاركة في حملة أخرى أحادية الجانب مناوئة لإسرائيل"، وفي "جهد مناوئ للصهيونية"، كما اتهمتهم "بالتزام الصمت المريب على حملات مناوئة لليهودية، والهجمات التي لا تتوقف على إسرائيل". وذهب بعض المسئولين الدينيين اليهود إلى حد الإيحاء بأنهم قد يتصلون بأصدقاء لهم في الكونغرس لطلب عقد جلسة سماع لمناقشة تصرف الجماعات المسيحية. وتضامن مع حملة الجماعات الصهيونية اليهودية مختلف شرائح اليمين الأميركي من أتباع المسيحية الأصولية . فهذه الطائفة ترى في قرارات حكومة إسرائيل استلهاما لإرادة الرب. وتدعم تصريحات نتنياهو المهددة بشن الحرب ضد إيران رغم أن التهديد بالحرب يناقض تعاليم المسيح وينتهك مبادئ الأمم المتحدة. كما تبارك الطائفة الحرب النووية وتروج معتقدات بأن المسيحيين واليهود سوف ينجون من نيرانها إذ يصعدون إلى السماء. كما يحج سنويا جماعات من المسيحيين الأصوليين إلى إسرائيل وقد عقدوا مؤتمرهم السنوي في إسرائيل بحضور ثمانية آلاف مندوب. وحرص نتنياهو على حضور المؤتمر وإلقاء كلمة أمام المؤتمرين. اكتسبت المسيحية الأصولية قيمة سياسية استثنائية بسبب تمركز اهتمامها بقضايا الشرق الأوسط من زاوية كولنيالية. وأثناء الحرب العالمية الثانية صرح أ. بيرل، أحد كبار مستشاري الرئيس الأميركي روزفيلت أن من يسيطر على الشرق الأوسط يتحكم في العالم اجمع . وبناء على القناعة هذه ركزت السياسات الامبريالية على دعم إسرائيل . وفي مرحلة العولمة واشتداد نزعة الهيمنة الكونية تعزز دور إسرائيل في الاستراتيجية الأميركية، وكان هذا أحد العوامل الرئيسة لتراجع أوباما عن نهج الضغط على إسرائيل لوقف التوسع الاستيطاني والموافقة على دولة فلسطينية مستقلة. تدور الحملات الحالية لانتخاب الرئاسة الأميركية، فى ظل أزمة اقتصادية، ترتفع حمى النعرات العنصرية درجات إضافية، إذ يبحث الناس عمن يعلقون عليهم مشكلاتهم. والضحية تكون عادة القطاعات الأضعف فى المجتمع، كالأقليات والمهاجرين وغيرهم من المتهمين زورا بالتهام الإنفاق الحكومي وسرقة الوظائف من البيض. يكثر اللجوء إلى استخدام لغة خطاب هيستيرية مفرطة، في محاولة لإرهاب الخصوم، كما يتضح في موقف اليمين تجاه أوباما ، خاصة حزب الشاي داعية الفاشية في السياسة الأميركية. حزب الشاي، كما وصفها تشومسكي، "حركة تمولها بسخاء الرساميل الخاصة ، وهي من حيث جمهورها لا تختلف عن بنية الجمهور الذي أفلح النازيون في تعبئته." باختصار تعاظم مد العنصرية وبات أكثر وطأة وشراسة من جانب من لا يقبلون برئيس من أصول أفريقية. كما تتكئ الحملة اليمينية على أداء أوباما السياسي طوال سنوات حكمه. أداء أوباما فى الحكم خذل قطاع الشباب والأقليات العرقية واذوي النظرات التقدمية بسبب قائمة طويلة من السياسات خصوصا المتعلقة بالحريات المدنية والسياسات الاجتماعية والسياسة الخارجية. فقد أبقى أوباما على اعتداءات بوش على الحريات، واحتفظ بالطابع الإمبراطورى العدواني للسياسة الخارجية، ولم يحقق العدل الاجتماعي وظل أسيرا لأموال جماعات المصالح. لذلك كله، لا تملك حملة أوباما هذه المرة الزخم والحماس اللذين امتلكتهما حملته عام 2008. بعبارة أخرى، فى ظل الاحتقان العرقي، فإن نجاح الجمهوريين فى حرمان قطاعات واسعة من الأقليات والشباب من التصويت، مع إحجام قواعد الحزب الديمقراطي عن التصويت لأوباما، معناه تلاشى الائتلاف الواسع الذي فاز أوباما بفضله عام 2008. والنتيجة فوز رومنى بالرئاسة رغم ضعفه وتطرف برنامجه. لكن بعض التقدميين انتبهوا لخطورة ذلك السيناريو، فلاحت مؤخرا بوادر حملة تتبناها رموز تقدمية محترمة، لم تتوقف يوما عن انتقاد سياسات أوباما، راحت تدعو الديمقراطيين للتصويت لأوباما مهما كانت درجة غضبهم منه لمنع رومنى من الوصول للبيت الأبيض. وقد استخدم نعوم تشومسكى، العالم المعروف، أحد هؤلاء الرموز، عبارة بالغة الدلالة حيث وصف أجندة الجمهوريين بأنها «شديدة الخطورة ليس فقط على بلادنا، بل على حياة البشرية جمعاء ".
#سعيد_مضيه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حاتم الجوهري و-الصهيونية الماركسية
-
محكمة راسل في جلستها الرابعة بنيويورك
-
كعب اخيل السياسات الإسرائيلية
-
برز أوباما في ثياب الواعظين
-
مهما حملت الصناديق فالمحافظون الجدد هم الحكام
-
أمية تناطح العلم وجهل في معركة الحضارة
-
نحو تغيير جذري يعزز عوامل الصمود وهزيمة الأبارتهايد
-
وجه الأبارتهايد الكريه
-
مشروع دولة إسرائيل الامبريالية العظمى 3
-
مشروع إسرائيل دولة امبريالية عظمى2
-
المشروع الصهيوني من اجل دولة إسرائيل الامبريالية العظمى
-
تشومسكي: تأملات في الصهيونية وتشابكاتها الامبريالية 3
-
تشومسكي: تأملات في الحركة الصهيونية وتشابكاتها الامبريالية 2
-
نوعام تشومسكي: تأملات في الصهيونية وعلاقاتها بالسياسات الأمي
...
-
إسرائيل تعيش عصرها الذهبي
-
حرب قذرة إعلامية استيطانية تشارك بها فرق الموت الأميركية
-
اغتيال عرفات وكوابيس القضية الفلسطينية
-
الشعب الفلسطيني ينزف آخر قطرات الصبر
-
الأبارتهايد الإسرائيلي موقد تحت مرجل المنطقة
-
أبعد من تقاسم أراض بالضفة وأخطر من اختلال توازن ديمغرافي بال
...
المزيد.....
-
كيف يرى الأميركيون ترشيحات ترامب للمناصب الحكومية؟
-
-نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح
...
-
الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف
...
-
حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف
...
-
محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
-
لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
-
خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
-
النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ
...
-
أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي
...
-
-هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|