أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مركز الآن للثقافة والإعلام - نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة الإصلاح في السعودية.. قتلت بيدي 400 فلسطيني وسوري ولبناني..أبو غرائب- تونس.. المقابر الجماعية















المزيد.....



نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة الإصلاح في السعودية.. قتلت بيدي 400 فلسطيني وسوري ولبناني..أبو غرائب- تونس.. المقابر الجماعية


مركز الآن للثقافة والإعلام

الحوار المتمدن-العدد: 1130 - 2005 / 3 / 7 - 09:37
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


نحو الوضوح
نستفيق في لبنان، اليوم، على معطى سياسي جديد، على افتتاح مرحلة في تاريخ البلد. يستحق خطاب الرئيس السوري بشار الأسد معالجة مستفيضة. ولكن، يمكن، بسرعة، تقديم الملاحظات التالية:

أولاً الواضح أن الرئيس الأسد يبني حساباته على قاعدة انسداد أفق التسوية في المنطقة. لقد كان واضحاً في ذلك عند حديثه عن المسار السوري كما أنه لم يبد تفاؤلاً في ما يخص المسار الفلسطيني. في رأيه أن سياسة إسرائيل عقبة أمام السلام.

ثانياً قال الرئيس الأسد تلميحاً وتصريحاً إن ثمة مشكلة في توجهات > الأميركي. لم يستنتج من ذلك ضرورة الذهاب إلى مواجهة مع انحياز واشنطن. استنتج أن الواقعية هي السمة الوحيدة الممكنة للرد المتاح.

ثالثاً طوّر الرئيس الأسد موقفاً معقداً من القرار الدولي 1559. يمكن القول إن الرئيس السوري ميّال إلى تقييم سلبي لهذا القرار. لقد أقدم على تمييز بين بنوده. وركز، في ما يخص البند الخاص بالانسحاب السوري، على أنه يقرأه بعيون >، ويعتبر أن الانسحابات الطوعية المتتالية التي جرت والتي سوف تستكمل وصولاً إلى الانكفاء نحو منطقة الحدود تعني وفاء سوريا بالتزاماتها بما يسمح بالقول إنها باتت خارج مفاعيل القرار المشار إليه. الانسحاب من لبنان يعني <<انسحاباً>> من القرار.

رابعاً لم يخف الرئيس السوري أن قراءته لمجريات الأمور تشير إلى أن لديه يقينا حاسما في أن الحملة الغربية، والأميركية تحديداً، سوف تستمر. ستكون مرحلتها الأولى التأكيد أنه لم يلب بشكل حاسم الطلبات الدولية والدعوة إلى التشدد في مراقبة التنفيذ. أما مرحلتها الثانية فتتناول موضوعي المقاومة والوجود الفلسطيني. إن هذين العنوانين هما عنوانان أميركي وإسرائيلي. من هنا الإشارة اللافتة في الخطاب إلى أن 17 أيار جديداً يلوح في الأفق. وتدل الردود الأولية في لبنان على هذه الإشارة إلى غرق في منطق شكلي. ليس المقصود هو استعادة الاتفاق لتوقيعه وإنما المقصود هو إزالة العقبات التي تمنع لبنان من العودة إلى الدوران في الفلك الإسرائيلي. أي ليس المقصود هو احتمال توقيع لبنان، الآن، معاهدة سلام مع إسرائيل. إن القصد هو التركيز على أن الاندفاعة المتمادية سوف تحاول إزاحة الموانع اللبنانية الداخلية الحائلة دون تغيير الوجهة المتبعة منذ أواسط الثمانينيات.

خامساً أكد الرئيس الأسد أن سوريا، بعد أن استودعت اللبنانيين الدفاع عن هوية بلدهم وانتمائه، ستساعد القوى الرافعة للواء الممانعة. إن سحب الجيش لا يعني سحب المسؤوليات. وليس في الأمر تهديد من أي نوع كان. إنه، في الواقع، تحذير من أن تحاول قوى معادية ملء الفراغ، أو أن تعتقد هذه القوى أن فراغاً قد حصل.

سادساً اعترف الرئيس السوري بأخطاء ارتكبت وبغرق في التفاصيل، وأدان استغلال الوجود، وأقر بالتراكمات السلبية... قد لا يكون الخطاب مجالاً للتفصيل في هذه القضايا. غير أنه وضع عناوين تستحق نقاشاً معمقاً قد يقود إلى الاستنتاج أن الأزمة كانت أكثر بنيوية مما يقال. المهم، هنا، أن الخلاصة المنطقية فرضت نفسها. إن هذا النوع من العلاقات السورية اللبنانية يستولد، بالضرورة، هذا النوع من المشكلات. لذا طوّر الأسد هذا المنظور من أجل أن يعد بشيء آخر، بانقلاب في أشكال الروابط، وبسعي إلى إرساء العلاقات على صيغة أكثر عقلانية، وأكثر استناداً إلى مصالح ملموسة. يتوجب القول، هنا، إن القوى العربية الديموقراطية في لبنان وسوريا هي التي يفترض فيها الإعلان أنها ستراقب التنفيذ، وستتشدد في طلب نتائج إيجابية، وأنها لن تسمح، بعد إنقاذ ما يمكن إنقاذه، بأن يتدهور الوضع أكثر بين البلدين والشعبين. لقد فعل الأسد ما عليه لتهدئة <<جرح الكرامة>> الذي أصاب سوريين نتيجة تجاوزات لبنانية، ومن الواجب القيام بجهد أكبر على الجانب اللبناني. لكن المهم هو توليد الآليات السورية اللبنانية التي ستحاسب مسؤولي البلدين على أي إخلال لاحق بالفرصة التي لا تزال ممكنة برغم ما أصابها من انتهاكات.

تؤدي ردود الفعل اللبنانية الأولية إلى أن الخطاب مرشح لأن ينجح في جلاء الوضع الداخلي. لقد كان الالتباس قائماً بين من يحتج على سياسات وممارسات ومصادرة مبقياً احتجاجه تحت سقف الطائف بمضامينه (توزيع الصلاحيات، عروبة البلد، العلاقة مع سوريا) وبين من يسعى إلى انقلاب على أحد هذه المضامين أو كلها. ولقد كان مسموحاً الشك بأن حصيلة الالتباس هي التحذير من زعزعة الخيار الإقليمي الإجمالي للبنان باسم احتجاجات يمتلك بعضها مشروعية كاملة. بعد الخطاب، وعند اتضاح جدية التنفيذ، سيكون الاصطفاف السياسي أشد وضوحاً.

"السفير"

جوزف سماحة

---------------------------------------------------------------------


رسالة من المقابر الجماعية


شواهد الجرائم البشعة التي ارتكبها الطاغية الدموي في العراق لا حصر لها. ومن بين أبرز تلك الشواهد سلسلة اكتشافات المقابر الجماعية التي لم تعلن عن انتهائها حتى يومنا هذا. ففي كل موضع من أرض الرافدين يجري اكتشاف آخر من تلك الجريمة النكراء التي كانت تـُرتكب بحق آلاف العراقيين عندما يجري حشدهم فوق فوهات حفر تعدّ على وجه السرعة ليُدفنوا فيها أحياء أو بعد رميهم بالرصاص أو بعد نحرهم أو تفجيرهم أو ما لايدريه العالم حتى يومنا ولم يكتشفه من فنون الجريمة القذرة..

والمقابر الجماعية ليست جريمة عادية وإنْ كانت ليست غريبة على نظام البعثفاشية الذي فعلها منذ جريمته في شباط الأسود سنة 1963 عندما أقدم على دفن آلاف من أبناء شعبنا العراقي الأحرار وهم أحياء تلك الجريمة التي حاول طمسها عندما عاد إلى السلطة ثانية بإنشاء مقبرة في المنطقة التي دفن فيها ضحاياه!

لقد مثّل ونكّل بكل العراقيين المعارضين لسياسته السادية الهمجية وكان الذي يختفي في أيديهم لا يعود إلى بيته وإنّما يذهب إلى غير رجعة حيث يطويه التراب هذا إذا كان له من بقية بعد أنْ يُذاب في أحواض الحرق الكيمياوي!

المقابر الجماعية لا تحتاج لوصف اليوم بعد أنْ كانت صدمة هولها قد أذهلت العدو قبل الصديق! والكارثة ليست بحجمها كل توصيفات الكلمات والقراءات التي تأتي من هذه المنظمة أو تلك الجهة. إذ هي مفتاح الإشارة إلى الحقيقة التي ظلت مطموسة طوال تسلط نظام الطاغية على رقاب الشعب العراقي بدعم من أسياده وبمعرفة بما يجري من جرائم مهولة..

إنّ الفظاعة المأساوية للجريمة لا تنتهي باكتشافها أو بتقديم صورها أمام أنظار المجتمع الإنساني.. ولكنها تبدأ من هنا. ذلك أنّنا إذا توقفنا عند الجريمة واكتشافها فكأنّنا نشارك المجرم جريمته بمتابعة آلام أهالي الضحايا ومواصلتها بشكل أعنف بعدما صار لديهم الوثيقة التي يحكمون بها المجرم أمام محكمة جنايات وطنية ودولية..

إذ العالم ظل مخفيا عليه طبيعة ما يجري من جرائم وفظاعات في العراق ولم يكن أمامه إلا مشاغلات إيهامية مقنّعة كان من نتيجتها استمرار النظام البعثفاشي في سدّة الجريمة [الحكم] طوال أكثر من ثلاثة عقود!

ولكي لا تتكرر تلك الجريمة، ولكي نعيد الحق إلى نصابه، ولكي ننصف الضحايا وعوائلهم ولكي لا تحصل مثل هذه الفظاعات الكارثية مع شعب آخر، وَجَبَ التحرك والانتقال من الفضح والإدانة إلى الممارسة الفعلية لمحكمة العدالة الوطنية والدولية التي تقتص من المجرم الجلاد وسدنته...

إنّ عملية تناول أو معالجة جريمة المقابر الجماعية في العراق، تحتاج لوعي مناسب بالكيفية التي يمكننا بها أنْ نوصل رسالتها بطريقة صحيحة تتناسب وحجمها المريع من جهة ولا تصادف نفورا من الأسماع التي ملـّت آليات سياسة قوى بعينها في تسخير جرائم الفاشية بطرق غير موضوعية تعتمد المبالغة واستدرار عواطف الآخرين لاتجاهات غير إنسانية المقاصد؟!

وهكذا سيكون علينا في الوقت الذي نصرّ فيه على توكيد تلك الجريمة البشعة وفضحها أنْ ننتقل إلى الإجراءات الكفيلة بمسح آلامها وآثارها الوحشية على شعبنا الضحية المباشرة لسادية الجلاد الطاغية؛ سيكون علينا أنْ نستذكر أنّ الذاكرة المتعبة من الآلام ومن إثارة الأحزان والمواجع ليست مستعدة للتعاطي مع الجريمة من جهة وضعها موضعا للضغط النفسي السلبي أو لمتابعة آثارها الأليمة على أهلنا...

وبوضوح علينا أنْ نعزز إصرارنا على معالجة آثار الجريمة بأن نضعها موضع الأداة الإيجابية في دعم حقوقنا المشروعة ليس في الاكتفاء بالقصاص القانوني من المجرمين وحسب ولكن في إزالة كل أسباب إمكان عودة الجريمة وتهديدها طمأنينة الضحايا في بلادنا والعالم..

فهل حقا فعلنا ذلك؟ في الحقيقة سيكون من الصحيح الإجابة بالنفي إذ ما زالت قوى الجريمة تنزل بأبناء الرافدين أقسى الضربات المؤلمة والجرائم الدموية التي استرخصت دماءنا وأعراضنا ووجودنا حتى بات القتل المجاني سياسة متصلة مستمرة في تفاصيل حياة العراقي ويومه العادي!

بينما ما زال الوعي الجمعي العراقي في حال من الذهول ما لم يقف وقفته المؤمّلة المنتظرة منه. وعلى الرغم من خروج العراقيين للتصويت في الانتخابات ومن ثمّ للتعبير عن رؤاهم في رفض سياسة الموت والقتل والتدمير فإنّ ذلك لم يكن الخطوة الكافية المكتملة بسبب من كثير من الثغرات والاختراقات بل واستلاب الصوت العراقي حقه في التعبير الصادق عن مبتغياته ومستهدفاته...

إنّ المهمة المباشرة بخصوص المقابر الجماعية هي في تكوين مراكز بحثية مستقلة ومؤسسات رسمية ترتقي لمستوى المسؤولية في معالجة القضية وطنيا وفي تقديمها بوصفها وثيقة دامغة تدين الجريمة والمجرمين لا على الصعيد المحلي ولكن إنسانيا أوعالميا.. سواء بجلب الذين شاركوا في الجريمة واستدعاء أولئك الذين ساهموا بطمس الحقائق أم بحشد أوسع الأصوات الدولية من دول ومنظمات وجهات معنية بالمعالجة.

وعلينا هنا في مسيرة التحول من القراءة الوطنية إلى كسب الموقف الدولي أنْ نكون على مستوى من الوضوح والدقة والأساليب الملائمة لعرض قضايانا وبالتحديد قضية المقابر الجماعية وتسخير كل السوابق الإجرامية التي حصلت في العصر الحديث للبشرية لجعل قضية المقابر الجماعية في العراق قضية غير منسية ولا مغفلة أو مهملة..

ولأجل ذلك لابد من التوجه إلى الجهات الإعلامية والقانونية والمحاكم الجزائية الجنائية والمنظمات الدولية لكي نحصل على ما يدعم جهودنا في تشكيل مؤسساتنا المختصة من جهة ولتدعيم الجهود بما يرتقي بالنهوض بالمهمة على أكمل وأتم وجه..

إنّ الرسالة الآتية من المقابر الجماعية هي صرخات لحظة ارتكاب الجريمة التي ما زالت ترن في آذاننا وهي صور لحظات الاحتضار ومغادرة الحياة المغتصبة من المجرم السادي وهي الدين المرهون برقابنا، لأنّ الذي جرت عملية اغتياله ليس فردا منقطعا من أهله بل مئات ألوف العراقيين الذين ينتمون إلينا دما ووريدا وشريان حياة.. فجريمة قتلهم ما زالت نازفة أنهار الدم الزكي من أطفال ونساء وشيوخ!

لا يمكن لنا أن نقتعد بيوتنا بحثا عن أمان زائف. ولا يمكن أن نطوي صفحة الجريمة بانتهاء النظام الذي تسبب بها وارتكبها وهزيمته؛ ولا يمكننا أن نحظى بلحظة استقرار والشروع بطريق البناء لأبنائنا وللأجيال التالية، لا يمكننا كل ذلك من دون وضع أصابعنا على المواجع والجروح وآلامها...

ورسالة المقابر الجماعية ليست رسالة حزن واكتئاب ولكنها رسالة احتجاج وصرخة رفض لكل سكون وتقاعس أو إهمال وكل عراقي اليوم مشمول بواجب البحث عن هوية شاملة وطنية للمقابر الجماعية في كونها طاولت كل العراقيين ولم تستثنِ أحدا ولا بقعة من أرض الرافدين الطاهرة..

ولن تأخذ الرسالة موقعَها واستجابتها الحقيقية والجدية ما لم تنهض جمعيات حقوق الإنسان العراقية عليها، وما لم تقم مؤسسات المجتمع المدني بمهامها المنتظرة وما لم تقرأ المؤسسة الرسمية بمهامها الملزمة بها استجابة لسؤال الرسالة المستصرِخ وجرحها الفاغر بوجه الأهل المنكوبين...

رسالة المقابر يمكنها أن تأخذ استجابتها بإقامة النصب والتذكارات وبإقامة الندوات والمؤتمرات وبإقامة الدراسات والبحوث وبتكليف الجهات المعنية بمسح البلاد وتدقيق الجريمة وتسجيلها واعتماد جهات دولية مسؤولة في النهوض بالمسؤولية والمهمة الكبرى والخطيرة.. وبعد ذلك وقبله بالتأكيد سيكون الاستجابة لتطمين حاجات الضحايا من العوائل المنكوبة والتعاطي مع الدم المهدور بكل ما يعيد حقوق الناس ويستجيب لها فليست قطرة الدم العراقي برخيصة الثمن بل هي الأغلى لدينا وجودا وقدسية وتلك هي القضية...

وبعد، فللكارثة المأساوية للمقابر الجماعية صلة بكل مجريات تفاصيل يومنا العادي على أن ذلك ليس بمناحة أو بكائية سلبية بل بمعالجة مسؤولة تستجيب لصنع غد بعيد عن التهديد بمقبرة جديدة وجريمة دموية سادية أخرى...

د. تيسير عبدالجبار الآلوسي
أكاديمي ومحلّل سياسي ناشط في حقوق الإنسان


-----------------------------------------------------------------------

الرئيس الاسد يعلن انسحاب الجيش السوري من لبنان ويتجاهل خطابُه الوضع الداخلي

الوضع الداخلي اختصر الى 21 كلمة فقط تتعلق بمؤتمر "البعث" القطري


أيها السيدات والسادة أعضاء مجلس الشعب أيها الاخوات والاخوة المواطنون.. أخاطبكم فى هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ سورية والمنطقة بأحداثها الكبرى التى تعيشونها بفيض مشاعركم وغيرتكم على وطنكم وتثبتون مرة تلو المرة صدق ولائكم لقيمه وحرصكم على كبريائه وكرامته


ولعل لقائى بكم اليوم فى هذا الظرف الذى نمر فيه ينبعث من حرصى على أن تكونوا فى صورة التطورات الاخيرة وعلى أن تطلعوا بصورة مباشرة على موقع بلدكم منها ..وعلى رغبتى فى أن أقدم لكم اجابة عن تساوءلات عديدة تدور فى أذهانكم ..وفاء لهذه العلاقة الحميمة.. الشفافة معكم.. وتوكيدا على حقيقة أساسية هى أن ما نقوم به من أعمال وما نتخذه من مواقف.. أنتم مصدر الهامنا الاساسى فيه .


لقد عاشت سورية خلال العامين الماضيين فى قلب مجموعة متشابكة من الاحداث والتطورات.. الاقليمية والدولية التى تسارعت بصورة عاصفة.. وفرضت ضرورة التعامل معها بقدر كبير من الاهتمام والحرص ..وكان تسارع الاحداث بحد ذاته يفرض واقعا معقدا من ردود الافعال والاراء لدى قطاعات واسعة من المعنيين بالشأن السياسى يتوازى مع حملات اعلامية مكثفة ومنسقة وغير بريئة فى كثير من الاحيان ..خلقت تشويشا واسعا لدى الرأى العام العربى والمحلى.. وطرحت تساوءلات كثيرة عن طبيعة التحديات واتجاهاتها وموقفنا منها.


وكانت أبرز القضايا التى تشغل بال العالم الراهن.. أو تدخل فى مخططات بعض قواه الكبرى.. أو تحدد خياراتها السياسية.. تمر عبر سورية بصورة مباشرة أم غير مباشرة.. سواء قضية السلام فى الشرق الاوسط أو الارهاب أو القضية العراقية أم تداعيات الوضع اللبنانى .


وكنت قدمت فى مناسبات مختلفة شرحا مفصلا لموقفنا ورؤيتنا لهذه الامور المتداخلة.. لذلك فاننى لست بصدد استعراض ما حدث.. على ما فيه من معان ودلالات.. ولكننى سأقف عند اخر التطورات فيها وأبين مواقفنا منها وتصوراتنا المستقبلية حيالها.. وذلك من أجل أن يكون الجميع على بينة منها وأن يطلعوا على الجهود التى بذلناها للوصول الى نتائج مرضية.


وفى هذا الاطار.. يمكن التأكيد على أن نهجنا السياسى ومواقفنا من الاحداث وتطوراتها.. يقوم على قاعدتين أساسيتين..


الاولى.. حماية مصالحنا الوطنية والقومية.. من خلال التمسك بهويتنا واستقلالنا ووفائنا لمبادئنا وقناعاتنا.. وكذلك توفير الظروف الملائمة لصيانة استقرارنا السياسى والاجتماعى باعتباره جزءا من استقرار المنطقة ككل.. وتكريس ذلك لاستعادة أراضينا المحتلة.


الثانية.. حرصنا فى اطار العمل على تحقيق المسائل انفة الذكر.. على التعامل مع الاطراف المعنية بعقل مفتوح بعيدا عن الاحكام المسبقة.. وبقدر كبير من الواقعية والمرونة والمسؤولية.. مدركين طبيعة الظروف الدولية الراهنة خاصة فى السنوات الاخيرة ..ومعادلة الممكن والمأمول فى سياق كل ذلك.. أى التمسك بالحقوق وفى نفس الوقت التعامل بواقعية مع التحديات والتطورات الطارئة.


لقد كانت قضية السلام فى قلب هذه الاحداث.. وأرخت بظلالها على القضايا الاخرى.. وشهدت هذه العملية تراجعا من حيث مناخها العام.. خطوات الى الوراء ..ليس بسبب تعنت اسرائيل ورفضها الاستجابة لاستحقاقات السلام فحسب.. بل بسبب افتقاد الارادة المسؤولة عن تطبيق القرارات الدولية عندما يتعلق الامر باسرائيل.. وعدم جدية الاطراف المعنية فى المجتمع الدولى.. بالنهوض بمسؤولياتها فى هذا الاتجاه .


وفيما يتصل بنا.. أكدنا فى مناسبات كثيرة.. على أن السلام فى منطقتنا لن يتحقق ما لم تتم استعادة أرضنا المحتلة.. وعلى أن كثيرا من المشكلات التى تظهر فى الوقت الراهن.. تجد بعضا من حلولها فى ايجاد فرص سلام عادل يلغى أسباب التوتر والصراع وعوامل الاحباط والخيبة.




وطرحت سورية استئناف المفاوضات دون شروط مسبقة.. ولكن فى المقابل أكدنا أن عدم وجود شروط على استئناف المفاوضات لا يعنى اهدار المرجعيات والقواعد والقرارات التى يجب الالتزام بها وتطبيقها. ومرجعيتنا التى نستند اليها هى مرجعية مدريد المتضمنة لقرارات الشرعية الدولية ولم يكن مفاجئا لنا أن ترفض اسرائيل استئناف المفاوضات.. وأن تضع هى الشروط تحت ذرائع مختلفة.. وذلك تهربا من استحقاقات السلام.


بكل بساطة.. لو بسطنا الامور.. عملية السلام بحاجة الى متطلبات.. أولها نية الاطراف المتصارعة بالوصول الى السلام ..ثانيها وجود راع نزيه وحيادى ..ثالثها متطلبات تقنية كالمفاوضات والمرجعيات والمعايير.. مالذى ينقصنا اليوم... تنقصنا نية الطرف الاسرائيلى وهى غير موجودة على الاطلاق ..ينقصنا اهتمام الراعى بشكل أساسى الولايات المتحدة.. وهذا الكلام هم يعلنونه وليس توقعات البعض. وأيضا المعايير غير موجودة.


باعتقادنا فان عملية السلام ستبقى متوقفة فى المدى المنظور. ولكن حتى ذلك الوقت لا يجوز ان نتوقف عن الحديث عن عملية السلام وعن ابداء رغبتنا المستمرة بالتوصل الى السلام.. لذلك نحن مع اصدقائنا الاوروبيين وغيرهم من الدول فى هذا العالم المعنية والمهتمة بعملية السلام نتابع معهم الحوار بهدف معرفة أخطاء الماضى.. ووضع تصورات المستقبل.. وعندما تتغير كل هذه الظروف نستطيع ان ننطلق باتجاه عملية السلام.


طبعا اسرائيل طرحت او دائما تطرح بأنها مستعدة للعودة الى المفاوضات من دون شروط . الكثير من الوفود الاجنبية التى تأتى الينا فى سورية.. تقول ما هى الشروط السورية... وعندما نقول لا توجد شروط فهم يفاجؤون.. يقولون لكن اسرائيل تقول بأن لديكم شروطا. الهدف هو أن يكون العالم فى تصور بالنسبة لاسرائيل أنها مستعدة لعملية السلام.. لكن المشكلة هى فى الشروط التى تضعها سورية وهى العائق .


الحقيقة ان هذه الشروط هى ماتقوله اسرائيل أى العودة الى نقطة الصفر نحن نتحدث عن استئناف المفاوضات ..والاستئناف يعنى ان نتابع من حيث انتهينا ..هم يريدون العودة الى نقطة الصفر. نقول لهذه الدول وهذه القوى الدولية التى تأتى وهذه الشخصيات الدولية. كيف يمكن ان تقولوا انكم تريدون السلام وبنفس الوقت تقولون لنا اختلفوا على مااتفقتم عليه.. اذا أردنا ان نصل للسلام لابد من ان نتفق على النقاط المختلف عليها.. والاسرائيليون يريدون العودة الى الصفر. وهذا يعنى عدم جدية من قبل الاسرائيليين وعدم مصداقية لان كل حكومة فى اسرائيل تأتى فتقول انه لا علاقة لها بالحكومة التى سبقتها. فأكدنا نحن أننا مستعدون للمفاوضات من دون شروط وبحسب قرارات مرجعية مدريد وهذا يعنى أننا نبدأ من حيث انتهت المفاوضات الاخيرة فى التسعينيات.


كما أكدنا فيما يتصل بالساحة الفلسطينية على الوحدة الوطنية الفلسطينية من خلال حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة فى اطار الحل الشامل. أما بصدد المسالة العراقية فان مواقفنا كانت ولا تزال تنطلق من اعتبارنا وتقديرنا لمصالحنا الوطنية.. ومصالح الشعب العراقى.. حيث عارضنا الحرب كما عارضها كثيرون على امتداد الوطن العربى والعالم. وكان لنا فى معارضتنا أسبابنا الوطنية والقومية والاستراتيجية.. لاننا كنا نرى أن هذه الحرب ستؤدى الى حالة من الفوضى والاضطراب.. ليس فى العراق وحده.. ولكن فى المنطقة كلها.. وانها ستطالنا بتاثيراتها المباشرة سياسيا واقتصاديا واجتماعيا . انطلاقا من ذلك ..كان استقرار العراق والمنطقة يقع فى بؤرة اهتمامنا ومشاغلنا.. لذلك عبرنا عن حرصنا على الحوار الوطنى فى العراق ..وكنا من اوائل من دعا الى اجراء الانتخابات على قاعدة وطنية لايستبعد منها اى طرف.


وهنا وضعنا اولويات واضحة بالنسبة لموضوع العراق.. لكى يفهمها الجميع.. الاولوية الاولى هى وحدة العراق.. وهى أهم شىء بالنسبة لنا لانها لا تمس العراقيين فقط وانما تمس سورية.. تمس الامن القومى والوطنى فى سورية بنفس المقدار. الاولوية الثانية هى الانتخابات وهذه الانتخابات المقصود بها التصويت على الدستور. لا أقصد فيها انتخابات بمعنى الانتخاب الحر انما التصويت على الدستور.. وهذا الدستور سيعطى مؤسسات.. واى دستور فى العراق لا يكون عليه اجماع من قبل كل العراقيين فهذا يعنى تفكيك العراق وحربا أهلية. وأيضا سندفع الثمن. فاذا البند الثانى مرتبط بالبند الاول ... الوحدة بحاجة لاستقرار وبحاجة لحوار وطنى وبحاجة لدستور عليه اجماع من قبل العراقيين .. النقطة الثالثة أو الاولوية الثالثة وهى الاستقلال والاستقلال بشكل الى يعنى انسحاب القوات الاميركية الغريب أن معظم الوفود الاميركية التى استقبلناها تحدثت بنفس الاولويات فكنا نقول لهم اذا أين الخلاف... هم يتحدثون عن حرصهم على وحدة العراق وموضوع الدستور.. والذى جرى التصويت عليه بشكل ديمقراطى وأيضا كانوا يقولون نحن لانريد ان نبقى بشكل مستمر فى العراق.. بالنسبة لنا موضوع الاحتلال هو موضوع مبدأ.. أما الاليات فقد كنا نقول لهم ان الموضوع يدرس مع العراقيين وليس مع الاخرين. وفى مقابل ذلك.. فقد أخذت الاتهامات تتوالى نحو سورية.. تارة تحت ذريعة التدخل فى الشؤون العراقية وتارة اخرى تحت ذريعة عدم ضبط الحدود ومنع المتسللين الى العراق.. وتارة ثالثة تحت ذريعة ايواء أنصار النظام السابق بالرغم من اننا قمنا بكل مامن شأنه ان يحفظ استقرار العراق ضمن الامكانات المتاحة من ضبط للحدود ورفض لاستخدام الاراضى السورية للتدخل فى الشؤون العراقية وتأييد للعملية السياسية الجارية فيه .


تذكرون قبل حرب العراق كانت هناك اتهامات لسورية بأنها ترسل أسلحة الى بغداد ..أو كما يقولون للنظام فى العراق.. قلنا لهم فى ذلك الوقت اعطونا معلومة واحدة تدل على هذا الشىء.. ونحن بالنسبة لنا هذا مخالف للقانون وسنقوم بمحاسبة من يقوم بهذا العمل . الحقيقة لم يعطونا أية معلومات.


أتى باول بعد الحرب بثلاثة اسابيع وقلت له الان اصبحتم موجودين فى بغداد ولديكم الوثائق فتفضلوا وأعطونا وثيقة واحدة تدل على هذا الشىء. طبعا لم يأتنا أى شىء من المطلوب. تحدث فى ذلك الوقت.. ولم تكن المقاومة قد بدأت فى العراق.. حول ضرورة ضبط سورية لحدودها فقلنا له فى ذلك الوقت هذا مستحيل. يعنى فى الثمانينيات.. كانت تأتينا سيارات شاحنة كبيرة معبأة بالمتفجرات وتصل الى قلب دمشق وتنفجر فى أماكن مختلفة وتقتل المئات والعشرات ..ولم نكن قادرين على ايقافها. فكيف نستطيع الان أن نمنع اشخاصا مشاة يدخلون على الحدود.. هذا الكلام غير ممكن وخاصة أننا على الحدود العراقية لانمتلك التقنيات العالية الموجودة فى الدول الاخرى لضبط هذه الحدود. لاحقا أتى وليام بيرنز فى صيف /2003/ وسمع نفس الكلام.. بعدها حصلت فترة انقطاع طويل مع أى وفد اميركى ماعدا وفود الكونغرس ولكن التقينا بعدد من الوفود العراقية التى تمثل مجلس الحكم ولاحقا الحكومة المؤقتة ..وكان دائما هناك عتب بيننا وبينهم حول نفس الموضوع. وقلنا لهم اننا نسمع من خلال الاخبار أنكم القيتم القبض على مجموعة أتت من سورية او على سورى.. فلماذا لا تعطون الاسماء... وجواز السفر.. وهل هو مزور.. هل هو حقيقى.. وكيف وصل هذا الشخص الى العراق... أين حصل الامداد.. تقولون انه أتى من دول اخرى وعبر سورية.. لابد من نقاط امداد سواء مال.. منامة.. طعام.. والى اخره ..سموها امدادا لوجستيا.


كانوا يقولون سنقوم بهذا الشىء ولكن لم تأتنا حتى الان اية معلومة عن اى سورى او شخص ذهب الى العراق. لانقول ان الحدود مضبوطة.. كما قلت لااحد يستطيع فى العالم ان يضبط حدوده. حتى الوفود الاميركية تقول لنا نحن لانستطيع ان نضبط حدود أمريكا مع المكسيك.. لكن المطلوب منكم ان تضبطوا حدودكم . فالمعادلة صعبة .


فى الزيارة الاخيرة لوفد برئاسة/ وليام بيرنز/ فى شهر ايلول الماضى كان وفد من وزارة الدفاع ووزارة الخارجية ومن المخابرات ومن الجيش تحدثوا معنا بشكل واضح وقالوا نريد ان نعرف رغبة سورية. هل سورية تريد التعاون... فقلنا لهم نحن من العام/1974/ عندما عادت العلاقات مع الولايات المتحدة الامريكية.. تذكرون فى زيارة الرئيس نيكسون الى سورية فى عام/1974/ قال له الرئيس /حافظ الاسد/ نحن نريد احسن العلاقات مع امريكا.. وكنا خارجين من حرب تشرين.. وكان هناك اتحاد سوفييتى والظروف كلها كانت مختلفة. فمن غير المعقول اليوم ان نقول اننا لانريد علاقات جيدة. أما عن التعاون فعلينا ان نفرق بين الرغبة فى التعاون والامكانيات . لايعنى اذا كان لديك رغبة انك تمتلك الامكانيات.. ومع ذلك لانريد ان نقول ماهى السيناريوهات المطروحة.. نحن سنترك الامر عندكم. اطرحوا سيناريوهات.. ماذا تريدون... قبل عدة ايام كان وزير الداخلية العراقى قد اتى الى سورية واستقبلته انا وقال لى ان الاميركيين سيطرحون اتفاقية ثلاثية للتعاون الامنى لضبط الحدود بين سورية والعراق والقوات الامريكية.. طبعا. قلنا نحن مستعدون. طبعا طرحوا هذا الموضوع فى اللقاء وقلنا لهم نحن مستعدون.. لكن ربما كان البعض منهم لايريد ان يسمع هذه الكلمة.. غالبا يريدون منا ان نقول دائما لا فقلنا لهم نحن جاهزون.. ضعوا السيناريوهات وكل هذه التفاصيل. وارسلوا المعنيين الى سورية ليلتقوا بالمستويات المختلفة من المؤسسات الامنية او الجيش أو غيره لنضع خطة تنفيذ . طبعا حتى هذه اللحظة لم يأت احد منهم. الشىء الوحيد الذى يطلب منذ فترة ..من وقت لاخر ..هو عبارة عن لوائح باسماء معظمها لانعرف من هم. وثبت ان بعض الاسماء فعلا كانت موجودة وتم طردها وهذا الكلام تردد حتى خلال الحرب. هناك اسماء اتت الى سورية كانت جزءا من النظام وطردت ولايشعر الانسان بالندم لانهم من الاشخاص المسؤولين عن الجرائم التى حصلت فى سورية فى الثمانينيات.. فهؤلاء الاشخاص ..نحن فى ذلك الوقت اما طردناهم عند الحدود أو علمنا بدخولهم الى سورية فطلبنا منهم الخروج واخرجوا. أما بقية الاسماء فكنا نقول لهم بأنكم ترسلون اسماء لاشخاص لانعرف شكلهم ولانعرف من هو هذا الشخص أو ذلك . والان هناك فى العراق فوضى.. ربما يكون هؤلاء الاشخاص موجودين فى سورية لكن بأسماء مزورة.. فنحن بحاجة للمزيد من المعلومات.


طبعا الهجوم الاعلامى كما تلاحظون مستمر ولايتوقف.. ولا اعتقد أن له علاقة بالتعاون السورى لاننا لم نطرح أى شرط . بالنسبة لنا نحن لنا هموم فى العراق هى الوحدة كما قلت والاستقرار.. وعلينا ان ننتظر.


أيها الاخوات والاخوة..


لاشك أن الوضع اللبنانى باشكالياته المعقدة.. يشكل أبرز الاحداث الضاغطة فى هذه المرحلة. ولست هنا فى مجال البحث فى الماضى ولا الدخول فى تفاصيل الاحداث التى شهدها لبنان أو العلاقات السورية / اللبنانية ولكننى سأتوقف عند تداعيات القرار /1559/ وموقفنا منه .


حيث شهدت الساحة اللبنانية.. منذ صدور القرار المذكور سجالا حادا حوله.. لانه خلق.. بحيثياته المختلفة.. حتى لدى مؤيديه.. مشكلات جدية من حيث المنعكسات السلبية التى يمكن أن تنجم عن تطبيقه على لبنان واستقراره دون وجود اليات مناسبة وفى حال لم يراع الظروف الموضوعية لتطبيقه.


وعلى الرغم من ملاحظاتنا على القرار /1559/ من حيث هو تكريس لتدخل بعض الاطراف الدولية تحت عنوان سيادة لبنان.. فقد كان قرارنا التعامل معه بايجابية فى ضوء حرصنا على استقرار لبنان ووحدته.


أريد أن اجرى بعض الاضاءات على بعض النقاط. اذا أردنا أن نأخذ قرارا علينا أن نعرف لماذا نأخذ القرار.. على أية أرضية نسير وسأعطى بعض الايضاحات أو الاسس لكى نفهم أين نحن .


معظمكم قرأ المقابلة التى أجراها الرئيس الامريكى مع احدى الصحف الفرنسية والتى يقول فيها بأن الرئيس الفرنسى طلب منه اعداد أو تحضير مشروع لاخراج سورية من لبنان فى شهر حزيران. هذا يؤكد ماقلته أمام مؤتمر المغتربين بأنه لا علاقة بين هذا الموضوع والتمديد. ولاحظتم أن أحدا لم يعد يتحدث بالتمديد . البعض من القوى المعنية بموضوع التمديد سلبا.. أرسلت أخبارا رسمية مؤخرا.. هذا الموضوع أصبح وراءنا.. هم يبحثون عن شىء اخر.


الذى اكتشفناه فى الاشهر الاخيرة أن جزءا من مضمون القرار /1559/.. بعض البنود المعلنة وبعض البنود المخفية.. هى محضرة أو بدىء بالتحضير لها بعد حرب العراق مباشرة.. ولا أتحدث عن فكرة القرار وانما اتحدث عن بعض المضامين وسنمر عليها لاحقا.


النقطة الثانية.. كما قلنا عندما صدر القرار بأنه مخالف لميثاق الامم المتحدة.. وبأنه انتقائى وبأنه لم يأت بطلب من الدول المعنية.. ولكن بما أننا نعيش فى عالم ليس فيه قانون.. ولا فيه ميزان عدل فهذا الكلام هو مضيعة للوقت.. يعنى نعرفه ولكن ليس أساسا نسير عليه.. لكن فقط للذكر والتذكير.


النقطة الثالثة.. من مبادىء السياسة السورية هى أنها داعمة للامم المتحدة. لايمكن لسورية أن تكون فى أى ظرف من الظروف.. معارضة أو فى مواجهة الامم المتحدة.


النقطة الرابعة.. بالنسبة للقرار /1559/ هو عدة بنود. البند المرتبط بسورية هو بند الانسحاب.. بعكس الصورة الموجودة لدى الجميع الان.. بأنها هى المشكلة الحقيقية هذا البند هو البند الابسط.. لان سورية ليست ضد الانسحاب كمبدأ.. فنحن بدأنا بالانسحاب منذ عام /2000/ أى عندما نتحدث عن الانسحاب هل نحن.. هل أى أحد فيكم أو فى سورية يقول بأننا نريد أن نبقى فى لبنان.... هذا الكلام غير موجود. فاذا هذا البند هو الابسط وليس المشكلة. البنود الاخرى هى مشكلة.. وهى مشكلة بالنسبة للبنان. يعنى ستعيدنا الى الوراء.. ربما الى الثمانينيات أو الى المرحلة التى سبقتها.


النقطة الخامسة.. التقرير الذى سيصدر.. اعتقد فى شهر أيار أو نيسان المقبل.. هو الذى سيحدد توجهات هذا القرار.. أى لانستطيع ان نقول الان ان هذا القرار هو سلبى أو ايجابى . ان راعى العوامل الموضوعية فهو غير سلبى.. ان لم يراع هذه العوامل الموضوعية سيتحول الى مشكلة فى لبنان وربما فى المنطقة. والنقطتان الاساسيتان فى هذا التقرير تتعلقان باليات الانسحاب وبموضوع المقاومة.. المقاومة اللبنانية.


النقطة السادسة.. انسحاب سورية من لبنان لايعنى غياب الدور السورى.. فهذا الدور تحكمه عوامل كثيرة.. جغرافية وسياسية وغيرها.. بالعكس تماما.. نكون أكثر حرية وأكثر انطلاقا فى التعامل مع لبنان .


أيضا النقطة السابعة . هى ماقلته أنا فى أحد اللقاءات /مع محطة فرنسية/ مع التلفزيون الفرنسى عام /2..1/ عندما سئلت عن وضع القوات السورية فى لبنان فأجبت بشكل واضح أن المكان الطبيعى للقوات السورية هو فى الاراضى السورية. يعنى هذه مبادىء.. لكى لايتهمنا أحد.. ولان التفسيرات والتشويهات كثيرة الان. أريد ان أذكر هذه النقاط لكى يسمعها الجميع على الاعلام.. لمن لايعرف.. أو يشك بغير ذلك.


لايجوز أن نبقى يوما واحدا ان كان هناك اجماع لبنانى على خروج سورية.. لايجوز أن تكون سورية فى لبنان موضع خلاف أو انقسام.. لان سورية دخلت لمنع التقسيم فلا يجوز أن تكون هى موضع انقسام اللبنانيين. هذه من الثوابت .


النقطة الاخيرة.. الانسحاب لا يمس المصالح السورية.. بالعكس الانسحاب يعزز المصالح السورية بمعزل عن الظروف الحالية. ولذلك ابتدأنا الانسحاب منذ خمس سنوات وسحبنا أكثر من /63 /بالمئة من القوات.. وهذا الشىء ربما الكثير من السوريين لايعرفونه.. كان عدد القوات أربعين الف جندى فأصبح الان أربعة عشر الفا.. وطبعا لا أحد يذكره اما عن عدم معرفة وغالبا فى كثير من الاحيان فى وسائل الاعلام.. عن قصد . لذلك نريد أن نؤكد على هذه النقطة لانهم يريدون أن يظهروا أن سورية تنسحب تحت الضغط.. هذا هو المحور بالنسبة لهم.


الان أتحدث عن لقاءات لارسن مبعوث الامم المتحدة وبعض المسؤولين الاخرين الذين زاروا سورية مؤخرا. ملخص هذه اللقاءات.. كانوا يبدؤون بالسؤال كيف ستتعاملون مع القرار /1559/ فكنا مباشرة نعطى جوابا واضحا.. سوف نتعامل بايجابية.. بالرغم من التحفظات سوف نتعامل بايجابية . وكنا نشرح لهم كيف بدأت سورية بالانسحاب فى عام /1999/.. فى بداية /1999/.. بعد استلام الرئيس لحود ببضعة اشهر كان واضحا ان الجيش اللبنانى أصبح قويا والمؤسسات الامنية والاستقرار فى لبنان قطع أشواطا كبيرة.. فبدأنا نفكر فى سورية.. بأن الانسحاب اصبح الان ضرورة. وضعت الخطط فى ذلك الوقت وبدأنا بالانسحاب الاول اما فى نهاية /1999/ أو فى عام/2000/.. لا أذكر بالضبط.. ولكن فى هذه الفترة. طبعا هذا ما كنت اشرحة للموفدين .


كنا نرتب مع المؤسسات اللبنانية المعنية وننسحب ومن ثم نرتب وننسحب بشكل تدريجى.. وتعرفون أننا قمنا بأربعة انسحابات قبل صدور القرار /1559/ والانسحاب الخامس كان فى شهر أيلول.. والشىء الايجابى أن هذه الطريقة فى الانسحاب أبقت الاستقرار فى لبنان.. وكان الوضع مطمئنا الى حد كبير. فاذا كنا نقول لهم نحن لا توجد لدينا مشكلة فى القرار /1559/.. ولا نعتبر أنه ضد مصالحنا. هو يتحدث عن الانسحاب. واتفاق الطائف الذى تلتزم به سورية وتدعمه ودعمته دائما.. فيه انسحاب والطرف السورى دائما يتحدث عن انسحاب.. والتطبيق على الواقع فيه انسحاب. فاذا لاتوجد مشكلة بيننا وبين الامم المتحدة.. أو بيننا وبين القرار /1559/.. لاتوجد مشكلة فى المبدأ. المهم هو الاليات.. ماالفرق بين الطائف وبين القرار /1559/... الطائف لديه اليات.. والقرار /1559/ لم يطرح اليات.


قالوا /انسحاب/.. وكل دولة فى العالم الان تفسر بطريقتها.. البعض يريد الانسحاب بمفعول رجعى ربما قبل /1976/ .. الله أعلم.


نحن طريقتنا هى الانسحاب التدريجى المنظم بالتنسيق مع المؤسسات اللبنانية . ان كنتم أنتم كأمم متحدة تعتقدون بأننا يجب أن ننسحب فورا بالرغم من أى سلبيات تنعكس على لبنان فتحملوا المسؤولية. نحن لا نقول لا.. انتم تحددون.. انتم امم متحدة ..لكن حددوا هذا الشىء.. انتم لم تحددوا.


طبعا.. هم بتوجهاتهم كلهم لايريدون الاستقرار. قالوا نحن نريد الاستقرار.. فقلنا جيد.. كيف تريدون الاستقرار... وأنتم قلتم بأنكم أتيتم للتعاون.. طبعا الاجواء كانت ايجابية جدا فى هذه الحوارات. هناك رؤية قريبة جدا من رؤيتنا.. وكانوا يحاولون ان يجدوا الربط بين الاستقرار وبين تطبيق القرار/1559/ فقلنا لهم النقطة الاولى للتقرير.. التقرير هو الذى سيحكم هذا الشىء. ان كان التقرير سيخضع لمزاجيات البعض فى العالم فنحن نضيع وقتنا بأى أمل ايجابى أو تفاؤل.. أما ان افترضنا بأن التقرير سيبنى على القرار بمعزل عن المزاجيات.. فعلينا أن نعطى ثلاث اجابات لثلاثة أسئلة.


السؤال الاول.. كيف ستجدون التوافق أو الارضية المشتركة بين القرار /1559/ وبين الاستقرار... هنا يأتى الجواب من خلال الالية.


السؤال الثانى.. كيف ستجدون التوافق أو الارضية المشتركة بين القرار /1559/ وبين السيادة... لان هذا القرار صدر من أجل سيادة لبنان.. والسيادة عادة تمثلها الدولة. ماذا لو قامت هذه الدولة بمطالبة الامم المتحدة بشىء معين هى ترغب به. هل تلتزمون به أم لا.. وبالتالى ماهو تفسير السيادة.. فسروا لنا السيادة.. من يحدد السيادة... السؤال الثالث.. كيف تجدون التوافق بين القرار /1559/ واتفاق الطائف.. لان اتفاق الطائف أولا مذكور فى هذا القرار.. ثانيا لانه معترف به بشكل رسمى من قبل الامم المتحدة.


ان وجدنا أجوبة موضوعية لهذه الاسئلة الثلاثة.. يصبح القرار قرارا يحقق الاستقرار ويخدم سورية ولبنان والمنطقة. لا يجوز أن ننظر للقرار على انه شر مطلق أو شىء سلبى.. الحقيقة هو الان فى المنطقة الرمادية بحسب الاليات.. او بمعنى بحسب مايستخدم. سيعود لارسن الى سورية قريبا.. أعتقد خلال عشرة ايام لنتابع الحوار. وكما لاحظتم خرج لارسن وتحدث بشكل ايجابى عن الطائف وعن اتفاقية التعاون وعن العلاقات التاريخية. وبدأ التصعيد بعدها مباشرة.. كان المطلوب على مايبدو أيضا فشل مهمة لارسن.


أيضا المبعوثون الاخرون الذين زاروا سورية من الاوروبيين كانوا بنفس الاجواء تماما. تحرك اخواننا العرب.. من خلال الزيارات المتبادلة والاتصالات وغيرها. وكان هناك توجه أيضا ضمن الصورة الخاطئة الموجودة الان فى العالم بأن سورية فى ورطة فى موضوع الانسحاب.. وعلينا أن نوجد لها المخرج. يريدون حفظ ماء الوجه فقلنا لهم أولا القوات السورية يحفظ ماء وجهها ان نجحت فى مهمتها.. وهى نجحت فى هذا الموضوع فى عام /199./.. وبالتالى ماء الوجه محفوظ.


ماهى تصوراتكم.. البعض تحدث بخجل أو بحياء معنا عن الطائف.. وكأننا نرفض الطائف. قلنا له اذهب وقل عن لسان الرئيس لكل المسؤولين نحن مع الطائف ومع القرار /1559/ .. ومع الانسحاب كمبدأ منذ زمن طويل.. فاذا لا توجد مشكلة فى هذا الموضوع. لدينا مصلحة فى الانسحاب.. لماذا.. لماذا بدأنا فى الانسحاب.. لو عدنا الى عام /2... / أو نهاية عام /1999/ لدينا مصلحة لان القوات أنهت مهمتها فى نهاية العام /1990 / واستمرت للتأكد من حفظ الامن..أى أكثر من ثمانى سنوات. فى الحقيقة اخر طلقة أطلقت عندما توحدت بيروت نهاية عام /1990 / بعد حوالى عشر سنوات عندما تبقى القوات موجودة من دون عمل وخارج المعسكرات وفى دولة اخرى.. من الطبيعى أن تتراجع الجاهزية وتصبح القوات غير قادرة على تنفيذ مهامها على الشكل الامثل.. وتتحول الى عبء مادى.. القوات المسلحة مصاريفها كبيرة جدا.. تتحول الى عبء سياسى. هذا شىء طبيعى ومنطقى لو كان فى أى بلد فى العالم.. ولكن يضاف عليها الان هذه المصلحة. البند الرابع وهو الرغبة الجماهيرية التى أراها الان وأنا فى الحقيقة تأخرت فى هذا الخطاب بشكل مقصود كان لابد من رصد الاحداث ومن رصد تساؤلات الناس ومن رصد رغبات الناس.. الان أرى اجماعا حول هذه النقطة.


فاذا أصبح لدينا عدة بنود بالنسبة لهذا الموضوع تحقق المصلحة السورية.. طرحناها على الاخوة العرب وأوضحنا لهم هذا الموضوع.. لكن أنا أيضا أريد أن ادخل فى بعض التفاصيل لاننا فى ظرف خاص جدا.. ربما لا تكون ضرورية لكن أريد ان أتحدث بها.. هى عن كيف يشوهون موقف سورية بالاضافة الى الاشياء التى ذكرتها.. أى أن هناك بعض وسائل الاعلام كما تلاحظون تقوم بهجوم مركز على سورية. التركيز الاساسى على أن سورية متمسكة بالبقاء ولا تريد ان تترك لبنان.. أنا أسالهم سؤالا وأتحدى أى واحد من هؤلاء أن يعطينا الجواب. اذا كنا متمسكين والان نخرج تحت الضغط لماذا خرجنا فى عام /2000 / أو بدأنا بالخروج... ولماذا نفذنا أكثر من /60/ بالمئة من الانسحاب بشكل طوعى وبرغبة سورية وبارادة سورية... لم تكن هناك ضغوطات ولم تكن هناك مطالبات ولاشىء.. اذا استطاعوا أن يعطونا الجواب سنرفع لهم القبعة كما يقال باللغة الفرنسية.


أيضا فى نفس الاطار يظهرون سورية متضررة من الانسحاب. كما شرحت قبل قليل لنا مصلحة بشكل عام فى هذه الظروف وفى ظروف سبقتها. لو كانت كل الامور جيدة كنا سنستمر بشكل طبيعى.


البعض أيضا فى وسائل الاعلام يتحدث وينظر ما هى الاوراق التى تمتلكها سورية فى وجه الامم المتحدة والعالم. لم أسمع بأن سورية حاولت فى يوم من الايام أن تمتلك اوراقا فى وجه الامم المتحدة.. ولا أعتقد بأن أية دولة فى العالم / حتى الدول العظمى / تستطيع ذلك وتجربة العراق واضحة. حتى أكبر دولة فى العالم عندما تسير بعكس ارادة المجتمع الدولى كيف تخسر الكثير وتفشل .


فى الايام الاخيرة الماضية ايضا حاولوا أن يدسوا بالنسبة للقاءات بيننا وبين المسوولين العرب.. وضعوا صورتين بأن سورية تذهب لتستجدى النجدة من المسؤولين العرب.. وبأنهم يضغطون على سورية أو يرهبونها أو ربما يقنعونها.. لنوضح هذه النقطة.. لارسن أتى مرتين الى سورية.. المرة الاولى كانت فى نهاية عام /2004/.. قلنا له نحن سنتعاون. أتى الينا فى الشهر الماضى فقلنا له نحن عندما تكون الرؤية واضحة لديكم نحن مستعدون مباشرة للقيام بالانسحاب.. أى ان هذا كله سبق كل اللقاءات مع المسؤولين العرب.


عندما نلتقى مع مسؤول عربى نحن نحترم بعضنا بعضا.. نشرح له وجهة نظرنا.. نقول له نحن سنقوم بهذا العمل. نشرح له بأننا نحن لسنا ضد الطائف ولسنا ضد القرار /1559/.. وكل المسؤولين العرب كانوا متفهمين تماما لموقف سورية وداعمين.. وليس كما يصور فى الاعلام.


ماذا نستجدى منهم ... القرار /1559/ صدر. هل يستطيعون أن يعيدوا عقرب الساعة الى الوراء ... فاذا أين المشكلة فى القرار/ 1559/ ... المشكلة ليست فى بند الانسحاب. انتهينا من هذه النقطة.. المشكلة هى اولا فى بند المقاومة.. وهى مشكلة على المستوى اللبنانى.. وستخلق مشكلة اذا لم تعالج بشكل جيد فى التقرير المقبل. هناك البند المخفى ليس فى القرار /1559/ وانما فى استخدام القرار /1559/ فى المستقبل.. وهو بند التوطين. وبند التوطين مع بند المقاومة هما من الاشياء التى ابتدأت بعد حرب العراق.


ولو أردنا ان نرسم صورة وجدنا هذا الزخم بالنسبة للمسار الفلسطينى.. اغتيال الرئيس عرفات.. اغتيال الرئيس الحريرى ربما .. الضغط على سورية.. الوضع فى العراق وكثير من الامور المتشابهة.. لو ربطناها نشكل مشهدا. انتم تستطيعون ان تفهموا ماذا أقصد تماما.


لقد كانت الجريمة المنكرة التى ذهب ضحيتها الرئيس الحريرى تستهدف وحدة لبنان واستقراره.. كما تستهدف دور سورية ومكانتها فى لبنان والمنطقة.


لذلك فاننا نؤكد أن الكشف عن الجناة وعمن يقف خلفهم.. هو ضرورة سورية بمقدار ما هو ضرورة لبنانية.


ان هذه الجريمة أتت لتزيد من حدة التصعيد هناك.. وليبدأ البعض سواء تحت تأثير الصدمة التى أحدثتها الفجيعة.. أو بفعل مخطط مسبق مشبوه.. أو بفعل سوء النية.. باستخدام هذه الجريمة استخداما دنيئا من أجل تأجيج المشاعر العدائية ضد سورية وتصعيد الاتهامات نحوها. فى كل جريمة هناك عدة احتمالات الا فى هذه الجريمة لم يكن هناك الا احتمال واحد وهو سورية.


وأخذت بعض الاطراف الدولية تعمل بصورة غير مبررة.. لاول وهلة.. بالتنسيق والتحريض فى اتجاه محدد. وبدأ اطلاق سهام غدر ونكران باتجاه سورية التى لم تبخل يوما فى تقديم امكاناتها ودمائها لنصرة بعض من هؤلاء.ولكن سورية ستكون اكبر من ان تأبه بها او ترد عليها .


وهذا الكلام.. لا يعنى أن ممارساتنا فى لبنان كانت صوابا كلها.. بل لابد من الاعتراف بكل وضوح وشفافية.. أن ثمة أخطاء ارتكبت على الساحة اللبنانية.. حيث غرقنا فى بعض التفاصيل والاجراءات.. واندفعنا بعض الاحيان فى علاقاتنا مع بعض اللبنانيين على حساب البعض الاخر.. لاعتقادنا بأن التعامل مع الوضع الراهن يعزز الدور السورى فى مساعدة لبنان على تحقيق الاستقرار.. ولكن الواقع لم يكن كذلك.. كما أن استغلال البعض لوجود القوات السورية لاعتبارات مصلحية ضيقة مادية أو سياسية أو انتخابية أو غيرها.. أدى الى الكثير من التراكمات السلبية. وذلك دون أن ننكر دور المخلصين الاوفياء من الاشقاء اللبنانيين الذين وقفنا واياهم فى خندق واحد فى مواجهة أعداء لبنان وسورية.. وعملوا معنا جنبا الى جنب من أجل خير لبنان وسورية.


اتفاق الطائف أنجز فى عام /1989/.. وفرض نفسه على القوى المختلفة فى لبنان /الميليشيات/. البعض اقتنع بأن الدولة هى المكان الطبيعى للبنان.. او هى الملجأ الطبيعى للبنان. والبعض الاخر لم يقتنع لكنه لم يستطع ان يقف فى وجه التحولات فى ذلك الوقت فدخل الى الدولة واعتقد بأن هذه الدولة من الممكن ان تكون هى الميليشيا الكبيرة التى يتقاسمها مع الاخرين.. لمصالح مادية وسياسية. بالنسبة لنا فى سورية بعد الطائف وبعد توحيد بيروت تحديدا.. كانت الاولوية بالنسبة لنا هى السلم الاهلى. لم نكن ننتبه كثيرا لبعض الجوانب الاخرى. بالاضافة للاولوية الثانية.. اطلاق العملية السياسية فى ذلك الوقت.. وكانوا مقبلين على انتخابات مجلس نيابى فى عام /1992/ وكما قلت كنا نحاول ان نساير الجميع فى ذلك الوقت.. لاننا لا نريد مشاكل ونريد أن يكون الجميع مع الدولة.. وفى المرحلة الاولى بعد الحرب كان البعض يقول دولة الميليشيا لبضع سنوات أمر ممكن.. لكن هذا الوضع استمر زمنا طويلا وبدأ استخدام اسم سورية بشكل مباشر


البعض كان يقول انه حليف سورية ويستخدم علاقته مع سورية لمصالحه الخاصة.


البعض من اللبنانيين كان يطلق عليهم اسم تجار السياسة.. أنا اسميهم تجار مواقف سياسية. طبعا التجارة.. تجارة البضائع هى مهنة محترمة لكن تجارة المواقف السياسية هى كتجارة الرقيق منبوذة. فكان هؤلاء بالنسبة لنا تجار مواقف سياسية يبيعون ويشترون المواقف ويتقلبون بين يوم واخر واعتقد معظمهم معروف بالنسبة لكم .


عندما حصرنا الخيار باتجاه الدولة اللبنانية بدأت المشكلة مع هؤلاء... وبدأ الحديث عن السيادة. طبعا الحديث عن السيادة شىء مشرف لاى كان يتحدث فى بلده عن السيادة.. وأى لبنانى يتحدث عن السيادة فنحن معه فى هذا الشىء. لكن أردنا أن نعرف ماهو نوع هذه السيادة التى يتحدثون عنها.. فاكتشفنا انها ليست سيادة اللبنانيين على لبنان... وانما سيادة أية دولة اخرى غير سورية على لبنان . هذه هى المشكلة بيننا وبينهم .


لذلك كما تلاحظون عندما يأتى أى مسؤول أجنبى الى بلدهم.. الى لبنان.. ويقف فى أى مكان رسمى أو غير رسمى ويصرح فى صلب أمورهم الداخلية يكونون سعداء. أما ان نقول كلمة واحدة فى سورية أو نقوم بعمل واحد.. فنحن ضد السيادة ومحتلون والى اخره .


طبعا هذه القوى بكل الاحوال يجب أن نعرف أنها جزء طبيعى من تاريخ لبنان.. هى موجودة منذ أكثر من مئتى عام. هناك دائما فى لبنان قوى تمد يدها الى الخارج وقوى وطنية.. وطبعا الوطنية هى الاكثر. وهذه القوى التى تمد يدها الى الخارج فشلت فى عدة مرات. فشلت فى /1958/ أن تجعل لبنان جزءا من حلف بغداد.. وفشلت فى /1969/ أن تضرب المقاومة الفلسطينية.. وفشلت فى /1983 / ان تعطى الحياة لاتفاق /17/ ايار.. وستفشل فى كل مرة طالما أن هناك قوى وطنية سنقف معها بشكل مستمر. وهذا الكلام يدفعنى لتأكيد حقيقتين أساسيتين. الحقيقة الاولى التى أكدتها مرارا.. وهى أن لا مصلحة لنا فى لبنان عندما يفتتح سوق الحسابات الرخيصة والمصالح الضيقة. واذا كان لنا من مصلحة فهى مصلحة قومية ذات طبيعة استراتيجية تتصل بأمننا القومى فى سورية ولبنان. وقد حملنا مع أشقائنا أعباء هذه العلاقة فى ضوء روويتنا وادراكنا لوحدة المصير المشترك الذى نتحمل مسؤوليته معا. أما وجود قواتنا السورية فى لبنان فنحن فقط من يتحمل أعباءه.


الحقيقة الثانية.. هى أن قوة سورية ودورها فى لبنان ليس رهنا بوجود القوات السورية هناك.. بل ان هذه القوة تتصل بحقائق التاريخ والجغرافيا والامتدادات السياسية والثقافية والروحية والانسانية. لذلك فاننا لا نريد للعلاقة مع لبنان أن تكون ضحية لاخطاء البعض.. البعض غالبا من السياسيين .

فالمواطن اللبنانى كان على مدى العقود السابقة.. الداعم الفعلى للدور السورى فى لبنان وهو الذى بنى معنا فى سورية تلك العلاقة الصافية المبرأة عن أية مصلحة انية. وأوجه كلمة لكل مواطن ولكل مواطنة سورية أن ماتشعرون به من مشاعر الخيبة تجاه النكران والغدر وعدم الوفاء فيما قدمته سورية للبنان هو لايمثل الحالة اللبنانية.. هو يمثل مجموعات كلنا نعرف من هى هذه المجموعات ومن هو خلفها حتى فى الكاميرات كانوا دائما يركزون على المركز لانهم اذا وسعوا ساحة التصوير سنكتشف أنه لايوجد اخرون على المحيط. فأرجو منكم أن لا نؤخذ ببعض ردود الافعال التى برزت فى أوقات معينة.. والتى كان معظمها مخططا بصورة مسبقة .. فقلب سورية الذى اعطى لبنان دما لايمكن ان تمسه بعض الاساءات.

وستبقى سورية تقدم للبنان فى كل مرحلة لانكم عرب سوريون أبناء وأحفاد عرب سوريين.

ان رؤية جديدة للتعامل مع الاشقاء اللبنانيين يجب أن تسود. وهذه الرؤية تنطلق من ضرورة توسيع العلاقة معهم وأن تكون على المسافة عينها مع جميع الوطنيين المخلصين وأن تتجه هذه العلاقة الى بناء قاعدة شعبية مؤسسية لها على المستوى التعليمى والثقافى والتربوى والاقتصادى والاجتماعى.. لتدعيم العلاقات الثنائية وحمايتها .

العلاقة السورية اللبنانية الان هى بناء كبير ليس بناء صغيرا له نوعان من الاساسات.. النوع الاول.. صلب.. متين.. متماسك. النوع الثانى.. متحرك يتحرك بحسب هذه الرمال الموجودة فى الاسفل. علينا ان نستبدل هذه الاساسات غير السليمة والضعيفة بأساسات متينة وأن نوسع الاساسات مع كل الشرائح اللبنانية.

وانطلاقا من هذه الحقائق والاعتبارات.. واستكمالا للخطوات التى نفذت سابقا فى اطار اتفاق الطائف الذى يتماشى مع القرار/ 1559/.. سنقوم بسحب قواتنا المتمركزة فى لبنان بالكامل الى منطقة البقاع.. ومن ثم الى منطقة الحدود السورية اللبنانية واتفقت مع رئيس الجمهورية اللبنانية السيد /اميل لحود/ على أن يجتمع المجلس الاعلى السورى اللبنانى فى بحر الاسبوع الحالى لاقرار خطة الانسحاب. وبانهاء هذا الاجراء تكون سورية قد أوفت بالتزاماتها حيال اتفاق الطائف ونفذت مقتضيات القرار /1559/.

ان كل ذلك لن يعنى تخلى سورية عن مسؤولياتها تجاه الاخوة والاصدقاء فى لبنان الذين جمعتنا واياهم وحدة الهدف والارادة فى لحظات حرجة من تاريخنا المشترك بل ستبقى سورية حصنهم ومرجعهم وداعما لهم فى كل الاوقات.. وستبقى معارك الشرف التى خضناها معا رمزا للتلاحم المصيرى بيننا والذى سيتعزز فى المستقبل بعون الله. واقول لهم ان /17/ ايار الجديد يلوح فى الافق فاستعدوا لمعركة اسقاطه كما فعلتم قبل عقدين ونيف .

أيها الاخوات والاخوة..

أردت من هذه المعلومات والافكار التى قدمتها لكم أن أوضح ما قمنا به خلال الفترة الماضية وأن أبين حقيقة مواقفنا تجاه القضايا المطروحة.. خاصة وأن هنالك من يعتقد أن سورية تتعامل مع التطورات بتشدد وتعنت أو أنها لا تمتلك المرونة الكافية. وفى الواقع.. وكما شرحت.. فان سياستنا تقوم على التعامل مع الاخرين.. سواء كانوا دولا كبرى أم صغرى.. على قاعدة الصداقة والاحترام المتبادل.. وعلى أن الحوار الموضوعى كفيل بحل جميع المشكلات القائمة. طبعا كل ذلك لايعنى أننا سنشعر بالامان قريبا.. يعنى ستسمعون الهجوم على هذا الخطاب مباشرة بعد الانتهاء من الخطاب.. لذلك قبل ان يقولوا لا يكفى سنقول لهم لا يكفى.

ولذلك وفى مثل هذه الظروف وطبعا فى كل الظروف. لكن خاصة فى مثل هذه الظروف.. يجب أن نحاول دائما ان تبنى القرارات كمثل هذا القرار وغيره على قاعدة شعبية عندما نكون نحن متوحدون دولة وشعبا لن نخاف من أى شىء وهذا ماحرصت عليه. وكما تلاحظون.. فقد كان طبيعيا أن تؤثر هذه الاحداث المتشابكة سلبا على أوضاعنا الداخلية وأن تضغط على أدائنا التنموى وعلى تفعيل عملية الاصلاح التى نقوم بها. وذلك لا يعود فقط الى انشغالنا بهذه الاحداث وتفاعلاتها فقط.. بل يعود أساسا.. الى ما تخلقه من توتر فى المناخ العام.. وهو ما يؤدى الى اعاقة ما نطمح الى القيام به على المستويات المختلفة. وقد يكون السؤال المطروح.. كيف نواجه هذا الواقع... بالمضى قدما فى مسيرتنا التنموية وبالمزيد من التطوير والانفتاح. وبالرغم من انشغالى الكبير بهذه الاوضاع الصعبة.. فلن يمنعنى ذلك من متابعة الوضع الداخلى بتفاصيله.. لانه يبقى فى مقدمة الاولويات بالنسبة لى. طبعا فى هذه المواضيع الهامة لم أكن أريد التطرق الى الوضع الداخلى ومع كل ذلك بما أننا تحدثنا ببضع جمل.. نحن الان فى صدد التحضير الى المؤتمر القطرى المقبل فى هذا العام ونتمنى أن يكون هو القفزة الكبيرة فى هذا البلد.

ان لسورية.. أيها الاخوة.. دورها ومكانتها فى محيطها العربى والاقليمى الامر الذى يسعد البعض.. ويثير حفيظة البعض الاخر. وسيبقى لها هذا الدور والمكانة وسيتعززان أكثر فأكثر بمشيئة الله وارادة شعبنا.. وسيبقى هدفنا الاول حمايتها.. والثانى منعتها.. والثالث تطويرها.

تحية لكم جميعا..

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



الرأي / سانا"

-----------------------------------------------------------------------


لبناني عميل للموساد:قتلت بيدي 400 فلسطيني وسوري ولبناني


مجرم الحرب الذي تأويه فرنسا روبرت حاتم الملقب بـ "كوبرا" ويحمل وشم الكوبرا أيضاً على ذراعه الأيسر، الحارس الشخصي لإيلي حبيقة، قتل بيديه ما بقارب 400 وشارك في قتل الآلاف، بما في ذلك صبرا وشاتيلا بالإضافة إلى قتل ما يقارب 3000، سوريين وفلسطينيين وضباط من جيش لبنان، عام 1980 تم اقتيادهم للتحقيق معهم في بيروت ولم يخرج أحد منهم على قيد الحياة من هناك.
وهو أيضاً رجل الموساد فيما يتصل بالطيار الإسرائيلي رون أراد .
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة "يديعوت أحرونوت" لا يتردد مجرم الحرب، كما تصفه الصحيفة، هذا في الإعتراف بأنه قتل بيديه ما يقارب 400 إنسان وشارك في قتل الآلاف. وعندما اشتكى المحققون من كثافة المعتقلين في السجون وأن هناك الكثيرين ممن يريدون الإنتهاء منهم، لم يتردد في إعدامهم بطلقة في رأس كل واحد منهم، مشيراً إلى إستمتاعه برؤيتهم يبكون ويتوسلون لإبقائهم على قيد الحياة، إلا أن ذلك لم يشفع لهم إذ سرعان ما كان يبادر إلى مسدسه "ماغنوم" وطلقة واحدة كانت تكفي لإحداث فتحة واسعة في ظهر أو جمجمة الضحية، كما يصف ذلك هو بنفسه !!

رافق إيلي حبيقة كظله في سنوات 70- 80 وشارك في مجازر صبرا وشاتيلا ، ويتفاخر بمشاركته في مجازر تل الزعتر، بل لا يتورع من جعل ذلك موضعاً للسخرية!

منذ العام 1997 سكن باريس وذلك في أعقاب منحه اللجوء المؤقت بسبب علاقاته السابقة مع المخابرات الفرنسية، في حين ترفض وزارة الخارجية الفرنسية منحه الإقامة الدائمة لأنه " قتل العشرات بدم بارد"!! بذريعة إلتزامها بميثاق جنيف الذي يقضي بعدم طرد إنسان إلى دولة قد يواجه فيها حكم الإعدام!!

ولم يتردد مجرم الحرب هذا في المشاركة في مظاهرة إحتجاج أمام السفارة السورية في باريس، وفي الوقت نفسه وبحسب الصحيفة لم يتورع عن التهجم على الرئيس اللبناني إميل لحود وأيضاً القول بأن الحريري كان له دور في العمليات القذرة التي قاموا بها في لبنان!!

وقد انضم "كوبرا" إلى حزب الكتائب في العام 1975، وبعد انضمامه مباشرة ارتكب أول جريمة قذرة بقتل عربي سوداني في معركة بالقرب من "فرن الشوباك"، وعند ارتكابه هذه الجريمة، وبحسب إعترافاته، فقد أصيب بالذعر في البداية وهو يطلق النار نحو سوداني عملاق يتجه نحوه، إلا أنه فقد حسه الإنساني لاحقاً ولم يجد أدنى صعوبة في إرتكاب جرائمه اللاحقة!!

وانضم إلى وحدة 104 وهي وحدة سرية خاصة في الكتائب تلقت تدريباتها القتالية في إسرائيل وجنوب لبنان بشكل سري وزار إسرائيل أكثر من 20 مرة للإجتماع مع ضباط المخابرات والجيش الإسرائيلي، ودأب على إرسال رجاله لإستكمال تدريبهم على أيدي جهاز الأمن العام الإسرائيلي، الشاباك. كما شارك في الحماية الشخصية لشارون كلما هبطت به طائرته في شمال بيروت، لدرجة أن شارون لم يكن يحس بالأمان إلا بمعيته!!
ويمضي المجرم في تعداد جرائمه بما في ذلك القيام باختطاف الفتيات والنساء اللاتي يعجب بهن إيلي حبيقة!!
كما يعترف بإقترافه العديد من الجرائم ضد سوريين بالإضافة إلى الدبلوماسيين الإيرانيين الأربعة، وعندما خشي على نفسه من السوريين، بحسب الصحيفة، فر إلى باريس.
وتنقل الصحيفة الكثير من التفاصيل المروعة التي يتحدث عنها وشارك فيها مجرم الحرب هذا الذي تلقى تدربه العسكري على أيدي الجيش الإسرائيلي، أو بالأحرى ما أنتجه "التحالف اللبناني الإسرائيلي" إلا أن أشد ما يثير الذهول والإستهجان هو وجوده على أرض فرنسا، التي كانت إحدى الدول التي ساهمت في القرار 1559 بذريعة الديمقراطية والتشدق بحقوق الإنسان واستقلال لبنان في حين تأوي مجرم حرب لا ينكر جرائمه بل يتفاخر بارتكابها بحق الشعب اللبناني والفلسطيني والسوري!! والأنكى أن فرنسا تتذرع بميثاق جنيف في إبقائه على أراضيها ضاربة عرض الحائط بكل ما يتعلق بحقوق الإنسان ومجرمي الحرب!!

غزة-دنيا الوطن

----------------------------------------------------------------------------------------

المقال الذي أحيل من أجله الزميل محمد عبو
أبو غريب "العراق و"أبو غرائب" تونس

محمد عبّو

صدم الكثير ممن علموا بما حصل بسجن أبو غريب لإخواننا العراقيين على أيدي قوات الإحتلال من تعذيب وانتهاك للكرامة واعتداءات جنسية وعبّر الكثيرون عن تأثرهم الشديد بما شاهدوه.

لكن تعتري المتابع للشأن العام حيرة ويجد نفسه مدعو لوضع بعض نقاط الإستفهام حول ردّ الفعل الغاضب هذا، خاصة إذا ما علمنا بأن ما روى عن انتهاكات سجن أبو غريب لا يجعلها تتجاوز فظاعة ما يحصل بسجون تونس ومقرات الفرق والمراكز الأمنية ومقر وزارة الداخلية دون أن يلاقي الأمر اهتمام مماثل. فهل أن للمسألة علاقة بقنديل باب منارة الذي لا " يضوي كان على البَرّاني "؟ أم هو مرض من أمراض العين يتمثل في القدرة على الرؤية عن بعد وضعف النظر عن قرب بحيث لا ننظر لإخواننا إلاّ عن مسافة لا تقل عن 2400 كلم ؟

يبدو أن جوابا موضوعيا يستوجب عدم التغافل عن المسألة الإعلامية ففضيحة أبو غريب قد تحدثت عنها كافة وسائل الإعلام الأجنبية والمحلية فحتى قناة تونس 7 عرضت صور التعذيب وجرائد التعتيم الإعلامي فعلت نفس الشيء وبالتالي فإن الخبر قد بلغ الجمهور العريض عكس أخبار الإنتهاكات في تونس التي لم تنشر إلا بفضل الأنترنيت التي لا يطالعها كثير من الناس أو بفضل قناة المستقلة التي عرفت إقبالا جماهيريا لمدة وجيزة قبل أن يكتشف صاحبها مزايا وامتيازات " الإعتدال" . وهذا ما قد يفسّر عدم علم الجمهور العريض بما يقترف من فظائع في تونس من طرف أبناء البلد. ومع ذلك فإنه لا بد من عدم التغافل عن معطى آخر متصل بموروث حضاري وهو كره الأجنبي ونبذ المستعمر مع قبول الإستبداد المحلي الذي يمارسه المستبد المسلم الذي ذهب بعض الفقهاء لحدّ القول بأن العيش في ظلّه سبعين سنة خير من الفتنة. يضاف لذلك أن التونسي الذي ينتقد الأمريكان لا يخشى على نفسه مكروها على عكس نقد ابن الوطن الذي قد يكلف ثمنا باهضا يبدو أن الكثيرين لا يرغبون في بذله.

ومشكلة التضحية هذه على درجة كبيرة من الأهمية في الموضوع فإذا أخذنا مثلا المحامين الذين اعتادوا التطوع للدفاع عن ضحايا القضايا السياسية فإننا سنجد أن عددهم ضعيف في تونس ولا أعرف الرقم في بقية الدول العربية سوى أنّ عدد الراغبين في الدفاع عن صدام حسين كبير الدكتاتوريين العرب قد بلغ الألفين وخمسمائة محاميا عربيا تراجعوا جميعا عن السفر إلى العراق بمجرد أن علموا أن حياتهم في خطر وهو ما يتنافى حسب رأيي مع إيمانهم بالقضية سواء كانت القضية توفير محاكمة عادلة لإنسان أو الدفاع عن قائد فذ لن تلد الأمهات مثله أبدا.

وفي رأيي المتواضع-وأرجو أن أكون مخطئا- فإن منّا من لا يقبلون بفقدان صفة المناضل أمام الجمهور دون أن يكونوا مستعدين لتحمل نتيجة باهضة لنضالهم فتكون القضية الفلسطينية والعراقية هي المخرج لهم، يناضلون فيهما نضالا مريحا وهم في الحقيقة غير قادرين على تقديم أي معونة فعلية لإخواننا في فلسطين والعراق وإنما في المقابل يكرسون بقاء المستبدّ المحليّ بشغل الناس عن التصدّي له ولفت انتباههم إلى من سواه.

إن العراقيّين قادرون لوحدهم على الخروج من وضعية الإحتلال والفوضى فمنهم من يتعاطى مع المسألة تعاطيا سياسيا بكل حنكة وفاعلية ومنهم من اختار النضال المسلح لإخراج المحتل وأثبت شجاعة وقدرات قتالية عالية بما يجعلهم جميعا في غنى عن توجيه كل جهدنا لدعمهم. والتونسيون والحمد لله قد سجل لفائدتهم شرف الجهاد في صفوف إخوانهم الفلسطينيين والعراقيين بفضل بعض أبنائهم أما العار فإنه لم يلحقنا لا من الصهاينة ولا من الأمريكان وإنما من إجراءات وأحكام قاسية صدرت باسم الشعب التونسي ضد من كانوا يحلمون بالجهاد في فلسطين كشبان جرجيس وشبان أريانة دون أن يثبت أنهم ارتكبوا فعلا مجرما في تونس ، والعار أيضا قد لحقنا لكون ما ارتكبه الأمريكان في سجن أبو غريب من تعذيب وصعق بالكهرباء واعتداءات جنسية وتعرية للمساجين لم تبلغ وحشية ما تجرأ التونسي على فعله بأخيه التونسي من قلع الأضافر وإدخال العصي بالدبر وحرق بالسجائر وإدخال للأسلاك داخل أعضاء التناسلية ومفاحشة الإناث والذكور وإلزام الضحايا بأكل الغائط وتوسيع دائرة الضحايا لتشمل العائلات أحيانا وجملة من التقنيات التي ينبغي أن يخجل منها كل من سكت عليها بداية من رؤساء المعذبين المباشرين مرورا بالشعب التونسي وصولا إلى رئيس الدولة الساهر عملا بالدستور على حماية الدستور والقانون والذي لا يمكن أن يكون إلا في حالة من اثنين إمّا غير عالم بما يقترفه موظفو الدولة وهو في هذه الحالة غير أهل لمنصبه و إما عالما وساكتا عن ذلك أو آمرا به وهو في هذه الحالة لا يستحق أ ن يحكم التونسيين ولا حتى الهوتو والتوتسي. ولمن كان يبرر أو يفسر قمع النظام في أوائل التسعينات باضطراره للتصدي لحركة قوية كانت تهدد الأمن العام والإستقرار والسير العادي للمؤسسات –على فرض صحة ذلك- فكيف يمكنه له تفسير الإعتداءات اللاحقة التي تعرض لها الإسلاميون والمتهمون بكونهم إسلاميين واليساريون وحتى متهمو الحق العام؟ وكيف يمكن تفسير الإعتداءات على السجين نبيل الواعر بالزنزانة الإنفرادية بسجن برج الرومي ومفاحشته من طرف أربعة سجناء بناء على تعليمات إدارة السجن؟ وكيف يمكن تفسير منع القضاء من القيام بواجبه في النظر في شكايات المعتدى عليهم من طرف أعوان السلطة وأصحاب النفوذ.

لا بد أن نصارح أنفسنا اليوم بأن غزو العراق قد كانت له آثار سلبية على التونسيين الذين يبدو أن حالة من الإحباط قد أصابتهم على إثره كان من نتائجها الإعراض عن الإهتمام بالشأن العام وخاصة شأن بلادهم في وقت كان من المفروض أن تتجه فيه الجهود للبحث عن مخرج لأزمتها.

أمّا أحلامنا العربية فإنه قد ثبت أنّ الزعماء لم يحققوا منها شيئا لا بشعاراتهم ولا بجيوشهم ولم يبق من حلّ إلاّ نضال كلّ العرب في بلدانهم من أجل التخلّص من الإستبداد وإقامة أنظمة ديمقراطية نعبّر عن إرادة شعوبها وساعتها فلن نقف قوة في وجه تحقيق الوحدة العربية وساعتها يمكننا أن نجد حلا لقضية فلسطين ولغيرها من القضايا.

وأمّا شبابنا الذي يحلم بالجهاد في صفوف المقاومة العراقية والذي أوقف بعضه وأحيل على القضاء لمجرّد التفكير في السفر للعراق على أساس قانون الإرهاب فإنّي شخصيا أناشدهم أن يحوّلوا أرض الجهاد إلى تونس وإذا كان جهادهم في العراق يقتضي استعمال السلاح والقتل فإنهم في تونس لا يحتاجون لأكثر من كلمة حق عند سلطان جائر يتسبب هو وأمثاله في بقية الدول العربية في تخلّفنا وذلك طبعا بعد إصلاح النفس من السلوكات الضارة بالوطن كالإرشاء "وتدبير الرأس" والأنانية والنفاق وبعد نيل حدّ أدنى من ثقافة وعلم ضرورة أن الشجاعة لوحدها لا تكفي ولا أدل على ذلك من المجاهدين الأفغان البواسل الذين أداروا أسلحتهم نحو بعضهم البعض حال الفراغ من تحرير وطنهم لغياب المشروع السياسي الواضح ولعدم فهم لغة العصر والثقافة الديمقراطية. كما إن أذكر هؤلاء الشبان التونسيين الشجعان أن خروجهم للجهاد في العراق لن يفيد العراقيين ولن يفيد تونس وإنما سيستفيد منه النظام القائم هنا بظهوره بمظهر الصديق المنخرط في المشروع الأمريكي لمقاومة الإرهاب بينما يفترض بنا أن نفضح سياسته فهو الذي يمارس الإرهاب و يؤسس له ويروي جذوره بقمعه وظلمه وتلفيق التهم للأبرياء وبصدّه لكل الأبواب نحو التغيير السلمي في البلاد. كما أني أدعو الذين يجهدون أنفسهم بمقاطعة البضائع الأمريكية أنّ يبدؤوا بمقاطعة البضائع والمؤسسات التي تملكها العائلات المدعومة بالنفوذ السياسي والتي كونت بفضل هذا النفوذ ثروات طائلة في مدة وجيزة فإعداد قائمة فيها ومقاطعتها عمل وطني يجب أن ينخرط فيه الجميع في غياب وسيلة أخرى لكبح جماح طمعها.

عندما ننجح في ترتيب بيتنا الداخلي و إحداث تغيير إيجابي في بلادنا، يمكننا ساعتها أن ننظر إلى الأعلى

محمد عبّو
تونس في 25/08/2004



و تضامنا مع الزميل محمد عبو قام جملة من زملائه المحامون تجاوز عددهم المائتين بالامضاء على ذات المقال الذي أحيل من أجله زميلهم محمد عبو و أودع السجن و ذلك في بادرة منهم للضغط على السلطات لاطلاق سراحه أو للاقدام على الزج بهم جميعا في السجن و هم السادة المحامون الآتي ذكرهم .

1أنور أولاد علي -2مختار الطريفي-3 محمد نجيب بن يوسف 4 محمد النوري –5 يوسف الرزقي –6راضية النصراوي –7نور الدين البحيري –8 بديع جراد-9 ابراهيم بودربالة - 10 فيصل الجدلاوي –11 رضا الترخاني –12 هادية المالكي-13جمال الباز –14 محمد الهادي المنصوري –15 فتحي الخميري –16منذر الملوكي –17 محمد عزيز بدري –18 محمد الصيد 19 نورة الكوكي –20 عبد الباسط العوني –21 هيفاء الصفراوي - 22 فائزة الباروني –23 سلمى الدقي –24 أحمد بن بلغيث –25 البشير القايد –26 عدنان النويشي –27 حاتم المستوري –28 سعيدة الماجري –29 طارق النوري –30 فاطمى الآجري-31 كريم العوني –32 هدى العويني –33 كمال بن خليل –34 طارق الرزقي –35 منجي السحباني –36 سنية البلاجي-37 ليلى بن محمود – 38حسان المناعي –39 فيصل حابه-40 ضياء خزري –41 سليم المؤدب – 42 نبيل وحادة –43 راضية الحزي-44 ليلى بن علي –45 نصر الدين بن عصمان –46 أبو بكر الصديق قادي – 47 مفيدة بلغيث –48 محمد علي السالمي –49 صلاح الدين الحجري – 50 فاخر القفصي –51 وليد العربي –52 محسن الغول 53 عبد العزيز الصيد 54 نبيل النفيسي 56 سفيان الجديدي 57 وسام الشابي 58 سامي حران 59 نزار الصويلحي 60 منير بن صالحة 61 أسامة بوثلحة 62 منصف الحمراني 63 منصف مكي 64 عدنان نويرة 65 علي عبد الكبير 66 زهور كوردة 67 سمير بن عمر68 عزيز بن عزيزة 69 عبد اللطيف التيتوحي 70 كمال العروسي 72 الحبيب اليونسي 73 المنجي الفقيه 74 ابراهيم المناعي 75 نزيهة بوذيب 76 عبد العزيز السباعي77 عبد الفتاح الرحماني 78 عبد السلام الشمنقي 79 ابراهيم الخميري 80 رضوان الحارثي 81 حمادي الشريف 82 أحمد سماط 83 محمد نجيب الحسني 84 كمال الشريف 85 محمد الحبيب لطيفي 86 محمد رشاد الحجلاوي 87 الاسٍتاذ العلواني88 فاطمة حمدي 89 الأسعد عثماني 90 رفيعة المديني 91 عاطف بن صالح 92 صالح قحقوح 93 فاخر بلغيث 94 لطفي بن مبارك 95 هشام بن الحاج حميدة 96 عياض الجاوي 97 فيصل الماجري 98 كريم ماطر 99 خالد اليحياوي 100 نادية القفصي 101 مراد دلش 102 حنان المالكي 103 المهدي دغماني 104 عادل العبيدي 105 رمزي الحبابلي 106 سمير الحزامي 107 سامي السويسي 108 معطي الدخلي 109 هادية عتيق 110 عماد المنصوري 112 سنية البخاري 113 هشام قديش 114 عبد السلام الاشعل 115 وداد مراد 116 رمزي الخليفي 117 رياض السلطاني 118 المنذر الذيب 119 رياض الشيحاوي 120 كوثر الصغير 121 ربيعة البحيري 122 علي السعيداني 123 ابراهيم بنور 124 محمد جميل 125 نبيل السبعي 126 حسان التكابري 127 عبد الحق البرشاني 128 كثير بوعلاق 129 الناصر الهمامي 130 لطيفة الحباشي 131 الجبيب بن عبد الله 132 عمر الصفراوي 133 محسن الحباشي 134 أكرم الفجاري 135 عامر الصيادي 136 سلوى الخياش 137 أمنة عفيفي 138 كريم العرضاوي 139 محمد علي عبيد 140 مهى السالمي 141حاتم كمون 142 محمد بن عمر 143 الصادق زيتون 144 عمار الداودي 145 الازهر سالمي 146 أمان الله مورو 147 الفة الصويعي 148 نذير بن يدر 149 أكرم قابوس 150 أمال الحاضري 151 زينب المناعي 152 فاتن القمري 153 حنان الهماسي 154 العربي عبيد 155 سهيل السليسي 156 هشام الفوقي 157 صباح الزواغي 158 عبد الرؤوف العيادي 159 رضا بالحاج 160 فريد نصري 161 حسني الباجي 162 علي بن منصور163 مصطفى الشريف 164 خالد الكريشي 165 فاتح عبد النبي 166 نجلاء الجبالي 167 العياشي الهمامي 168 عامر المجرزي 169 مراد دردور 170 سمير ديلو 171 بشير الطرودي 172 فوزي بن مراد 173 عبد الرزاق الكيلاني 174 أنور الباصي 175 محمد صالح التومي 176 عمر الصوالحي 177 الاستاذة المكي 178 سمية بن عبد الرحمان 179 الطاهر قازة 180 عبد الصمد اليحياوي 181 نزار الحباري 182 وسام النوالي 183 معز التركي 184 محمد الناجي الغرسلي 185 اليوسف الاحمر 186 حاتم فرحات 187 عماد الجلاصي 188 زين العابدين شفتر 189 الهادي المناعي 190 سعيد المشيشي 191 رابح الخوايفي 192 فيصل النقاطي 193 عمر الشتوي 194 صالح بوزيان 195 ضحى الوالي 196 يمينة الوسلاتي 197 مهدي بوذراع 198 هاشم بدرة 199 فوزي بن خديم 200 محمد نضال شلفوح


------------------------------------------------------------------------------------



زائر غير منتظر في انتفاضة لبنان: رفعت الأسد!



1

حكى بدري!

تخيّلوا مَن يطالب اليوم، أيضاً، بانسحاب القوّات السورية من لبنان؟ بل ويغمز غمزاً صريحاً من قناة أجهزة الأمن السورية، جكارة بالطهارة على الأرجح؟




رفعت الأسد، أيها السادة! نعم، حملقوا جيداً في "معارِض" ربع الساعة الأخير هذا، رفعت الأسد: شقيق حافظ الأسد ونائبه السابق للشؤون الأمنية، وعمّ بشار الأسد، والقائد السابق لـ "سرايا الدفاع"، الجهازالعسكري ـ الأمني الأشرس حتماً بين جميع مخلوقات القمع الفاشية التي ابتدعتها "الحركة التصحيحية"، وجزّار سجن تدمر، ومهندس مجزرة حماة، وعرّاب المافيات والفساد والنهب والعربدة، والوحش الذي يقف خلف أبشع ما شهدته سورية المعاصرة من جرائم حرب ومجازر وإزهاق أرواح وانتهاك كرامات واغتصاب أعراض! إنه، إلى ذلك كله، الرجل الذي لا يختلف إثنان على دوره في تكوين شبكات الـ "بزنس القذر" في لبنان، وتسخير ضباط الاستخبارات السورية في لبنان لتأمين الحماية المثلى لتلك الشبكات، وجعل أنشطتها الخارجة عن القانون فوق كلّ القوانين!

وصلنا، وكان ينبغي أن نصل، إلى واحدة من الذرى التراجيكوميدية الضرورية لكي لا تبدو ذرى درامية فريدة، مثل اعتصام اللبنانيين في ساحة الشهداء أو سلخ جلد عمر كرامي تحت قبّة المجلس النيابي قبل إجباره على الإستقالة، وكأنها منفردة السياقات. وسوى الاستعانة بالمأساة التي تضحك والملهاة التي تبكي، كيف نقرأ ما نقلته وكالة الانباء الفرنسية من دعوة رفعت الأسد إلى سحب القوّات السورية من لبنان طالما "أن الإجماع الذي سمح بنشرها لم يعد قائماً"؛ وطالما "أنّ انتشار القوات المسلحة السورية في لبنان تمّ قبل حوالي ثلاثين عاماً بطلب من الحكومة اللبنانية وبموافقة كافة القيادات السياسية والإجتماعية في لبنان وتحت مظلة الجامعة العربية"؛ وطالما "أنّ هذا الإجماع لم يعد الآن موجوداً في ظل التطورات المتلاحقة في لبنان والقرارات الدولية"... أكثر من هذا وذاك، يذكّر رفعت الاسد بالدور الذي لعبته القوّات السورية "في إعادة الأمن وإرساء الاستقرار" في لبنان، مشدّداً على أنّ "ما يُقال عن تجاوزات مخابراتية في لبنان - إن صحّ - تتحمله أجهزة المخابرات وليس الجيش العربي السوري لأن هذه الأجهزة ليس من مهمتها التدخل في الشان السياسي والاجتماعي"!

أرأيتم معجزات انقلاب جنرال جزّار إلى قدّيس ديمقراطي؟

ألا يقول إنّه ليس من مهمّة أجهزة الأمن التدخّل في الشأن السياسي والاجتماعي، وكأنه بالفعل قد تربّى في كنف ديمقراطية عريقة عتيقة ملائكية طهورية لا جامع يجمعها بنظام الاستبداد الفاشي الذي يواصل حكم سورية منذ العام 1963، والذي كان رفعت الأسد أحد رموزه الأكثر وحشة وبربرية ودموية، وهكذا سيظلّ موقعه في الوجدان السوري حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا! ألا يبدو وكأنه يقول: إياكَ أعني، فاسمع يا ابن اخي! وإياكم أعني فاسمعوا يا بنت أخي، ويا صهر ابن أخي، وخال ابن أخي، وابن خال ابن أخي، ووزير داخلية ابن أخي؟ ألا يلوح وكأنّ أحلام الوراثة التي دغدغته في حزيران 2000، صبيحة وفاة حافظ الأسد، تدغدغه اليوم أيضاً عشية وقوف نظام أخيه وابن أخيه قاب قوسين أو أدنى من الانهيار؟ ألا يرسل برقيات، وإنْ مشفّرة على نحو رديء مبتذل للغاية، إلى الإدارة الأمريكية التي يُقال إنها منخرطة منذ أشهر في البحث عن بدائل تغيّر سحنة النظام وتكسر ما تبقى له من شوكة إقليمية وتحفظ خاصرة البنتاغون في العراق، ولكن دون أن تكسر معمار نظام الاستبداد أو تهزّ أركانه أو ترخي قبضته الداخلية؟


2


في الفيلم الشهير "الدزينة القذرة" The Dirty Dozen يطرح المخرج الأمريكي روبرت ألدريش الرسالة التالية: لا يمكن كسب الحرب إلا باللجوء إلى القتلة والمجرمين. وهكذا يقوم العقيد جون رايمان (يلعب الدور لي مارفن) بتدريب 12 من المحكومين بالإعدام أو بالسجن فترات طويلة مع الأشغال الشاقة، ويشكّل منهم فرقة كوماندو تقوم بعملية اغتيال جماعية لعدد كبير من الضباط النازيين في فرنسا المحتلة، الأمر الذي قد يغّير وجه الحرب. ونائب وزير الدفاع الامريكي بول ولفوفيتز ليس عقيداً في الجيش الأمريكي، ولكنه يؤمن بتطبيق نظرية "الدزينة القذرة"، وإنْ على نحومقلوب ربما، في ما يخصّ أجواء التوتر الراهنة بين واشنطن ودمشق. إنه ينفي أن يكون البيت الأبيض بصدد زعزعة استقرار سورية، ولكنه لا يريد من سورية أن تزعزع استقرار العراق، والسبيل إلى ذلك هو التلويح بأن البنتاغون يعرف الـ "دزينة" التي تحكم في دمشق، ويستطيع النيل من أفرادها في أي وقت! يقول ولفوفيتز: "بصراحة، أعتقد انه قد يكون من المهم التنبه إلى هوية الشخص الذي يمسك بالمسؤولية. ثمة بعض الخلاف بشأن ما إذا كان الرئيس الأسد يسيطر تماماً على سورية أم لا. لكننا ندرك أنها دولة بوليسية وهنالك أحد ما في موقع المسؤولية ولدينا لائحة تضم، بشكل ما، هوية القادة الـ 12 الذين يقع عليهم جميعا مقدار من المسؤولية".

وحتى ساعة كتابة هذه السطور، لم يكن واضحاً بعد ما إذا كان أيّ من أفراد هذه "الدزينة" يقف وراء اغتيال رفيق الحريري، سواء بمشيئة أو رضوخ بشار الأسد الذي لا يبدو ولفوفيتز واثقاً من أنه يحكم دمشق، أو بقرار مباشر من ذلك "الشخص الذي يمسك بالمسؤولية". وإذا تبيّن أن الافتراض الأخير صحيح، وثمة الكثير من المؤشرات التي تقود إلى استنتاج مثل هذا، فإنّ على البيت الأبيض أن يتهيأ للتعاطي مباشرة مع أحد، أو ائتلاف، الـ "دزينة" التي بعثت الرسالة التالية إلى اللبنانيين، حلفاء ومعارضين، وإلى العالم بأسره وفي طليعته واشنطن وباريس: هل تريدون تطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1559؟ حسناً، إذا توجّب أن ننسحب من لبنان، فإنّ الـ "لبنان" الذي سنغادره صاغرين لن يكون إلا في هيئة الأشلاء التي انتهى إليها رفيق الحريري!

ما يعرفه ولفوفيتز حقّ المعرفة ويجهله، أو يتجاهله، البعض هو أنّ نصف أفراد هذه "الدزينة" على الأقلّ يمكن أن ينقلوا بندقية الولاء من كتف إلى أخرى، وأن ينقلبوا بين ليلة وضحاها من شركاء مع "الشخص الذي يمسك بالمسؤولية" كائناً مَن كان، إلى أدوات في يد رفعت الأسد إذا لاحت بارقة جدّية تقول إنه قادم! لسنا بعدُ في هذا الطور، كما ينبغي أن ندرك ونتذكّر، غير أنّ بحث واشنطن وباريس عن بدائل صالحة لإدارة أيّ من السيناريوهات المطروحة للتغيير في دمشق، لن يذهب بعيداً عن دائرة الـ "دزينة" تلك، خصوصاً وأنّ أفراد النصف الجاهز لتبديل الولاء هم صنيعة رفعت الأسد، وهو الذي تعهدهم بالدعم والترقية والتمكين والتمكّن.

وهذه مناسبة جديدة لكي أشدّد على أنني كنت، وما أزال في الواقع، بين أولئك الذين حاججوا بأنّ دور رفعت الأسد في الحياة السياسية السورية الراهنة أكثر تعقيداً وتشعّباً من أن ينتهي باالقرارالدراماتيكي الذي أصدره حافظ الأسد سنة 1998 وقضى بإعفاء رفعت من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، وفصله من عضوية القيادة القطرية. وكنت، وما أزال، أعتقد أنّ رفعت الأسد سوف يلعب دوراً حاسماً في أيّ صراع قادم على السلطة، داخل بيت السلطة. ولكني، في الآن ذاته، أتوخى الحذر الشديد عند الحديث عن «صراع» بين رفعت وأيّ من أفراد، أو مجموع، عائلة أخيه. وليس هذا بسبب التفاوت الكبير في حجم وطبيعة قوى الفريقين إذا تصارعا ذات يوم، بل ببساطة لأنّ ذلك "الصراع" يظلّ افتراضاً نظرياً فقط، ولأنّ رفعت الأسد لم يعد يملك من أدوات القوّة الكلاسيكية ما يكفي لخوض خمس ساعات من المواجهة.

أرصدته، مع ذلك، ليست محدودة وليست مجمدة! إنه ما يزال يتمتع بولاء كوادره القديمة (السياسية والعسكرية، الرسمية وغير الرسمية) التي صعدت منذ أوائل الثمانينيات حين كان الرجل الثاني في البلاد. وهذه الكوادر اضطرت، بعد تقليص سلطات رفعت الأسد وإبعاده خارج سورية إثر صراعات عام 1984 وحلّ ذراعه العسكرية الضاربة «سرايا الدفاع»، إلى التقاعد أو الإنزواء أو التأقلم مع الأوضاع الجديدة. وهي، أيّاً كانت مواقعها الراهنة، مستعدّة إلى الإنضواء من جديد في كنف «القائد»، ولعلها أيضاً قادرة على العودة السريعة إلى احتلال مواقع متقدمة في الترتيبات الجديدة، فضلاً عن أنّ بعضها يحتلّ لتوّه مواقع متقدّمة في الفريق الحاكم اليوم. وللتذكير فقط، كان اللواء بهجت سليمان بين أبرز ضباط «سرايا الدفاع»، وهو اليوم بين أبرز ضباط بشار الاسد.

كذلك فإنّ رفعت الأسد قادر على مصالحة النقائض، وتقريب الهوّة بين كهول السلطة وشبّانها، وبين الخاسرين والرابحين. وهو عسكري سابق امتهن الـ "بزنس" ذا العيار الثقيل، واستثماراته داخل سورية وخارجها تُحسب بالمليارات، وتحالفاته وثيقة مع التجّار ورجال الأعمال حتى جاء زمن عُدّ فيه «حامي التجّار» بامتياز. وحين كان قويّاً، على رأس «سرايا الدفاع»، ويقود تحالفاً عجيباً من العسكر والتجّار والأكاديميين (إذْ لا ننسى أنه "دكتور" في العلوم السياسية، ورئيس سابق لـ «رابطة خرّيجي الدراسات العليا» المنحلّة لاحقاً)، أشاع رفعت الأسد ثقافة «عسكرة التجارة» أو «تَجْرَنة العسكر»، وسط ابتهاج مختلف فئات وشرائح البرجوازية السورية الطفيلية واستسلام أو استقالة البرجوازية الكلاسيكية.

وليس من المستغرب أن يبلغ تحالف مافيات النهب العسكرية ـ التجارية التي تحكم سورية اليوم ذلك الطور المأزوم الذي يحصر خشبة الخلاص في شخص رفعت الأسد، لأنه ليس مناهضاً للسلام مع الدولة العبرية، وليس ضدّ الليبرالية الإقتصادية في الآن ذاته؛ وهو عسكري التكوين والمزاج، مستعدّ دائماً للبطش والضرب بيد من حديد، ولكنه امتهن الأعمال بنجاح، وما يزال؛ تحالفاته العربية (التي تشهد عليها زياراته واتصالاته وصداقاته وشراكاته) لا يستهان بها، بل هي تؤهلّه لأداء دور صمّام الأمان السياسي والإقتصادي في المراحل القادمة من تطوّر الحياة السياسة والإقتصادية السورية؛ وهو، باختصار شديد وفي نهاية المطاف، ليس غريباً... لا عن السلطة ولا عن العائلة!


3


وأنْ يحكي بدري، رفعت الأسد، بعد صمت طويل واستغراق في الكآبة والتصوّف والعزلة، فيطالب بانسحاب الجيش السوري من لبنان، والامتثال للإرادة الشعبية اللبنانية، وكفّ يد أجهزة الاستخبارات السورية التي تمسك بخناق اللبنانيين... أمر ينبغي أن لا يسرّ اللبنانيين، ولا السوريين أيضاً.

إلا في جانب واحد ربما، هو أنّ هذا النبأ إذْ يأتي من هذا الرجل بالذات، ينبيء بهبوب العاصفة في قلب بيت السلطة، ويشير إلى أنّ الوحش الجريح يستشعر دنوّ الزلزال ولكنه لا يهرب منه بل يلقاه ويهرع إليه، باحثاً عن دوره في مآلات ثقافة التوريث التي دشّنها الأخ الكبير أوّلاً، وليس للأخ الصغير أن يعفّ عن السير في ركابها...

والمرء ينبغي أن يصدّق الشاعر اللبناني بول شاول حين يكتب، صبيحة استقالة حكومة عمر كرامي: "فجأة اكتشفت كم أنّ علم بلادي جميل"، ليس لأن الأزمنة الحبلى هذه لا تسمح بأي "تفنيص" بلاغي عن وطن يعيش شرطاً حافلاً فحسب، بل لأنّ أيّ علم عربي لم يرتفع من قبل في أية ساحة عربية على هذا النحو البديع الفاتن. وكما انتبهنا نحن السوريين إلى أنّ علم بلادنا الجميل سوف يكون أجمل من أيّ وقت مضى إذا رفرف ذات يوم في سياقات مماثلة فوق مدّ بشري عارم يحتلّ ساحة المرجة مثلاً، انتبه رفعت الأسد إلى أنّ الأعلام اللبنانية التي اجتاحت ساحة الشهداء البيروتية تنذر بانتقال العدوى سريعاً إلى الجيران، فانقضّ على المناسبة دون أن ينسى استخدام ماء ورد الديمقراطية في غسيل كفّيه من دماء ضحاياه.

فهل تترفع القوى السورية الديمقراطية عن ملاقاة هذه البرهة الإستثنائية الثمينة التي تخصّ مستقبل الشعبين اللبناني والسوري في العمق، بذريعة نفاق القرار 1995، أو "استعمارية" الضغوط الأمريكية ـ الفرنسية، أو تنافر أطياف المعارضة اللبنانية، أو ارتفاع صوت هنا أو هناك ينطق بالعنصرية ضدّ سورية البلد والشعب؟ وهل يملك أبناء سورية رفاه التلكؤ في اختيار الموقف الوحيد الصحيح، الذي يشير إلى أنّ المعركة مشتركة إذا لم تكن واحدة، وأنّ خندق التغيير الجوهري ينبغي أن يربط ساحة الشهداء بساحة المرجة؟

وهل هذا، حقاً، أوان التحليلات الكسيحة الفصيحة التي تخفي الشمس بغربال؟

صبحي حديدي

"الرأي / خاص"

------------------------------------------------------------------------------------


إنقضاء سنة كاملة على سجن دعاة الإصلاح في السعودية

في 16/3/2005م تحل الذكرى السنوية الأولي على اعتقال عدد من رموز ونشطاء
الإصلاح الدستوري والمجتمع الأهلي المدني من أكثر من منطقة في بلادنا.
ومنذ بداية هذه الاعتقالات أفرجت السلطات السعودية عن البعض منهم، بينما
لا زالت وزارة الداخلية تتحفظ على البعض في المعتقل حتى الآن مثل(
الدكتور عبدالله الحامد والشاعر على الدميني والدكتور متروك الفالح).



وقد كان اعتقال هذه المجموعة من الفعاليات السياسية التي هدفت وتهدف
توجهاتها مع بقية دعاة الإصلاح الوطني إلى تجنيب البلاد كوارث اقتصادية
وسياسية، والمناداة بالحريات العامة والمحاسبة والشفافية وبناء مؤسسات
المجتمع المدني وتطبيق القانون، مفاجئا للجميع في ظل التغيرات الإقليمية
والعالمية الحادة التي تعصف بالعالم في الحقبة الأخيرة، وما رافقها من
استحقاقات كثيرة حان وقت تأديتها بدون تريث أو تأخير. غير أن السلطات
لم تراع هذه التغيرات، ولم تأبه أو تكترث بما حدث من أوضاع عاصفة في
بلادنا.

فلا زالت الأجهزة الأمنية تمعن في قمعها ضد سجناء الرأي والفكر من شرفاء
وطننا، متنكرة لكل المشاعر الوطنية الغاضبة المعارضة لهذا النهج، وما
يترتب عليه من نتائج تهمش التلاحم بين القيادة والشعب وتضعف تماسك
الجبهة الداخلية أمام التحديات المتصاعدة على كافة المستويات.

لقد وقف دعاة الإصلاح في بلادنا منذ صدور( مذكرة الرؤية قبل أكثر من
عامين) ضد كافة أشكال الإرهاب، وأكدوا على الطابع السلمي لكل تحركاتهم،
وتصدوا بكل بسالة ووفق الإمكانيات المتاحة لكل التدخلات والتطاولات التي
قد تمس استقلالنا الوطني، ودافعوا بضراوة عن وحدة أراضي الوطن.

غير أن ذلك لم يكن موضع ترحيب ومراعاة من قبل أقطاب النظام الذين اخذوا
يتبارون بعد اعتقالهم في قذف رموز الإصلاح الوطني بتهم وعبارات قاسية
والطعن في وطنيتهم، وصعدوا من لهجة التهديد والوعيد.

إن مرد ذلك، كون القيادة السياسية لا زالت متمسكة بغيها السياسي، ولازالت
تمقت أي نوع من الحراك والتفاعل السياسيين، ولا يتحمل رموز النظام أصوات
التجديد المغايرة لرغباتهم، ولا تتفق مع توجهاتهم، بل يستكثرون على
المثقفين والنخب التحدث بطرق معاصرة وحداثية وعبر برامجهم الوطنية لما
فيه مصلحة الوطن والشعب، وجعل حركة الإصلاح السياسي وسيلة سلمية لذلك
بطرق تختلف بتاتا عن نهج السلطة السعودية.

لقد أكدت هذه الاعتقالات أن النظام السياسي في بلادنا يصر على أسلوب إذلال
المواطنين، ويسعى بكل إمكانياته لضبط حركتهم في الاتجاه الذي يحقق
المزيد من التبعية والموالاة، بقصد إبعادهم عن المشاركة الفعلية في
صياغة القرارات السياسية المتعلقة بحاضرهم ومستقبلهم على كافة الأصعدة.

واستكمالا لهذا النهج.. وإمعانا من الدولة في استئصال كل الأصوات
الإصلاحية، ومن اجل اجتثاث كل الفعاليات الوطنية، واصلت اعتقال المزيد من
المواطنين، لتشمل في فترات لاحقة (الدكتور سعيد بن زعير وابنه مبارك)
اللذان صدر بحقهما أحكام مبالغ فيها بعد محاكمات صورية وهشة لا تتلاءم مع
التهم الموجهة لهما.

كما تم أيضا اعتقال المحامي (عبدالرحمن اللاحم) وكذلك (مهنا الحبيل
واحمد القفاري وعيسي الحامد ومهنا الفالح) ولعدم وجود أدلة كافية تبرر
اعتقالهم أفرجت عن بعضهم ولا زال المحامي عبدالرحمن اللاحم قيد الاعتقال.

إن التوجهات المطلبية السلمية والحرص على المضي في هذه المطالب عن طريق
مخاطبة قيادة البلاد ورموزها مباشرة، بالإضافة إلى الاهتمام الوطني المخلص
في معالجة أزمات البلاد، وفك الاختناقات المتصاعدة بشفافية متناهية، لم
تشفع للجميع، ولم تحمهم من النهج التعسفي القمعي لأجهزة الدولة.

لقد كانت طموحات الجميع وآمالهم تتوق إلى أن صناع القرار السياسي في
هذا البلد يتحسسون حجم وأبعاد المخاطر المحدقة بنا من كل صوب، ولكن عدم
مبالاتهم بما يطرح من آراء جديدة وميلهم إلى التمسك بالأفكار والأساليب
القديمة، جعلهم يسعون بكل الطرق للالتفاف على الأوضاع عبر مسرحية جديدة
أطلق عليها( المحاكمات العلنية) حيث ساق (الادعاء العام المرتبط بوزارة
الداخلية) تهما غليظة وملفقة، مجسدا بذلك المنحى العدواني والانتقامي في
نهج هذه الوزارة ضد أطياف المعارضة. غير أن هذه المسرحية لم تصمد أمام
المواقف الشجاعة للمعتقلين، وما رافق ذلك من حركة تضامنية من قبل أسرهم
ودعاة الإصلاح الوطني، وما لقيته قضيتهم من تضامن ودعم واسعين من قبل
حركات التضامن واللجان الحقوقية والقانونية والجمعيات الإنسانية في
العالم، وقد جرى التلويح للمعتقلين من قبل هيئة المحكمة بإصدار أحكام
غيابية عليهم في حالة إصرارهم على شرط المحاكمة العلنية، بينما بقي
الآخرون دون محاكمة.

ويتعرض حاليا بعض المعتقلين للحجز الانفرادي، والمضايقات اليومية
والتفتيش المفاجئ من قبل ضباط السجن في جهاز المباحث العامة، كما يحرم
بعضهم من توفير العلاج الطبي الضروري، مما أدى إلى سوء حالة بعضهم الصحية
.

إن هذه الاعتقالات كانت المفصل الهام الذي كشف عن عدم جدية القيادة في
بلادنا في تبني الإصلاح مهما كان حجمه، وقضت على كل الوعود التي أطلقها
بعض رموز النظام، مما يؤكد أن هذه التصريحات والتنويهات الإصلاحية كانت
للاستهلاك المحلي، ولدرء أشكال الضغوطات الدولية المتواصلة على النظام
وبالتالي لتسهيل مهمات انضمام السعودية إلى المؤسسات السياسية
والاقتصادية الدولية.

وحاليا، يستشعر دعاة الإصلاح الوطني طبيعة التوجهات الهادفة لإجهاض كل ما
تحقق من مكاسب على صعيد الكتابة وحرية التعبير خلال الفترة الماضية، رغم
ضآلتها وصغر مساحتها، إثر تحفز الجناح المتشدد بالأسرة الحاكمة، وزحفه
نحو مواقع متقدمة في سدة النظام ليزحف على كل مساحة القرار السياسي
نتيجة ضعف وتردد وعدم جدية الأطراف الأخرى في الأسرة الحاكمة، والتي بشرت
في أوقات سابقة بعهد جديد من الإصلاحات الاقتصادية والسياسة والاجتماعية،
حيث اختطف الجناح المتشدد المبادرة ليحقق مبتغاه في إلغاء كل ما يمكن
أن يفضي إلى الإصلاح، واخذ يفرض ( أجندته) على الجميع للحفاظ على النهج
القديم الرافض للتجديد، وديمومة الهيمنة المطلقة على كل شيء، والعودة
إلى المربع الأول.

لذلك فإن دعاة الإصلاح الوطني يهيبون بجماهير شعبنا، على اختلاف منحدراتهم
الفكرية والاجتماعية، لمطالبة قيادة البلاد بشكل سلمي بضرورة الإصلاح وجعله
أمرا واقعا، ورفع مستوى مطالبهم يوميا للدفاع عن حقوق المعتقلين، وضمان
حقوقهم الإنسانية وتوفير العلاج الطبي اللازم لهم، والمحاكمة العلنية
العادلة بمقاييس دولية معترف بها، بما يؤدي إلى الإفراج الفوري عنهم
وبدون شروط، ورفع كافة القيود عن المفرج عنهم مثل المنع من السفر
والملاحقات الأمنية والمنع من الكتابة والاتصال بوسائل الاعلام.

إن دعاة الإصلاح الوطني يقدرون كامل التقدير كل الجهود التي بذلت من قبل
كل القوى الخيرة العربية والدولية ولجان حقوق الإنسان والجمعيات
الحقوقية، وإنهم يثمنون كل مواقفهم التضامنية بكل تقدير، يتمنون المزيد
من الجهود لمناصرتنا والوقوف معنا في هذه الأزمة التي تمر بها بلادنا.
عاش الوطن، الحرية للمعتقلين، والى إصلاح وطني شامل.،،،


نقلا عن كشاف الشرق الأوسط


-------------------------------------------------------------------------------------

نشرة تعتمد بمادتها على مايصدر في المواقع الإلكترونية ومايصل بريد مركز الآن للثقافة والإعلام
www.al-an-culture.com
[email protected]
00491626534011
0021261140546
http://rezgar.com/m.asp?i=216



#مركز_الآن_للثقافة_والإعلام (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لوكنت رسام كاريكاتير..إرهاب رأس المال المعولم..الـعــلاقــات ...
- وفاة مؤسس منظمة العفو الدولية .. المعارضة اللبنانية.. أحد جل ...
- حرية الصحافة في عالم السياسة ..الأحوال الشخصية ..السرطان الا ...
- حقوق الإنسان وإدارة الإنترنت .. خرائط الطرق..لبنان حيال مثقف ...
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ...
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ...
- الاستبداد لحظة انكشافه ..كلكم متآمرون .. الرئة التي يتنفس من ...
- الفقيد الحريري وسوريا والراعي الكذاب .... من أجل من تبقى في ...
- وثيقـــــة للتوقيع: مقرح نقاش فيما يتعلق بإعلان جنيف حول مست ...
- هل كانت قمة شرم الشيخ قمة إنهاء المقاومة؟ آل الصباح والمياه ...
- مناشدة : ماهر شريف / أيها الأصدقاء المثقفون والمبدعون والفنا ...
- فلسطين:الحملة الوطنية لتغيير النظام الانتخابي - القوى والاحز ...
- مــركــزالآن يدعو التيارات الفكرية والأدبية والسياسية للمشار ...
- سوسن البرغوتي تكتب عن أحياء عربية / العصا التي تستخدمها أمري ...
- طــــــلال معـــــــلا يدخل -الصمت- ويجسد تاريخ الخراب الآدم ...
- نشطاء في مجال حقوق الإنسان والمجتمع المدني يوجهون دعوة من أج ...
- رسالة من علي الحاج حسين إلى الأديب الكردي مروان عثمان / صوتك ...
- سورية التسعينيات : قارة من الشعراء/ ملف يكاد يكون أكبر وثيقة ...
- حملة الإعتقالات: خطوات فورية لتصحيح مشهد الأحذية الثقيلة
- الحملة الدوليةلاعادة فتح ملف الجريمة النكراء بحق أطفال بنغاز ...


المزيد.....




- أين بوعلام صنصال؟.. اختفاء كاتب جزائري مؤيد لإسرائيل ومعاد ل ...
- في خطوة تثير التساؤلات.. أمين عام الناتو يزور ترامب في فلوري ...
- ألم الظهر - قلق صامت يؤثر على حياتك اليومية
- كاميرا مراقبة توثق لقطة درامية لأم تطلق كلبها نحو لصوص حاولو ...
- هَنا وسرور.. مبادرة لتوثيق التراث الترفيهي في مصر
- خبير عسكري: اعتماد الاحتلال إستراتيجية -التدمير والسحق- يسته ...
- عاجل | نيويورك تايمز: بدء تبلور ملامح اتفاق محتمل بين إسرائي ...
- الطريقة المثلى لتنظيف الأحذية الرياضية بـ3 مكونات منزلية
- حزب الله يبث مشاهد استهداف قاعدة عسكرية إسرائيلية بصواريخ -ن ...
- أفغانستان بوتين.. لماذا يريد الروس حسم الحرب هذا العام؟


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - مركز الآن للثقافة والإعلام - نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة الإصلاح في السعودية.. قتلت بيدي 400 فلسطيني وسوري ولبناني..أبو غرائب- تونس.. المقابر الجماعية