أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد العبسي - الكهنوت و السعي لاحتكار المعرفة















المزيد.....

الكهنوت و السعي لاحتكار المعرفة


رائد العبسي

الحوار المتمدن-العدد: 3890 - 2012 / 10 / 24 - 02:45
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


تخيل عزيزي القارئ كم التراكم المعرفي و الجهد المبذول قبل ان تصبح نظرية الانفجار العظيم (big bang) نظرية مقبولة في الاوساط العلمية (ذلك بعد ظهور ادلة تجريبية تدعمها), لكن للاسف صديقنا القديم لا زال كسولا كما عهدناه فهو لا يحب طرح الاسئلة و يكتفي بتقديم اجاباته الجاهزة التي من كثر تكرارها اصبحت مألوفة بالنسبة لنا, فها هو ذا يسمع بان علم الكون (الكوزمولوجي) توقف عند سؤال ماذا كان قبل الانفجار العظيم (ذلك الحدث الاول بحسب النظرية) ليطرح اجابته الجاهزة و يحشر انفه مجددا في العلم. اظنكم عرفتم صديقنا و تعرفون جملته المكررة, هو صنف من البشر يفرح عندما يعرف ان هناك اسئلة طرحها العلم و لم يجد جوابها بعد, لانه يعتقد انها فرصة لا تعوض لكي يجيب اجابته الوحيدة "الله" (اله الثغرات). مسكين لا يعرف بان خلو العلوم من الاسئلة امر مستحيل فالعلم كنزعة معرفية يطرح الاسئلة على الدوام سعيا لايجاد اجابات موضوعية لا تكتفي بتفسير مجموعة الظواهر قيد البحث انما تتنبأ بظواهر قابلة للقياس بدقة كبيرة, و بالتالي ذلك التفسير الذي يحبه صديقنا لا يمكن ان يكون علميا لانه لا يُفسر شيئا و لا يتنبئ بشيء و لا يزيد عن كونه تفسير مجهول بمجهول!. اذا ما تأملنا في تلك الاجابة الشهيرة فاننا سنلاحظ انها عملية اقحام لمتغير ميتافيزيائي محض (غير تجريبي بالمطلق) في حقل معرفة تجريبية!, بعبارة اخرى هي محاولة لتفسير النسبي استنادا الى المطلق, و لكن الامر هنا يختلف عن استخدام الرياضيات في النظريات الفيزيائية لان الرياضيات عندما تكون ضمن اطار نظرية علمية فانها تخضع للتجربة و بالتالي تتخلى عن يقينيتها في هذا الاطار فاذا لم تتوافق نتائج النظرية مع القياسات التجريبية يصبح من الضروري ان نبحث عن نظرية بديلة او فرضية مساعدة و كون النظرية مستندة الى الرياضيات لا يجعلها يقينية او مطلقة, يقول اينشتاين "طالما ان قوانين الرياضيات تشير الى الواقع فانها ليست يقينية, و طالما انها يقينية فانها لا تشير الى الواقع". لكن يا تُرى لماذا هذا الاصرار على اقحام الاله كمتغير في النظمة النظرية العلمية؟, لمعرفة حقيقة هذه القفزة الى المجهول يجب ان نفهم ما سيترتب عليها, اي علينا ان نتقصى استتباعاتها. اولا, من الواضح ان تلك الخطوة تهدف الى اجابة الاسئلة, لكن الاجابة هنا ليست علمية و بالتالي لا ينتج عنها اسئلة جديدة فمفهوم "الله" وفقا لمن يريد اقحامه في العلم لا يمكن استيعابه عقلا و لا التحقق منه تجريبيا, فنحن امام مجهول لا نهائي لا يجوز طرح اسئلة حول ماهيته. بناء على ذلك, علينا ان نلاحظ ان صديقنا لم يكن يسعى فعليا لتقديم اجابات فهو لم يقل شيئا على الاطلاق (اجابة مجهول بمجهول مطلق!), على العكس تماما, فوجهة نظره تغلق باب التساؤل بدون ان تقدم اجابات!. يجوز لنا ان نخلص الى ان الغرض (سواء كان بوعي او بدون وعي) مصادرة العلم, اي الغائه لصالح فرضية الاله. طبعا لا يتوقف الامر على اقصاء العلم التجريبي انما يتجاوز ذلك فكما ذكرنا فرضية الاله (في العلم) تحيلنا الى مجهول و ذلك يعني ان من الضروري ان نعرف علاقتنا بذلك المجهول و هذا سيحيلنا قطعا لكتب الدين التي لا يفهمها الا الكهنوت (هكذا يزعمون) و هذا ثاني استتباعات تلك القفزة المشؤمة.
التحليل السابق يسلط الضوء على سمة الكهنوت الاساسية, اقصد غلق باب التساؤل, تلك السمة ليست بجديدة بل هي قديمة قدم الكهنوت و يعرفها الجميع (ما عدا القطيع طبعا). نظرة بسيطة لتاريخ الانسان المعروف تكفي لمعرفة بدايات نشأت الاديان و ظهور رجال الدين, في زمن لم يهتدي الانسان الى الطريقة المنهجية لفهم الظواهر الطبيعية, لجأ الانسان الى افتراضات خيالية فاعتقد ان هناك كيانات عاقلة تتحكم بالظواهر الطبيعية, هكذا فسر انسان ذلك الزمان العالم من حوله. خيار الاعتراف بالجهل لم يكن متاحا لان فهم الاحداث الطبيعية كان ضرورة بقاء او كان كذلك في معظم الاوقات, لان كل ما لا يستطيع الانسان ان يتحكم به يشكل خطرا على وجوده و لكي يتحكم الانسان بالظواهر كان عليه ان يفهم تلك الظواهر, و بسبب الاعتقاد الخاطئ بان هناك كيانات عاقلة تتحكم بالعالم كان من الطبيعي ان يعتقد الانسان ان الطريقة الوحيدة لتجنب كوارث الطبيعة هي ان يخضع لعبودية تلك القوى و ربما هذا ما يُفسر (على الاقل من زاوية واحدة) طقوس التعبد و التضرع للالهة. لاحظوا ان هذا التصور البدائي يتميز بامرين, فاولا ذلك التصور بمجرد ان يُطرح يصبح حقيقة مطلقة فلم يكن جدليا قابلا للمناقشة و المسائلة (هو تصور اغلق ابواب التساؤل تماما), و ثانيا, كان يُعتبر معرفة (المعرفة الوحيدة المطلقة) و من يعرفون فيه اكثر يصبحون مرجعية لبقية المجتمع, اي ان الصورة شبيهة بصورة الدين و رجال الدين (تماما!). اعتقد ان الشبة واضح بين كهنوت الامس و كهنوت اليوم, لذا يمكن تعريف الكهنوت (رجال الدين) بانها مؤسسة قمعية تغلق كل ابواب التساؤل و تدعي امتلاك الحقيقة المطلقة فهي تحتكر المعرفة و الاخلاق و القانون و بطبيعتها تتحالف مع سلطة سياسية دكتاتورية لتمارس دورها الطبيعي كمروض للقطيع.
طبعا لا يمكن اختزال ظاهرة الدين بالجانب المعرفي فقط لان للدين بعدين اخرين احدهما اجتماعي و الاخر سايكولوجي, لكني لم ارغب بتشعيب الموضوع اكثر من اللازم كنت اريد ان اركز على نقطة واحدة فقط و هي سعي المؤسسة الدينية لاحتكار المعرفة كجزء لا يتجزء من سعيها لاحتكار الحياة بالكامل (فهي ايضا تحتكر السلوك الاجتماعي (الاخلاق) و حتى عقول الافراد ما استطاعت الى ذلك سبيلا).
انا ارى ان وجود الكهنوت بحد ذاته مصدر خطر لانها بطبيعتها تسعى لاحتكار المعرفة و الاخلاق فكما رأينا نجاح العلوم التجريبية لم يكن كافيا لتكف عن سعيها ذاك, فصحيح ان قيم الحضارة الحديثة و مبدء الحرية قام على اساس عزل المؤسسة الدينية لكن هذه الاخيرة لا تزال تحن الى ماضيها و تبدو كخطر كامن. اضافة الى ذلك انا لا ارى اي مبرر لوجود رجال دين ففيما اعرف ان الدين اعتقاد ذاتي و بحسب النصوص المقدسة المسؤلية فردية و بالتالي لا يوجد ما يستدعي وجود وسيط بين الفرد و ربه (بحسب اعتقاده) بل على العكس ارى ان الوساطة تفسد العلاقة الروحية للفرد و تسهم في تشكيل جماعات قطيعية تتبع اوامر اولئك الدجالين الذين يصورون للافراد انهم وكلاء الله على الارض!.



#رائد_العبسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرض نقدي لدليل التصميم


المزيد.....




- القائد العام لحرس الثورة الاسلامية: قطعا سننتقم من -إسرائيل- ...
- مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
- ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو ...
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح ...
- أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202 ...
- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد العبسي - الكهنوت و السعي لاحتكار المعرفة