جنوب أفريقيا: المضربون يواجهون القمع ومناورات الأجهزة النقابية

أماندا هونت

الحوار المتمدن-العدد: 3898 - 2012 / 11 / 1 - 08:01
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    

قريبا تستكمل موجة الإضرابات البرية القاسية التي بدأها عمال مناجم ماريكانا شهرها الثالث، و لحظة كتابة هذا المقال لا يزال 70 ألف عامل مضربين في قطاع البلاتين و الذهب و الفحم.

منذ مطلع شهر أكتوبر لجا أرباب العمل كلهم إلى السياسة ذاتها، مسرحين قسما من المضربين، لتشتيت صفوفهم و إيجاد و سيلة ابتزاز. هكذا ، فيما يخص الشركات الكبرى وحدها، قامت انغلو غولد بتسريح 12 ألف عامل و أنغلو بلاتينوم 14500 عامل و هارموني غولد 5400 عامل و غولد فييلدس 10 آلاف عامل.

هذه ممارسة مألوفة في جنوب أفريقيا. لكن المضربين صمدوا هذه المرة. و إن تمكنت كل من انغلو غولد و غولد فييلدس في استئناف العمل ببعض المناجم، فإن أغلب المناجم الكبيرة تظل مغلقة. وحتى حيث الإضراب منته مبدئيا، تستمر حالات التوقف عن العمل. على هذا النحو عاد 10 آلاف عامل في وضع هش الى الإضراب من أجل الأجور . و بعد يومين من ذلك أضرب مجموع عمال مناجم ماريكانا و مجمع كاري القريب منها احتجاجا على اعتقال اثنين من قادتهم.

هذا لأن قوات القمع تواصل تطويق المناطق المنجمية، مانعة كل تجمع عمالي، مع انزالات في أحياء الصفيح و اعتقالات تعسفية تماما. و في الآن ذاته، تظهر أشغال لجنة فارلام، المكلفة بالتحقيق في مذبحة ماريكانا، كيف أنه ، على أعلى مستوى، أمر نظام الرئيس زوما شرطته باستتباب النظام بأي ثمن، وكيف قامت قواته بقتل 34 عاملا منجميا بكل برودة. و من ثمة يسعى وزير العدل إلى إقبار اللجنة بقراره أن ميزانيته لا تتيح أداء مصاريف تنقل الشهود (الكثير منهم عمال مناجم معدومون أو أفراد أسرهم)، فيما جرى اعتقال العديد من الشهود. و في نفس الوقت يزداد الطابع الحقود لنبرة أعيان النظام وهم يتحدثون عن المضربين بما هم "مجرمين".

أما الأجهزة النقابية، فتواصل المطالبة بتشديد القمع ضد حركة مفلتة من تحكمها. لكنها، تخشى في الآن ذاته، ما يهددها من فقد الاعتبار لدى العمال، و بوجه خاص أن يؤدي ذلك إلى فقد وضع " الشركاء" الذين لا غنى للمقاولات المنجمية عنهم، كما حصل في شركة امبالا بلاتينوم حيث ستفقد نقابة NUM اعتراف الإدارة بها بعد أن فقدت اغلب منخرطيها.

في هذا المضمار، حصلت نقابة NUM على مساندة أرباب العمل بالمناجم، حيث مدوها بزيادة رمزية (3 إلى 10 %) في مجموع مناجم الذهب و الفحم، ثم التزام من انغلو بلاتينوم بإعادة تشغيل المنجميين المسرحين، مع منحة استثنائية بمبلغ 200 يورو . لكن نقابة NUM لا تتوهم كثيرا لأن كاتبها العام امتنع بحذر عن الذهاب الى تجمع المضربين حيث كان ليه سيعلن "تنازلات" الشركة ، التي رفضها المضربون باستياء.

من جانبها، أطلقت قيادة الإتحاد النقابي كوزاتو Cosatu حملة لإعادة دمج العمال المسرحين (لكن دون مطالبهم)، ملوحة بإمكانية إضراب عام. كم من العمال صدقوا النبرة النضالية لـ زويلينزيما فافي Zwelinzima Vavi الكاتب العام لكوزاتو؟ يصعب الجزم. لكن جلي أن العمال المضربين لم يصدقوه. لان فافي لما صرح في تجمع لمضربي انغلو غولد في أوركناي انه " يجب استعادة منطقة روستنبورغ ( قلعة إضراب البلاتين) من أيادي الثورة المضادة"، اضطر إلى الفرار تحت وابل من الحجارة. و بعد أسبوع من ذلك، يوم 27 أكتوبر، نفس فافي، وزعيم نقابة NUM، و الأمين العام للحزب الشيوعي ، و وزير التعليم ، بليد نزيماند، لقوا نفس المصير لما حاولوا ، على رأس زهاء مائة من موظفي نقابة كوزاتو المداومين، الاستيلاء على منصة تجمع لمضربي انجلو بلاتينوم في ملعب روستنبورغ. لقد أدرك المنجميون ان لا جدوى من الاستماع الى البيروقراطيين النقابيين المرتبطين بالشركات المنجمية و بالسلطة.

و لا يزال إصرار المنجميين لا يزال تستثير منافسين. إذ تنفجر إضرابات هنا و هناك، كما الأمر في الخدمات العامة و في باصات جوهانسبورغ. و في أماكن أخرى مثل المصالح البلدية لمقاطعات الشمال الغربي و ليمبوبو ، تتبوأ الأجهزة النقابية المقدمة بالدعوة إلى الإضراب. ومن ضمن مجموع النقابات المنظمة في اتحاد كوزاتو، تقوم إحداها ، نقابة صناعة التعدين NUMSA ، التي تتزعم تيار"نضال طبقي" معارض لدعم لامشروط للنظام، بحملة إضرابات في قطاع المناولة بصناعة السيارات ( تويوتا و غوديير) و المحطات الحرارية. و تشترك كل هذه الحركات في المطالبة برفع الأجور و تشغيل كل العمال ضحايا الهشاشة ، كما حصل خلال الإضراب الكبير بالقطاع العام سنة 2010.

إن الطبقة العاملة بجنوب أفريقيا تبرهن ، مرة أخرى ، على ما لديها من قوة عندما تختار استعمالها. لكن ما ينقصها، مرة أخرى، هو حزب يمثل مصالحها السياسية، حزب شيوعي ثوري، قادر على توحيد صفوفها خلف منظور مشترك.

أماندا هونت

جريدة النضال العمالي عدد 2309 - يوم 2 نوفمبر 2012

تعريب المناضل-ة

#أماندا_هونت (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات