تيموجين كان
الحوار المتمدن-العدد: 3890 - 2012 / 10 / 24 - 01:44
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حمص قصة بلد ..........
جاءني قريبي في زيارة من هامبورغ المانيا , وقد سافر إليها في عام ال 1954 , وهو مقيم هناك ومات هناك رحمه الله ..
في زيارته وبعد السؤال عن الحال والأحوال .. طلبت منه وصف دقيق لحمص حيث تاريخ مغادرته لها , ووصف دقيق لهامبورغ حيث وصلها وكان تاريخ الزيارة 1992 ..
فأجاب بأمانة بوصف حمص وأوافقه رأيه لأنني كنت أعيش فيها ...
فقال في حمص .. :
حمص كانت مدينة جميلة شوارعها مرصوفة بالحجر الأسود وأرصفتها أيضا مزدانة بشرفات حمراء قرميدية ومباني حجرية ومداخل ضيقه وحوانيتها التي تحتوي على كل شيئ , ومطاعمها التي تحوي ما لذ وطاب وشعبها الطيب الذي يستيقظ باكرا ليفتح حوانيته ويرشها بالماء , ورطوبتها المنعشه ونحن ذاهبون للمدرسه كل سكانها بأعمالهم , وكيف كل رب عائلة يكفي وهو في طريقه لعمله أن يوصي اللحام بنصف كيلو لحم مجرمشه على السيخ , ويقول للخباز 2 كيلو خبز مشروح ومقلوب , وللخضري 2 كيلو باذنجان للمحشي و 2 كوسا وبندورة ويوصي بجميع حاجاته ويذهب مطمئنا لعمله , وكان كل شيئ يوصي به يصل للبيت حالا ,
وأذكر كيف كان أجير الفران عنده دراجة هوائية بمقدمتها سلة لوضع الخبز الشهي الطازج الذي يصل للبيت حالا .
وشوارع حمص العريضة تكثر فيها أشجار الأكاسيا والزيزفون , ومن الدور تنبعث رائحة الياسمين الحموي الدائمة الإزهار ..
هكذا كنا أنا وقريبي نصف حمص الجميلة التي ما أن ينزل المطر وببضع دقائق تجف الشوارع وحجارتها المغسولة تعطي بريقا جميلا ..
كنا نرى في حاراتها نقابة الحلاقين والحذائين والبنائين وغيرها من النقابات , كل نقابة تستأجر دارا فيها مساحه وقاعات للمطالعه والإدارة والإجتماعات , كنا نرى الكثير من النوادي الرياضية المضرية , التضامن , الطلائع , نادي خالد ونادي الفداء والوحدة وغيرها ..
كنا نرى العديد من أفواج الكشافة الثامن والعاشر والثالث عشر وكلها أفواج لها مقرات وبرامج ,
والنوادي الفنية من دوحة الميماس ونادي الفنون ونادي الخيام وغيرها وغيرها .....
كنا نرى الجرائد المتعددة والمتباينة ومقراتها ومطابعها في جورة الشياح ..
كنا نرى الاحتفالات بخميس المشايخ , وخميس الحلاوة , وكان طريق الميماس في الربيع للنزهه وشم النسيم ,
ونهر العاصي للشرب والسباحه وصيد السمك والنزهه على ضفافه متعه ما بعدها متعه , بساتين لا نهاية لها مياه غزيرة وخضرة سبحان الله وخيرات لا حدود لها ومن غير حساب ..
هكذا تحادثنا عن حمص وبعدها قلت لقريبي .. الآن صف لي هامبورغ , فقال ... :
وصلت شابا يافعا حاصل على البكالوريا حديثا إلى هامبورغ , استأجرت بيتا صغيرا وتابعنا حياتنا الجامعية ,
حيث هامبورغ خارجة حديثا من الحرب العالمية الثانية وتخضع لمشروع مارشال ,
شوارعها شطرنجية , بناؤها طابقين أو ثلاثه متشابهه , طعامهم آنذاك لحم مسلوق , بيض مسلوق , بطاطا مسلوقة وخبز ورز ولا شيئ آخر , ولايوجد في أسواقهم غير ذلك ,
ينامون عند الساعه السابعه مساءا , المدينة مطفأه تماما حيث حياتهم الإجتماعية دون الصفر حلمت مرارا بالمحشي وشيخ المحشي والشاكريه والشيش برك وسهرات الشاي اللذيذ , حلمت بسهرات الحارة , كل شيئ غير موجود ومع ذلك تابعت حياتي هناك , وأنا أشاهد التطور السريع , أشاهد النمو العجيب , كنت شاهدا على نهضة المانيا في هامبورغ , حتى أنني في الثمانينات تخلفت عن مواكبة ما يحدث من تطور الأصناف المتنوعه للمواد الإستهلاكيه , الشوارع العريضة والعمارات المتباينة ,
و أنني لم أعد أعرف ماذا أشتري من السوبرماركت للتعدد والتباين
ومضت السنون واندمجت بالمجتمع الألماني وها أنا أعود الآن في عام 1992 لأرى بأم العين بأن حمص لم تتوقف عن التطور فحسب بل تعرضت للتخريب الممنهج , خرب تراثها , قلعت حجارتها ووضع الاسفلت فوق الحجر لعدم مواكبة صيانة الحجارة
تم غمس طابع حمص التاريخي , سادت العشوائيات وأصبح شعب حمص يطارد سيارة الغاز ويعمل تظاهرة على باب الفرن للحصول على حاجته من الخبز , ويعمل واسطه ليحصل على علبة سمنة أو علبة محارم ,
تخريب ممنهج ما شهده مجتمع آخر بدأ بعصر عبد الناصر و الوحدة حيث وضع الأساس لنظام لا يرحم ,
عبد الناصر كانت له مهمه واحده ومحدده وبعدها يخرج من سوريا وهذه المهمه هي أولا قانون الإصلاح الزراعي وسلب الأراضي من أصحابها وإعطاءها للفلاحين الذين لا يملكون أدوات الإنتاج وبالتالي أصبحت الأرض غير منتجه ,
و ثانيا قانون التأمين للمصانع من معامل سكر ونسيج ومطاحن وغيرها , وزيادة توظيف العاملين مثال .. : معمل سكر حمص كان فيه 200 عامل وينتج اكثر من بعد التأمين , حيث وصل عماله للألف وهكذا دواليك ,
وثالثا نشر الرعب الأمني والمخابراتي من خلال المكتب الثالث وغيرها ,
حيث وصل حزب البعث إلى السلطه بعد تحضيرات عبدالناصر واستلم البلاد بلا رحمه , أهدافهم أمه عربية واحده ذات رساله خالده ,
وبهذه العروبية يتم اقصاء كل غير عربي وتهميشه ويصبح الوطن لقلّة تنفرد بالبلاد والعباد وجاء الفساد الممنهج بعد الحركة التصحيحية , لا أتحدث عن الحروب الخاسره تصبح إنتصارات ولا عن الإنتخابات التي يحصل عليها الرئيس بالإجماع وبدون أن يذهب 10% إلى صناديق الإقتراع حيث تعلمون ذلك , ولكن أتحدث عن ما لا يعرفه الناس من الخبث والمكر الممنهج فقد شكل الرئيس المعين حافظ الأسد أول شيئ الجبهة الوطنية التقدمية ووضع الأحزاب كلها في جيبه وأسكن جميع النقابات في مبنى واحد اسمه اتحاد عمال حمص مقابل مسجد خالد بن الوليد وجمع جميع الأندية الرياضيه في الملعب البلدي ووحدهم تحت اسم نادي الوثبه ونادي الكرامه , وضم النوادي الفنية والطلابية جميعها تحت اسم شبيبة الثورة ,
واضمحلت الأفواج الكشفيه وماتت ولم يبقى إلا فوج واحد ومازال حيا بمجهود أبو عبد القاسمي ورفاقه .
وماتت الحياة الإجتماعية في مدينة كانت حية منذ عقود , وماتت حمص الشابه أو كادت أن تموت , ماتت أجيالنا ماتت آمالنا وأهدافنا في الحريه و العدالة المساواة , وعشنا عقود من القهر والإذلال ,
كل نفس يجب أن تستنشقه بموافقة الأجهزة الأمنية وكل حركة
ومن لم يعجبهم .. الله يرحمو أو هاجر الى بلاد الغربة
تاجروا بنا حتى بلقمة عيشنا ,
نعم كنا نحلم أن تكون شواطئ العاصي مزدانة بالمنتجعات والمسابح وأماكن الراحة , بدل أن يكون نهر تجتمع فيه مجارير المدينة والمصانع , حيث عندما نجتاز جسر ديك الجن نحبس أنفاسنا حتى لا نشم الروائح الكريهه المنبعثة من هذا النهر , نحلم بحمص أجمل من هامبورغ وجينيف , كبير كان مشروعنا وحلمنا ولم نتوقع أن حكامنا هم عسس للغرب .. وعملاء لا يهمهم إلا نهبنا وسرقة أموالنا ومقدراتنا وتحويلها للغرب ,
إنهارت احلامنا ونحن ندفع 75% من دخلنا للدفاع عن الوطن , وإذا بهذا الجيش حامي الديار يقصف مدننا بأموالنا ومقدراتنا ويحول قرانا ومدننا الى أنقاض وخرائب ... شيئ لا يصدقه العقل ,
كل هذا التوغل في العمالة وتقديم حسن سلوك لأسيادهم في الغرب , وكأننا الحديقه الخلفيه لهم وكأن سوريا سوق نخاسه وأهلها عبيد وجواري للبيع والشراء ,
الآن أيها الغرب أنت تحلم بعد أن كنا نحن نحلم , تحلم أن سوريا أقل شأنا منكم وأننا الحديقة الخلفية لكم وأن شعبها دون شعوبكم ..
ولتصحو من حلمكم وتتذكرو أن الشعب السوري سليل الحضارات من حثيين وسومريين وفينيقيين وآراميين وكنعانيين وسريان وغيرهم وغيرهم ,,,
عمر حضارتنا سبع آلاف عام وشبابنا أكثر جمالا وذكاءا وحيوية من شبابكم ...
إن الشعب السوري له ميزات غير موجودة لا بالغرب ولا بإسرائيل ..
إننا نسكن وسط العالم .. ونملك المعادن والأرض المشمسة والخيرات التي خصنا بها الله ,,, والآن عرفنا طريقنا الذي كنا نتوه فيه .. من كثرة التضليل والكذب .. الآن فهم الشعب السوري وشبابه أن حكامهم كانوا نخاسين يريدون بيعنا في سوق النخاسه ولكن هيهات هيهات لقد سرنا في الطريق الصحيح , لنطرد النخاسين والعملاء من بلادنا ونرفع راية الحرية والمساواة والعدالة بين جميع مكونات الشعب السوري , وسوريا تتسع لنا جميعا
فمساحة اليابان نفس مساحة سوريا وسكانها اكثر من مئة مليون , شباب سوريا أقسموا على نيل مايريدون لتحقيق الحلم الى واقع , أقسموا أن يعيدو اعمار ما دمره هذا النظام الغاشم وأن يلحقو ويسابقو الشعوب الأخرى وإن العمال السوريون هم من بنى لبنان والسعودية وليبيا والجزائر حتى وصلوا الى جنوب السودان ,
فكيف يصعب عليهم أو يضنو في بناء بلدهم التي دمرها الطغاة النخاسين ... معليش حمص معلييش .... لابد العسر ما يزول وإن مع العسر يسرا ..
وعاشت سورية حرة ابيّه ..
خالية من البطالة فيها تأمين اجتماعي و صحي فيها تكاقؤ للفرص و الناس فيها سواء يوزع دخلها بين أهلها بشكل متساوي و عادل و سوريا غنية و يمكنها فعل ذلك تكثر في مدنها مقار الأحزاب و النقابات و النوادي بحرية و تحت سيادة القانون الذي نضعة بعد الثورة نريد سوريا أن يقودها الأكثر كفاءة و الذي تفرزه صناديق الاقتراع كائنا من كان شيعي سني مسيحي درزي علوي كردي عربي شركسي تركماني ذكر كان أم أنثى و نحترمه لأنه هو الذي يمثل الارادة الاجتماعية الشعبية و نذهب بعدها جميعا و دون استثناء لأجل بناء سوريا ديموقاطية حديثة متطورة و التي يمكن لها أن تسبق الجميع و هي قادرة على ذلك بعد ما خربتها عصابة الحزب القائد على مدار نصف قرن و أخيرا جاء أمينه العام ليحرقها و يدمرها أثرا بعد عين قائلين لعمالنا العظام انتهت فترة التشرد و آن الأوان لتعملو في بناء وطنكم أسيادا بدلا من أن تعملوا في دول الجوار مأجوين بلا قيمة
و لكم تحياتي : تيموجين
#تيموجين_كان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟