أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نور الدين جمال - بين ازدراء الأديان و التطور














المزيد.....

بين ازدراء الأديان و التطور


نور الدين جمال

الحوار المتمدن-العدد: 3890 - 2012 / 10 / 24 - 15:35
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أتساءل بداية .. هل الدين قابل للإزدراء حتى يتم تنصيب قانون الإزدراء و يفعّل و يعاقب به ؟
أما الإزدراء فهو الإستخفاف بالشيء و تحقيره ، و أما الدين فهو بشقيه : عقيدة + تعاليم.
احتقار الدين و الاستهانة به هو حدث قابل للفعل في عمومه : كأن تسب الدين مثلا ، و الدين هنا مجرد معنى عام مجرد .. فأنت لا تلعن تعاليم الدين كالصدق مثلا ، و لا تلعن إحدى عقائده : كنزول جبريل بالوحي على محمد ، أو أن الخالق قد خلق العالم في ستة أيام. و إنما أنت تلعن الدين في عمومه ، و لكن هل يطبق القانون المشار إليه على مثل هتلك الحالات؟ بالطبع لا. القانون متخصص بالتأكيد لمجابهة الأفكار التي من شأنها أن تحقر من الأديان – الإسلام فقط في الحالة المصرية كما سيلي ذكره – و ربما تسببت في إرباك بعض المؤمنين بها.
فعندما نسترجع أشهر حالات الإزدراء للدين سنجد جميعها ضد مفكرين – أدباء على الأغلب – بداية من نجيب محفوظ – نصر حامد أبو زيد – فرج فودة – حيدر حيدر – وحيد حامد و أخيرا ألبير صابر الذي قام بنشر إعلان فيلم يحوي أفكارا ضد رسول الإسلام.
فالذي يخشى منه المؤمن بفكرته و المنتمي إليها في حقيقة الأمر ليس الإزدراء و إنما : التلاشي !
و الذي يغضب المؤمن يحكمه في المقام الاول شعور من العصابية تجاه الآخر المناهض لفكرته و الداعي على الأرجح لفكرة بديلة.
و من هنا تصير القضية بأكملها شخصية – عنصرية – بشرية ، لا تخص الدين أو الفكرة من قريب أو بعيد. فالفكرة لا تزدرى ، و لا تهان .. الفكرة أكثر تجردا و إستقلالية من هذا التجسد ، و االخالق لا يضار من مخلوقيه ، و الشاه لا يضيرها بعد ذبحها سلخها.
فلا الله و لا ياهو و لا بوذا و لا محمد و لا جيساس كرايست قد وصلهم أي أذى من جراء أي طرح لأي فكرة مناهضة لهم جميعا أي كاانت قسوتها. و إنما أتباع الله و محمد و ياهو و بوذا و جيساس غضبوا بعصابية تجاه الآخر الطارح للفكرة البديلة فنسبوا أغضابهم للفكرة – الدين – الخالق.
و من هنا أجزم أن الأمر بكليته لا يتعدى فكرة التطور : أن تأكل الفكرة سابقتها لأنها ببساطة لم تعد قادة على الحياة ، أو لم تعد قادرة على الإحياء إن شئنا الدقة، و هذا الحوار الفكرى هو ما تسبب في تطور الإنسان من بدائيته القديمة حتى صرنا إلى هذا الطور بالغ التعقيد الذي نعانيه الآن.

أتخيل مثلا أن إنسانا قديما قد عبد النهر و أنشأ ديانة كاملة قائمة بشقيها : العقائدي و التعاليمي من أجل تنظيم أفضل للحياة في أوانه ، حتى نبغ نفر من بعده و إكتشف نواقص تلك الديانة الإفتراضية - و أشار إليها – و أقنع العالم حوله بديانة جديدة (تقدس النار مثلا) تحمل أفكارا جديدة من شأنها أن تطور حياتهم فتركوا تلك و اتبعوا هذه.
هذه العملية الإفتراضية قد أغضبت بالتأكيد هؤلاء التابعين للديانة الأقدم و ربما قامت الدنيا وقتها و لم تقعد و اتهموا الداعي للديانة الجديدة بتهم من قبيل الإزدراء.
بالنسبة لك و لي فلا النهر مقدس و لا النار مقدسة ، و لكن هناك من قدس هذه و من قدس تلك.
الديانات الإبراهيمية نفسها تحوي مثالا صارخا بالإزدراء المشار إليه : فعندما يمسك إبراهيم بفأس أو ما شابه ليحطم الأصنام فهو يضرب مثالا عمليا بعدم قدرة الأصنام على النفع و الضر ، و لكن عابد الصنم المؤمن به و المنتمي إليه كانت لديه هذه التماثيل في مقام المقدس الغير قابل للإحتقار و الإستهانة و لا باالتأكيد : التحطيم !
و كما أن الصنم لا يضر و لا ينفع و لكنه رمز للخالق في تفكير الوثني ـ فالكعبة و حائط المبكى و كنيسة القيامة و المصحف و التوراه و كل هذه المقدسات في ذواتها الجامدات لا تضر و للا تنفع ، و لكنها رمز للخالق و مرسليه في عقيدة المتدينين. الصنم مثل الكعبة، و الوثني يسجد لصنم كرمز لإلهه الخالق ، و المسلم يسجد شطر الكعبة لإيمانه بأن الله قد استوى فوق تلك البقعة في السماوات.
و ماحدث مع الديانات الإبراهيمية تجاه الديانات الأخرى من انتقاد يصل لمرحلة الازدراء ، حدث مع الديانات الإبراهيمية و بعضها البعض. فحين ينفي الإسلام ألوهية المسيح فهو يهبط به درجات أي يحقره و يزدريه. و هذا الصدام الحتمي ضروري لأي فكرة جديدة تسعى للانتشار ، أن تنتقد بدائلها و تهبط بهم علّها ترتفع هي.

أنا أؤمن أن الفكرة الأعلى ستبتلع الفكرة الأدنى لو تركناها تأخذ مجراها في ذلك النقاش الفكري الذي أشرت له مسبقا ، و هو نقاش يتم دوما و سيتم مستقبلا ، ربما شابه كثير من العنف في بداية الدعوة للفكرة البديلة و لكن العملية ستتم برغم ذلك و التجربة تشير أنه ربما كان العنف هو ما أضفى قدسيات و دفعات لتلك الأفكار التي ووجهت بالعنف.
الفكرة وحدها تصنفنا – كعالم بشري – و تركها في شأنها سيطورها و يوفقها فهكذا تطور الإنسان .. بالأفكار !
و أنت حين تشخصن المقال و تفكر في هوية كاتبه ، فأنت تفكر بالعصابية نفسها التي عانت منها عقيدتك إبان ظهورها.
أنا لا أدرى ، و كثيرون غيري لا يدرون .. بيد أنهم لا يدرون أن لا يدرون ، لمّا شحت عنهم المعرفة ، أو شحوا هم بها عن أنفسهم. و منعت الفكرة و ازدري المفكر بقوانين مثل حرق الساحرات .. و ازدراء الأديان.
الحرية لألبير صابر



#نور_الدين_جمال (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نور الدين جمال - بين ازدراء الأديان و التطور