أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جورج كتن - لكي لا تتكرر أحداث القامشلي















المزيد.....

لكي لا تتكرر أحداث القامشلي


جورج كتن

الحوار المتمدن-العدد: 1130 - 2005 / 3 / 7 - 11:19
المحور: القضية الكردية
    


لا زالت أحداث القامشلي التي هزت سوريا في مثل هذا الوقت من العام الماضي، تثير خلافات حول تقييمها وتحديد أسبابها الحقيقية ومواقف كافة الإطراف منها وسبل منع تجددها، وهو أمر غير مستبعد طالما لم توضع موضع التنفيذ الحلول التي تعالج جذورها الأساسية.
لقد جرى تراشق للاتهامات بالتخطيط لهذه الأحداث، فقد اتهمت أطراف في السلطة الحركة السياسية الكردية بالتخطيط لها متشجعة بتغير المناخات الإقليمية والعالمية، كما اتهمت أطراف كردية أجهزة السلطة بتحضير مقصود لعمل استفزازي يبرر توجيه ضربة للحركة الكردية التي تنامى تأثيرها في البلاد، لكن الحقيقة أن تفجر الأحداث كان عفوياً لم يخطط له أحد، أتى كنتيجة لشحن فئات من المجتمع بالغضب والحقد على ما جرى من تغيير في العراق ، بحيث توهمت قلة أن التمسك بالنظام الديكتاتوري البائد ورئيسه المعتقل والمقاومة السلفية "الزرقاوية"، هو الرد على احتلال العراق!!، وترديد بعض مثقفي السلطة والمعارضة بأن أكراد العراق، وبالتالي أكراد سوريا، متورطون في مسألة الاستقواء بالأجنبي على أنظمتهم "الوطنية" !!
إلا أن الحدث العفوي، استفزاز مشجعي فريق "الفتوة" بهتافاتهم لصدام ورفع صوره وتوجيه الشتائم للكرد الذين أدى ردهم الطبيعي لنشوب شجار في الملعب وسقوط ضحايا، كان يمكن أن يظل محصوراً لولا إجراءات السلطة، إطلاق رصاص عشوائي غير مسؤول على تجمعات لأهالي القامشلي هرعوا للاطمئنان على ذويهم، مما أدى لسقوط قتلى وجرحى، ثم الاستمرار في اليوم التالي في توجيه الرصاص الحي لمئات آلاف المشيعين مما رفع حصيلة القتلى، وأدى لخروج عفوي للكرد للاحتجاج لعدة أيام في كل أماكن تواجدهم، لتفرغ الجموع غضبها في تحطيم مؤسسات حكومية وفروع أمنية ومرافق عامة وممتلكات خاصة في أكثر من بلدة.
ورغم أن بعض العناصر الأمنية رفضت استعمال السلاح ضد المتظاهرين، فإن المسؤولية الأكبر لتفجر الإحداث تقع على عاتق السلطات المحلية، التي بدل العمل على التهدئة، وسعت الأزمة بعدم التعرض لمسلحين عشائريين اعتدوا على الكرد وممتلكاتهم وخاصة في الحسكة، وقامت باعتقالات واسعة -على الهوية أحيانا- بدل إجراء تحقيق سريع وعزل المسؤولين ومحاسبتهم، مع شن حملة اتهامات بوجود قوى خارجية وراء الأحداث وتجاهل وجود مسألة كردية أصلاً، رغم تصريح الرئيس بنفي الارتباطات الخارجية وان الكرد قومية وجزء من النسيج الوطني السوري.
فيما القسم الأكبر من المعارضة الديمقراطية السورية والأحزاب السياسية الكردية وهيئات المجتمع المدني وحقوق الإنسان، أدانت استخدام العنف من أية جهة أتى والاعتداء على الملكيات العامة والخاصة وسياسات القمع والاضطهاد التي حولت أحداث عادية إلى تفجر للقهر والحرمان المتراكم، وبذلت جهوداً للتهدئة وضبط النفس، ودعت لتحقيق نزيه والتعويض على أسر الضحايا والمتضررين والإفراج عن المعتقلين، واعترفت بأن حل "المسألة الكردية" يتم في إطار الوحدة الوطنية ووحدة البلاد، بمعالجة الأسباب الحقيقية للأزمة التي تعود لسياسات التمييز وغياب الحريات وعدم المساواة أمام القانون.
وإذا كانت السلطة بتفضيلها للحل الأمني مسؤولة مباشرة عن تفجر الأحداث فإن جهات أخرى ساهمت في تأجيجها، وخاصة بعض الفضائيات العربية التي روجت للتعصب القومي والدعوة للتخوين ورفض الآخر وتجاهله وربط أية مطالبة بحقوقه بالارتباط بأطراف خارجية، بينما فضائيات في الجانب الآخر تحدثت عن "احتلال سوري لكردستان الغربية" ونشرت خرائط وأعلام وعملت للتهييج بشعارات قومية متشددة، فيما جميع الأحزاب السياسية الكردية ترفض تهمة الانفصال وتدعو لحل المسألة الكردية في إطار الوطن السوري، والتعبير عن المطالب والاحتجاج بالوسائل السلمية بالاعتماد على الذات وتأطير الدعم الشعبي، إذ أن القوى الدولية لم تتجاوز إصدار تصريحات بعدم تشجيعها لأية دعوات انفصالية، والحض على نبذ العنف الموجه لأقلية تسعى للاندماج في الحياة السورية.
الأسباب الحقيقية للاحتقان الذي فجر الأحداث تجاهل الوجود القومي الكردي ونفي وجود مسألة كردية، وتعرض الكرد للتمييز ومحاولات تعريبهم من عقود وعدم الاعتراف بحقوقهم كأقلية قومية متميزة، وحرمان مئات الألوف منهم من الجنسية وإنكار حقوقهم الثقافية في تعليم لغتهم وتطويرها واستخدامها في كل المجالات وتهجير آلاف الفلاحين الكرد من أراضيهم في المنطقة التي سميت "الحزام العربي" لتحل محلهم عائلات عربية، ومنعهم من استخدام اللغة الكردية في أماكن العمل ومن تسمية أطفالهم بأسماء كردية، وتعريب أسماء مدنهم وقراهم، وعدم توفير فرص عمل متساوية مع بقية المواطنين للتوظف في دوائر الدولة...
هذه السياسات التمييزية أوصلت للاحتقان، بالإضافة لتصعيد التعصب القومي العربي الذي لا يعترف بحقوق الأقليات المتعايشة مع العرب، الذي تسبب بتعصب قومي كردي مقابل، لا يعود كما يرى البعض للتطورات السياسية الراهنة في العراق، بل إلى تصاعد المد القومي العربي المتجاهل للأقليات منذ أواخر الخمسينيات الذي ولد الأجواء التي دفعت لتشكيل أول حزب خاص بالكرد في سوريا عام 1957، وتوالت بعدها مراحل من التصعيد في الفكر الشوفيني، ونشر الوعي الزائف حول وحدة وطنية تقوم على إلغاء الآخر بالوسائل القمعية، مما ساعد على توسيع الشقة بين العرب والكرد وإضعاف التوافق الوطني حول الهوية السورية لصالح مشاريع خيالية لم يستطع أصحابها توحيد الأقطار التي يهيمنون عليها –العراق وسوريا-، فالعداء في أوساط عربية للكرد أو العكس هو حصيلة سياسة طويلة ابتعدت عن ملامسة المشكلات الحقيقية وحلولها الواقعية الممكنة.
لكي لا تتكرر الأحداث بصورة أكثر مأساوية، المطلوب الاعتراف بالوجود القومي الكردي وحقوق الكرد في إطار وحدة البلاد وإلغاء كل تمييز تجاههم وعدم المماطلة في إعطاء الجنسية السورية لكل المجردين منها والتوقف عن إطلاق وعود "دراسة مسألة الجنسية" التي لم تنته منذ سنين!، والإفراج عن جميع المعتقلين والتوقف عن إثارة التعصب القومي والترويج للدعاية الملفقة حول تواطؤ الكرد مع القوى الخارجية، والبناء لوعي جديد قائم على المواطنة السورية وعلى أن سوريا وطن نهائي لكل مكوناته القومية، دون تخلي الطرفان عن "حلمهم" القومي.
وإذا كان النظام لم يتقدم خطوة واحدة في اتجاه حل المسألة التي يمكن أن تزداد تأزماً، بل أصدرت محكمته للأمن القومي أحكاما بالسجن على 15 من الموقوفين الكرد من أصل المئات القابعون في السجون، فإن الحركة الكردية ملزمة باستمرار التمسك بالعمل السلمي والعلني ونبذ كل أشكال العنف ومنع اندلاعه لأي سبب كان، ورفض الانجرار لمواجهات عنصرية مهما كانت الضغوط، وإنشاء هيئة موحدة تنسيقية بعد الاتفاق على القواسم المشتركة، تجمع التعبيرات السياسية الكردية من جبهة وتحالف وأحزاب متفرقة، تنطق باسم الجميع في الداخل والخارج، وتعتمد خطاباً سياسياً صريحاً وشفافاً يصل الجسور بين أطراف المجتمع الواحد، بالدعوة لأهداف ديمقراطية وطنية واضحة تزيل جميع الشكوك حول أهداف "مخبأة" للحركة الكردية كما تشيع بعض النخب المأزومة، والتوقف عن العودة للتاريخ القديم للمطالبة بحقوق تاريخية، والتركيز على الحقوق الوطنية والثقافية والمصالح المشتركة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الوطن الواحد.
إن أحداث آذار للعام الماضي كرست الحركة السياسية الكردية كجزء فاعل في المعارضة الديمقراطية السورية، وأن الحقوق الكردية وحقوق جميع الأقليات الأخرى تمر عبر إنجاز التحول من النظام الأمني إلى النظام الديمقراطي، وهي مسألة تتوضح واقعياً في العراق بعد الانتخابات الناجحة الأخيرة، التي أظهرت أن الديمقراطية في العراق الفيدرالي الموحد هي الإطار لتحقيق الكرد لأهدافهم ولمساهمتهم النشيطة في جميع المؤسسات المركزية للدولة العراقية، وأن ما هو ممكن للقضية القومية الكردية، حلول وطنية ديمقراطية لكل تجمع كردي في إطار الدولة المتواجد فيها.
إن انخراط الأحزاب الكردية الإيجابي في "الهيئة التنسيقية" لحركة المعارضة الديمقراطية السورية هو تأكيد للاندماج الوطني المصغر، يجب أن يقابل من أطراف هذه المعارضة بتفهم أكبر للمسألة الكردية السورية وحقوق الكرد، وإدراجها في "وثيقة" أهداف وطنية ديمقراطية مشتركة، بعد تخلي أطراف في المعارضة عن "معاركهم القومية الخيالية" للدعوة لتحرير وهمي لبلدان مجاورة والتركيز على الأهداف الديمقراطية السورية، مما يضمن الوحدة الوطنية الحقيقية.



#جورج_كتن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المستقبل للليبرالية: سمة العصر
- أيمن نور بعد رياض سيف
- هل تنبع السياسة من صندوق الاقتراع أم من فوهة البندقية؟
- انتصاران عربيان للديمقراطية والسلام والتنمية
- عبر لبنانية برسم المعارضة السورية
- هل يقود إصلاح الأمم المتحدة نحو حكومة فيدرالية عالمية؟
- الحصاد الهزيل للإصلاح في -منتدى المستقبل-
- حلول جذرية لوقف التمييز ضد القبط
- انتهاء صلاحية الشعارات السياسية العربية للقرن العشرين
- لجان إحياء المجتمع المدني..هيئة أهلية أم حزب
- هل تدب الحياة في أوصال الديمقراطية الفلسطينية ؟
- المعارضة السورية بين الديمقراطية العلمانية والمحافظة
- الامازيغية والكردية صنوان
- محمد سيد رصاص وصب الماء الكردي في طاحونة المعارضة السورية
- الأزمات والمشكلات العالقة في المنطقة العربية
- ملاحظات حول بيان ليبرالي سوري
- اليد الممدودة بين الكرد والعرب
- العلاقات العربية –الكردية في ظل العولمة
- العملية السياسية العراقية ونخب عربية
- انسداد الأفق السياسي الفلسطيني _ يا كرسي ما يهزك ريح


المزيد.....




- غرق خيام النازحين على شاطئ دير البلح وخان يونس (فيديو)
- الأمطار تُغرق خيام آلاف النازحين في قطاع غزة
- 11800 حالة اعتقال في الضفة والقدس منذ 7 أكتوبر الماضي
- كاميرا العالم توثّق معاناة النازحين بالبقاع مع قدوم فصل الشت ...
- خبير قانوني إسرائيلي: مذكرات اعتقال نتنياهو وغالانت ستوسع ال ...
- صحيفة عبرية اعتبرته -فصلاً عنصرياً-.. ماذا يعني إلغاء الاعتق ...
- أهل غزة في قلب المجاعة بسبب نقص حاد في الدقيق
- كالكاليست: أوامر اعتقال نتنياهو وغالانت خطر على اقتصاد إسرائ ...
- مقتل واعتقال عناصر بداعش في عمليات مطاردة بكردستان العراق
- ميلانو.. متظاهرون مؤيدون لفلسطين يطالبون بتنفيذ مذكرة المحكم ...


المزيد.....

- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم
- المسألة الكردية ومشروع الأمة الديمقراطية / بير رستم
- الكرد في المعادلات السياسية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - جورج كتن - لكي لا تتكرر أحداث القامشلي