|
العلمانية السورية في خطر
أحمد ضاحي
الحوار المتمدن-العدد: 3893 - 2012 / 10 / 27 - 21:24
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
الثورة السورية تستمر مع تعقد الحالة واستمرار النظام في عمليات القتل الجماعي ، والموقف المتخاذل للمجتمع الدولي ، والمعارضة الممزقة على نفسها ،والتي تتنافس على عرض نفسها وشطب بعضها البعض بطرق غريبة ومضحكة، تشعر وكأنك في غابة القوي يأكل الضعيف فيها. حالة المعارضة باتت حجر عثرة أمام تحقيق الثورة لمهامها في الحرية والعدالة والقانون، الاسلاميون يسيطرون شيئا فشيئا على كل شيء، فيما العلمانييون الوجه الضعيف داخل معادلة السياسة والفعل، قسم كبير منهم يمارس التسول السياسي أمام أبواب المجلس الوطني السوري ودورهم المذل في صناعة القرار والتغيير، باستثناء مجموعات علمانية ليبرالية تحاول أكتشاف حلول وتشكيل قوة جامعة تستطيع أن تكون مؤثرة داخل الحياة السورية ومجتمعها الثوري. رندة قسيس الكاتبة التي دخلت المعترك السياسي فجأة بعد انطلاقة الثورة، ونجحت في أن تكون صوتا اعلاميا للحديث عن الوضع السوري، ولكنها سقطت في مغالطات سطحية عكست قلة الخبرة والوعي السياسي بزواريب المعارضة وتكتيكاتها، فاصطدمت بالقوى السورية كالإخوان المسلمين والعراعرة والسلفيين وكتائب الجيش الحر والعلمانيون ، ولهذا كان نصيبها فصلها من المجلس الوطني السوري ومن الأئتلاف العلماني الديمقراطي السوري، بسبب خروجها عن خط الثورة وعلاقاتها الغامضة مع بعض الفرنسيين اليهود المتعصبين تجاه العالم العربي ،أيضا علاقاتها مع بعض قيادات الحرس القديم من نظام الأسد الأب، بحجة محاولاتها جرهم للثورة، أيضا طرد العلمانين لها من حركتهم واتهامها بالتواصل مع رفعت الأسد وخدام ( حسب زعمهم)؟ رندة قسيس تقاتل بشجاعة لتكون موجودة داخل الساحة المعارضة وتصل للسلطة كالكثير من شخصيات المعارضة ومشروعها الحقوق والحريات واستطاعت كسب الأقليات من الأكراد خاصة الذين يصفقون لها ويرفعون لافتات لها داخل مظاهراتهم . علمانية رندة ومواقفها تجاه أكراد سوريا والحريات وموضوع الأقليات منحها زخما وهالة كانت قد تشكل أرضية لها داخل أوساط المعارضة ،وكانت ستنجح في أن تكون ضمن قوة علمانية مدنية تشمل التيارات السياسية من الأقليات . لكن سذاجتها وقلة خبرتها زاد من عدد أعدائها وهجومهم لها ، واليوم تغازل الجيش الحر والاسلاميين عبر الأعلام كطريق للعودة واستغفار عن مواقفها تجاههم،وهذا دليل ضعف وعدم مصداقيتها تجاه آرائها ومواقفها السابقة في انتقاد الجيش الحر وسلوكه تجاه حقوق الإنسان ،و معارضتها للتيار الإسلامي المعادي للمدنية ومشروعه في دولة دينية ؟؟ في لقاء مع بعض المسؤوليين الفرنسيين ، دار الحديث عن اجتماع باريس الذي أطلق ما يسمى بحركة المجتمع التعددي والتي أصبحت قسيس رئيسة له هكذا على طريقة خرافية بعيدة عن الديمقراطية والشفافية، وبحضور ممثلين أكراد وبعض الأقليات . لكن المثير للدهشة أن صحفي فرنسي كان له معلومات دقيقة حول كيفية تأسيس هذه الحركة وأهدافها التي أثارت اعجابي حقا كعلماني حر ومستقل. الحركة حسب قوله أنها كانت فكرة انطلقت من الأوساط الكردية وكان عرّابها الكاتب والصحفي المعارض جهاد صالح. أخبرنا الصحفي الفرنسي أنه أجتمع مع أحد الأمريكيين وأخبره أن جهاد صالح ورندا قسيس وبعض القيادات الكردية وممثلون عن الأقليات لديهم مشروع تأسيس قوة مدنية تجمع بين العمل السياسي والمدني وستتحالف مع كافة التيارات التي تريد سوريا مدنية وفدرالية ذات نظام سياسي لامركزي، وكانت بعض الأوساط الأمريكية والأوربية تتابع ذلك، وبضوء أخضر من حكومة أقليم كردستان والرئيس البرزاني . لكن المثير للدهشة أن صديقنا الصحفي الفرنسي كان مستاءا من رندة قسيس وتقلبها المفاجئ ومحاولاتها التقرب من الجيش الحر والإسلاميين، وهذا تعبير عن عدم الثقة بشخصيتها المتقلبة والغريبة. رندة قسيس وحسب أوساط من المعارضة السورية وبعض الأكراد المقيمين في أوروبا أكدوا لي أن رندة مع آخرين يتصرفون عكس أهداف الحركة وباتت تحصر كل شيء بيدها من منطق أنها من موّلت الأجتماع عبر بعض الفرنسيين. والحقيقة أن موضوع التمويل حسب ما يقال أنه تمويل جاء عبر أوساط فرنسية يهودية ! عدم مشاركة الصحفي جهاد صالح وقيادات كردية وممثلون عن الأقليات ( درووز – علويين..) أثار الشك والريبة في المؤتمر الصحفي ،وظهور عضو المجلس الوطني بسام اسحاق معها في المؤتمر عكس حقيقة أنها قد تكون ضمن دائرة عمل معه وشخص كردي مقيم في بريطانيا له علاقة قوية مع رفعت الأسد والشيخ العرعور كمصادر مالية وداعمة. يقال أن جهاد صالح انسحب من اجتماعات الحركة في باريس بسبب عدم مناقشة الوثيقة التي تقدم بها ، وحدوث جدال حاد بينه وبين اسحاق حول القضية الكردية وحقوق الأكراد وموضوع التمثيل المسيحي والآشوريين ، بسبب موقف اسحاق السلبي تجاه حقوق الأكراد والآشوريين ؟ وتغيير برنامج الحركة وجدول أعماله ،مما دفعه لترك الاجتماع والحركة . المثير للغرابة هو أن الكثير من المعارضين يدركون ان هذا المشروع دعا له جهاد صالح ورندة قسيس وقياديون أكراد فاعلين ولهم علاقات قوية مع الخارجية الفرنسية، وهذا ما نشره معهد واشنطن للدراسات عبر مقال مشترك لهما حول الحركة . ولكن يبدو أن قسيس وقعت في خطأ قاتل بدعوتها لأحد أعضاء المجلس السوري والذي أخضع بسام اسحاق للتحقيق والأستجواب حول مواقفه الغامضة والتي تنصب في خدمة نظام الأسد وارتباط عائلته بالنظام ، وجمعه لأموال من الكنائس والمسيحيين بحجة دعم المسيحيين ، وأيضا مشاركته مع رندة قسيس في الأجتماع والمؤتمر الصحفي ، مع معلومات تفيد أنه يقدم خدماته للاخوان المسلمين كمسيحي ، مع حديثه عن المجلس الوطني بشكل سيء . وقد يتم طرده قريبا رغم أن النشطاء المسيحيين غاضبون من نشاطات اسحاق المسيئة للدور المسيحي في الثورة وأنه أصبح عضوا في المجلس بسبب دعوة المانية جاءت عبر بعض السريان المقربين من اسحاق ليكون ممثلا عنهم داخل المجلس السوري ! ذكر معارضون سوريين في باريس أنه تم دعوتهم للمشاركة في الحركة ولكنهم رفضوا بسب مواقف قسيس الغامضة ، وابعادها للمناضلة رغدة الحسن عن الحركة مع زوجها عامر داوود ولكثير من نشطاء الحراك من الداخل السوري ، رغم أنها توسطت لدى الخارجية الفرنسية لمنحهم لجوء سياسي لباريس( حسب ما ذكره لي سوريون وفرنسيين). رندة قسيس كغيرها من العلمانيين باتوا أدوات تستهلك بين المعارضة والمجتمع الدولي، وكانت ستنجح لو ظلت محافظة على ثقة الأقليات بها وبمواقفها وخاصة الأكراد الذين يصفقون لها ، لكنها دخلت مرحلة التنازلات والضعف عبر رسائلها للجيش الحر والاسلاميين ، وهذا سيفقدها مكانتها لدى الفرنسيين ولن تستطيع أن تفعل اي شيء في ظل الثورة السورية المعقدة .. ولكن ما زال الطريق أمامها لو نجحت في اعادة الثقة بها عبر الأكراد والعلويين والدروز والعلمانيين ، فهل منصبها كرئيسة لحركة تعددية سيمنحها قوة وفاعلية داخل المعارضة السورية ويعيد لها اعتبارها بعض الشيء بعد استبعادها من المجلس الوطني السوري والتيار العلماني . أم ان المعارضة الجميلة والذكية ستختفي عن الحياة السياسية والثورة التي ليس لها ثوابت . وأنا كعلماني يهمني وحدة العلمانيين وهكذا سننجح في أن نكون فعلا قوة داخل الحراك الثوري ونجعل سوريا دولة مدنية .
#أحمد_ضاحي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|