ناصر بن رجب
الحوار المتمدن-العدد: 3901 - 2012 / 11 / 4 - 00:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تأيف : كلود جيليو
ترجمة وتعليق : ناصر بن رجب
Le Coran, production littéraire de l’Antiquité tardive
ou Mahomet interprète dans le « lectionnaire arbe » de la Mecque
par : Claude Gilliot, in, Revue des mondes musulmans et de la Méditerranée, n° 129, 2011-1, p. 31-56.
مُلخّص :
نتناول هنا النّشاط التفسيري لمحمّد في بعض المقاطع أو في جزء من لُغة القريانة (syriaque : qeryâna)، المكّية (القرآن المكّي). إذ بالفعل، يظهر هنا محمّد أحيانا وهو يُترجم مقاطع أو أقوال كتابات سالفة لم تكن هي باللغة العربيّة. يجب أن يُفهَم هنا معنى التفسير في شكله الواسع ليشمل الترجمة والنقل والشرح. فمُمَارَسة التَّرْجُوم targum هذه كانت موجودة من قبل عند اليهود الذين كانوا يُترجمون ويُفسّرون النّص العبري بالآراميّة. وكانت هذه أيضا ممارسة الكنائس النّاطقة بالسريانيّة التي كان بحوزتها الدياتسارون Diatessaron والعديد من كتب الطقوس (قريانات) تحتوي على نصوص مختارة للإستعمال الليتورجي.
قرآن المَنْبَع وقرآن ما قبل القرآن
لقد وُلد القرآن في وسط مُعيّن، وفي فضاء ثقافي معيَّن، وفي زمن مُعيّن، شأنه في ذلك شأن كلّ إنتاج ثقافي أو أدبي آخر. لا شيءَ يأتي من لا شيء، عدا ما يخلقه الله من العدم. غير أنّ هذا الامر المُعترف به عامّة بخصوص الكتاب المقدّس، سواء أسفار العهد القديم أو الأناجيل، ما زال يثير إشكالا للبعض حَالَمَا تتعلّق المسألة بالقرآن. وهذا الرّفض يُباغتنا. فالتراث الإسلامي من تفاسير، وتاريخ، وشبه تاريخ، وحتّى الخرافي منه، وهو إذ يُقِرُّ بالمصدر الإلهي المحض لــ "القريانة العربيّة"(1) التي تحمل اسم "قرآن"، فهو يسمح في العديد من رواياته وأحاديثه، المتضاربة غالبا، - تضاربات تشغل الباحثين وما تزال – لعناصر تاريخ "قرآن المنبع" و "قرأن ما قبل القرآن" أن تبرز وتطفو على السّطح.
في دراسات سابقة كنّا قد اعتبرنا أنّ التَّعبيرَيْن "قرآن المنبع" و "قرآن ما قبل القرآن" تعبيران مُتَكافِئان، أي القرآن ما قبل ما يُسمّى بالقرآن "العثماني"، وخصّصنا التعبير "قرآن الْمَصبّ" لما يُسمّى القرآن العثماني(2).
يبدو لنا من الآن فصاعدا أنّ التسمية "قرآن المنبع" أكثر شموليّة وأكثر اتّساعا : فهي تُحيل إلى مُجْمَل المسارات التي سبقت إنشاء ما يُسمّى بالمصحف العثماني : أي الإستعارات من التقاليد الدينيّة السابقة وتجميعها (أي "القرآن قبل القرآن")، وهو الشيء الذي يُطلَق عليه منذ مدّة قليلة "تَنَاصّ"(3)، ولكن أيضا إفصاح محمّد عن رسالته على أنّها آتية من عند الله، وذلك في شكل وَحْي متواتر، ثمّ حِفْظُ نفس هذه الرسالة والمحافظة عليها مكتوبةً بأشكال مختلفة.
أمّا تعبير "القرآن قبل القرآن"، فهو تعبير أقلّ اتّساعا ويُحيل إلى الإستعارات المأخوذة من التقاليد الدينيّة السابقة وإلى تدوينها، أساسا بالنّسبة لنا هنا، خلال الفترات المكّية. وبهذه المناسبة تناولنا "تجميعات" "القريانة العربيّة المكّية" أو "نشاط محمّد التفسيري" في نفس هذه القريانة المكّية(4). فكلّ شيء، بما في ذلك النّص القرآني نفسه، يقدّم لنا ميادين بحث في هذا الصدد ويحثّنا لكي نمضي أبعد في هذا الإتجاه.
القرآن قبل القرآن، أو ما يقوله القرآن عن "ما قبل تاريخه" الخاصّ به
لا نعني هنا بلفظ ما قبل التاريخ، التعابير، أو المقاطع أو المواضيع القرآنيّة التي اسْتُعيرَت أو التي يمكن أن تكون قد استُعيرت من اليهوديّة، أو المسيحيّة، أو من مختلف الأشكال اليهوديّة-المسيحية، أو من المانويّة، أو الغنّوصيّة، أو بطبيعة الحال من "الموروث الديني العربي القديم"(5)، ولكن من تلك الألفاظ، والتعابير، والمقاطع أو المواضيع القرآنيّة التي تبدو أنّها تُلمِّح لـ "نصّ" أو "مصدر" شفوي يمكن أنّ القرآن قد كان عالة عليهما.
بما أنّ القرآن هو نصّ يتحدّث بكثرة جدّا عن نفسه، ويُطلق اليوم على هذا النوع من النصوص، النَّص "ذاتيّ-المرجعيّة"(6)، فهو يعود إلى ما قاله، ويصف نفسه بنفسه. ولكنّه يُعطي الكلمة لمعارضين وخصوم، حقيقيين كانوا أم مُفترَضين، وذلك في شكلِ خطاب مُضادّ(7)، أو "خِطاب-خَلْفِي"(8)، ثمّ يُجيبهم بحدّة. وعندما يفعل ذلك يحدث للنّص القرآني أن يُعرّي بعض الشّرائح من أركيولوجيته.
وهكذا كان باستطاعتنا أن نتحدّث عن "المصطلحات الإسلاميّة العالِمَة لمختلف طبقات القرآن"(9)، الذي سنحلّله جزئيًّا هنا وخاصّة المصطلح المتعلِّق بالحقل الدلالي للتّأويل، والتفسير، والتّكييف، وحتّى "الترجمة". في الواقع، كما سنرى، إنّ "القريانة العربيّة" للفترة المكّية تعرف كبف تجعل من نفسها تُرجُمانا، بالمعنى المزدوج للتّفسير و "الترجمة"، لمقاطع، ولخطابات، وحتّى لمقتطفات من الكتابات المقدّسة أو المؤثورات الدينيّة السابقة. أكثر من ذلك، تأكيدها على عربيّتها الخاصة بها يدفع إلى التفكير بأنّها تريد أن تتميّز عن قريانة أو عناصر قريانات لم تكن هي عربيّة، ومن أجل ذلك يجب علينا قبل كلّ شيء أن نمرّ بمنعطف الممارسة التي كانت معروفة في العصر الأنتيكي المتأخِّر، ممارسة القريانات المُستَعْمَلة في الكنائس السريانيّة أو الآراميّة.
العوالم المسيحيّة السريانيّة واستعمال القريانة
جلب أخصّائي الأدبيّات المسيحيّة الأولى ج. بومان J. Bowman(10)الإنتباه إلى وجود مونوفيزيّين (القائلين بطبيعة إلهيّة واحدة للمسيح) في نجران شمال اليمن وبين القبائل العربيّة الكبرى مثل الغساسنة، ولكن أيضا اللّخميين التي كانت الحيرة عاصمة لمملكتهم(11). فهو يعتبر أنّ نُبُوّة القرآن ومحتواها الكتابي يمكن أن يُفَسَّرا بحقيقة أن محمّد كان على اتّصال بالمونوفزيّين (اليعاقبة) الذين كانوا يستعملون إنجيل تاتيان الرُّباعي (دياتسارون) Tatian s Diatessaron ويعتبرونه بمثابة النّص القانوني للأناجيل.
لنذكِّر أن المقصود بالدياتسارون هو "الإنجيل الذي جُمِّع من الأناجيل الاربعة"، ويُسمّى أيضا "التجميع التوفيقي للأناجيل" (لقد وجِدت عدّة تجميعات توفيقيّة أخرى للأناجيل غير تجميع تاتيان)، أو "الإنجيل المتكامل"، وهو نصّ من المحتمل أن يكون قد كُتب في الأصل بالسريانيّة الشيء الذي يفترض التطابق والإنسجام بين الاناجيل الأربعة. لقد ظلّ لفترة طويلة نصّ الأناجيل الوحيد المستعمَل في طقوس الكنائس التي تستخدم اللّغة السريانيّة. هناك العديد من هذه الكنائس لا تزال تستخدمه في أيّامنا هذه خلال الأسبوع المقدَّس (الأسبوع الذي يسبق يوم الفصح).
باستعمالهم هذه المصادر بما فيها مقاطع من الأناجيل المنحولة، يمكن هكذا أن يكون محمّد ومن أعانه قد أنشأوا قريانتهم الخاصّة بهم (قرآن، كلمة غير عربيّة مأخوذة من السريانيّة "قريانة" qeryânâ)، لتلبيّة حاجياتهم الخاصّة بهم. نقول محمّد ومن أعانه لأنّه لا يجب "إقصاء إحتمال أنّ القرآن كان قد نشأ داخل مجموعة يمكن أن يكون محمّد قد كان قدوتها"(12)، وقد وقع الحديث بهذا الخصوص حتّى عن "جماعة مُتعصِّبة، قريبة من المونوفزيّة السورية الراديكاليّة والمانويّة، التي كانت تنتظر عودة المسيح في مستقبل قريب"(13).
كانت الكنائس الشرقيّة تتّبِع التقليد اليهود في قراءة الكتابات المقدّسة قراءة عموميّة حسب طريقة القريانة (ktaba d-qeryânâ)، الذي يحتوي على مقتطفات من أسفار الشريعة (uraitha, ktaba d-orayta)، اي التوراة أو "أسفار موسى الخمسة"، ومقتطفات من كتب الأنبياء القدّيسين (ktabe d-anbiya qaddishe)، ومقتطفات من أعمال الرّسلpraksis) .(da-tres’ar shlihe qaddishe وكذلك فإنّ الأنجيل لم يكن يحتوي إلاّ على منتخَبات من الأناجيل الأربعة مثلا على شكل دياتسارون. هناك مُجلّد آخر يُسمّى "شليحة" Shliha، كان يحتوي على مختارات من رسائل الرسول بولس (aggrata d-Pa’olos shliha)، أو من رسائل الرّسل بصورة عامّة (aggrata d-shlihé)؛ هناك كتاب آخر أيضا هو كتاب المزامير (ktaba d-mazmor d-Dawid). وهناك كتاب أخير يُسمّى تُرجومه Turguma (تأويل، تفسير) يمكنه أن يحتوي على خُطَب وعظيّة منظومة بصيغة أبيات شعريّة (mêmrê)، وكانت تُتلى منها مقاطع بعد قراءة القريانة والشليحة. على غرار ذلك النشيد (مَيْمَر) المنسوب ليعقوب السروجي (يعقوب سروگايا 451 – 521 م) عن "نيام إفسوس السبعة" باللّغة السريانيّة، خُطْبته عن الإسكندر الأكبر "الملك المؤمِن"، والباب الذي أمر ببنائه، حسب الأسطورة، لمقاومة يأجوج ومأجوج(14). نعرف الآن أنّ نِسبة هذه القصيدة الأخيرة ليعقوب السروجي لا يمكن القبول بها(13). فقد كانت هذه النصوص تُقرأ في الكنائس ومن المحتمل في شكل تُرجومة. إنّ القرآن (المكّي)، من حيث تسميّته ومن حيث الجزء الكبير من محتواه يدعنا نفكّر في كتاب فصول ليتورجي، ويحتوي فعلا على عناصر من القصص التي أتينا على ذكرها الآن (سورة 18).
بعدما تعرّضنا لأسس هذه الممارسة بصورة مقتضبة، يمكننا العودة لموضوعنا "القريانة العربيّة".
هذه "القريانة" بلغة عربيّة، "تُؤَوِّل/تُفسّر" "قريانة" غير عربيّة
إضافة إلى ملاحظات غ. لولينغ G. Lüling عن "المصطلحات الإسلاميّة العالِمَة لمختلف طبقات القرآن"، التي شحذت همّتنا للمضيّ في هذ المسعى، تجدر الإشارة إلى تشجيع آخر جاء من عند كريستوف لوكسنبيرغ عندما يكتب : "إذا كان القرآن يعني حقيقةً "قريانة" lectionnaire، باستطاعتنا أن نفترض أنّ القرآن كان قد أراد لنفسه أن يُفهم على أنّه لا شيء آخر غير كتابِ طقوس (ليتورجي) يحتوي على نصوص مختارة من الكتابات المقدّسة (العهد القديم والعهد الجديد، أو كتابات أخرى يهوديّة-مسيحيّة قديمة)، وليس على الإطلاق كبديلٍ عن الكتابات المقدّسة نفسها، أي ككتابٍ مقدّس مستقلٍّ بذاته. ومن هنا جاءت التلميحات العديدة للكتابات المقدّسة السابقة التي بدون معرفتها يمكن للقرآن أن يبدو للقارئ كتابا خُتِم بسبعة أختام"(15) أختام تحول دون فهمه. أخيرا، لقد مارست أيضا تحليلات الباحث Jan Van Reeth الدقيقة تأثيرها على تدرّج تفكيرنا وتطوّره.
إذا أضفنا إلى المُصطلحات التي ذكرناها آنفًا وإلى الفلك الليتورجي الذي يدور فيه القرآن، فحقيقة أنّ هذه القريانة المكّية، باعتبار فنّها الأدبي، والأسلوبي، والليتورجي، تُذكِّر بدون أيّ شكّ بفنّ المزامير مثلما لاحظ ذلك سابقا هيرشفيلد(16) Hirschfeld، وحديثًا نوفيرث(17) Neuwirth ، فسيُفهَم لماذا نتوجّه نحو هذه القريانة لمعرفة ماذا تقول عن نفسها. إنّها يمكن أن تكون في موقع كتاب المزامير لو لم يكن عندنا أسفار موسى الخمسة Pentateuque (التوراة)، وأسفار العهد القديم التاريخية : ففي المزامير تلميحات إلى قصص، وإلى مواضيع لا يمكن فهمها بدون أسفار موسى وبدن الأسفار التاريخيّة، ولكن أيضا التغييرات الفُجْئيِّة للمواضيع داخل نفس المزمور (السورة، بالنّسبة للقرآن)، والتكرارات لنفس الموضوع ونفس الفكرة "ابتهالات"، تذكيرات بما فعله أو عاناه الآباء وما صنعت العناية الإلهية بخصوصهم ("الذِّكْر" واشتقاقاته في القرآن)، إلخ.
ليس من الغريب أن تكون المزامير قد حازت اعتراف محمّد، قُدوة الفريق الذي كان يُساعده، أكثر من أيّ شيء آخر، مع التوراة، وهما سفرا العهد القديم الوحيدان اللّذان يُسمّيهما القرآن : "باعتبار أنّهما كانا باستمرار في أفواه اليهود على شكل صلوات"(18). بصورة مّا، فإنّ محمّد "يضع التوراة والمزامير في نفس المستوى"(19) : "وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ" (سورة 17، آية 2)، و "... وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا" (سورة 17، آية 55). الشيء الذي يمكن على الأرجح أن نربطه بما جاء في سورة الشعراء (195، 196) "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ، وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الأَوَّلِينَ" (لم يقل "كُتُب" بل قال "زُبُر"، كما لاحظ ذلك جيّدا الباحث مُنْذر صفَر)(20). نفهم جيّدا أن تكون المزامير قد مارست "انجذابا قويّا" على روح محمّد، مزامير "لا يذكرها فقط، ولكنّه أيضا يُقلِّدها"(21). ويظهر ذلك منذ أوّل سورة، فاتحة القرآن : فهي تشبه بجُمَلها القصيرة مزمورًا، وآيتها السادسة : "اهدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ" يبدو أنّها تُذكِّر بما جاء في المزمور 27، 11 : "طَريقَكَ يَا رَبُّ عَلِّمْنِي، وَسَبِيلَ الإِسْتِقَامَةِ آهْدِنِي". إنّ معرفة محمّد بالمزامير تبدو كرونولوجيًّا قديمة في القرآن، فالآية : "لَيْلَةُ القَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ" (سورة القدر، آية 3) تُذَكِّر بالآية : "إِنَّ يَوْمًا فِي دِيَارِكَ خَيْرٌ مِنْ أَلْفٍ" (مزمور 84، آية 11)(22). أو أيضا : "وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ" (الحجّ، آية 47)(23).
بناء على هذا، لنبدأ بالإلحاح إلى حدّ الوسوسة الذي يُبديه القرآن ليُقدِّم بشتّى الأساليب حُجَج عربيّته، مثلا هنا في سورة النّحل، آية 103 : "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِين".
أغلب قدماء المفسِّرين المسلمين يعتبرون هذه السورة مكّية ما عدا بعض آياتها؛ مثل ابن عبّاس (تـ 69 هـ/688 م)، وعكرِمة (تـ 105ه/723 م، ولكن يُروى عنه أيضا أنّه يعتبرها مدنيّة)، والحسن البصري (تـ 110 هـ/728 م)(24)، الشعْبي (تـ 103 هـ/721 م حسب ما ذكره السمرقندي، ج 2، ص 227)، إلخ. مع بعض الإقحامات المدنيّة، على غرار الآيات 126-129 التي يعتقد ابن عبّاس أنّها يمكن أن تكون قد نزلت بين مكّة والمدينة حين كان محمّد راجعا من معركة أُحُد(25). أو أيضا، ودائما حسب ابن عبّاس، الآيات 95-97 هي آيات مدنيّة(26). بالنّسبة لبعضهم، هذه السورة مدنيّة من أوَّلِها إلى غاية الآية 40 (كُنْ فَيَكُون). ويُرْوى العكس من ذلك عن قتادة بن دِعامة (تـ 118 هـ/736 م) : هي مكّية من أوَّلِها إلى الآية 40، ولكنّها مدنيّة في بقيّة آياتها(27). المُفسِّر والمُتكلِّم المعتزلي أبو بكر بن كيسان الأصمّ (تـ 200 هـ/816 م، أو 201 هـ)، الذي كان المعتزلة يعتبرونه متكلِّمًا هامشيًّا، يعدُّها سورة مدنيّة بكاملها(28).
فيما يخصّ الترتيب الكرونولوجي، تحتلّ هذه السورة المرتبة 70 من المصحف المنسوب إلى جعفر الصّادق (تـ 148 هـ/765 م)(29)، ترتيب وقع اعتماده في طبعة القرآن المُسمّاة طبعة القاهرة. وها هو ترتيبها الذي اقترحه عديد المستشرقين(30) : موير : 88، الفترة المدنيّة الأولى؛ نولدكه : 73، الفترة المكّية الثالثة مع بعض الإقحامات المدنيّة المحتمَلَة؛ غريم : 83، الفترة المكّية الأخيرة، سوى الآيات 110-128 أو 110-128، وهي آيات مدنيّة؛ هيرشفيلد : مكّية من الصنف الخامس، أي صنف الوحي الوصفي، سوى الآيات 1-114، 113؛ 114-128 مع نقطة استفهام عند هيرشفيلد، التي هي آيات مدنيّة؛ بلاشير : 75، الآية 110 مُقحَمَة.
نستطيع أن نستنتج أنّ الآية التي ذكرناها تنتمي حسب غالبيّة المسلمين والمستشرقين إلى الفترة المكّية الثالثة؟ أو الأخيرة؟. وهذه الآية ستكون موضوع ملاحظتين.
هذه الآية 103 تأتي في مجموعة آيات (النحل، 101-103) "مشحونة بالإحالة الذاتيّة" (Wild, 2006 : 148)
لقد اسْتُعمِل لفظ "لِسَان" في عدّة مقاطع أخرى من القرآن بالمعنى غير الإستعاري للّسان باعتباره العضو الذي يتمّ به الكلام. في بعض هذه الحالات لا يتعلّق الأمر باللّغة العربيّة، ولكن بتبليغ الوحي : "وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ" (القصص، 34)، "فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنذِرَ بِهِ قَوْمًا لُّدًّا" (مريم، 97)، "فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ" (الدخان، 58)، هذا المثال الأخير يجب أن يوضع في علاقة مع سورة القمر والآيات المُتكرِّرة 17، 22 و 40 : "وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّذَّكِرٍ". في سورة طه، الآية 27، يُصرِّح موسى : "وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي"، وكذلك في الآية أعلاه من سورة القصص لدينا أصداء أثر لهذا المعنى من سفر الخروج 4، 14-15 : "أَلَيْسَ هُناكَ أَخُوكَ هَارونُ اللاَّوي؟ إِنِّي أَعْلَمُ أَنَّه فَصِيحُ اللِّسان .... فَتُخاطِبُه وتَجْعَلُ الكَلامَ في فَمِه، فإِنِّي أَكونُ مع فَمِكَ وفَمِه".
يرد التعبير "لسان عربيّ" ثلاث مرّات في القرآن، كلّها في الفترة المكّية (16، 103؛ 26، 195؛ 46، 12)، كاستعارة للدّلالة على معنى اللّغة. وبما أنّ القرآن ذاتيّ-المرجعيّة بصورة متناهيّة، فإنّه على نحو مّا على وَعْيٍ بالنّسبة للُغتِه الخاصّة به(31). وهو لا يقول أنّه عربيّ أو بلسان عربيّ فقط، ولكن يبدو أنّه يُصرِّح بأنّه جاء بلسان عربيّ "مُبِين" : "إِنّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا"، (سور 12، آية 2؛ 20، 113)؛ "إِنّا أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا" (سورة 13، 37)؛ "قُرْآنًا عَرَبِيًّا" (سور 39، 28؛ 41، 3؛ 42، 7؛ 43، 3)؛ "وَهَذَا كِتَابٌ مُّصَدِّقٌ لِّسَانًا عَرَبِيًّا" (سورة 46، 12)؛ "بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ" (سورة 16، 103؛ و 26، 195)(32).
إنّ الأسباب التي يُلِحُّ القرآن من أجلها على هُويَّته وقيمة لغته الخاصّة به تبدو جداليّة وحِجاجيّة. البرهان على طابعه العربي يجب وضعه في علاقة مع الآية 4 من السورة 14 : "وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ". هذا التصريح الذي يُشدِّد على لغة الرسول (محمّد؟) ولغة قومِه (العرب) يُمكن أن يُفهَم على أنّه تعبير ذو طبيعة إثنيّة-مركزيّة (عِرْقيّة) لهذه الرسالة النبويّة، ولكن أيضا بمثابة "حُجّة إلهيّة" على كَونِيَّتها رافِضًا بذلك لغة مقدَّسة أخرى، أي اللغة العبريّة، أو أيضا وبدون شكّ اللغة السريانيّة، أو الآراميّة (التي تُعتبَر هي ايضا وإلى حدّ مّا بمثابة لغة مقدّسة(33))، وهي لغات من المُحتمَل أنها كانت لغات بعض مُعاوِني أو مُخبِري محمّد(34).
غير أنّ القرآن إذ يعود بانتظام للحديث عن لُغَته فهو يُجيب أيضا على الإتّهامات التي كانت قد وُجِّهَت لمحمّد خلال الفترة المكّية : "وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِّسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُّبِين" (سورة النّحل، آية 103). يذهب المفسّرون إلى شرح كلمة " يُلْحِدُونَ" (في القراءة الكوفيّة " يَلْحَدُونَ"(35)) بـمعنى " يَمِيلُونَ" (مُقاتِل، ج 2، ص 487)، و "يميلون إليه ويَهْوونَه" (الفرّاء، ج 2، ص 113). ولهذا السبب ترجم مرّاسي Marracci (398) هذه الآية :
« Lingua ad quam inclinant (idest, qua loquntur homines illi, a quibus dicunt Mahumetum doceri) est barbara » وجورج سيل George Sale (1697 ?-1736)، الذي اعتمد غالبا على مرّاسي، ترجمها : « The tongue of the person unto whom they incline is a foreign tongue ». مع أنّ هذا الفَهْم لا يبدو مُقنِعًا. إذ أن السياق اللّغوي والإجتماعي يمكنه أن يُحيل إلى اللّغة السريانيّة : فالجذر العربي ل – ح – د، يمكن أن يكون اقتباسًا للّفظ السرياني l‘ez، الذي يعني "تكلّم بِإبهام"، "أَلْمَح إلى"، مثل معاني الجذر العربي ل – غ – ز(36).
إنّ التعارض بين كلمة أعجمي، التي تعني غالبا رومي، أجنبي، و كلمة "عربي"، يأخذ معناه إذا تفحّصنا الآية 44 من سورة 41 (فُصّلت) : "وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا (أي بلغة أجنبيّة) لَّقَالُوا لَوْلا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ (أي القرآن أعجمي، والسامع عربي، أو كما يقول مُقاتل : "محمّد عربي والقرآن أعجمي"، أو الثعلبي : "أَكِتاب أعجميّ ونبيّ عربي"المترجم).
المُفسّر السُّدّيّ الكبير (تـ 128 هـ/745 م) يشرح كلمة "فُصِّلَت" بمعنى "بُيِّنَت" (الطبري، تفسير، ج 24، ص 127). أمّا الثَّعلبي (تـ 427 هـ/1035 م)، ودون أن يذكُر السُّدّي، فقد كَتب : "بُيِّنَت آيَاتُهُ بِلُغَتنا حتّى نفقهها، فإِنّا قومٌ عربٌ، ما لنا وللأعجمية" (الثعلبي، ج 8، ص 298). وقبله بزمن طويل، كان مُقاتل بن سليمان (تـ 150 هـ/767 م) قد شرح ذلك قائلا : " لَوْلاَ فُصِّلَتْ آيَاتُه : هَلاَّ بُيِّنَت آياته بالعربية حتى نفْقَه ونَعْلَم ما يقول محمّد؟" (مقاتل، ج 3، ص 746).
هذه المقاطع ذاتيّة-المرجعيّة للقريانة (المكّية) تبدو وكأنّها تُشير إلى أن هذا القرآن هو ضرْبُ من الشرح أو التفسير باللغة العربيّة لكتاب غير عربيّ أو مجموعة من "النصوص"، أو "الأقوال"، أو أجزاء من قريانة غير عربيّة. وممّا تجدر الإشارة إليه أنّ القرآن لا ينفي أن يكون محمّد قد تلقَّى تعليمًا من مُخبِرين، ولكنّه يُلِحّ على حقيقة أنّ الرسالة التي يُبلِّغها محمّد جاءت بلغة يفهمها العرب : اللغة العربيّة.
(يتبع)
الهوامش
(1) "إِنّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا"، (سورة 12، آية 2).
(2) Claude GILLIOT, «Creation of a fixed text», in DAMMEN McAuLiFFE Jane (éd.), The Cambridge Companion to the Qur ân, Cambridge, CUP, p. 43. «Reconsidering the Authorship of the Qur ân. Is the Qur ân Partly the Fruit of a Progressive and Collective Work?», in G. S. REYNOLDS (éd.), The Qur ân in its Historical Context, Abingdon, Routledge, p. 89. «Une reconstruction critique du Coran ou comment en finir avec les merveilles de la lampe d Aladin ?», in M. KROPP (éd.), Results of Contemporary Research on the Qur an. The Question ofa Historico-Critical Text, Beyrouthl Würzburg, Ergon Verlag, p. 55-6.
(3) Gfrereis, 1999 : 91-2.. لَفْظٌ قلّما يقع تعريفه عندما يتعلّق الامر بالدراسات القرآنيّة، الشيء الذي يجعل منه في الغالب تعبيرا مُحتَشِمًا حتّى يقع تجنَّب الحديث عن "استعارات"، خوفًا من أن تُنْزَعَ عن القرآن أصالته التي يمتلكها في أيّ حال من الأحوال ! ونعني بالتناصّ كلّ أخبار نصّ أدبي، واعيّة أو غير واعيّة، أو آثارها الكامنة فيه التي تُحيل إلى نصوص أدبيّة أو غير أدبية أخرى (تقاليد شفويّة، فنيّة، إلخ)، وهذا عن طريق استشهادات، تلميحات، مواضيع، شروحات أو تفاسير، أو حتّى بواسطة السّخرية، المُحاكاة، النّقل، السرقة، الشكل، الأسلوب، إلخ.
(4) Gilliot, «The "collections" of the Meccan Arabie lectionary or Mohammed s exegetical activity in it», in Festschrift Harald Motzki, à paraître, Leiden, Brill.
(5) RUDOLPH Kurt, 1966, «Die Anf ânge Mohammeds im Lichte der Religionsgeschichte», in Kurt RUDOLPH, et al. (éd.), Festschrift Walter Baetke, Weimar, Hermann Bëlhaus Nachfolger, p. 304-8; BECKER Carl Heinrich, «Islam», RGG, III, col. 709-10; HARTMANN Martin, «Arabien», RGG I, col. 644-54; - 2011a, «Rétrospectives et perspectives. De quelques sources possibles du Coran. 1 re partie: Les sources du Coran et les emprunts aux traditions religieuses anté¬rieures dans la recherche (XIXe et début du xx" siècles) », à paraître in Mélanges Emilio Platti.
(6) WILD Stefan (éd.), 2006, Self-Referentiality in the Qur ân, Wiesbaden, Harrassowitz, 169 p.
(7) AZAIEZ Medhi, 2008, La Polémique dans le Coran. Introduction à une analyse du contre discours et de la riposte coranique, mémoire de master, Aix-en-Provence, Université de Provence.
(8) ARKOUN Mohammed, 1982, «Le problème de l authenticité divine du Coran» (communication présentée à Montpellier, 1969), in Lectures du Coran, Paris, Maisonneuve et Larose, p. 26-40.
(9) LÜLING Günter, 1974, Über den Ur-Qur ân. Ansätze zur Rekonstruktion vorislamischer christlicher Strophenlieder im Qur ân, Erlangen, Verlag Hanelore Lüling, p. 5, 206-7, 209, muhkam vs mutashâbih ; mufassal, ibid et 111 ; LÜLING Günter, 2003, A Challenge to Islam for Reformation. The Rediscovery and Reliable Reconstruction of a Comprehensive Pre-Islamic Christian Hymnal Hidden in the Koran under Earliest Islamic Reinterpretations, Delhi, Motilal Banarsidass Publishers, LXVIII+580 p. (éd. revue et traduction de Lüling 1974), p. 12-3, 69, 111; SFAR Mondher, 2000, Le Coran est-il authentique ?, Paris, Les Éditions Sfar (diffusion Cerf), p. 15-55.
(10) BOWMAN John, 1967, «The Debt of Islam to Monophysite Syrian Christianity», in MACLAURIN E.C.B. (éd.), Essays in Honour of Griffiths Wheeler Thatcher (1863-1950), Sydney, p. 191-216; BOWMAN John, 19832, «Holy Scriptures, Lectionaries and the Qur an», in JOHNS Anthony Hearle (éd.), International Congress for the Study of the Qur an, Canberra, University of Canberra, p. 29-37.
(11) TORAL-NIEHOFF Isabel, 2010, «The Ibâd of al-Hîra, An Arab Christian communit y in late antique Iraq», in Angelika NEUWIRTH, et al. (éd.), The Qur ân in Context, p. 323-47; - 2007b, «Une reconstruction critique du Coran ou comment en finir avec les merveilles de la lampe d Aladin ?», in M. KROPP (éd.), Results of Contemporary Research on the Qur an. The Question ofa Historico-Critical Text, Beyrouthl Würzburg, Ergon Verlag, p. 33-137.
(12) Claude GILLIOT, 1996, «Muhammad, le Coran et les "contraintes de l histoire"», in Stefan WILD (ed.), The Qur ân as Text, Leiden, Brill, p. 26.
(13) VAN REETH Jan M.F., 2006, «Le Coran et ses scribes», in Christian CANNUYER (éd.), Les scribes et la transmission du savoir, Bruxelles, p. 73.
(14) BUDGE Ernest Alfred Thompson Wallis, Sir, 1889, The History of Alexander the Great, being the Syriac version of the Pseudo-Callisthenes, edited .with an English translation and notes, by E. A. W. Budge. (A Discourse composed by Mâr Jacob upon Alexander, the believing king, and upon the gate which he made against Âgôg and Mâgôg), translated from the Syriac, Cambridge, CXI+291+275 p.
(15) LUXENBERG Christoph, 2000, Die Syro-aramâische Lesart des Koran. Ein Beitrag zur Entschlüsselung der Koransprache, Berlin, Das Arabische Buch, p. 79 ; 2004, p.111 ; - 2007, The Syro-Aramaic Reading of the Koran, Berlin, Verlag Hans Schiler, p. 104.
(16) HIRSCHFELD Hartwig, 1878, Jüdische Elemente im Korân. Ein Beitrag zur Korânforschung (thèse de l Université de Srasbourg), Berlin, im Selbstverlag (à compte d auteur), p. 15-9, 31-2, 43-7 : 1886, Beiträge zur Erkldräng des Korân, Leipzig, O. Schulze, p. 27-33; 1902, New Researches on the Composition and Exegesis of the Qoran, Londres, p. 73-8.
(17) NEUWIRTH Angelika, 2008, «Psalmen - im Koran neu gelesen (Ps 104 und 136), in Dirk HARTWIG, et al. (hrsg.), "Im vollen Licht der Geschichte". Die Wissenschafi des Judentums und die Anfiinge der Koranforschung, Würzburg, Ergon, p. 157-89.
(18) Hirschfeld, 1878, 31-2 ; 1886, 27.
(19) Hirschfeld, 1886, 27.
(20) SFAR Mondher, 2000, Le Coran est-il authentique ?, Paris, Les Éditions Sfar (diffusion Cerf), p. 108 ; cf. 2006, «Le Coran et ses scribes», in Christian CANNUYER (éd.), Les scribes et la transmission du savoir, Bruxelles, p.77.
(21) (19) Hirschfeld, 1886, 27.
(22) أنظر : "فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ" (السجدة، 5)، "فَإِنَّ أَلْفَ سَنَةٍ فِي عَيْنَيْكَ كَيَوْمِ أَمْسِ العَابِرِ" (مزمور 90، آية 4).
(23) GEIGER Abraham, 1902 (1883), Was hat Mohammed aus dem Judenthume aufgenommen ?, Leipzig, M.W. Kaufmann, p. 76.
(24) تفسير القرطبي، ج 10، ص 65. حسب بعضهم، كان الحسن البصري يعتبر أن هذه السورة مدنيّة بداية من الآية 41. أنظرNAGEL, Tilman, 1995, Medinensische Einschübe in mekkanischen Suren, Gôttingen, Vandenhoeck und Ruprecht, 1995,211 p.
(25) مكّي بن ثابت، تفسير، ج 6، ص 3943؛ القرطبي، ج 10، ص 201. الأب MARRACCI Ludovico، الذي قام بعمل جيّد، كان يعرف من قبل ومن خلال "تفسير الجلالين" أنّ بعضَهم كان يعتبر آيات السورة الثلاث الأخيرة مدنيّةNotae, col. 1, p. 399. Alcorani Textus Universus
(26) القرطبي، ج 10، 65.
(27) الرّازي، ج 19، ص 117. نجد عند بلاشير تعبيرا غامضا في "قتادة عند الرّازي"، فهو يبدو وكأنّه يقترح أنّ قتادة كان له موقف مضادّ للموقف الذي قدّمناه هنا. وهو يكتب أيضا أنّ هذه السورة تُعتبَر مدنيّة إلى غاية الآية 29، وذلك بالإعتماد على هبة الله بن سلامة البغدادي (تـ 410 ه/1109 م)، في كتابه النّاسخ والمنسوخ، ص 207، في حين أنّ هذا الأخير يقول : "نزلَتْ من أوّلها إلى رأس أربعين آية بمكّة"، وهذا يعني، حسب هذا الإفتراض، أنّ بقيّة الآيات تُعتبَر مدنيّة.
(BLACHÈRE Régis, 1947, 1949, 1951, Le Coran (i.e. Traduction selon un essai de reclassement des sourates), 3 vol. (le vol. 1 étant Introduction au Coran), Paris, G.-P. Maisonneuve).
(28) الرّازي، نفس المرجع, هذا هو أيضا رأي عبد الرزّاق الصنعاني (تـ 211 ه/827 م)، تفسير، ج 2، ص 264، (عن قتادة؟).
(29) JEFFERY Arthur, 1937, Materialsfor the History of the Text of the Qur ân, Leiden, Brill (De Goeje Fund, XI), p. 330-1.
(30) WATT William Montgomery, 1970, Bell s Introduction to the Qur ân, Édimbourg,، رقّم واط بنفسه ترتيبات موير ونولدكه وغريم الكرونولوجيّة مقابل لترتيب الطبعة المصريّة للقرآن؛ ص 110، فقد وضع السورة 16 في الفترة الثالثة. WATT، 1967، ص 130 : « Seems to be partly Meccan, partly Median، "يبدو أنّ جزءًا منها مكّي، وجزءًا مدنيّ".
(31) JENSSEN Herbjørn, 2001, «Arabie language», EQ, I, p. 132a.
(32) GILLIOT Claude et LARCHER Pierre, 2003, « Language and style of the Qurân », EQ, III, p. 113a.
(33) WANSBROUGH John Edward, 1977, Quranic Studies: Sources and Methods of Scriptural Interpretation, Oxford, p52-3, 98; VAN REETH, 2005, «L araméen: langue du Paradis», La langue dans tous ses états. Michel Malaise in honorem, Bruxelles, Liège, Louvain (AOB, XVIII), p. 137-44.
(34) Claude GILLIOT, 1998, «Les "informateurs" juifs et chrétiens de Muhammad», Jerusalem Studies in Arabie and Islam 22, p. 513 ; 2005, 2005a, «Zur Herkunft der Gewahrsmanner des Propheten», in OHLlG Hans¬Heinz et PUIN Gerd-Rüdiger (éd.), Die dunklen Anfiinge. Neue Forschungen zur Entstehung und frühen Geschichte des Islam, Berlin, Hans Schiler, p. 148-69). Traduction anglaise: «On the Origin of the Informants of the Prophet», in OHLIG Hans-Heinz et PUIN Gerd-Rüdiger (éd.), The Hidden origins of Islam. New Research into its Early History, Amherst, N.Y., Prometheus Books, 2008, p. 153-87.
(35) الطبري، تفسير، ج 14، ص 180؛ عمر، ج 3، ص 34-5؛ الخطيب، ج 4، ص 689-90.
(36) LUXENBERG Christoph, 2000, p. 84-91 ; 2007, p. 112-5 ; GILLIOT Claude, 2004, «Le Coran, fruit d un travail collectif?», in Daniel DE SMET, et al. (éd.), al-Kitâb, p. 190-1.
#ناصر_بن_رجب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟