|
عندما يصرفْ الشعب على الحكومة !!
مهند البراك
الحوار المتمدن-العدد: 3891 - 2012 / 10 / 25 - 15:40
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
و المقصود هنا بـ ـ يصرف ـ ، ان يعطي الشعب للحكومة مصروفاً . . بعد ان شاعت في الاوساط الشعبية جملة تساؤل " شايفين شعب يصرف على الحكومة ؟ ". و قد يبدو السؤال لأول وهلة ساذجاً لأنه من الطبيعي ان يصرف الشعب على الحكومة و الاّ من اين للحكومة اموال ؟! لتدافع بها عن البلاد و عن امن و سلامة المواطن و خدمته، و لتصرف رواتب ملايين الموظفين و المستخدمين و العمال مدنيين و عسكريين، و عشرات الآف لايمكن تصنيفهم . . و غيرها الكثير !! و من ذلك لابد من التذكير بأن الحكومات و منذ نشوء الدول، و بعيداً عن تفاصيل كيف وصلت الى دست الحكم، و خاصة تلك التي جاءت عن طريق انتخابات عامة . . هي مؤسسة تعود للدولة و تقوم بادارة شؤونها لمدة يحددها دستور البلاد، واجبها حماية سلامة الدولة و حقوق مواطنيها نساءً و رجالاً، و تسهر على خدمتهم و رعايتهم و على صحتهم و امانهم و غيرها من الخدمات الواجب عليها القيام بها . . و تستمد نفقاتها لذلك من موارد البلاد الطبيعية التي هي ملك الشعب، و من انواع الضرائب المفروضة على كل المواطنين . . سواء على املاكهم و اعمالهم و معاملاتهم و على رواتبهم الحكومية، او مدخولات اعمالهم، و على السلع الغذائية و الاستهلاكية . . الخ و في دول تأسست منذ عقود طويلة، يفترض ان حكوماتها استقرت على آليات صارت شبه ثابتة على صعيد مواردها المالية و كيفية التصرّف المسؤول عنها ـ او كيفية اصلاح النواقص و التعثّر و المعوقات في ذلك ـ و كيفية دواوينية ذلك و اسلوبه الاداري على الأقل، كما في بلادنا العراق . . حيث يتساءل الكثيرون عن ما يُفعل بما يدفعونه شهرياً للحكومة، و ماهو مصير مايدفعونه من ضرائب شهرية و خاصة و ان ماتدفعه الفئات الواسعة من الموظفين و المستخدمين و العمال و غيرهم من ذوي الدخل المحدود، يشكّل مورداً كبيراً للحكومة ؟ و يتحدث الكثيرون بألم بسبب العَوز و عن اسبابه، و عمّا صاروا يدفعونه شهرياً للحكومة و يستنفذ دخولهم . . فاضافة الى الضرائب المستقطعة من قبل الحكومة من مرتباتهم الشهرية، فهم يدفعون نقداً لمن يقومون بحراسة البيوت من الحرامية و اللصوص، و نقداً لمن يقومون باعمال النظافة الاساسية و رفع الازبال اليومية، في ظروف ازدادت فيها الانقاض المتروكة و الجديدة، و ازدادت فيها عواصف الغبار حتى تسيّد الغبار فيها على الجو في غالبية ايام السنة، و صارت طبقات الاتربة تغطيّ مايتراكم . . و اضافة الى التكاليف العالية و المعاناة الحقيقية للحصول على فرص التطبيب الناجح و العلاج المناسب، بعد هروب النسبة الاكبر من الاطباء و الاخصائيين بسبب اعمال الإغتيالات و الاتاوات و الفصل العشائري في حالة نقص العلاج . . التي طالت الكثير منهم، و امتلاء السوق بالادوية المغشوشة رغم الاجراءات الحكومية لملاحقة ذلك . . تعاني اوسع الاوساط من مشاكل الكهرباء و تقطّع تياراته و ضرورات التحويل بين التيارات الكهربائية . . بين كهرباء المؤسسة " الوطنية " الحكومية، و كهرباء المحلّة و متعهديه الاهليين المدفوعي الثمن من اهالي المحلّة، الى ماطورات توليد الكهرباء المنزلية التي تصمّ الاذان بضجيجها العالي، و ماسبب و يسبب حالات وفيات بسبب التيار الكهربائي لقلة و عدم معرفة كثيرين بشؤون التعامل مع الكهرباء، في ظروف تستوجب القيام بذلك و خاصة عند وجود اطفال او كبار سن او مرضى و مرضى راقدين، في صيف لاهب . . . ان مأساة غياب الكهرباء ادّت الى تحوّل مفردات الكهرباء من " الامبير" الى " المحوّل" و "العاكس" الى مفردات يتعامل بها الاميون، و يرددها حتى الاطفال في نقاشاتهم الطفولية البريئة و العقيمة التي لاتقدّم و لاتؤخر، و لكنها تهدد باخطار قد تتسبب بكوارث للعوائل و خاصة الفقيرة الواسعة منها . و بسبب حالات الكهرباء تلك يزداد تلف الاجهزة الكهربائية المنزلية المتنوعة، بسبب التتابع غير المتوازن للتيار الكهربائي المار بها للاسباب المذكورة، و يسبب تلف اجهزة اخرى بسبب تقطّع التيارات و مايستنزف ذلك من دخل المواطن، الدخل الذي مهما ازداد بسبب الاجراءات الحكومية الساعية لحل المشكلات بزيادة الدخل، فانه يواجه تزايد تكاليف توفير الكهرباء و الزيادة غير المقيّدة للقائمين على توفير كهرباء المحلات و على بيع اجهزة توفير الكهرباء . . في ظروف تزداد فيها حالات الوفيات المبكرة بسبب حرّ الصيف اللاهب و عواصفه الترابية المتزايدة بلا انقطاع . . من جانب آخر تستنزف اعمال اصلاح الابنية، و الممتلكات التالفة من قطع الاثاث الاساسية التي تتدمّر بسبب اعمال الارهاب التي اخذت تتصاعد مؤخراً، لأسباب لايعرفها الاّ متنفذي الكتل الحاكمة كما يتداول الناس . . تستنزف بشدة دخول المواطنين، رغم الاعلان عن دفع الحكومة تعويضات لهم، و لكنهم لم و لا يقبضون منها شيئاً، رغم دفع عمولات و وساطات و غيرها من اجل ذلك، و لايعرف اين تحلّ تلك التعويضات و في جيب منْ، ان صُرفت فعلاً . . و من الطامات الكبرى لتزايد صرف قطاعات الشعب على المشاريع الحكومية الاصولية منذ تشكيل الدولة العراقية . . هو الصرف على المدارس و خاصة الابتدائية التي يفترض ان تهيأ الطفل ليقرأ و يكتب و يكتسب المعارف الاساسية التي تمكنه من التعامل مع العائلة و المجتمع، في احسن التقديرات . . فبعد سنوات طويلة انهارت ابنية مدارس ابتدائية كثيرة جزئياً او كلياً بسبب الحروب المجنونة و الحصار و الارهارب اضافة الى تقادم الابنية تلك التي بقيت دون اعمال صيانة و التي ازداد استهلاك ابنيتها و مرافقها بدرجة اشدّ من الماضي بسبب ازدحام الصفوف الدراسية و دوام وجبات متعددة فيها في اليوم الواحد . . حتى صارت مهددة بالانهيار من جهة، و لقلة و انعدام الكادر التعليمي فيها للاسباب المذكورة و لاسباب اخرى يضيق بها المقال . . كما تتناقل الصحف العراقية و وسائل الاعلام الحكومية ذاتها. فيتحدث اهالي مدينة الصدر ـ الثورة سابقاً ـ مثلاً، بألم عن ارهاق عوائلهم الساكنة فيها بسبب تكاليف المدارس الابتدائية الاهلية، التي صار متعهدون اهليون ينشؤها . . بعد ان صارت الدراسة الابتدائية في مدينة الصدر التي تضم اكثر من ثلث نفوس مدينة بغداد العاصمة . . صارت دراسة مدفوعة الاجر من الاهلين، و الاّ يترك الاطفال في الشوارع فريسة سهلة لانواع الحيتان الخطيرة ، من حيتان الجريمة المنظمة و السرقات، حيتان المخدرات . . الى حيتان بيع الاعضاء البشرية و تجارة البشر . . كل ذلك يجري . . في زمان يكشف فيه يومياً عن سرقات و نهب و رشاوي و فساد اداري و اختلاسات بعشرات المليارات من الدولارات، و تحوم فيها الدلائل التي تتوفر و القرائن و الشكوك . . عن ضلوع موظفين حكوميين كبار فيها، و نفاذهم من التحقيق و من الاجراءات القانونية الطبيعية التي قد يعلن عنها . . و في وقت تنشغل فيه الكتل البرلمانية و الحكومية الكبيرة بنزاعاتها على الهيمنة و على كرسي الحكم الاوحد، و لو ديس على الدستور الذي اقرّته هي . . لأنه صار قديماً !!
#مهند_البراك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جديد في صراعات المنطقة ! 2
-
جديد في صراعات المنطقة 1
-
الحكومة و الدولة المدنية، الى اين ؟
-
لمصلحة من الإساءة للإسلام ؟
-
حين يُصادَرْ القانون بإسم (القانون)
-
فيتو الفقيه و مخاطر (القاعدة)
-
- قوة ايّ مكوّن، من قوة و تعاون كلّ المكوّنات -
-
ماذا سينتظر الحكومة ؟
-
مادلين مطر و اعراس-خريف البطريك-
-
في رحيل المناضلة - حليمة علي -
-
اين كانت - دولة القانون- عند خطف البرلمان ؟
-
عن اي تبادل سلمي للسلطة يتحدثون ؟
-
مخاطر حكومة (اغلبية)
-
عن تحريم الحائري لإنتخاب علماني . .
-
-المدى- و ديمقراطية تكميم الافواه !
-
الدولة القاصرة . . و الآفاق !
-
السلاح و . . ثقافة التعددية و الحلول السلمية !
-
مخاطر فكرة وحدة فورية مع ايران !
-
31 آذار، -طريق الشعب- و العولمة !
-
نوروز . . و ازمة الحكومة العراقية
المزيد.....
-
سحب الدخان تغطي الضاحية الجنوبية.. والجيش الإسرائيلي يعلن قص
...
-
السفير يوسف العتيبة: مقتل الحاخام كوغان هجوم على الإمارات
-
النعمة صارت نقمة.. أمطار بعد أشهر من الجفاف تتسبب في انهيارا
...
-
لأول مرة منذ صدور مذكرة الاعتقال.. غالانت يتوجه لواشنطن ويلت
...
-
فيتسو: الغرب يريد إضعاف روسيا وهذا لا يمكن تحقيقه
-
-حزب الله- وتدمير الدبابات الإسرائيلية.. هل يتكرر سيناريو -م
...
-
-الروس يستمرون في الانتصار-.. خبير بريطاني يعلق على الوضع في
...
-
-حزب الله- ينفذ أكبر عدد من العمليات ضد إسرائيل في يوم واحد
...
-
اندلاع حريق بمحرك طائرة ركاب روسية أثناء هبوطها في مطار أنطا
...
-
روسيا للغرب.. ضربة صاروخ -أوريشنيك- ستكون بالغة
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|