|
هموم عراقية في عيد المرأة العالمي
إبراهيم إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 1131 - 2005 / 3 / 8 - 08:45
المحور:
ملف - بمناسبة 8 مارس/ اذار 2005 يوم المرأة العالمي
قد يبدو ترفاً اليوم الحديث عن حقوق المرأة في العراق، حيث تجثم قوات الأحتلال على ارضه ويغيب عنه الأمن والسلام، وتختلط فيه الأوراق الى الحد الذي بات من الصعب على الكثيرين أن يميّزوا، بين ما في أجندة المحتل من نقاط لقاء مع بعض أحلام العراقيين وبين أغلب ما في أجندته من هيمنة ونهب وتبعية يراد لبلادنا الوقوع فيها.. وأن يميّزوا بين مقاوم ضد المحتل يستهدف بناء عراق مستقل وديمقراطي وبين إرهابي يريد أن يعمم ظلاميته بقوة السيف أو قطاع طرق ينتظرون عند أبواب البنوك عودة (الفرهود) أو أدعياء حرية عرف الأنس والجان بأنهم أكثر خطراً عليها حتى من الشياطين. لكن ضرورة مناقشة هذه القضية اليوم لا تأتي من أهميتها فحسب بل وأيضاً من إرتباطها الجوهري مع الحلول المبتغاة لما نعيشه من مأساة، وتلازمها مع أي درب سيسلكه العقلاء للخروج بالعراق من هذه الكارثة. فالحرية التي سيحققها رحيل الأحتلال ستبقى مزيفة دون تحرر نصف المجتمع من عبوديته، والديمقراطية التي صار حتى أنصار الزرقاوي يتساءولون عن سر غيابها ( في الفضائيات العربية التي تنطلق من دول خليجية "ديمقراطية ومستقلة" حد النخاع) تبقى ديمقراطية مختلة العقل وميتة القلب إن لم تضمن مساواة المرأة العراقية بالرجل العراقي مساواة حقيقية لا لفظية. كما إن تبوء المرأة لمكانتها وجه من وجوه حل مشكلة العنف في الحياة السياسية والتي تعد اخطر عائق أمام التحول الديمقراطي، حيث إرتبطت هذه المشكلة بسيادة الرجل وتغييب المرأة.. وهكذا بالنسبة لباقي القضايا والأحلام، الأمر الذي يتطلب معه من كل مثقفي وسياسيي بلادنا التصدي لمناقشة قضية حقوق المرأة العراقية ورسم اتجاهات حلها وعدم ترك الأمر للمتغييرات والصدف. إن المدخل لفهم قضية المرأة في العراق يرتبط بمعرفة الظروف التاريخية لها. فقد كانت البلاد من أقدم من بنى الدولة الطبقية التي أوجدت القيود المجتمعية للنساء، ثم جاءت قرون من الظلمة سادت فيها القيم البدوية التي تعظم المقاتل وتحتقر الضعف الجسماني ( كما هو حال المرأة) لتعمق حجم المشكلة وتشدد التزمت ضد المرأة حداً صارت معه بضاعة ممقوتة في سوق يتعامل مع وجودها كشر لا دافع له. الا إن الدور التنويري الذي لعبته المنظمات الثقافية والأحزاب الوطنية والمؤسسات التعليمية وحتى بعض المرجعيات الدينية وغيرها، قد أدى لحدوث تطورات اجتماعية هائلة أضعفت هذه القيم وأبدلت الكثير منها بقيم جديدة. وبسبب قوة القيم البالية وطول مدة مكوثها فعالة في المجتمع، بقي الكثير منها حياً في النفوس وقادراً على استعادة نفوذه إن توفرت الأرضية لذلك والتي يمكن تحديدها بالنقاط التالية: • المخاطر الجدية التي تنذر بقيام حكومة أو نظام سياسي ينظر إما علناً للمرأة كإنسان قاصر عاجز عن الأدارة والقيادة وتبوء المراكز في الدولة والمجتمع، أو خفية عبر منح المرأة مراكز وأدوار ثانوية تتعلق بقضايا التربية ورعاية الأمومة والطفولة والأيتام وغيرها. • استثمار ظروف الأحتلال واستكماله لعملية تخريب البلاد التي بدأها سلفه الأحتلال البعثي، لأنماء طغيان المتأسلمين ممن يدعون فهم الدين وتفسيره، ويجعلون من أنفسهم بما يملكون من مال ونفوذ وقوة ( الشرطة إن كانوا في السلطة والميليشات إن كانوا خارجها) أوصياء على الدين وعلى الاخلاق وعلى حياتنا في الدنيا والآخرة. (1) • سلبية خطيرة واستسلام مقيت للكثير من النساء للواقع الراهن ، وضعف استعدادهن لأسباب اجتماعية واقتصادية ودينية / لمواجهة أي تدهور يحصل في حقوقهن ( المحتل كان أرحم بالعراقيات من مجلس الحكم، حيث أبطل قراره القاضي بالغاء القانون الذي يضمن بعضاً من حقوقهن). لقد شهدت السنة التي أعقبت سقوط الدكتاتورية، حوارات متباينة الجدية حول حقوق المرأة، أسفرت عن بداية تبلور لثلاثة إتجاهات رئيسية: أولها : تيار ضئيل في المجتمع ، يجمع بين يسار متطرف وارستقراطية مبتذلة، يحاول تقليد الحل الغربي للمشكلة وتبني بضاعة فسدت حتى عند أصحابها، كما تدل على ذلك سلسلة الدراسات الاجتماعية والسياسية التي تعلن نتائجها كل يوم في أوربا وأمريكا. إن بعض ما يطرحه هؤلاء – رغم حسن نواياهم – يشكل تعبوياً خطراً على قضية المرأة أكثر مما يشكله أيتام الملا عمر. وثانيها صيغة متشددة لجماعات تسعى لفرض قراءتها لما يسمى بالحل الأسلامي لقضية المرأة، تلك القراءة التي تدعي نقصان عقل المرأة ودينها، ومنحها نصف حقوق الأدمي، ومنعها من تبوء أي منصب يمت بصلة للولاية مهما كان شكلها. ولعل من البداهة التأكيد على إن الأسلام قد ضمن مكانة أدمية للمرأة ـ إن قرأت أحكامه بطريقة صحيحة وتتناسب مع روح العصر الذي نعيشه، والذي يتناقض في الشكل والمضمون مع تلك القراءات المتزمتة (2). وثالثها صيغة معتدلة ومتدرجة التطبيق، تعترف بمساواة المرأة بالرجل في جميع الحقوق والواجبات، وتجد لبرامجها أسانيد في قراءة معاصرة لأحكام الدين من جهة وتعامل متحضر وحاسم مع العرف والتقاليد. وتتبنى هذه الصيغة عدد كبير من الأحزاب السياسية والحركات الشعبية. إن نجاح الأتجاه العقلاني هذا يتطلب كفاح المؤمنين به بتشريع قانوني ضامن لحقوق المرأة بأعتبارها نصف المجتمع، وتتمتع بقدرات وامكانات مساوية تماما للرجل، حقها في التساوي مع الرجل، وفي اقتسام كل المراكز والمكاسب العامة معه دون تمييز، ودون نظرة دونية، ودون توزيع كاذب للأدوار، يسلب المرأة أغلب حقوقها بحجة ان هذا ليس للمرأة، وان المرأة لا تقدر على هذا. كما لا بد أن تلعب الأحزاب والحركات الشعبية والمؤسسات الدينية دورها في طرح قراءة معاصرة للموضوع تفند مزاعم المتزمتين والجهلة المتعصبين. واخيراً لا بد أن تنهض النساء ومنظماتهن الشعبية دوراً في العمل لضمان حقوقهن الأدمية، التي لم تواجه مخاطراً في تاريخ العراق المعاصر بأكثر مما تواجهه اليوم.
-------------------------------------- (1) لقد غيّر نظام الطلبان الحاكم وقائع الحياة الاجتماعية الداخلية حيث تم منع الفتيات من حق التعليم والخروج للعمل وفرض الحجاب والبرقع عليهم، بل وفرض قرار للملا عمر بأعتقال كل إمرأة لا ترتدي الحجاب أو تسير في الطريق دون رجل من أهلها، أو تضحك وتتحدث بصوت مرتفع في الأماكن العامة. كما منع قص الشعر أو تصفيفه ، وأخذ مقاييس جسد أي امرأة بغرض تفصيل الملابس لها حتى ولو كان القائم بالعمل امرأة أخرى!! وقد أدت هذه الأجراءات الى انتشار البطالة والعوز بين النساء، دفعت بألاف الأرامل الى التسول لإطعام اسرهن، فيما تعرض الكثير منهن الى البيع لمن يدفع أكثر، كجواري بعد مقتل أزواجهن أو من يعولهن.
(2) مارس بعض رجال الدين في أحدى المدن العراقية المقدسة ضغوطاً "جهادية" ضد المحتلين من أجل إبعاد النساء التسعة عن مجلس المدينة والذي عينه المحتلون، وقد نجحت الضغوط بتقليل عددهن الى
#إبراهيم_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هموم عراقية السنكودباحيــة
-
هموم عراقيــة حغــد !!
-
هموم عراقية
المزيد.....
-
الحوثيون يزعمون استهداف قاعدة جوية إسرائيلية بصاروخ باليستي
...
-
إسرائيل.. تصعيد بلبنان عقب قرار الجنايات
-
طهران تشغل المزيد من أجهزة الطرد المركزي
-
صاروخ -أوريشنيك-: من الإنذار إلى الردع
-
هولندا.. قضية قانونية ضد دعم إسرائيل
-
وزيرة الخارجية الألمانية وزوجها ينفصلان بعد زواج دام 17 عاما
...
-
حزب الله وإسرائيل.. تصعيد يؤجل الهدنة
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين مقاتلي -حزب الله- والقوات الإسر
...
-
صافرات الانذار تدوي بشكل متواصل في نهاريا وعكا وحيفا ومناطق
...
-
يديعوت أحرونوت: انتحار 6 جنود إسرائيليين والجيش يرفض إعلان ا
...
المزيد.....
-
المشاركة السياسية للمرأة في سورية
/ مية الرحبي
-
الثورة الاشتراكية ونضـال تحرر النساء
/ الاممية الرابعة
المزيد.....
|