أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - السدود والبحيرات كمسبب للزلازل في تركيا وشمال العراق/ج2 من 2ج















المزيد.....

السدود والبحيرات كمسبب للزلازل في تركيا وشمال العراق/ج2 من 2ج


علاء اللامي

الحوار المتمدن-العدد: 3889 - 2012 / 10 / 23 - 02:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أحدث بحث علمي لخبير عربي هو د. طلال بن علي محمد مختار، أستاذ علوم الجيوفيزيا والزلازل في إحدى الجامعات السعودية، ردود أفعال مهمة حول العلاقة بين حدوث الزلازل والهزات الأرضية وبين إقامة السدود والبحيرات الاصطناعية. وقد لا نبالغ إنْ قلنا، إنَّ هذا البحث يقول كل شيء من عنوانه وهو ( الزلازل المُسْتَحَثَّةُ بالخزانات واحتمالية تأثيرها على السدود في المملكة العربية السعودية). صحيح أنَّ البحث محدد بإطار جغرافي مذكور هو المملكة العربية السعودية، ولكننا يمكن أنْ نجد فيه فائدة عظمى لناحية العنوان الذي نحن بصدده خصوصا وإنّ العموميات والثوابت العلمية قابلة للتعميم مع أخذ الخصوصيات الفرعية بنظر الاعتبار.
يبدأ د. مختار بحثه، بما يمكن أنْ يرقى لمستوى البديهة العلمية التي يجهلها الناس العاديون وغير المتخصصين بصدد العلاقة بين إنشاء السدود وحدوث الزلازل فيكتب ( إنَّ من المعروف في الأوساط العلمية، أنّ إنشاء السدود العالية "أو الكبيرة "، يمكن أنْ يؤدي إلى توليد هزات أرضية. وقد لوحظت هذه الظاهرة في عدة مناطق من العالم مثل الهند والصين والولايات المتحدة الأميركية وجمهورية مصر العربية والبرازيل وغيرها). ولكي لا يبقى كلامه مجرد إنشاء وعموميات وتخمينات يضرب الباحث عدة أمثلة موثقة نستعرض منها ما يأتي :
- في يوم 1 آب أغسطس سنة 1975، وقعت هزة أرضية قوتها 5.7 خمسة وسبعة بالعشرة درجة في ولاية كاليفورنيا الأميركية. ونرجح أن الباحث السعودي يعتمد في بحثه مقياس ريختر الأكثر استعمالا. كانت هذه الهزة لافتة لنظر العلماء فهي وقعت في منطقة قليلة النشاط الزلزالي، وبعيدة عن صدع "سان أندرياس" الزلزالي التكتوني غرب الولاية ووقع الزلزال في منطقة تبعد عشرة كليومترات عن سد "أوروفيل"، وهو أعلى سد في الولايات المتحدة، يبلغ ارتفاعه 236 مترا وطاقته الاستيعابية 4365 مترا مربعا.
- في الهند، ولاية "ماهراشاترا"، تم الانتهاء من بناء سد "كوينا" في منطقة تعرف بهذا الاسم سنة 1962، و تم ملء بحيرة " شيفاجيزاجار" خلف السد بالمياه سنة 1963، علما أنَّ ارتفاع السد يبلغ 110 أمتار، وطوله 800 متر، وطاقته الاستيعابية بليونين و800 ألف متر مكعب، وقع زلزال بقوة 6.5 ستة وخمسة بالعشرة درجة، فقتل أكثر من مائتي شخص وأصيب 2330 شخص بجراح و تشرد الآلافدون ملاجئ . لوحظ، هنا أيضا، أن الزلزال وقع مع ارتفاع مناسيب المياه في بحيرة شيفاجيزاجار خلف السد في موسم الأمطار.
- في جنوب الصين، وتحديدا في مقاطعة "جوانجزاهو"، وقعت سلسلة من الزلازل في منطقة لم تحدث بها الزلازل قط. وبعد إنشاء سد "هيسينجفي نجكيانك" الخرساني في الصين والذي يصل ارتفاعه إلى 105 متر، سجلت سلسلة من الزلازل الضعيفة بلغت 2500 هزة أرضية سنة 1972، ولكن زلزالا عنيفا ضرب المنطقة بلغت قوته 6.1 ست درجات و واحد بالعشرة، وأدى إلى تخريب جسم السد، وتطلب ذلك القيام بإصلاحات عاجلة له. واستمرت الزلازل بالحدوث في الصين في المناطق القريبة من السدود والبحيرات الاصطناعية، ما يدل على وجود علاقة بين السدود والبحيرات ذات السعات التخزينية الضخمة وبين الزلازل المُسْتَحَثَّةُ .
- وفي العالم العربي، وبعد إنشاء السد العالي، وملء بحيرة ناصر بالمياه، وصول المياه إلى أعلى مستوى لها في البحيرة، في 14 تشرين الثاني 1981 وقع زلزال بقوة 5.6 خمس درجات وست بالعشرة، وكان مصحوبا بصوت دوي هائل كدوي المتفجرات، وقد شعر به سكان أسوان فشعروا بالذعر وخرجوا من منازلهم، وقد تمكن الفنيون والخبراء من تحديد مركز هذا الزلزال تحت بحيرة ناصر بالضبط. وقد فاجأ هذا الزلزال الخبراء والمتخصصين لأنّ أغلب الزلازل التي وقعت في تاريخ مصر كان مسرحها شمال مصر وفي المنطقة الممتدة بين الإسكندرية والقاهرة .
بهذه المجموعة من الأمثلة العملية الموثقة، ينجح الباحث السعودي في إقامة الدليل المادي على وجود علاقة سببية غير قابلة للإنكار أو التخفيف، بين إقامة السدود والبحيرات الاصطناعية ذات السعات التخزينية الضخمة وبين ما يسميه الزلازل المُسْتَحَثَّةُ. ويمضي د. طلال أبو علي المختار مشخصا عددا من العوامل التي تتحكم في ما يسميه "الزلزالية المُسْتَحَثَّةُ بالخزانات" فيجملها في التالي:
- بناء السدود في الوديان التي عادة ما تكون تحتها صدوع وفوالق زلزالية.
- حالة المجال الإجهادي المحيط أو المكتنف لمنطقة السد.
- الخواص الهايدروميكانيكية للصخور الموجودة تحت الخزان.
- جيولوجية المنطقة ككل.
- أبعاد "حجم ؟" الخزان المائي.
- تذبذب مستوى الماء في الخزان.
ثم يُفَصِّل الباحث الكلام في هذا الموضوع التخصصي، مناقشا واقع السدود في بلاده، طارحا مجموعة مفيدة ومكثفة من الأفكار يمكن للمتخصصين في الهايدرولوجيا المائية والجيوفيزياء أن يعودوا لها للاستزادة.
تفصيل آخر، متعلق بموضوع تداعيات انهيار السدود التركية بفعل زلزال عنيف ومفاجئ ،فربما يستنتج البعض بأنّ هذا الواقع سيسحب مستقبلا أية إمكانية دفاعية من أيدي العراقيين، إذا واصلت تركيا إنشاء السدود واحتجاز مياه النهرين حتى إذا حدثت الكارثة المتوقعة وتلاشى النهران من الوجود فقدوا أية إمكانية للمناورة أو التهديد بتدمير سد أو أكثر باستعمال القوة العسكرية.
والواقع فإن مقاربة الأمر من هذا المنظار ليست دقيقة، فالواقع يقول إن كارثة الفيضان بسبب انهيار محتمل جدا لأحد السدود يتساوى في الضرر والتدمير من الفيضان المتسبب بفعل ضربة يوجهها العراق لأحد السدود. بل إنَّ أضرار الفيضانات أيا كان حجمها يمكن احتواؤها والتقليل من خسائرها، وقد حدثت في تاريخ العراق فيضانات طوفانية مدمرة كثيرة، ولكنها مضت وبقي العراق، غير أنَّ تنشيف النهرين تماماً، وقطعهما عن بلادنا فهي كارثة لا يمكن علاجها أو درؤها إلا بالنزوح الجماعي والهجرة من العراق وهذا أمر بات غير ممكن في العصر الحديث، عصر الحدود الدولية المحروسة بالأسلحة الحديثة.
وإذا كان التهديد بفيضان مدمر يحدث نتيجة تدمير سد أتاتورك، فإن هناك سدود أصغر منه يمكن أن يطالها التهديد. ويمكن أيضا التهديد بتدمير السدود التي هي قيد البناء، ولم تملأ بحيراتها بالمياه بعد. وعموما، نحن نفرق تماما بين التهديد باستعمال السلاح للدفاع عن النفس و الوجود والحياة، وبين الاستعمال الفعلي للسلاح، وسيكون هذا الخيار الصعب آخر الخيارات، أي حين تتساوى كارثة الموت عطشا لشعبنا بالموت غرقا، هذا إذا افترضنا صمت العالم عن ذلك و هو أمر يصعب تصوره .
إن مسألة أخرى تزيد من خطورة احتمال السدود التركية غير تلك المتعلقة بالزلازل، فالمنطقة التي أقيمت فيها السدود التركية، تشهد حرب عصابات كثيفة منذ ثلاثة عقود بين الجيش التركي و المتمردين الأكراد من أنصار حزب العمال الكردستاني. وقد قتل الآلاف من الطرفين في هذه الحرب، التي لا تبدو لها نهاية قريبة، بل هي في تصاعد مستمر. وقد قيل الكثير في وسائل الإعلام عن نوايا تركية لإنشاء سلسلة جديدة من السدود المترابطة بعضها ببعض لتكون بمثابة حاجز مائي يفصل بين عمق الأراضي التركية وقواعد المتمردين الأتراك، فهل سيتفرج المتمردون على هذا المخطط التركي أم أنهم سيبادرون إلى تدمير أحد أو أغلب هذه السدود وربما يفكرون بتدمير سد من السدود العملاقة؟
إن المنظمات المسلحة تفكر بمنطقها الخاص، وهو منطق ناجم عن آليات الصراع المسلح ذاته ومحكوم بها، وقد تجرأت مجموعة مسلحة تكفيرية في العراق يوم السابع عشر من كانون الأول سنة 2007 على تفجير سيارة مفخخة على جسر يقع على مسافة 200 متر من سد الموصل ولحسن الحظ لم يتأثر السد بهذا التفجير لأنه كان بعيدا نسبيا، وكان يمكن ان تقع الكارثة لو أفلحت المجموعة المسلحة في تفجير السيارة لصق جسم السد.
إن السدود المائية بطبيعتها أهداف سهلة، ويصعب الدفاع عنها من الناحية العسكرية، نظرا لحجمها الضخم وموقعها الثابت والمكشوف ومستوى الضغط الداخلي الهائل بسبب المياه المحجوزة فيها، و لأنها مقامة في مناطق مكشوفة يمكن لصاروخ واحد من نوع أرض أرض، أو جو أرض، أنْ يدمر أكبر سد في العالم لأن عملية التدمير ستستمر بشكل متصاعد مع حدوث أول صدع أو ثغرة في جسم السد وتنتهي بنهايته.
ورغم هذا وذاك، و مع كل الأمل بأن يجنح جيراننا الأتراك إلى السلم واعتماد لغة الحوار وحسن الجوار والتخلي عن التفرد والدوس على حقوق شعبنا، فإنَّ الحاجة تبقى مصيرية وماسة لوضع مخططات إنقاذ عراقية لمواجهة كافة الاحتمالات السوداء بهدف تقليل الخسائر إلى أدنى حد سواء حدث الفيضان نتيجة عمل تدميري لمجموعة مسلحة سرية أو بسبب زلزال عنيف أو بسبب إجراء دفاعي يتخذه العراق أو بسبب إجراء انفرادي تتخذه تركيا بتفريغ أحد خزانات سدودها لسبب من الأسباب التي تقدم ذكرها. ينبغي أنْ ترتكز تلك المخططات على تحقيق أهداف واضحة ومحددة وممكنة لإجلاء السكان من المناطق الأكثر خطورة وتصريف كميات هائلة من المياه في المنخفضات والبحيرات والأهوار في العراق وتوجيهها إلى هناك والانتفاع منها في تحلية المياه والتربة التي عانت من التلوث والتملح طوال العقود الماضية.

*كاتب عراقي



#علاء_اللامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قضية الهاشمي: شهادة ليست للقضاء العراقي!
- احتمالات انهيار السدود التركية بسبب الزلازل
- توظيف العامل -الديني- في قضايا المياه
- كافكا الآخر.. رصد الاغتراب الروحي /ج2
- كافكا الآخر : رصد الاغتراب الروحي
- التيّاران اليساريّ والقوميّ بين الفشل وقصور الأداء
- شط العرب اليوم : إنها الكارثة!
- فرانز كافكا بعيون عربية
- شط العرب في معاهدة أرضروم وما بعدها
- شط العرب بعد قرن من الأطماع الإيرانية
- نصف قرن من التجاوزات المائية الإيرانية
- التجاوزات العدوانية الإيرانية على أنهار العراق/ توثيق أولي
- سوريا: الدم المسفوك لا يحتمل مزايدات الساسة!
- زيارة أوغلو الاستفزازية كانت لمصلحة عراقية كركوك!
- ربيع الأكراد والخلط بين الصهر القومي والاندماج المجتمعي
- مَن يعرقل إكمال سد بخمة وإنقاذ دجلة ولماذا ؟
- الحدث السوري في ضوء التجربة العراقية: ضرورة الموقف المُرَكَّ ...
- مشروع تحلية الثرثار سينقذ العراق، فلماذا إهماله؟
- -الجزيرة- و-العربية- و-فن- احتقار عقل المشاهد!
- العراق بين إيران وتركيا.. منعطفات التاريخ وثوابت الجغرافيا


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - علاء اللامي - السدود والبحيرات كمسبب للزلازل في تركيا وشمال العراق/ج2 من 2ج