شاكر كتاب
أستاذ جامعي وناشط سياسي
(Shakir Kitab)
الحوار المتمدن-العدد: 3896 - 2012 / 10 / 30 - 22:39
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
من إفرازات العملية السياسية ...
الرحيل نحو الهاوية..!!
لازالت العلاقات بين القوى السياسية العراقية الأساسية في تدهور متواصل مما راح ينعكس سلبا وبشكل متواصل على مجمل الأوضاع السياسية بشكل عام والأمنية على وجه الأخص. ويتمثل هذا التدهور بتصاعد وتيرة الاغتيالات بكواتم الصوت والعبوات اللاصقة والعمليات الإرهابية المتنوعة التي تستهدف العراقيين من مختلف الشرائح الاجتماعية لتشمل العسكريين والأطباء والمدنيين والأساتذة والفنانين وغيرهم. ولعل من يكون منصفا في فحص هذه الظاهرة والبحث عن مسبباتها يستطيع بحياد أن يعزوها إلى الرغبة المستميتة لدى الجميع في الوصول إلى واحتضان السلطة ونعيمها المالي والإداري!! مهما كلف الأمر من تضحيات. يرافق ذلك تدهور الثقة بين كافة الأطراف ( الكل يخشى الكل والكل يتآمر ضد الكل ). ولعل انعدام الشعور بالمسؤولية وعدم الارتفاع إلى مستوى ما يناط ببعض الناس – بالصدفة أو بالباطل - من مهام هو أحد الأسباب التي تحول دون أن يرى السياسي أن هناك مصلحة أكبر وأعلى من مصلحته الشخصية هو. وحتى دفاعه عن مصلحة حزبه أو تحالفه يخفي وراءه دفاعا مسعورا عن مكانته الشخصية هو بالذات وقبل غيره. كما أن من مسببات هذا الحال هو الخلل القاتل في طبيعة التحالفات وهشاشتها بل وعدم جديتها. هذه التحالفات تجعل من ظاهرة التخندق والعداء وما ينتج عنه من انتشار روحية الدس والتآمر هي السائدة في الحياة السياسية العراقية. ويلاحظ المتتبع للوضع السياسي في العراق بوضوح انخفاضا شديدا في رصيد كل الأحزاب العراقية من المؤيدين. ويجب الاعتراف بأن هذه الخسائر جاءت نتيجة انطباع لدى الشارع العراقي يتداوله المواطنون بكل صراحة أن ليست هناك قوة سياسية عراقية ولو واحدة استطاعت أن تفي بالتزاماتها إزاء ناخبيها. وهذا الانطباع يكشف عن قدرات كبيرة لدى الكثير من الساسة على غش المواطن وخداعه والكذب على الناس والتلاعب بالمشاعر والألفاظ ) الدينية خاصة والطائفية على وجه أخص ).
إن الانتخابات القادمة ستشكل عقوبة شديدة للكثير ممن يسمون جزافا قادة وساسة اليوم الذين تمكنوا من استغلال مشاعر الناس وثقتهم عازفين على أوتار الاحتلال تارة والتدخل الإيراني تارة أخرى وانعدام الخدمات والأمن في غيرها ناهيك عن العزف على آلات الدين والطائفة والعنصر. لقد تكشف للمواطن مدى ضحالة البعض من هؤلاء القادة وتفاهتهم وخلوهم من أي مستوى حتى أخلاقي. فهاهم يؤشرون عليهم بأصابع الاتهام بالسرقات والتلاعب بالمال العام واستلام الرشاوى والتستر على اللصوص بل والمشاركة معهم في غنائم العقود المزيفة والمقاولات والرشاوى. وما دمنا بصدد البعض من هؤلاء (( القادة الأشاوس !! )) فمن الضروري الإشارة إلى انكشاف حقائق مثيرة ومخزية عن البعض منهم. فهاهم ناخبوهم وهاهي مناطقهم التي انتخبتهم بناءا على ثقة منحوها لهم بعد تعرضهم لخداع خبيث من قبل تجار السياسة هؤلاء تكتشف كم كانوا مخدوعين بهم. اكتشفوا عنهم أنهم تسلموا الأموال الطائلة من بعض دول الجوار للعمل على تنفيذ مآرب وأجندة هذه الدول في العراق بما في ذلك تقسيم العراق إلى مناطق ودويلات وآخرها مؤامرة الأقاليم الطائفية. تكشف للجميع أيضا كم من هؤلاء تجار السياسة قد تورط بعلاقات مشبوهة وكم دفعوا لتزوير نتائج الانتخابات وكم ساوموا الناس على أعراضهم وشرفهم وأموالهم مقابل الموافقة أصلا على ترشيحهم في قوائم الانتخابات أو حتى للحصول على تسلسل مناسب في القوائم المذكورة. والأدهى من كل ذلك يلاحظ الناخب البريء كم تنكر هؤلاء السادة القادة لناخبيهم بمجرد وصولهم إلى السلطة.. وكم يحسن فعلا أبناء شعبنا الشجعان حين راحوا يوجهون الإهانات لهؤلاء المتنكرين لفضل الجمهور عليهم والمتنكرين لبرامجهم الانتخابية التي تبين أنها ما وضعت إلا لخداع الناس.. هؤلاء هم اليوم أشد المعارضين لفكرة الانتخابات المبكرة.
لا بل أن الإحباط الذي ينتشر اليوم في صفوف العراقيين يؤشر على قطيعة شبه تامة بين الشعب والقوى السياسية مما قد ينعكس على مدى مساهمة الجماهير في أية انتخابات قادمة بالترافق مع التلويح بإمكانية إعادتها قريبا!!. وأكثر من هذا فإن قادة التجارة السياسيين يرون بأم أعينهم كيف راحت تنفرط تنظيماتهم السياسية التي بنوها والتي لم يكن لها ولكل مكاتبها وأعضائها ( وحتى عوائلهم المسكينة ) من هدف سوى حشد الدعم والأصوات والتأييد لهم في حملاتهم الانتخابية. من هذه القوى ما تشهد اليوم استقالات جماعية وانفراط مدهش في سلاسل تنظيماتهم مما يوحي ببقائهم وحيدين وجها لوجه مع مخازيهم ولا تشفع لهم حتى انتصاراتهم المؤقتة التي استطاعوا فيها خداع الناس والأبرياء من أبناء شعبنا. ولا يفوتنا إن نشير هنا إلى ظاهرة غريبة تحققت في الانتخابات تمثلت في أن يفوز التاجر السياسي ومعه بطانته تلك التي رشحها هو واختارها بنفسه كأن تكون مجموعة من أفراد عائلته أو عصابته أو مساعديه وحتى سماسرته في التجارة ووسطائه وعملائه.. كيف حدث هذا؟؟. ذلك ما لم نتمكن من الإجابة عليه اليوم لأننا لا نريد أن نكتفي بالتكهنات أو بترديد تفسيرات وتوقعات يطلقها المتضررون من الناس الأبرياء لكننا سننتظر اليوم الذي ستنكشف فيه كل حقائق التزوير والرشاوى وطعن الأعراض والدس والخداع. ولات ساعة مندم!!.
وفي هذا الصدد أيضا وليس بعيدا عنه أبدا نقول أن الظاهرة التي تفوح روائحها الكريهة اليوم والمؤذية جدا لمصالح شعبنا هو الصراع المستتر بين الإستراتيجيات الخفية للقادة (( الأشاوس )) المتربعين على عرش العملية السياسية في العراق والجاثمين بكل وقاحة على صدورنا ولسادتهم المتربصين بساعة تقسيم العراق لأقاليم سنية وشيعية لينالوا حصتهم الخسيسة . فهم طلاب سلطة وامتيازات ومصالح تجارية كبرى. لكنهم أيضا سفراء لمصالح وأجندة سياسات أخرى تتراوح بين الدولية والإقليمية والطائفية والعنصرية والتجارية. هذا الصراع الذي لا يعلن عنه لكننا نقرأه بإمعان ليس فقط في عيونهم الغبية غباء الخرفان إنما في فحطة ألسنتهم اللاهثة وراء المال والجاه والسلطة خاصة في ترحالهم المفاجئ لأسيادهم في الخارج كلما اشتدت بهم الأزمات. والأزمات هذه هي شخصية صرف لكنهم وبخبث يربطون بينها وبين الأوضاع السياسية المتردية وبين سقوطهم المدوي وسقوط مخططات أسيادهم الذين وضعوا في سلالهم المثقوبة كل حصادهم وآمالهم.. لقد أشار كاتب هذه السطور في أكثر من مناسبة وأكثر من تصريح إلى أن النصر المؤزر سيكون فقط للإستراتيجية الوطنية وللمشروع الوطني العراقي الحقيقي وأن كل ما عداه سيقع في الهاوية. وما أدراك ما الهاوية!!.
#شاكر_كتاب (هاشتاغ)
Shakir_Kitab#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟