|
يحدث في محكمة بيت لحم
عطا مناع
الحوار المتمدن-العدد: 3891 - 2012 / 10 / 25 - 02:18
المحور:
المجتمع المدني
بقلم- عطا مناع هنا التذمر سيد المكان، والزمان يفرض نفسه على الحضور، الوجوه ُمتجهمة، والتمتمات تعطي المشهد لوناً رمادياً، وبعض المتهمين يسيرون في الساحة باتجاه زنزانة الحجز المرحلة الأولى من المحاكمة، ويصطف الحضور الذي تكتظ به سيدة العدالة لإفساح المجال لهم أو للتمعن في وجوههم لحب الاستطلاع لا أكثر. المحامون منتشرون في المكان لمتابعة قضايا قديمة وللبدء في قضايا جديدة، قال احدهم لماذا يدرس شبابنا مهنة المحاماة في ظل هذا الاكتظاظ من المحامين؟؟؟ رد آخر علية بابتسامة ألا ترى يا رجل: كل الشعب هنا، هكذا يبدأ الحديث الذي لا نهاية له بين الحضور الذي يجسد التنوع الفكري والمجتمعي للشعب الفلسطيني. لمح من بعيد الشاعر الفلسطيني أمان اللة عايش، وبعد أن تصافحا جاء السؤال التقليدي لماذا أنت هنا؟؟؟؟ فجاء الجواب باهتاً، احد الأشخاص اشترى مني عقار بقيمة 90 ألف شيكل وادعى أنة لا يملك شيكات ودفع لي بواسطة الكمبيالات، اخذ نفساً عميقا وقال يريد أن يدفع لي المبلغ بواقع 200 شيكل في الشهر وهذا من حظ أحفادي لان السداد سينتهي بعد 20 عاماً، واخرج من جيبه بطاقة تؤكد أن المدان يمتلك عقارات ومشاريع وتجارة تمتد من الخليل إلى بيت لحم، انتهى النقاش الذي لا فائدة منة سوى التذمر الذي قد يدخل الراحة إلى نفس صديقه. شعر ببعض التعب وقرر أن يجلس على كرسي وحيد في ساحة المحكمة، لا مكان للصمت هنا، الكل يريد أن ُيفرغ ما في جعبته عله يجد طريق السلامة. أشعل سيجارة ونفث بكل ما في صدره من قرف، ورد التحيةِ بأحسن منها على رجل في الأربعين من عمرة يستند على عكازتين ودار بينهما الحوار التالي. كيف الحال يا أستاذ الحمد لله، لكن اللة يسعد خليها بدون أستاذ. بدأ حديثة دون مقدمات، أنا من قرية ارطاس وأكيد أسمعت قصتي، لم يفتح مجال للرد وقال: ساعدني أنا اتعبت، أصبحت من سكان المحكمة، والوضع عندي في البيت يزداد صعوبة، شده حديث الرجل وقاده حب الاستطلاع لمعرفة تفاصيل أكثر فقال: مجاري الجيران تدخل إلى بيتي وأنا رجل مريض والجار يقول أنها مياه نظيفة فقلت وفي حضرة القاضي توضأ من هذه المياه وصلي وسأتنازل عن القضية. هنا لا يكتمل الكلام فهو كغيره تحت الطلب، صعد إلى قاعة المكاتب حيث القضاة فوجد رجلاً متعباً لكبر سنة، هو يعرفه جيداَ، فكان السؤال الاعتيادي: شو المشكلة ؟؟؟؟ كان قلقاً فثلاثة قضاة ينظرون في قضيته، بدأ الحديث عن محلة التجاري المغلق منذ أكثر من سنتين، دخل في الكثير من التفاصيل متعلقاً بالمحامي الذي لا زال في الجلسة لعل وعسى إن يضع حداً لمأساته كرجل مُسن، تنفس نفساً عميقاً وقال: إذا لم احصل على حقي ألان فمتى احصل علية؟؟؟ أنا رجل كبير في السن ويفترض أن اعتاش من هذا العقار. جاء صوت الجابي عبر الميكروفون ليضع حداً للحوار، حركة نشطة في ساحة المحكمة الداخلية، والناس من كل الأعمار ينتظرون دورهم والاتكال على اللة أولا وهمة القاضي المنهك من كم القضايا التي إمامة، ففي بلدنا إذا حلم احدهم أن جارة داس له على طرف يستطيع أن يتوجه للنيابة العامة ويرفع قضية، وإخواننا في النيابة لا يردون طلباً لأحد، لدرجة أن له صديق اتهم بتقليم شجرة الجيران التي دخلت لساحة منزله وبقى يرتاد المحكمة لسنوات. تعب صديقنا الذي آثر عدم الحديث عن سبب وجودة في المحكمة، وقرر أن يراقب ويتمعن، اجتاحت أعماقه العديد من الأفكار، أيعقل أن حاله وحال غيرة من الموطنين كما الخراف يساقون للذبح النفسي ولا مخلص، لكن ما ذنب السلطة القضائية؟؟؟؟ هذا هو القانون؟؟؟؟ والعدالة عمياء ولا تأخذ إلا بالمكتوب على الورق. اقتربت الساعة من الواحدة، وفجأة تذكر عادل إمام ومسرحية شاهد مشفش حاجة، وتذكر مشهد ما بعد المحكمة حيث أطل عادل إمام برأسه من الشباك وبدأ يشتم الناس في الشارع، ويتوعدهم برفع قضية على كل واحد منهم، تذكر أنة يعيش في زمن العولمة ونصف الراتب، وتذكر أن العيد على الأبواب، واستحضر فرحة المواطن الغزي لنظافة الشورع ودعواته للشيخ حمد والشيخه موزه وأخذة الصور التذكارية في شوارع غزة النظيفة بفضل ألشيخه موزه، ضحك ولعن الزمان والمكان وتذكر نكات الأصدقاء على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك عن خروف العيد الذي امتشق السلاح دفاعاً عن النفس. تذكر أهل الكهف الذي ناموا لأكثر من 300 سنة في كهفكم احتجاجاً وقرفاً، وعاد بالذاكرة 24 ساعة للوراء مستحضراً سبب وجودة اليوم في حضرة العدالة، وتذكر حديث الشرطي في مركز شرطة بيت لحم وهو يقرأ علية التهمة التي جاءت مختصرة: أنت شتمت دايتون والسلطة، واشتملت التهمة على كلمات لا يستطيع أن يفكر فيها. أشعل سيجارة وقرر أن يقول كلمته ويلعن الظلام، وفكر للحظة أن يعلن العصيان في بلد استأنست للخنوع والواسطة والمحسوبية واللعب بالبيضة والحجر، وإذا بصوت يطلب منة الدخول لقاعة المحكمة ليقف إمام قاضي شاب ، عندها قرر أن ينتظر لليوم التالي ويحكي قصته مع من قالوا له انك شتمت دايتون، تذكر الماغوط وخروجه على الناس قائلاَ سأخون وطني، وجاء صوت مظفر النواب متناغمتا مع الماغوط عندما وصف الحالة التي وصل إليها وطنه قائلاً أهذا وطن أم مبغي. يتبع
#عطا_مناع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هرطقة في زمن الانقسام
-
الانتخابات المحلية الفلسطينية: الانقلاب الثاني
-
يا صبرا: اخرجي من عالمنا
-
مين اللي خرب البلد؟؟!!
-
سيدي الرئيس: نحن معك.... ولكن
-
محمد رشيد وحق الليلة الأولى
-
خربشات على قبر أبو علي مصطفي
-
حملات المقاطعة: المواطن ما بيفهمش
-
المخيمات وأزمة الكهرباء: مين فينا ألحرامي - 1
-
وبعدين معك يا حكومة
-
في ذكرى غسان: لمن قرعوا جدران الخزان
-
لسان حال الموظف: أنا مش كافر
-
قناة الميادين: أول ما شطح نطح
-
هل هي أجهزة امن.....
-
التطبيع الإعلامي: اغتيال شعب
-
يا أخي: اربط الحمار....
-
قصة مخيم الدهيشة مع الجندي اندريه
-
عندما كرمت بيت لحم جعارة وزعول
-
لا تنتمي للقطيع: حتما سنعود
-
عن الانتفاضة القادمة واللحم المقدس
المزيد.....
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
المجلس النرويجي للاجئين يحذر أوروبا من تجاهل الوضع في السودا
...
-
إعلام إسرائيلي: مخاوف من أوامر اعتقال أخرى بعد نتنياهو وغالا
...
-
إمكانية اعتقال نتنياهو.. خبير شؤون جرائم حرب لـCNN: أتصور حد
...
-
مخاوف للكيان المحتل من أوامر اعتقال سرية دولية ضد قادته
-
مقررة أممية لحقوق الانسان:ستضغط واشنطن لمنع تنفيذ قرار المحك
...
-
اللجان الشعبية للاجئين في غزة تنظم وقفة رفضا لاستهداف الأونر
...
-
ليندسي غراهام يهدد حلفاء الولايات المتحدة في حال ساعدوا في ا
...
-
بوليفيا تعرب عن دعمها لمذكرة اعتقال نتنياهو وغالانت
-
مراسلة العالم: بريطانيا تلمح الى التزامها بتطبيق مذكرة اعتقا
...
المزيد.....
-
أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال
...
/ موافق محمد
-
بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ
/ علي أسعد وطفة
-
مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية
/ علي أسعد وطفة
-
العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد
/ علي أسعد وطفة
-
الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي
...
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن
...
/ حمه الهمامي
-
تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار
/ زهير الخويلدي
-
منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس
...
/ رامي نصرالله
-
من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط
/ زهير الخويلدي
-
فراعنة فى الدنمارك
/ محيى الدين غريب
المزيد.....
|