|
القوش الصراع من اجل البقاء وموقف الزوعا المخجل من هذا الصراع
حبيب تومي
الحوار المتمدن-العدد: 3893 - 2012 / 10 / 27 - 21:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل يومين كنت في تلكيف وتمشيت في بعض ازقتها وأحيائها وفي سوقها وليس من السهولة ان تعثر على تلكيفي ( كلداني مسيحي ) في هذه المدينة التاريخية التي مر فيها قبل اكثر من قرن ونصف من السنين السائح الفارسي الملقب بالمنشئ البغدادي وهو مترجم في القنصلية البريطانية في ولاية بغداد يومذاك ويكتب عن تلكيف حين مروره بها ويقول : انه يقطنها 2000 عائلة جميعهم من النصارى الكلدان ، اليوم اصبحت بحق مدينة عربية إسلامية تنتشر في كل اجزائها المساجد الإسلامية ، ولحد عام حيث 1957 حيث كنت اداوم في الصف الأول في متوسطة تلكيف لعدم وجود مدرسة متوسطة في القوش وقتئذٍ ، إذ لم يكن فيها اي ساكن عربي مسلم ولم يكن فيها اي اثر لأي جامع في المدينة . ولسنا هنا بصدد تحديد المسؤولية لهذا التغيير الديموغرافي المجحف ، لكن على العموم يتحمل المسؤولية اهل المدينة نفسها ، والطرف الآخر الذي يتحمل المسؤولية هو الأخ المسلم الذي لم تكفيه ارض العراق برمتها فاضطر الى السكن في هذه المدينة ، والطرف الثالث في هذه المعادلة هو الحكومة العروبية العنصرية التي لا تستطيع ان ترى مدينة تحتفظ بثقافتها ودينها وهويتها المخالفة للثقافة والدين والهوية العربية الإسلامية . اليوم تتجه الأنظار لإحداث تغيير ديموغرافي في البقية الباقية من البلدات الكلدانية المسيحية ، إذ ان المدن العراقية الرئيسية ( بغداد والبصرة والموصل ) قد اوشكت على التخلص من الكلدان وبقية مسيحيي العراق ، وذلك بغية خلق مجتمع متجانس فيه دين واحد فقط وهو الدين الإسلامي فكان بالأمس إفراغ المدن من اليهود واليوم يجري إفرغها من المسيحيين والصابئة المندائيين ، ويكرر التاريخ نفسه كما حدث في جزيرة العرب قبل حوالي 1400 سنة إذ اصبحت هذه الجزيرة محصورة للديانة الإسلامية فحسب ، ماسحة الوجه الديقراطي الليبرالي الذي كان سائداً في المجتمع العربي القبلإسلامي والذي يطلق عليه المؤرخون العرب اليوم بأنه عصر الجاهلية في حين كان بحق عصر الديمقراطية والتعدد والتعايش والتسامح . وكانت مكة قبل الإسلام محجاً لجميع الأديان والأمم في حين بعد الإسلام اصبحت مكة محجاً للمسلمين فحسب . نعود الى مربط الفرس بما يتعلق ما تتعرض له مدننا وقرانا السريانية والكلدانية من محاولات التغيير في البنية السكانية وموقف الحركة الديقمراطية الآشورية المخجل في هذه المسألة ، وهذا لمسته اثناء زيارتي الأخيرة الى القوش ، وأنا شخصياً لا اريد الكتابة عما يخص هذه الحركة ( الحركة الديمقراطية الآشورية ) حيث ان اعضائها وكادرها يملكون حساسية مفرطة ضد اي نقد مهما كان هدفه ، لقناعتهم انهم وحدهم يملكون الحقيقة المطلقة وإن اي ناقد هو على باطل ، لكن المسالة التي تخص الإجحاف بحق القوش لا تسعفني إرادتي بإلتزام جانب السكوت ، فبادرت الى الكتابة . كما هو معلوم ان الحركة الديمقراطية الآشورية حزب سياسي عراقي تأسس في العقود الأخيرة من القرن الماضي في دول المهجر وانتقل نشاط هذه الحركة او هذا الحزب الى كوردستان ، مستفيداً من الوضع السياسي المستقر بعد عام 1991 والذي كانت فيه ابعاد ديمقراطية واضحة بوجود برلمان وحكومة منتخبين وفق السياق الديمقراطي ووجود قوانين وأنظمة ديمقراطية في منطقة محمية بقرارات دولية . بعد سقوط النظام في عام 2003 طرحت الحركة الديمقراطية الآشورية نفسها كحزب يمثل كل المسيحيين ، وأوهمت الناس بأنها كانت تحمل السلاح ضد النظام السابق ،في الوقت الذي لم نسمع فيه ان هذه الحركة قد أطلقت رصاصة واحدة واشتركت في معركة واحدة ما ضد النظام السابق ، ونحن بانتظار من يسعفنا او يعلمنا عن معركة واحدة وتاريخ تلك المعركة لكي يكون للحركة الديمقراطية الآشورية مصداقية حينما تدعي ذلك ، لكن حسب معلوماتي الى اليوم ان الحركة لم تشترك في اية معركة فعلية ضد النظام السابق . لكن مع الأسف الحركة دأبت على إثارة قضايا ورفع شعارات ذات طابع وبريق شعبي من قبيل وحدة شعبنا المسيحي لكي تكسب دعم الشعب المسيحي من الكلدان والسريان ، وتبين بمرور الزمن ان الحركة كانت تريد من شعار الوحدة أشورة كل المكونات من كلدانية وسريانية وجعلها آشورية بحجة اننا اصحاب الدين الواحد ولغة واحدة ، لقد تبين انه مكر سياسي ليس إلا ، وتريد ان تكون هي الحزب القائد الأوحد ، ولا اريد ان أتدخل في الشأن الداخلي لهذه الحركة التي يتبين مما يترشح من الأخبار الداخلية التنظيمية لهذه الحركة بأنها تعاني من التحكم المركزي المتشدد ذات الطابع الديكتاتوري . ومع كل ذلك ليس لنا مصلحة في معاداة هذه الحركة ، فهي كباقي الأحزاب السياسية العراقية تعمل في الساحة ، لكن المآخذ على الحركة انها لم تتعامل بأخوة وعدالة مع حقوق الشعب الكلداني ووقفت بالضد من حقوق الشعب الكلداني في كل المحافل ، ولعل الصراع المستميت من اجل الهيمنة على المناصب وكمثال غير حصري منصب رئيس الوقف المسيحي والديانات الأخرى غير الأسلامية ووقوفها بالضد من إرادة المؤسسة البطريركية الكاثوليكية للشعب الكلداني خير مثال على محاولة هذه الحركة للهيمنة على مصائر المسيحيين كافة وجعلهم توابع خاضعة لهيمنة الحركة ، وبصراحة تتبنى وتروج الحركة لفكر إقصائي بحق الكلدان والسريان وتلغي هويتهم القومية ، وهذه افكار إقصائية لا تحترم عقلية الناس ، وإن زمنها قد مضى وكان مكانها مزبلة التاريخ ، لكن يأتي اليوم من يعرضها من جديد وكأنه صاحب مخترع حديث يفيد الإنسانية . لقد كان موقف الحركة الديمقراطية الآشورية المخجل والمتخاذل من مظاهرة القوش السلمية ضد التغيير الديموغرافي هو موقف سياسي بحت يفضح ادعاءات وشعارات الحركة في الدفاع عن حقوق المسيحيين ، لا سيما في مسألة حساسة وهي مسألة التغييرالديموغرافي التي يُعمل بها على قدم وساق ، لكن الحركة آثرت مصالحها الذاتية الحزبية الضيقة على مصلحة الشعب المسيحي من كلدان وسريان وأرمن ، وحسب رأيي المتواضع ان الحركة كانت بالضد من المظاهرة كونها في القوش ، لأنها ببساطة الحركة تريد الهيمنة على القوش الكلدانية ، وتسعى الى أشورة قوميتها الكلدانية وبنيتها السكانية الأساسية . لقد ثبت ان الحركة تريد ان تحقق مصالحها ومن بعدها ليكن الطوفان ، وهذا ما اثبتته الحوادث على مدى السنين الماضية . لقد منحنا اصواتنا نحن الكلدان لممثلي الزوعا ( قائمة الرافدين ) فتبين ان رئيس قائمة الرافدين الأستاذ يونادم كنا يلغي تاريخ الشعب الكلداني الذي اوصله الى مبنى البرلمان ، ويلغي قوميته وهويته ، فهل هنالك برلماني آخر في العراق او في الكرة الأرضية يتنكر الى تاريخ وهوية الشعب الذي انتخبه ؟ إنه امر مخجل حقاً . اثناء وجودي في القوش قبل أيام علمت ان السيد يونادم كنا قدم الى القوش وعقد اجتماع مع اعضاء حزبه ، ولم نسمع عن لقاءات اخرى ، ولو علمت في وقتها لطلبت منه باعتباره قريب من مركز صناعة القرار فهو عضو البرلمان العراقي وقيادي كبير يمثل المسيحيين في الإعلام وفي المحافل الدولية ، وأنا أحد ابناء الشعب الكلداني البسيط ، لسألت سيادته سؤال : لماذا تنكر تاريخ الشعب الكلداني وتنكر هويته القومية في حين انت تمثله في المحافل السياسية والإعلامية والمؤتمرات وهو الذي منحك صوته وأوصلك الى قبة البرلمان ؟ والسؤال الآخر الذي اطرحه له : لماذا تجنب حزبكم الأشتراك في مظاهرة القوش السلمية المناهضة للتغير الديموغرافي في المنطقة بل ان حزبكم كان له موقف غامض من مسألة التغيير السكاني في بغديدة وبرطلة ؟ وبما اني مواطن بسيط من القاعدة الجماهيرية ، وإن سيادته في القيادة المسؤولة عن مصائر العراق والمكون المسيحي بقومياته ، فإنني أسئلتي تبقى قائمة له ولحزبه . اقول : إن القوش رغم المصائب والأهوال التي ألمت بها عبر العصور فقد ظلت قائمة محتفظة بهويتها ، وإن تزوير التاريخ بإصدار نسخة مزورة من كتاب القوش عبر التاريخ لمؤلفه الكلداني الأصيل المطران يوسف بابانا بغية تغيير التاريخ ، والسكوت المخجل على عمليات تغير البنية السكانية لألقوش وغيرها .. كل هذه الأفعال محكوم عليها بالفشل ، واثناء تواجدي في القوش بشكل متواصل لم اجدها يوماً مثل اليوم حيث الأتفاق المجتمعي وبين كل الأطراف الدينية والحزبية والرسمية والشعبية ، باستثناء الحركة الديمقراطية الآشورية التي غردت في هذه المسالة خارج السرب ، حيث يتفق الجميع على شرف صيانة وحدة القوش الكلدانية وعدم المساس بتركيبتها الأثنوغرافية والدينية ، وإن من يحب القوش يجب عليه احترام هويتها الكلدانية وإرادة شعبها وعدم المساس بخصوصيتها الثقافية والهوياتية . د. حبيب تومي في 29 ـ 10 ـ 12
#حبيب_تومي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لقائي مع الأستاذ فاضل الميراني واضواء على حقوق الشعب الكلدان
...
-
لغز الإساءة الى الإسلام للإنتقام من ابن الوطن
-
البارزاني مصطفى وثورة ايلول التحررية لحظة حاسمة من الزمن الع
...
-
في ديترويت مدينة الكلدان ملاحظات ولقاءات ليس الى نسيانها سبي
...
-
حكومتنا العزيزة إغلاقكم للنوادي الإجتماعية اثلج صدورنا !
-
دعوة اخوية الى ما يسمى تجمع التنظيمات السياسية لشعبنا.. بشأن
...
-
التصميم والإرادة ونيل الشهادة العلمية والشكر للمهنئين ومحاول
...
-
رحلتي الى مدينة سان دييكو ونتائج مهمة لصالح شعبنا الكلداني و
...
-
يوم من عمري مع شباب القوش في ديترويت بأميركا
-
عزيزي سيزار الاتحاد العالمي .. قطار يسير وفي كل محطة هنالك م
...
-
ما الذي تكسبه القوش والبلدات الكلدانية الأخرى من ثروتها النف
...
-
الموقر حنين قدو ينبغي التعامل معنا بمفهوم المواطنة وليس بمنط
...
-
إقرار كوتا برلمانية للشعب الكلداني يشكل خطوة مهمة لتحقيق الع
...
-
الأستاذ عبدالغني يحيى ومؤتمر الأقليات والتهميش المتعمد للكلد
...
-
القوش الكلدانية أحسن مدينة في العراق ، كيف ؟ ولماذا ؟
-
شباب عنكاوا والأبراج الأربعة والتراجع المخجل لما يسمى بتجمع
...
-
هل كان على الكلدان التطوع في قوات الجتا لكي تمنحهم كوردستان
...
-
متى تتدخل الحكومة العراقية لإنهاء معاناتنا مع مصرف الوركاء ؟
-
تمنياتي ان تنبثق هيئة باسم تجمّع التنظيمات الكلدانية
-
تحية للزوعا في الذكرى 33 لتأسيسها مقرونة بأسئلة مطلوب الإجاب
...
المزيد.....
-
ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه
...
-
هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
-
مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي
...
-
مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
-
متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
-
الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
-
-القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من
...
-
كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
-
شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
-
-أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|